شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
البعيـدة القريبـة
تُعاتِبني غَلْواءُ أنَّي سَلَوْتُها
فاحْلِفُ أنَّي ما سَلَـوْتُ ولَـنْ أسلُـو
وأيْن لِمثْلي أنْ يُشاغلَ قَلْبَه
وقَدْ مَـلأَتْ دُنْيـاه أعْيُنُهـا النُّجْـلُ؟
تَعلّقْتُها والشَّيْبُ رقَّطَ مَفْرَقي
فَعادَتْ صَباباتي وعاوَدني الجَهْلُ
تَناءى حِماها وهْيَ مِنَّي قَريبةٌ
وهَلْ يَنْتأي مَنْ بَيْتُه القَلْـبُ والعَقْـلُ؟
وحامَتْ على خَطْوي العُيونُ، وخَطْوها
فإن سارَقَتْني نَظرةً فَلنا الوَيْلُ
تَباينَ أهلونا اعْتِقاداً ومَشْرباً
فما ذَنْبُ قَلْبَينا إذا اخْتَلَـفَ الأهْـل؟
تَراني – فدتْها النَّفْسُ – نَسْراً مُحَلَّقـاً
وفي مَلَكوتِ الحُبَّ يُعـذَرُ مَـنْ يَغْلـو
بَذَلْتُ لها رُوحـي وما مَلَكـتْ يَـدي
ويَحْلُو لِعَيْنَيْها – ولا مِنَّـة – البَـذْلُ
أذاكِرُها شِعْري فتَهْتزُّ نَشْوَةً
وتَحْسَبُهُ حُلْـواً وإنْ هُـوْ لَـمْ يَحْـلُ
ولولا هَوَى غَلْواءَ لَـمْ تَعْـلُ شُهْرتـي
ولا قِيلَ إنَّي الشَّاعـرُ المُلْهَـمُ الفَحْـلُ
لَكَمْ قَطَعَتْ دَرْبي إلَيْها مَليحةٌ
فلَمْ يُغْرِني منها جَمالٌ ولا دَلُّ
فمِنْها المعاني المُتْرفاتُ ولَيْسَ لي
سِـوَى الشَّكْـلِ… إنّ الشَّعرَ أيْسَـرُهُ الشَكْـلُ
إذا ما زَكتْ بِنْتُ الكُـروم لِشـارب
فلِلْخَمْر، لا للكأسِ والعاصرِ، الفَضْـلُ
وإنْ أنْعَشَتْ حَقْلـي دُمـوعُ سحَابـةٍ
فشُكْري تَجْنيـهِ السحابـةُ لا الحَقْـلُ
ذَرَتْنا ريـاحُ البَيْـن شَرْقـاً ومَغْرِبـاً
فهَلْ يَصِلُ الحَبْلَ الـذي بَيْنَنَـا حَبْـلُ؟
تقولُ لَو أنّ "الحيَّ" ألَّفَ بَيْنَنَا
لما هَمّني واشٍ، ولا غَمّني عَذْلُ
ولكِنْ لَعَـلَّ الدَّهْـر يَجْمعنـا غَـداً
فبالصَّبْر والإيمـان يَنْكَسِـرُ الغِـلّ…
فأخْفِضُ أبْصاري وفي الصَّـدْر غُصّـةٌ
أداوِرُها كي لا يُساورها غُلُّ
وأعجَبُ للإنسان هَلْ هُوَ آيةٌ
يُعرَّفه أصْل ويَغْمُره فَصْلُ؟
وأقْلُب مَوْضوعَ الحديثِ لأنَّني
أخافُ يسوءُ القَوْلُ إنْ أحْسَـنَ الفِعْـلُ
هل الدَّينُ إلاّ أنْ تُواسيَ باكياً
وتَهْدي إلى دَرْب المَحَبـةِ مَـنْ ضَلُّـوا
وَتغْمِضَ عَمَّنْ لا يَوَدُّك مُقْلَةً
وتَحْزَنَ للجـاهِ الذي عَضَّـه الـذُّلُ؟
* * *
ودارَتْ بنا الدنيا ففرّقَ بَيْنَنَا
زَمانٌ شراباه المُدامةُ والخَلُّ
ولمّا التَقَيْنا بَعْدَ ألفٍ وَجدْتُها
كما الفُلُّ، بَلْ أحْلَى، فلا يَشْمَخِ الفُـلُّ
مَـدَدْتُ لهـا كَفِّـي فأدْنَتْ قُطوفَهـا
فيا حَقْلُ ما أزْكَى مجانيـكَ يا حَقْـلُ!
تحوّلْتُ شَحْـروراً وحَاَلَـتْ حَمامَـةً
أغنّي فيسبي عَقْلَهـا شَـدْوي الجَـذْلُ
وَعُدْنا إلى العُشَّ الذي كان قَـدْ خَـلا
فرَحّبَ مُصْفَرٌّ، وهَلَّلَ مُخْضَلُّ
وعِشْنا على الأحلام والشَّعْرَ والهَـوَى
فـؤادِي مأواهـا، وجَفْـنِي لها ظِـلُّ
وَمَهْما تَباعَدنا سَتَبْقى قَريبةً
ومَهْما افْتَرَقْنا سَوْفَ يَجْتَمعُ الشمـلُ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :423  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 527 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ الدكتور سليمان بن عبد الرحمن الذييب

المتخصص في دراسة النقوش النبطية والآرامية، له 20 مؤلفاً في الآثار السعودية، 24 كتابا مترجماً، و7 مؤلفات بالانجليزية.