بِالغاليينِ حَشاشتي وجَناني |
أَفديكِ يا أُرْجُوحةَ الكروانِ |
غالتْ بشاشتَكِ الرزيَةُ وانطوتْ |
دنيا ازدهتْ بالرَّوْح والرَّيْحانِ |
سُقيا ليالي الأُنسِ والأملِ الذي |
أشربتُه ما سَال من أجفاني |
ما كان أقصرَها على سُمَّارِها |
وأخفَّ وطأتَها على النُدمانِ |
ما لِلزُّهورِ إذا رأتني أَطرقتْ |
حَيرى بأيِّ تَحيةٍ تَلقاني؟ |
ما لِلطيورِ إِذا استشفَّتْ لوعتي |
غَصَّتْ حناجرُهنَّ بالألحانِ؟ |
ما لِلجداولِ إن وَقَفْتُ بِشطِّها |
خَنقتْ أَهازِيجَ الهوى النشوانِ؟ |
أَيُثيرُ شجوي ما خَبا من شَجْوِها |
أَم ذاك تَمويهٌ من الأحزان؟ |
أُرجوحةَ الكروانِ هَدّمني الأسى |
إِلاَّ بقيةَ مَدمعٍ هَتَّان |
يَجري على قَبرِ الحبيبِ ولمْ يَكُنْ |
لولاه بالجاري ولا الحرّانِ |
إني ليجرحُ مُقلتي ويُمِضُّنِي |
مرآكِ بينَ مخالبِ الأَشجانِ |
شوهاءَ خافِتَةَ الصَّدى كقصيدةٍ |
جَوفَاءَ عاطلةٍ من الأَوزانِ |
لا تستريحُ إِليكِ مُهجةُ سامعٍ |
أَو تستقرُّ عليك مقلةُ رانِ |
أَين التي كانت بِجيدِكِ حِليةً |
وردِيَّةَ الأَنفاسِ والأردانِ؟ |
يا روضة كان تداعب مهجتي |
أنفاسها تنساب في وجداني |
الشمسُ تطلعُ من مَطاوي جَفنِها |
والفجرُ يَضكحكُ في الفَمِ الرًّيَّانِ |
ملكتْ عليَّ خَواطري وهَواجِسي |
واستأثرتْ بِمحبتي وحَنَاني |
أَخشى على وَجَناتِها عَبَثَ الصَّبَا |
وأ خافُ عينَ الحَاسدِ الشنآنِ |
الشِّعرُ أستوحيه من نَظَراتِها |
بشَّ المعاني ضَاحِكَ الألوانِ |
وأطيرُ من بَسَمَاتِها في جَنَّةٍ |
مَسحورةٍ مَزْهُوَّةِ الأَفنانِ |
أُرجوحةَ الكروانِ في صَمتِ الرَّدى . |
سِيَّانِ شأنُك في الحياةِ وشاني |
لم يَبْقَ من تَضْحاكِنا إلاَّ صدىً |
واهٍ كحشرَجةِ العليل الفَاني |
ما أبخلَ الشادي تغصُّ بصوته |
وتعودُ منه بِحُرقةِ الظمآنِ |
يا أيها البخلاء كم مِن خيبةٍ |
أَقسى على الرَّاجي من الحِرمانِ |
ما ضرَّ لو واسيتمُ ومسحتمُ |
بالعطف دمعةَ شاعرٍ ولهانِ |
أَمنَ العدالةِ أَن تُصوَحَ روضتي |
في عُنفوانِ ربيعِهَا الفَتَّان |
ويُحال عُرسي مأتماً لا ينتهي |
وتُعَدَّ في عيد المنى أكفاني؟ |
كروانيَ المحبوب ضمَّتهُ الثَّرى |
رحماك يا رباه بالكروانِ! |