شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مدارس ومناهج عليا
وهؤلاء الرجال الأفاضل ساهموا في التدريس بمدرستي الفلاح في جدة، ثم في مكة المكرمة، التي أسست عام 1330هـ -1910م وساهموا في تخريج أجيال من الرجال الصالحين المتسلحين بالعلم والدين.
وكان الحاج محمد علي زينل قد اختار لمدارسه مناهج دينية وعلمية، مقاربة لتلك التي تدرس في الأزهر، وسمى شهادة التخرج بالشهادة العالمية.
إلا أن هذا لم يكن كافياً، فكان لا بد من مدارس تقدم لخريجي الفلاح الدراسات العليا، ولذا فقد بنى حيث يقيم في بومباي بالهند مدرسة فلاح عليا، تقدم بالإضافة إلى العلوم الدنيوية، علوم التفسير والفقه والحديث والاجتماع، وألحق بها عشرات من أبناء الحجاز والهند والخليج العربي واليمن.
ولم يكتف الحاج محمد علي زينل بذلك، بل قام بإنشاء ودعم وتأسيس مدارس فلاح أُخر في مناطق متعددة من بلاد العالم الإسلامي، في الخليج وجنوب الجزيرة العربية، والصومال وشرق وغرب أفريقيا.
وقد استنزفت هذه المشاريع ميزانيته، وزاد الأمر سوءاً عندما خرج اليابانيون على العالم باللؤلؤ الصناعي، فانتكست تجارة اللؤلؤ الطبيعي التي كان يشتغل بها الحاج محمد علي زينل.
أذكر من الخريجين ممن تحضرني أسماؤهم بدون ترتيب ومع حفظ الألقاب، السيد علوي مالكي، طاهر زمخشري، محمد حسين منصوري، محمد عبده يماني، فايز إبراهيم بدر، محمد أمين كتبي، محسن باروم، عبد الحليم رضوي، علي جعفري، محمد أمين عطاس، حامد هرساني، عبد الله عريفي، نديم طاهر كتبي، مصطفى حسين محضار، إبراهيم طاسان، عباس زواوي، محمد أمين رضوان، حسين شطا، عبد الله محمد نور باشا، محمد عمر جميل عرب، محمد خليدي، هاشم زواوي، إبراهيم النوري، حسين سرحان، عبد الوهاب آشي، إسحاق عزوز، محمد نور سيف، حسن حسنين، معتوق حسنين، حسن محمد كتبي، سامي كتبي، والأساتذة عبد اللطيف الجزار، وعبد القادر جزار، وعبد الرحيم الأهدلي، وأحمد صالح كعكي، وأحمد شطا، وعبد القادر وعبد الله عثمان، وأحمد بامفلح، ومئات آخرين من هؤلاء أمثالهم، وكلهم كما نرى من خيرة الرجال الذين خدموا أمتهم ومجتمعهم وبلادهم.
أما أول مدرسة أسست في البادية الحجازية، فهي مدرسة "الصحراء" التي أسسها الشقيقان علي وعثمان حافظ في (المسيجيد)، وكانت الجهالة والأمية منتشرة بين بادية تلك الواحات والمزارع انتشاراً مرعباً.
وقصة بناء هذه المدرسة، أن مؤسسيها السيدين علي وعثمان أبناء السيد عبد القادر حافظ أحسّا عام 1365هـ – 1945م، بالحاجة الماسة لبناء مدرسة ابتدائية – كخطوة أولى – على منهاج وزارة المعارف السعودية، ورغم صعوبة المواصلات، فقد استطاعا الوصول إلى هذه المنطقة النائية عن حواضر المدن، وأقاما بالفعل المدرسة في غرفة ملحقة بمقهى شعبي للمارة بالطريق، ولما كان التعليم النظامي غريباً، وغير مقبل عليه، ولا معتاد عند أهل البادية، فقد وجد الشقيقان متاعب جمة في إقناع أولياء الأمور بتسجيل أبنائهم للتعليم في المدرسة، خاصة وأن الأبناء كانوا يقومون بمساعدة آبائهم، في المزارع والرعي وجمع الحطب وخدمة المارين منهم والمسافرين.
هذا النفور وهذه المصاعب، دفعت الشقيقين إلى أن يدفعا مكافآت مادية بسيطة للطلبة إذا قبلوا الانتماء إليها، تشجيعاً لهم على محو أميتهم في المدرسة، ثم عندما زاد عدد الطلاب في المدرسة، التمسا من المغفور له الملك عبد العزيز تخصيص مكافآت تشجيعية لكل طالب مقدارها نصف ريال يومياً، فصدر أمره رحمه الله بذلك، وصرفت هذه المكافآت اليومية لكل طالب، وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت أغرى أبناء البادية بالمدرسة.
ولم تكن هذه كل المصاعب التي واجهها المؤسسان. فقد وجدا أيضاً صعوبة في توفير مدرِّسين ومدير للمدرسة، وامتنع كل من عرضوا عليه العمل في المدرسة، نظراً لظروف المعيشة الصعبة في الصحراء.
وأخيراً وجدا في الأستاذ سالم داغستاني، وهو أحد رجالات التربية والتعليم، ومن أهل الخير والإصلاح، الشخص المناسب لإدارة تلك المدرسة "مدرسة الصحراء"، وقد تحمس للعمل، وتحمل التضحيات في سبيل تأدية هذه الرسالة، وانتقل بأسرته للإقامة بقرية "المسيجيد".
كما كان المؤسسان السيدان علي وعثمان حافظ يقومان بزيارات دورية منتظمة للمدرسة، وكانت وسيلة المواصلات الوحيدة يومئذ هي سيارات الشحن الكبيرة، التي تقضي وقتاً طويلاً في الطريق الوعر بين المدينة المنورة والمسيجيد. إضافة إلى قساوة مناخ المنطقة برداً قاسياً في الشتاء وحراً لافحاً في الصيف. ومن هنا جاءت التضحية العظيمة في القيام بمشروع المدرسة، والعمل على إزالة أمية تلك البادية في تلك الوديان.
ومع ذلك تحمل هؤلاء المصلحون كل هذه الصعوبات في سبيل العلم ونشره.
وبدأت المدرسة في أول الأمر بثلاثة عشر طالباً، ثم زاد العدد بعد زمن إلى أربعة وثلاثين طالباً، قبل أن يُبنَى مقرّ كبير لها، استوعب مع الوقت الطلاب الذين اقبلوا عليها من كل المناطق والجبال المحيطة، وساهم في إنشاء هذا المقر كل: من الشيخ عبد الله السليمان الحمدان وزير المالية السابق رحمه الله والشيخ محمد سرور الصبان رحمه الله، والسيد حسن الشربتلي، والشيخ محمد بن لادن، ثم كان الملك عبد العزيز، والملك سعود مع كل هذا العون والمساعدة والتشجيع.
ولم تكن هناك كهرباء، ولا مساكن داخلية. فكان الطلاب يجتمعون في مسجد القرية (المسيجيد) للاستذكار على ضوء فوانيس الغاز العتيقة، وكان واضحاً لكل من زار تلك المدرسة من مفتشي المعارف وغيرهم، نباهة طلابها وإخلاصهم وحماسهم، وحماس وإخلاص أساتذتهم، مما يؤكد أن أبناء البادية يتمتعون فعلاً بعقول نابهة وذكاء فطري، وبصائر متقدة تحتاج فقط إلى ما يرويها وينميها بالعلم والمعرفة، ومحو أميتهم وجهلهم بما فرضه الله عليهم.
وفي عام 1381هـ سلم الشقيقان علي وعثمان حافظ المدرسة، وقد كبرت وأصبحت تضم المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية وبها مئات الطلاب، إلى وزارة المعارف السعودية، وكانت مدارسها قد انتشرت في البادية والهجر، وفي كل تجمع سكاني، بعد أن أديا دورهما كاملاً وقاما بالرسالة خير قيام.
والشقيقان، علي وعثمان حافظ أصحاب فضل على الفكر والثقافة والعلم، فقد أسسا أيضاً جريدة المدينة المنورة قبل حوالي خمسين عاماً في ظروف صعبة للغاية، وأقاما أول مطبعة في المدينة المنورة واستوردا لها المكائن والأجهزة الطباعية من مصر، وقاما بتركبيها بأنفسهما، بعد أن كانت هناك مطبعة صغيرة نقلت من دمشق إلى المدينة في أواخر القرن العثماني.
وكان لهذه الصحيفة ولتلك المطبعة فضل كبير على الأدب والأدباء والحركة الثقافية والعلمية في المدينة المنورة، فقد تبنت أقلاماً كثيرة من ناشئة الأدب والفكر في ذلك الحين، وعمالقته اليوم مثل: الأستاذ محمد حسين زيدان، والسيدين عبيد مدني، وأمين مدني رحمهما الله، وضياء الدين رجب رحمه الله. وعبد القدوس الأنصاري، وأحمد رضا حوحو، والشيخ محمود شويل العالم المحدث الذي أعان الجريدة وساندها، والسيد ياسين طه، وعبد العزيز الربيع رحمه الله، وعبد السلام هاشم حافظ، والمرحوم حمزة شحاته، والمرحوم محمد سعيد عبد المقصود خوجه، والمرحوم أحمد قنديل، وطاهر زمخشري، وعبد المجيد شبكشي، وحسن يحيى، ومحمد علي مغربي، وحمد الجاسر، وأحمد السباعي رحمه الله، والمرحوم محمد سرور الصبان، والمرحوم محمد عمر توفيق، والمرحوم أحمد غزاوي، وحسين عرب، ومحمود عارف، ومحمد هاشم رشيد، وإبراهيم فوده، وعثمان الصالح، وأمثالهم وهم كثيرون.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :750  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 10 من 191
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.