شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الشَّتـاء
نَعَتوكَ بالشيخِ الكَئيبِ،وأخطأوا بَلْ أجْرَموا
ش شتّان في نَظَرِ اللبيبِ كآبةٌ وتَجَهُّمُ
أنتَ الأجَلُّ مِـنَ الفُصـولِ وأنتَ عِنْـدي الأكـرمُ
هذا العُبوسُ هُوَ الوقارُ بعَيْنِه، فَتَعَلَّموا
هذي العَواصِفُ والرُّعُودُ تَذَمُّرٌ وتَبرُّمُ
مَنْ عاش للمَزْحِ الثَّقيلِ فبالحماقَةِ يُوصَمُ
إنَّ اللجاجَةَ والسَّماحةَ في اعتقادي تَوْأمُ
* * *
يا ابن الخريفِ - وأنتَ أغنىَ مِـنْ أبيـكَ وأخْصَـبُ
يدُكَ السَّّيةُ علَّمتْني ما أقولُ وأكتُبُ
إني لأرْضَى إنْ رِضيتَ وإنْ غَضبْتَ لأَغْضَبُ
لولاكَ مـا ازْدَهَـتِ المُـروجُ ولا تَضاحـكَ سَبْسَبُ
روَّيَتها بالدَّمْعِ حينَ سَحابُ غَيْركَ خُلَّبُ
مِنْكَ الحياةُ، ومِنْكَ يَقْتاتُ الرَّبيعُ وَيَشْربُ
إنْ يَحْتَرمْ ولدٌ أباهُ فأنْتَ للدنيا أبُ
* * *
لله ثلجُكَ! إنَّه يَجْلُو أسَى الروحِ الحزينْ
لكأنَّهُ نورُ الرَّجاءِ وآيةُ الحُسْنِ المُبينْ
رُقَعٌ تُرَفْرِفُ كالحَمائم بالحَمائم تَستعينْ
هذا هُـو الكَنْـزُ الثمـينُ لِطالِـبِ الكنْـز الثَّمـينْ
وشَّحْتَ بالألَقِ الرُّبَا، وغَمَرتَها بالياسَمينْ
سَلْها ألَمْ تشْـربْ دِمـاءَكَ حـينَ أعْوَزَهـا المُعـينْ؟
سَلْها أَلَمْ تَذْكُرْ دُموعَك بالصَّبابةِ والحنينْ؟
* * *
ذَكَّرْ سُكارى الخَمْرِ أنَّ الخَمْرِ إثمٌ مُنْكَرُ
تَجْني على الحاسـي، ويَحْمِـلُ وِزْرَهـا مَـنْ يعصـرُ
إلاّ التي تاهَ الجَمالُ بها وغنّى المِنْبرُ
تِلْكَ التي غَذّتْ دواليها الزَّكيَّة عَبْقَرُ
تِلْكََ التي بشباكها وَقَعَ "الضريرُ" وعَنْتَرُ
تِلْكَ التي مَهْما تعاطاها الفَتَى لا يَسْكَرُ
وإذا انتَشَى منها فَنَشْوَتُه صَنيعٌ يُشْكَرُ
* * *
بلّغْ "قَياصِرَةَ" الحَداثة أنهمْ قَدْ أفْلَسوا
إنَّ الأعالي للنُّسورِ، فلا يَطأْها خُنْفُسُ
الشَّعْرُ مَا خلَـبَ العُقـولَ ومـا اصْطَفَتْـهُ الأنْفُـسُ
لا ذلك القَوْلُ الذي يَعْيا به المُتََلمَّسُ
لَبِسَ الطَّلاسِمَ فهْو شَعْوَذَةٌ ورِجْسٌ أرْجَسُ
ثُرتُمْ علـى الأوزانِ، فهْـيَ كمـا زَعَمْتـمْ مَحْبِـسُ
قُلْنا ولكنّ التي تَهْوَى الرذائلَ مُومسُ
* * *
مِنْ أيْنَ تأتي يا شِتاءُ بغَيْثِكَ الثَّرَّ الغَزيرْ
تَرْوي بـه عَطَـشَ الثَّـرَى، وَتَـرُدُّ غائلـةَ الهجـيرْ
لا فَرْقَ في الأقدار عِنْدَك، لا كبيرَ ولا صَغيرْ
وتُعيدُ للأطْفالِ أخبارَ الأميرةِ والفَقيرْ
زُفّتْ إليه فهاجَ ثائرةَ الأمير بنِ الأميرْ
كَيْفَ استطاع الجنُّ تَغْليبَ الحَصـير علـى الحَريـرْ؟
سُبَحان مَنْ جَعَل القليلَ النَـزْرَ أكثـرَ مِـنْ كثـيرْ..
* * *
في سالِف الأزمـانِ كانـت جَدَّتـي تحكـي لَنـا –
عَشِقَ الأميرُ أميرةً هَيْفاءَ دانيَةَ الجَنَى
لكنَّها اقْتَرَنَتْ برَاع بَيْتُه في المُنْحَنَى
راعٍ يُحِبُّ الشِّعْرَ، يَنْظِمُهُ زكيًّا ليِّنا
عافَتْ لأجْلِ عُيونه عِزَّ الإمارةِ والغِنَى
فبَكَى الأميرُ رَجاءَهُ الكابي ولازَمَهُ الضَّنَى
لكنَّه في الدَّيْر قَدْ وَجَدَ السَّعادةَ والهَنا…
* * *
وتساءَلَ الجـيرانُ كيـف تضاءلـتْ بـدرُ البـدورْ؟
كَيْفَ ارتَضَتْ بالكوخ مَنْ كانت تَضيقُ بها القُصـورْ؟
قالَتْ عَشِقْتُ – ولا نَدامةَ – صاحِبَ الكوخِ الطَّهورْ
لَمْ نَجْتَمـعْ لَـوْ لَـمْ يَخُـطَّ طريقنـا قَـدَرٌ يَـدورْ
في ظلِّهِ أجِدُ النَّداوةَ والحَفَاوةَ والحُبورْ
الحمدُ لله الذي امْتَلأتْ بِرَحْمتِهِ الدُّهورْ
لا حُبَّ إلا حُبّهُ عندي إلى يومِ النُّشورْ
* * *
وأكُرُّ أسْألُ جَدّتي أنْ تَسْتمرَّ لغير غايَهْ
فتعودُ تَسْرُدُها ولكنْ بَعْدَ تَعْديل الحكايَة
تَضَعُ البِداية في النِّهاية، والنِّهايةَ في البداية
وتُؤكِّدُ الغَرَضَ الخَفيَّ بغَمْزةٍ فيها الكِفايةْ
وتُضيفُ أنّ العِشْقَ أولهُ وآخرُه غَوايَهْ
ونُصيخُ بَيْنَ الـبَرْقِ والرَّعْـدِ الشديـدِ لكـلِّ آيـهْ
حتى يُخَدّرنا الرُّقادُ ونَحْنُ نَحْلَمُ بالرِّوايَةْ
* * *
إنِّـي لَيُضحِكُـني الـذي في وُصْفِ بَـرْدَكِ يُسْـرِفُ
أيَظُنُّ أنَّ جَهَنّما أحْنَى عليه وألطَفُ؟
يتأفّفُ الضُّعَفاءُ مِنْكَ، فَدَعْهُمُ يتأفَّفوا
لم يَعْرِفوا ما في جُيوبكَ مِنْ نَدَىً، لم يَعْرفوا
مَنْ خَافَ آلاءَ الشتاءِ فأيُّ فَصْل يألَفُ؟
ما أنْصَفوا لمّا رَمَوْك بِذَمّهمْ، ما أنْصَفوا
فلْيَسْتَقوا مِـنْ فَضْـلِ كَفِّـكَ يـا شِتـاءُ وَيغْرِفـوا
* * *
كَمْ كُنْتَ تَجْمعُنا – وسَوْفَ تَظَـلُّ – حَـوْلَ المَوْقِـدِ
أوْ حَوْل مائدةِ العَشاءِ وشايِها المُسْتَوْرَدِ
نتبادَلُ السَّمَرَ المُهَذَّبَ والدُّعابةَ والدَدِ
نَرْنُو إليكَ بِمُقْلَةِ المُتَودّدِ المُتَعَبّدِ
نَتَرقَّبُ الخَيْرَ السَّخيَّ مِنَ السَّماء ونَجْتَدي
فعَلامَ يَكْفُرُ جاحدٌ باسْمِ الكريم المُنْجِدِ؟
وعَلامَ يَخْشَى أنْ يَمُدَّ إليكَ أطْراف اليَدِ؟
* * *
كَمْ رُحْتَ تَبْكـي لِلضَّعيـفِ وراحَ غَيْـرُكَ يَضْحـكُ
وجَعَلْتَهُ يَبْني العَلالي في هَواكَ ويَسْمُكُ
أدْرَكْتَه بالدِّفءِ يُنعِشُ، لا بِقَيْظٍ يُنْهَكُ
هذا هُو الكرَمُ الذي في شَوْطِهِ لا يُدرَكُ
هذا هُوَ الجُودُ الذي بذُيُوله نَتَبرّكُ
كالوَرْدِ يَبْذُلُ عِطْرَهُ ما حَرَكوه وفرّكوا
حَسَناتُ "بَرْمَكَ" قد ذَهَـبنَ وأنـتَ دَوْمـاً "بَرْمَـكُ"
* * *
عقَّ الجَميعُ ندَى يَدَيْك وأنكروا إلاّ أنا
حتَّى الطيُورُ تَفَرَّقَتْ شَذَراً وَضنَّتْ بالغِنا
هَذي الحَدائِقُ والحُقـولُ بفَضْـلِكَ امتـلأتْ جَـنَى
عابوا عَليْكَ بَيـاضَ ثَوْبِـكَ فاصْفَحـنَّ عـن الخـَنَى
لا تَعْجَبَنَّ فقلَّ مَنْ شكرَ الكريمَ المُحْسِنا
بَعْضُ السِّبابِ إذا تَدارَسَهُ الحكيمُ هُوَ الثَّنَا
مَنْ كان مَوْفورَ الكرَامةِ لا يخافُ الأَلْسُنَا
* * *
غَلْواءُ أدركنا الغُروبُ ونَحْنُ نَدْرجُ للوَراءْ
لا تَجْزَعي، لا تَجْزَعي فاللَّيلُ يَعْقُبُهُ ضِياءْ
إنّا هَبَطْنا سَبْعَ دَوْراتٍ إلى دار الفَناءْ
وَلَسَوْفَ نَطْـرُقُ في غَـدٍ أو بَعْـدَه بـابَ السَّمـاءْ
فتفاءلي وتعَلَّمي، منِّي البَشاشة والرَّجاءْ
وثِقي بقَوْل اللهِ إنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءْ
أحْلَى الفُصـولِ بمَذْهَـبي، وأحَبُّهـا فَصْـلُ الشِّتـاءْ!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :389  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 505 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور زاهي حواس

وزير الآثار المصري الأسبق الذي ألف 741 مقالة علمية باللغات المختلفة عن الآثار المصرية بالإضافة إلى تأليف ثلاثين كتاباً عن آثار مصر واكتشافاته الأثرية بالعديد من اللغات.