شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تحية للشعب العراقي
ثم جاء دوري فتقدمت إلى الحفل وهو في ذروة حماسته لما سمع ورأى ما كان يدور حول العرب والعروبة في ذلك المهرجان، وبدأت قصيدتي بتحية لبعثة الكشافة العراقية، فرفعت عقيرتي في فتوة متحمسة عفوية تفيض بها أنفاسي وأنا أرتجز بصوت عال:
شبه الجزيرة موطني وبلادي
من "حضرموت" إلى رُبَى "بغداد"
أشدو بذكراها وأهتف باسمها
في كل جمع حافل أو نادي
منها خلقت وفي سبيل حياتها
سعيي وفي إسعادها إسعادي
كل له فيمن أحب صبابة
وصبابتي في أمتي وبلادي
فضج المحتفون بهذه التحية من فتى شاب لا تزال ملامح الفتوة عليه غضة طرية، وصاح زعيم الشباب السوري فخري بك البارودي، وقد اهتز لهذه الأنفاس يشمها في بطحاء مكة وهو يصيح أعد.. أعد.. أعد.. وكان قد وقف على كرسيه مختلجاً متأثراً متحمساً، ذلك أن الشاعر البارودي هو صاحب الأنشودة الوطنية العربية المشابهة لأنفاس قصيدتي، والتي يبدأها بما شاع وذاع بعد ذلك وملأ الأسماع ولم أكن قد سمعتها يومئذ:
بلاد العرب أوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن
إلى مصر فتطوان
وأكملت قصيدتي ومن أبياتها بعد ذلك:
يا مرحباً ببني العراق ومن بهم
يعتز كل موحد بالضاد
ببني الذي ملك البلاد بأسرها
"هارون" رافع راية الأمجاد
بمحرري أوطانهم بسيوفهم
والقاطعين بها عرى الإفساد
مد "العراق" إلى "الحجاز" يمينه
فمشى "المقام" مرحباً متهادي
وترجلت "صنعا" وقام مرحباً
"بردَى" يصفق بين دوح الوادي
إلى آخر القصيدة التي حييت فيها الشعب العراقي، ونوهت بالملكين عبد العزيز وغازي ملك العراق، وأكبرت هذه البادرة العظيمة التي يجيئون فيها وفداً عربياً من عاصمة الخلافة العباسية على منبع العروبة والإسلام، فكان وقعها بين الجمهور وهو كما قلنا مؤلف من رجالات مصر وسوريا والعراق وغيرهم من رؤساء البعثات الإسلامية التي جاءت للحج أخجل أن أصفه بما يجب أن يوصف به في مثل تلك الأجواء القومية العربية النقية الطاهرة.
وليسمح لي القراء مرة أخرى معتذراً عن الحديث عن نفسي أن أقول إن هذه القصيدة هي في نظري من القصائد ذات الحظوظ، والتي كان لها حظ كبير في الانتشار يومئذ، فقد نشرتها الصحف وحملتها البعثة العراقية عندما عادت إلى بغداد، وقررتها مديرية المعارف في العراق لطلاب المدارس والكليات فحفظوها وتغنوا بها، وأذكر من باب الطرف إنني قد لقيت بعضاً ممن عرفتهم من إخواننا العراقيين الذين كانوا طلاباً في تلك الأيام في المدارس، فكانت المفاجأة لي أنهم يحفظون هذه القصيدة لأنها كانت فرضاً مفروضاً عليهم في محفوظاتهم المدرسية.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :530  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 42 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج