الرَّوْضُ بَعْدَ هَزارِه مُتَجَهِّمُ |
والسامِرُ الزاهي كئيبٌ مُظْلمُ |
يا مَنْ نُوَدّعه غَداً وقلوبُنا |
تَجْري على آثاره وتُحوِّمُ |
سِرْ حَيْثُ شِئْـتَ فأنـتَ في أحلامنـا |
أملٌ كحاشية الربيعِ مُنَمْنَمُ |
وعلى الشِّفاهِ قَصيدةٌ عَربيةٌ |
صاغتْ قَوافيها الحميّةُ والدَّمُ |
هَيْهَات يَجْحَـدُ مـا بَذَلْـتَ مكابـرٌ |
أوْ يَستهينُ بما بَذَرْتَ مُجَمْجِمُ |
كرَّسْتَ للفُصْحى يَراعةَ شاعرٍ |
يُوحَى إليه بالجَمال ويُلْهَمُ |
ووَقَفْتَ آمـالَ الحيـاة علـى هَـوَى |
وطَنٍ تُقَضْقِضُـه الخُطـوب وتَقْضُـمُ |
تَبْكي بدَمْعِ القَلْب في نَكَباته |
وتَطيرُ مِنْ فَرَحٍ إذا هو يَبْسُم |
لَهْفي عليه لا يُزَحْزِحُ غاشِماً |
إلاّ تولَّى الأمرَ فيه أغْشَمُ |
أحْرارُه تَكْوي السياطُ جِباهَهم |
وعبيدُه حَوْل الكراسي حُوَّمُ |
يا مَنْ يعيش برُوحه في معَزِلٍ |
عَنْ قَوْمِهِ وذَويه إنَّك مُجْرمُ |
بِئسَ الأديبَ بلادُه في مِحْنةٍ |
وفؤادُه في التُرَّهاتِ مُقَسَّم |
يَلْهو قَريراً في مراتِع أُنْسِهِ |
ويَغوصُ في حَمأ الحياةِ ويُنْعَم |
لا زَفْرَةُ المظلوم تُطْلِقُ صَوْتَه |
غَضَباً، ولا حَزُّ السلاسِلُ يُؤْلمُ |
ماتَتْ عواطِفُه وجَفّ شُعوره |
فكأنَّه أعْمى أصَمّ أبْكَمُ |
* * * |
يا مَنْ أعاد عُكاظُ في رَيْعانه |
أتغيبُ عنه وَقدْ أَطَلَّ المَوْسِمُ؟ |
هذي وُفودُ الشِّعْر في عَرَصاتِه |
مَنْ ذا يُوَفِّق بَيْنها أوْ يَحْكمُ |
لاَ تَقْسُوَنْ على أخيك إذا كَبا |
شَيْطانُ شِعْري فـي وَداعِـك أَعجَـمُ |
عَقَدَتْ لساني فيـك عاديـةُ الأسَـى |
بالرُّوح أنْتَ كأنّ بيْتكَ مَأْتَم |
سِرْ في ظلال الله مأمونَ الخُطَى |
ذِكْراك سَلْوى للقُلوب وبَلْسَم |
إنِّي على عَهْدِ المودَّة قائمٌ |
وإذا رَجَعَتَ فكلُّ جارحةٍ فَمُ! . |