وَعَيْنَيْكِ لا أهْـوَى مـنَ الفَـنّ غَثَّـهُ |
ولا اهْتَزَّ وِجداني لِشِعْـر بـلا شِعْـرِ |
فإن نَخْتَلِفْ قَوْلاً وفِكْراً فإننا |
على طَرَفيْ دَرْبَيْنِ في القَـوْل والفِكْـرِ |
قَرأتُك حَوْلاً ثمَّ حَوْلاً… فلـمْ أجـدْ |
سوَى أنَّني ضَيّعتُ حَوْلَيْنِ مِنْ عُمُـري |
قَرِيضُك عِلّيْقٌ، وثَغْرُك زَهْرةٌ |
فكَيْفَ انْتَمى العِلّيقُ للزَّهَـرِ النَّضْـرِ؟ |
طَلَعْتِ علـى لَيْلـي بَهـاءً ورَوْنقـاً |
فيا لَيْتَ هذا الليـلُ ظـلَّ بـلا فَجْـرِ |
وطرَّزْتِ ثَوْبي بالنُّجوم، فخلْتُني |
أشاهدُ في أكنافهِ بهْجَةَ النَّصْرِ |
أقولُ لِمَنْ بالرّمْز غَلّفَ شِعْره |
وأخْفَى بِداجي غَيْمـه طَلْعـة البَـدْرِ |
إذا البَحْرُ لم يُطفئْ غَليلي، فإنَّني |
سأعْرِضُ – مهما عظّموهُ – عَنِ البَحْـرِ |
وإن لَمْ يَسُدَّ الحَقْـلُ جُوعـي فإنَّـني |
سأعْقِدُ آمالـي علـى المَهْمَـهِ القَفْـرِ |
وإن عَشِيَتْ عيني وغامَ ضِياؤها |
فلا فَرْقَ عِنْدي بـَيْنَ لَيْلـيَ والظُّهْـرِ |
وإنْ كان فَهْمُ "الرَّمْـز" سِـراً فإنَّـني |
سأُظْهِرُ إعجابي وأضْحَكُ فـي سـرِّي |
ألَيْسَ مِنَ العارِ المركَّب أنْ أرَى |
رَديفـاً لغربيٍّ تَعَالَـى علـى ظَهْـري؟ |
تَعَلَّمَ منِّي الشِّعرَ ثم اتّبَعْتُهُ |
أقدّسُه مِـنْ حَيْثُ يَـدْري ولا يَـدْري |
أقلِّدُهُ في كلِّ شَيءٍ، فإنْ بَكَى |
بَكَيْتُ.. وإن يَضْحَـكْ تَضاحَكْـتُ مِـن بِشْـري |
ألَمْلِمُ قُوتي مِنْ فُتات طعامه |
وأعْرِضُ عَنْ قوتي الغنيِّ وعَنْ خَـمْري |
وأحسَب هَذي التُّرَّهاتِ حَدَاثةً |
يَخِرّ لها شَوقي ويُغْرَى بهـا "صَبْـري" |
كأنيَ لمْ أطْلُعْ ضياءً على الملا |
وأفتحْ مآقيهـم علـى الخـيِر والشرِّ |
وأنشُرْ تعاليمي هدىً وحَضارةً |
وأرْفَعْ لـواءَ الفِكْـرِ والأدَبِ البِكْـرِ |
مَشاكلُ أهلِ الغَرْبِ لَيْسَتْ مشاكلِـي |
ففيمَ هُيامـي بالأُلَى أرْخَصُوا قَـدْري |
عَدُويَّ مَـنْ يَغْـزو مصـادِرَ ثرْوتـي |
وأخْطَر مَـنْ يَغْـزو بثَرْوَتِـهِ فِكْـرِي |
ويا حُلْوةَ العَيْنَيْن لا تَتَبرَّمي |
بجهْري، فإني مـا ألِفْتُ سِـوَى الجَهْـرِ |
يجامِلُكِ القاصي، ولسْتُ بفاعلٍ |
لأنَّك منَّـي كالأريـج مِـنَ الزَّهْـرِ |
قَتَلْتِ بهـذا اللحْـظِ قَيْسَـكِ مَـرَّةً |
فلا تَقْتُليه مرّتين بِلا وِزْرِ |
جَمالُكِ يُغْنينا ويفرِضُ سِحْرهُ |
فلا تُفْسدي بالشَّعْر ما فيكِ مِنْ سحْـرِ |
وعِطْرُكِ في الفِرْدَوْس لا عطْـرَ مَثْلُـه |
فلا تَطْرَحي في البَحْرِ قـارورةَ العِطْـر |
خُذي مِنْ شَذا خَدَّيْـك نفْخَـة عَنْبَـرٍ |
لشِعْرِكِ… يصْبِحْ آيةً في فَـمِ الدَّهْـرِ |
إذا كان لا يُرضيك رأيي، فإنَّني |
سأدفِنُه – كُرْمَى عيونِك – في صَدْري! |