شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
ليلـة الـوداع
أنشدها في أمسية شعرية ودَّع بها وطنه، عام 1984
أزِفَ الوَداعُ، فيا زَكيّ تَجَمَّلِ
يا لَيْتَ لَـمْ تَضْحَـكْ ولَـمْ تَتَهَـلَّلِ
أزِفَ الوداعُ، فكَيْـفَ تَتْـرُكُ إخْـوَةً
فَرَشوا دُروبَك بالشَّذا والمَخْمَلِ
طابَتْ شَمائِلُهم، فكلُّ سَحابَةٍ
قَدْ تَنْجَلِـي... وسَحابُهـم لا يَنْجلـي
قَطعَـوا بجُودِهِـم لِسانَـك... لَيْتَهـم
مَنَحوا الجَزِيلَ، فمـا غَرِقْـتَ بأجْـذَلِ
يتسابَقونَ إلى المعالي، كلَّما
بَلَغوا الكمالَ تَنافَسـوا فـي الأكْمَـلِ
أزِفَ الوَداعُ فكَيْـفَ تَصْبِـر للنَّـوَى
رُدَّ المياهَ عَنِ الحدائقِ تَذْبُلِ
بُعْداً لحظِّكَ، كلُّ حَفَنةِ سكرٍ
منه، تليه ألفُ حَبَّةِ حَنْظَلِ
ما جـارَت الدُّنْيـا عليـكَ، وإِنَّمَـا
هذا الجَزاءُ جَزاءُ كلِّ مُغَفّلِ
خادَعْتَ نَفْسَـك بالسَّـرابِ، تَظُنُّـه
ماءً، فعُدْت منه بما لم تأْمَلِ
لا صَفْوَ إلاَّ بَعْدَه كدرٌ، ولا
مَنْجاةَ مِـنْ حُكْـمِ القَضـاء المُنْـزَلِ
أحْسَنْتَ ظَنَّك بالحيـاة، فنَـمْ علـى
جَمْرٍ، وخُضْ مِنْ شَوْكِها فـي مَجْهَـلِ
تِلْكَ البُرَيْهاتُ السَّعيـدةُ لَـمْ تَكُـنْ
مِنْ نافلاتِ زَمانِك المُتَفَضِّلِ
بَلْ أفْلَتَتْ منه بغَيْرِ تَعَمُّدٍ
شَأْنَ البَخيـلِ سَخَـا لِغَلْطَـةِ أنْمـلِ
أعْطاكَها لكنْ لِيَأخُذَ في غَدٍ
عَبَراتِ مُشْتاقٍ لأكْرَمِ مَنْزِلِ
ماذا جَنَيْتَ مِنِ ازديادِ أحبّةٍ
غَيْرَ ازدياد أسىً وفَرْطِ تَعَلُّلِ
لَوْ لَمْ تحـلَّ علـى جَوانحهـم، كمـا
حَلّ الهَزارُ على الغُصونِ المَيَّلِ
لَمَضَيْتَ، لا شَوْقٌ يَهُزُّهمُ، ولا
ظَمَأُ يُهُزّك للنَّمير السَّلْسَلِ
قَسَماً سَتبْقَى في خَواطرهم وإنْ
طالَ المَدَى بَيْـنَ الدُّخـولِ وحَوْمَـلِ
وَيَظلُّ طَيْفُهمُ بذِهْنِك ماثلاً
مَهْما تَناءَوا عَنْك لَمْ يَتَحوّلِ
* * *
يا لَيْتَهم لَـمْ يُكْرِمُـوك، ولَـم تَعُـدْ
مِنْهم بغيْرِ نَدامة المُتَطَفِّل
أوْ لَيْتَ دَرْبَكَ حـادَ عَـنْ فِرْدَوْسِهِـمْ
أوْ لَيْتَ قَلْبَـكَ قِطْعَـةٌ مِـنْ جَنْـدَلِ
لَقَضَيْتَ عُمْركَ لا تثيرُك نَفْحَةٌ
مِنْ رَبْوَةٍ، أوْ نَغْمةٌ مِنْ بُلْبُلِ
وجَهلْـتَ ما مَعْنَـى هَديـل حَمامـةٍ
فَوْقَ الغُصـونِ، وما تَهامُـسُ شَمْـأَلِ
ولَعِشْتَ خالي الذِّهْنِ لَمْ تَسْـألْ ولَـمْ
تَسْهَدْ ولَمْ تَحْزَنْ وَلَمْ تََتََوََسَّلِ
* * *
يا إخْوَتِـي هـاجَ الفِـراقُ مَدامعـي
وحَلَفْتُ لولا حُبُّكُمْ لَمْ تُهْمِلِ
يَبْكي فُؤادي – لا جُفونـي – كلَّمـا
أخْنَتْ عليّ الحادثاتُ بكَلْكَلِ
لكنّ عاديَـة النَّـوَى جـارَتْ علـى
قَلْبي وجَفْني واستَباحَتْ مَقْتَلي
إنِّي سأذْكُرُكُمُ وأهْتِف قائلاً
(ما الحبُّ إلا للحبيبِ الأوّلِ)
ما زِلْتُ مُنْذُ حَبَوْتُ أبْحَـثُ عَـنْ أخٍ
حتى سَخـا دَهْـري علـيَّ بجَحْفَـلِ
أنا قدْ تجـاوَزْتُ الـدَّراري باسْمِكُـمْ
ونَزَلْتُ مِنْ آلائكم في هَيْكَل
لولا هوى غَلْواء يَمْلأ بالشَّذا
عُشّي، ويَنْضَحُ بالعُذوبةِ مَنْهَلي
وفتىً – كما ضَحِك الربيـعُ – مُـدلّلٌ
وأراه مَهْما اشْتَطّ غَيْرَ مُدَلَّل
لأنَخْتُ رَكُبي بَيْنكم، وجَعَلْتُكم
أهْلي إذا حُمَّ القَضاءُ، ومَوْئلي
ولَرُحْتُ أستَغْني بظلِّ قُلوبكم
وعُيونِكم، عَنْ حاتَمٍ وسَمَوأَلِ
ولقُلْتُ للزَّاهي عليّ بأهْلِهِ
إنَّ الخَناجِرَ مِنْ عبيدِ الفَيْصَلِ
سُبْحَانَ مَنْ لـو شـاءَ يُسْعـد عَبْـدَه
ألْقاه مِنْكم في السِّماك الأعْزَلِ
* * *
يا إخْوتي جارَتْ علينا غُرْبةٌ
هَلْ يَلْتقـي الأحبـابُ بَعْـدَ تَرَحّـلِ؟
إنّا هَجَرْنَا الـدارَ، لكـنْ لَـمْ نَـزَلْ
نَصْبُو إلى فِرْدَوْسها المُتَهِلِّلِ
ونطوف في الأحلام بَيْنَ طلُولها
ما أمْتَع الأحْلامَ للمُتَعَلِّلِ
ونَحُطُّ أطيـاراً علـى سَقْـطِ اللِّـوى.
ونَحومُ أشباحاً بدارَة جُلْجُلِ .
* * *
يا مَنْ نُوَدِّعُهم وفي أكبادِنا
نارٌ تَؤجّ وغُمّةٌ لا تَنْجَلي
حامَ الغُزاة عَلَيْكُمُ، فتحسّبوا
ما أْنُتمْ عَنْ كَيْدهم في مَعْزَلِ
قَدْ يَدْخُلون بيوتَكم في مَشْربٍ
أو يَهْدِمون حُصونَكم في مَأْكلِ
لَوْ كُنْتُمُ صَفاً لخابَ رَجاؤهم
رَغْمَ السلاحِ، ثَقيلُه والأثْقَلِ
لا تَتْرُكوا الأحقادَ تَسَعَى بَيْنَكُمْ
لَولا تَدَاعي صَفِّنا لَمْ نُؤْكَلِ
دارُ العُروبة دارُكم فتعاوَنوا
ما الفَرْقُ بَيْنَ "المُنْتَهـي" والكَرْمَـلِ (1)
البارحَ اغتصَـبَ العَـدوّ "جَليلكـم"
وغَداً يحطُّ جَرادُه في "المَوصِلِ"
لَنْ تأمَنوا ما دامَ في أثْوابكم
صِلٌّ يَجُوس وثَعْلَبٌ لا يَأْتلي
* * *
أزِفَ الوَداع، فما أقولُ لخافِقٍ
بَيْنَ الضُّلـوعِ يقـولُ وَيْحَـك أجِّـلِ
أدْنانيَ الجارُ البعيدُ، وعقّني
مَنْ كان عِنْدي في المقام الأوَّلِ
أنا ذاهبٌ... لكـنْ سَيَبْقـى صَوْتُكُـم
في مَسْمَعيَّ، ورَسْمُكُمْ في هيكلي
 
طباعة

تعليق

 القراءات :372  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 446 من 665
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.