شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ينابيع علم ومعرفة
فهذه المدارس: الصولتية أولاً، ثم الفلاح في مكة ثانياً، ثم المعهد العلمي السعودي المشار إليه آنفاً، ومدرسة الصحراء، والمدرسة الفخرية بمكة، كانت الينابيع الثرَّة الأولى في هذا الجزء من جزيرة العرب، لأن ما كان من قبلها من معاهد العلم ومدارسها، كان مقتصراً في الحجاز بالذات على المسجدين، الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وفي اليمن عرفت بعض المدن بأنها كانت ينبوعاً للعلم الذي يفد للاستقاء منه طلاب تلك البلاد وما جاورها من بلدان أخر: كمدينة "وزبيد" في اليمن، وصنعاء حاضرة اليمن، وحجة، وفي الجنوب نذكر حضرموت، وأنها كانت تحتوي على عدد مما كان يسمى بالأربطة، وهو جمع رباط يرابط طلبة العلم لتلقيه على مشايخهم ويسكنون فيه، ويتلقون فيه معيشتهم من الإعانات والتبرعات والصدقات.
وفي نجد كانت الرياض، وقبلها الدرعية، ومدينة عنيزة، من منابع العلم الأولى في شمال الجزيرة، وقد ازدهرت الدعوة السلفية بفضل علمائها والمتخرجين على أيديهم، وكان في الأحساء في شرق المملكة ينبوع آخر من ينابيع العلم في الجزيرة، حيث اشتهرت مدينة الهفوف – قاعدة الإقليم المسمَّى بالأحساء – ببعض الأربطة التي تجتذب إليها من أطراف الخليج بما فيها الكويت والبصرة. فقد اشتهرت في أواخر العهد العثماني بأنها كانت واحة تسد حاجة ذلك الشرق، من تلقي العلم ووفادة طلاب العلم إليه، وكانت لأسرة المشايخ آل مبارك فيها المقام المحمود، في إيواء طلاب العلم وتعليمهم، مع أسر أحسائية أُخَر، منها في الدرعية أولاً، ثم الرياض، ثم عنيزة بتخصيص هي جديرة به، فقد كانت اليقظة السلفية الزاخرة التي انبثقت في العالم العربي، من نفحاتها ودعواتها، منذ نحو قرنين منصرمين، تجاوبت فيه الدرعية والرياض من مآذن الدعوات الصالحية السلفية الأخر في صنعاء، والقاهرة وبيروت والسنوسية في المغرب، ثم في طرابلس الغرب، وواحاتها العلمية السلفية التي ازدهرت على مشارف الصحراء المغربية، تلتها أيضاً دعوات مماثلة في تونس والجزائر، نُنَوِّه بها هنا كنهضة العلماء السلفيين بزيادة الشيخ ابن باديس، وزميله شيخنا الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، هذه الجمعية وتلك الجماعة الملتفة حولها هناك، التي نشرت العقيدة السلفية، البعيدة عن الانحراف والزيغ والفتن، فكانت جميع هذه المشاعل والمآذن بواكير حركات الإصلاح في العالم الإسلامي، التي تأثر بها علماء الهند، فأنشأوا جمعيات الحديث، ونشر العلم في حواضرهم، من دلهي وكلكتا وأحمد أباد وحيدر أباد وغيرها. وكان للرواد آل سعود، ومحمد رشيد رضا، والشيخ الإمام محمد عبده، وجمال الدين الأفغاني، والإمام الشوكاني، وعلماء الهند، في طليعتهم أسرة النَّدوي الشهيرة، والشيخ جمال الدين القاسمي، وطاهر الجزائري، ومحمد عبد القادر المغربي، وأحمد عباس المهاجر من مصر إلى بيروت، وشيخ الإسلام في أواخر العهد العثماني، الشيخ مصطفى صبري أفندي، صاحب الصولات والجولات في الدفاع عن الملة الإسلامية والخلافة. وأعلام آخرون من الأزهر، وجوامع الزيتونة والقرويين حتى بلاد شنقيط، هؤلاء وغيرهم ممن لم تسعف الذاكرة بذكرهم في هذه العجالة المرتجلة، كانوا إرهاصات هذه النهضة الإسلامية الزاخرة في كل مكان.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 12 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج