لا الجاهُ حقَّقَ آمالي، ولا المالُ |
هَيْهات يَـرْوي غليـلَ الظامـئ الآلُ |
كلاهُما لِصَفاءِ البالِ مَقْبَرَةٌ |
لا خَيْرَ في حَظْـوة إنْ سـاءَتِ الحـالُ |
أقولُ، والنفسُ قـد غَصَّـتْ بدَمْعتهـا |
شطَّ المَزَارُ، فأينَ الدارُ والآلُ؟ |
لا يَعْذِلُ الوتَرَ البالـي أخـو طـربٍ |
فقد يزيـدُ لهيـبَ الشَّجْـو تَعْـذالُ |
جارَتْ علينا النَّوَى، سـاءتْ عَواقِبُهـا |
واغتالنا مِنْ صُـروف الدهـر مُغْتـالُ |
لَسْنا نُعالـج جُرْحـاً يَستفيـضُ دَمـاً |
حتى يعيدَ إلينا السَّهْمَ نَبّالُ |
يا قَلْبُ كَمْ ذا نُلاقي في هَـوى وطَـنٍ |
آمَنْتُ أنَّ هَوَى الأوْطان قَتَّالُ |
كُرْمَى لِعَيْنَيْه آهاتٌ نُصعِّدُها |
شَوْقاً، ودَمْـعٌ علـى ذِكـراه هَطّـالُ |
إنّا حَمَلْنا علـى الأهـداب صورَتَـه |
وما تـزالُ علـى الأهـداب تَخْتـالُ |
ما جَنّنـا الليـلُ إلاّ جَـنّ لاعِجُنـا |
وجَلْجَلَتْ في حنايـا الصَّـدْرِ أثْقـالُ |
وما ألمَّ بنا مِنْ أُفْقِهِ شَبَحٌ |
إلا وكان له في النفْسِ تَجْوالُ |
خُضْنا مِنَ الهَوْل أشكالاً، وما بَرِحَـتْ |
تَسْعَى إلَيْنـا مِـنَ الأهْـوال أشْكـال |
ما أبْعَدَ النَّـوْم عَـنْ جَفْـنٍ يُسَهِّـده |
وجدٌ، ويَنْهَشُه خَوْفٌ وإجْفالُ |
لكم زَرَعْنا فَلَمْ نَحْصُـدْ سـوى نَـدَمٍ |
وكم تمَتَّع باللَّذاتِ بَطّالُ |
فاعْقِلْ جَناك إنْ بـاراك مَـنْ عَرَجـوا |
واعْقِد لِسانك إنْ باهاك أرْذالُ |
قَدْ يُحْمدُ الصَمْتُ حينَ القـولُ ثَرْثَـرةٌ |
ويَحْسنُ العُرْيُ حين الثَّـوْب أسْمـال |
حَمَلْتَ يا قَلْبُ مِثْلـي ألْـفَ قاصِمـةٍ |
لولا السفاسفُ لَمْ يَتْعَـبْ لنـا بـالُ |
ماذا جَنَيْنـا لكـي يلهـو بنـا زَمَـنٌ |
كما لَهـا بدُمـوعِ الشـاة سَرْحـالُ |
تَعَقّبَتْنا على الآفاقِ أسْهُمُه |
فصَدْرُنا مِنْ تَتاليهنّ غِرْبالُ |
لنّا عن الـدارِ يحـدو خَطْوَنـا أمـلٌ |
فآب بالخِزْي والخِذْلان أمّالُ |
مهما يَنَيْنا ومَهْما عزَّ جانبُنا |
فنَحْنُ في دَفْتَر الأجناس أوغالُ |
ما كان أسعَدَنا لَوْ أنَّ زَوْرَقَنا |
شَدّتْه للشَّطِّ يَوْمَ البَيْنِ أغْلالُ |
يا مَـنْ يَـدُلّ علـى الدنيـا بثَرْوَتِـهِ |
شَرّ المعايبِ في المَحْظوظِ إدْلال |
ما دُمْتَ مثليَ مِنْ مـاءٍ ومِـنْ مَـدَرٍ |
فنحنُ في ملكوتِ الله أمْثال |
هذي القصورُ إلى فوقِ السَّحاب سَمَتْ |
أعزّ منهنّ في واديك عِرْزالُ |
ماذا يُفيـدُ الغِنَـى إنْ كـان صاحبُـه |
يَغُصّ بالمـاء حـتى وهـو سَلْسـالُ؟ |
اليوم تَجْنِي، ولكني أراك غداً |
تَمْضي لشأنِـكَ، لا قَصْـرٌ ولا مـالُ |
سِيَّان تحت الثَّرَى مَنْ يَنْطَـوي هَمَـلاً |
ومَنْ يُشَيِّعُه طَبْلٌ وطبّال |
عبيدُ كِسْرى، وكِسْرى وابنُـه شَـرَعٌ |
لا يَنْفَع المَيْتَ أعمامٌ وأخوالُ |
لا يُذْكَر المرءُ إلا بالذي فعَلَتْ |
يداه... لا باسمه أهْلٌ وأنْجالُ |
إني لأحسدُ مَـنْ يَغْفـو علـى أمـلٍ |
ويَستَفيقُ فلا هَمٌ وبَلبَالُ |
إذا خلا القَلْبُ مِـنْ صَفْـوٍ وعافيـةٍ |
فلَنْ يردَّهما مالٌ وإقبالُ |
* * * |
يا قادِماً مِـنْ ديـار الأهْـل، تَسْبقُـه |
كمائِج النُّور أفْعالٌ وأقْوال |
لا خَيْرَ في القَوْلِ أَلفاظاً مُكَرَّرةً |
إنْ لَمْ تَزِنْ دُرَرَ الأقوالِ أفعالُ |
يُغني البَيانُ على آثار صاحبهِ |
وليس يُغْني إذا أمْلاه فعّال |
تَناقَض البَرْقُ ما أحْيَيْـتَ مِـنْ رَمَـمٍ |
وسوف تَنْقُلُه بالزَّهْوِ أجْيال |
وصَفَّقَ المَجْدُ إجلالاً وَتَكْرِمةً |
لسيِّدٍ لا يَفِي أيديه إجلالُ |
شَفَى المسيحُ مريضاً لا دواءَ له |
وعادَ في ظلِّه للحقِّ ضُلاّلُ |
وأنتَ أحْيَيْتَ مَـنْ ماتَـتْ عزائِمُهـم |
وأزْهَرَتْ حيثُما يَمّمْتَ آمالُ |
دَعْنا بثوبك نَمْسـحْ جُـرْحَ غُرْبَتِنـا |
عِطْر الأحبة في رِدْنَيْك جوالُ |
ألَم تَطَـأُ بَـرَدى؟ إنّـا لمـن بَـرَدى |
في مَغْرب الشمـس أفـراخٌ وأشبـال |
شَطّتْ بنا الدار، لكنْ لَيْـس يصرفنـا |
عنه حبيـبٌ، وعـن ذكـراه أمْيـالُ |
دَعْنا بشَهْدِك نُشْبـع جُـوعَ لَهْفَتِنـا |
هَيْهَات يُشْبع جـوعَ النَّفْـسِ بَقّـال |
مِنْ أيْـنَ تأتـي بهـذا الـدُرِّ تَنثـُره |
على مسامِعنا، هَلْ أنتَ لآلُ؟ |
لَمْ تَحْوِ عِطْرَكَ أسحـارٌ، ولا لَبِسَـتْ |
سنا بيانك في الفردوس آصالُ |
دَعْنا بوَجْهـك نَلْمـحْ وَجْـه أمَّتِنـا |
إن الديارَ لتُهوى وَهي أطْلالُ |
هذي الوداعةُ في عينيك قائلةٌ |
إنَّ المريضَ له يا قومُ إِبلالُ |
لا رَيْبَ في النصر، فَلْنَخْلِـقْ وسائِلـه |
شَتَّانَ، شَتَّان إمهالٌ وإهْمالُ |
في ذُرَّةِ العَزْم والإِيمان مَقْدِرةٌ |
تُلُمّ بالجَبَل الراسي فيَنْهال |
إنَّ البطولَةَ أنْواع وأنْكرُها |
تِلْكَ التي دَأبُها قَتْلٌ وإذْلالُ |
تَمْشي على جُثَثِ الأطْفـال ضاحِكـةً . |
جَذْلَى، كأنّ طريـقَ المَجْـدِ أطْفـالُ. |
ليس الـذي لَيْلُـه سَعـيٌ وتَضْحِيـةٌ |
مِثْلَ الذي لَيْلُه كأسٌ ومَوّالُ |
لا نُدْخِلَنْها على تاريخنا أبداً |
لا يَسْتَوي وكرامَ الناس أنْذالُ |
لكمْ حَلِمْنا بأبطالٍ غطارفةٍ |
ثم استَفَقْنا فزالَ الحُلْـمُ، بَـلْ زالـوا |
لَمْ يَبْـقَ ممـا ادَّعـوا إلاّ فضائحُهـم |
أهكذا يَدْخُلُ التاريخَ أبْطالُ |
* * * |
يا ابنَ الكنيسة، بَلْ يا ابن الفضيلة، بَلْ |
يا ابنَ العروبـةِ لا يُحْزِنْـكَ ما قالـوا |
قالوا سَعَيْتَ وَلَـمْ تُفْلـحْ، فقُلْتُ لهـم |
صَدْرُ السمـاء لمنْ جَـدّوا وما نالـوا |
قَدْ يَعْثُر الحـرُّ، لكـن ليـس تَصْرِفُـه |
عَنْ ساحـة المَجْـدِ أعبـاءٌ وأحْمـالُ |
ما دامتِ الروحُ فـي خَيْـر وعافيـةٍ |
فلْتَعْثُرِ الرجْلُ إنَّ الدَّهْر أحْوالُ |
تَمضي السنـون ولا تَنْحـلّ مُعْضِلـةٌ |
وتَسْتَمرُ ولا يَنْجاب إشْكالُ |
إنَّ الجهادَ طريقٌ لا تخومَ له |
فلا يُحاوِلْه مُرْتابٌ ومِكْسالُ |
للسَّيْفِ في قَبْضَة الصِّنْدِيد هَيْبَتُه |
لكنَّه في يَدِ الرعْديدِ خُلْخَالُ |
لو كان للوَعْلِ أنيابٌ مُحدَّدةٌ |
لَمْ تخشَ عاديةَ الآسادِ أوْعالُ |
لُطْف المسيح وسَيْف المُصْطَفـى التَقَيـا |
في راحَتَيْك، كما نَبْعٌ وشَلاّلُ |
إذا طَغَى البُطْلِ لَـمْ تُرْهَـبْ مَخَالِبُـه |
وإن دَعَا الحـقُّ لبّـى منـك صَـوّالُ |
حَنتْ لهيبتك الأحداثُ هامَتَها |
وهابَ شَأْنَكَ أقْطابٌ وأقْيالُ |
جابَهْتَ بالصيحة المُثْلى أخـا صلـفٍ |
يقودُه اثنان: جَزارٌ ودَجَّالُ |
فحارَ كَيْفَ يَـرُدُّ الطَّعْنـة اخْتَرَقَـتْ |
دُروعَه، فهي أشْلاءٌ وأوْصالُ |
ظَنُّوكَ تَخْشَى عوادي السِّجْـنِ فاغـرةً |
فاها كمـا يَحْتَفـي بالقـوت أكّـال |
ظَنُّوكَ تَنْبُذُ مـا قَدّسْـتَ مِـنْ قِيَـمٍ |
وتستجيبُ لما قالوا وما كالوا |
ظَنّوكَ تُغَرى بسُلْطانٍ وحاشِيةٍ |
وتزْدهيك – إذا أغْنَوك – أموالُ |
فدكَّ صوتك هدّاراً ظنونَهمُ |
كما يَدُكُّ بيوتَ الرملِ زِلْزالُ |
ومزّقَ السِّتْرَ عمّا في ضمائرهم |
فانداحَ سَمٌّ، وخَلْـفَ السَّـمِّ أصْـلال |
وانهال منـه علـى بُرْكانهـم وشـلٌ |
وأوَّلُ العارضِ الهَتَّان أوْشالُ |
وانسابَ بَرْداً على أضْلاعِنـا وشَـذاً |
إن الحقيقة في الديجور مشعال |
ومَـنْ يكـنْ مؤمنـاً بالله، مُعْتصمـاً |
بقوةِ الحق لَمْ تُوهِنْه أهوالُ |
* * * |
يا سيِّدي في فمي مـاءٌ وفـي كَبِـدي |
نارٌ، فكيْـفَ يجيـدُ القَـوْلَ قَـوّالُ؟ |
أشكو إليك ضَيـاعَ النازحـينَ، فـلا |
يَضْحَكْ على دَمْعة المفْجـوع هُـزّال |
الضادُ – وهْيَ عماد البَيْتِ – في خَطَـرٍ |
ونَحْنُ تَشْغَلُنا في السوقِ أعْمالُ |
نَهيمُ خَلْف سَرابِ الكَسْبِ في جَشَـعٍ |
كأنَّنا أبداً في الأرض نُزّالُ |
نَبْكي إذا ضاعَ فلـسٌ مِـنْ خزائننـا |
والعُمْرُ يَمْضي، فلا يُعْنَـى لنـا بـالُ |
كَيْفَ السبيلُ إلى تجديدِ زَهْوتِها |
فَللغات كما للناس آجالُ؟ |
لَيْتَ الذين على اللـذاتِ قَـدْ بَذلـوا |
ماءَ الوُجوهِ، علـى المَعْـروف بُـذّال |
لَيْتَ الذي كرّم الفُصْحـى أتـاحَ لهـا |
ألاَّ يكونَ لها في الأهْل بَخّال |
يا دَوْلةً عَقَـدَتْ في الشمـس رايَتَهـا |
الباذلونُ فـداكِ الـروحَ قـد دالـوا |
والهْفَتاه عليهم في مَراقدهم |
كم أسْرفـوا فـي هَـوى عَيْنيـك، كم غَالـوا! |
ثارُوا على ترّهـاتِ الفِكْـرِ يَنْشُرهـا |
في الشَّرْق والغَرْب دَجّالٌ ودلاّل |
ثاروا ولكنَّهم لَمْ يَهْدموا بَلَداً |
لكي يُشاد على مَثْواه تِمْثالُ |
ظلَّ التُّـراثُ لـه في النَّفْـسِ حُرْمَتُـه |
وظلَّ للفنِّ تَهْزاج وتَزْجالُ |
وظلَّت الضـادُ في خَيْـرٍ، وظـلّ لهـا |
بَنْدٌ علـى مَسْبَـح الأفـلاك مُخْتـالُ |
* * * |
مولايَ عَفْـوَك إمَّـا شـابَ قافيـتي |
صابٌ، فما أنـا يـا مـولايَ عَسّـالُ |
أنا بَنَفْسَجةٌ في القَفْر ضائعةٌ |
مَقْطوعةُ الرَّحْم لا عمٌّ ولا خالُ |
الحَرُّ يَجْلِدُها والقَرُّ يَسْرُدها |
والريحُ تُعْوِل حَوْلَيْها وتَنْثالُ |
أنا هَزارٌ تناءَى عن خَميلِته |
ألْهَتْه عَـنْ واجـبِ التَّغْريـد أشْغـال |
عُشِّي قَتادٌ وأزجالي مُجرّحةٌ |
وهَلْ تَطيبُ معَ الآلام أزْجالُ؟ |
تَمْشي الرَّطانـة في شِعْـري فتُفْسِـدُه . |
ويَخْنُقُ الوَتَرَ النَّشْوان إعْوالُ |
حَسْبي إذا عيّروني أنْ سَتَغْمُرُني. |
مِنْ فَضْل رَبِّي ومِنْ جَـدْواك إظِـلالُ!. |