شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هكذا تكون أمانة الكبار
رحم الله طارق الإفريقي الضابط المسلم المجاهد صاحب الديانة والأمانة، لقد أرسله قادة الجيش العثماني المحارب للإيطاليين في ليبيا إلى إسطنبول يستنجدون بوزارة الحربية فيها عندما انتهت لديهم الأموال، فسلّمت الوزارة لطارق ومن اختارته لحراسته ومرافقته مبلغاً ضخماً من الجنيهاب الذهبية العثمانية مدداً منها لذلك الجيش ونجدة له، فحملها بالسكة الحديدية إلى دمشق ومنها إلى بيروت ومنها بحراً إلى القاهرة فمرسى مطروح والسلوم ثم برقة. وعلم وهو بمصر بانتهاء الحرب في تلك الميادين وضياع كل شيء للجيش وتفرّق قادته، فعاد بالمبلغ العظيم الذي لا أتذكّر رقمه إلى وزارة الحربية في إسطنبول وسلّمه لها وأخذ منها ورقه إيصال بما استلمه وائتمن عليه، سمعت هذا منه ومن الكثيرين وبينهم صديقه في ميدان القتال بليبيا عبد الرحمن عزام باشا، وصديقه بشير السعداوي وخالد أبو الوليد (وهكذا هكذا وإلاّ فلا لا) تكون أمانة كبار القادة العسكريين.
وكلّما تذكرت ما أعرف ويعرفه السعوديون عن بدايات عهد الجيش السعودي، وتدرّج وتطوّر حياته، وتذكرنا ذلك النفر من المحاربين القدماء وهم بالمئات، ثم رأينا ما أصبح هذا الجيش عليه اليوم من تعبئة عامة وقوات نظامية ضاربة وآلات عسكرية قليلة النظير، ترحمنا على الملك عبد العزيز القائد الأعظم والمؤسّس الأوّل، وعلى كل من شارك وساهم من أبنائه: سعود وفيصل وخالد ومنصور وفهد وعبد الله وسلطان ومشعل، ثم من الأسرة المالكة الآخرين والقوّاد والرؤساء الأوّلين والآخرين.
والذكريات لا تزال عن الحرب الحبشية الإيطالية عام 1936، وما سبق ذلك وما ترافق معها أو بعدها حول هذا الصراع المسلّح، والذي دار على مياه البحر الأحمر وما أحاط بها. ولقد عدت من بيروت في عام 1946 في العطلة الصيفية، ولظى تلك الحرب قد التهب حول المملكة السعودية واليمن والسودان، وفي الشهور الثلاثة التي قضيتها بين مكة والطائف كنا نتحلّق في مكتب جريدة أم القرى بمكة حول رئيس تحريرها محمد سعيد عبد المقصود، نطالع الصحف الواردة من مصر وسوريا ولبنان وما تنشره عن سير تلك الحرب ومقدّماتها وخواتمها، ونتناقش بحرارة حول كل ذلك، ويشترك معنا من يزور أبا عبد المقصود ويتردّد على مكتبه، وأتذكّر منهم صديقنا القديم الشيخ عبد الله بن خثلان –الذي أصبح فيما بعد أميناً للعاصمة مكّة– وآخرين. وكنّا كما قلت سابقاً ومعنا العالم العربي بأسره نراهن على نصر الحبشة وفوزها، وأنها ستدحر الزعيم الفاشستي موسوليني وترجعه على أعقابه مكسوراً مدحوراً، لا تقبل جدلاً في ذلك ولا نقاشاً، جرياً مع عواطفنا وآمالنا وأمانينا كعادة العرب في التهاب أحاسيسهم ومشاعرهم ولما يحبون ويكرهون، ويتمنّون ويأملون غير حاسبين حساباً عقليًّا لما يجري ويدور.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :479  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 73 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج