شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
وما قالوه في العتاب
طالما تلفت أنظارنا في عالم الشعراء كثرة النميمة والوشاية بينهم وانتقاص بعضهم للبعض الآخر، وهي عادة مستحكمة فيهم منذ القدم. وعندما اضطر أبو تمام إلى الاعتذار إلى ابن أبي داود في أمر من هذا القبيل، حذّره من الوشايه به وذكره بما أدّت إليه الوشاية في إفساد العلاقة بين النابغة الذبياني والنعمان بن المنذر فقال له:
تثبت إن قولاً كان زورا
أتى النعمان قبلك عن زياد
وكانت الوشايات هي التي أحدثت ذلك الانقلاب في تاريخ الشعر العربي عندما أدّت الى قطيعة بين المتنبي وسيف الدولة، تلك القطيعة التي تركت لنا ميمية المتنبي الشهيرة التي هي في الواقع من أروع القصائد الإخوانية. يردّ فيها على الوشاية ويعاتب سيف الدولة، فيقول:
وا حرّ قلباه ممن قلبه شبم
ومن بجسمي وحالي عنده سقم
إن كان سركمُ ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألمُ
شر البلاد مكان لا صديق به
وشرّ ما يكسب الإنسان ما يصم
بأي لفظ تقول الشعر زعنفة
تجوز عندك لا عرب ولا عجم
هذا عتابك إلاّ أنه مقة
قد ضمُن الدرّ إلاّ أنه كلم
عانى البحترى من نميمة بعض إخوانه الذين نقلوا عنه أو نسبوا إليه أقوالاً أساءت لمكانة البحتري في قلب صديق له، وهزّ ذلك مشاعر الشاعر وأقضّ عليه مضاجعه وألزمه الكدر والأرق، فلم يجد مخلصاّ لأزمته العاطفية وشجونها غير أن ينفث همومه في أبيات ويعتذر لصديقه فيها ويطابق بين نفسه وبينه، فهو بعضه، في فذلكة شعرية يقول فيها:
وعتاب خل قد سمعت فلم أكن
جلد الضمير على استماع ممضه
طاف الوشاة به فأحدث ظلمة
في جوّه ووعورة في أرضه
غضبان حمل أحنة لو حملت
ثبج الصباح لثقّلت من نهضه
مهلاً فذاك أخوك قد ألهيته
عن لهوة وشغلته عن غمضه
خزيان أكبر أن تظن جناية
في بسطه لصديقه أو قبضه
ماذا توهم أن يقول وقوله
في نفسه ولسانه في عرضه
أجفوت عنك بزعمهم ومتى نبا
في حالة بعض امرىء عن بعضه
 
طباعة

تعليق

 القراءات :900  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 14 من 76
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج