شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
يوم في مزرعة
[كتبها يصف زيارة إلى مزرعة لصديقه المرحوم عبد الرحمن أبو عطى في مدينة (أملج) على شاطئ البحر الأحمر وذلك قبل وفاته رحمه الله]:
يومٌ من العمر، لا هَمُّ ولا ضجرُ
ما زال حيّاً له في روحنا أثر
يومٌ قضيناه، لا ندري أمرَّ بنا
حقاً وعشناهُ واستغنى به العُمُر
أم أنه حُلُمٌ وافى وقد سكنَتْ
في الذهنِ تخطرُ من أضغاثهِ صُور
* * *
يوم بـ "أُملجَ " عشناهُ بمزرعة
غنّاء طابَ في ليلها السهر
مرَّ النسيم رُخاءً في مرابعها
فأنعشَ الروح فينا نَشْرهُ العطر
والبردُ مرَّ على رفقٍ يداعُبنا
بعضٌ يهشُّ له والبعضُ يتّزر
وقد علتْنا سحاباتٌ مطرَّزةٌ
بالنورِ يسري حفيّاً بينها القمر
يطوي معارجَها من غير تَوءِدةٍ
كأنه راحلٌ ألوى به السفر
* * *
يا ليلةً والسنا الفضيُّ كلَّلها
بالنور يسبحُ فيه النخلُ والشجر
لفَّ المزارعَ يجلو من مفاتنها
ما الليلُ أخفى وما لم يلحظِ البصر
بتنا نُسامرُ بالنجوى كواكبَها
نستلهمُ الليلَ حتى آذنَ السحر
فاحَ الشذى من شجيراتٍ تحيطُ بنا
كالروضِ يزهو بهاءً حسنُها النضر
والصمتُ رانَ سوى أنغام أغنيةٍ
"لأمِّ كلثومَ" حيث النايُ والوتر
والليلُ والشعرُ والألحانُ صادحة
تجلو من الهمِّ ما في القلب يستتر
* * *
الأرض مدَّت بساطاً من نضارتها
من حوله كلُّ شيء راحَ يزدهر
والماءُ "نبع من الآبار" ترفعهُ
إلى الأعالي "مضخاتٌ" فينحدر
عبرَ الأنابيب كالشريان تنقلهُ
فيرتوي الزرعُ إن لم يُغْنهِ المطر
و (الطيرُ) مأسورُه يهفو لمطلَقِه
و (البطُّ) يسبحُ في حوض له سُتُرُ
ترعى (المواشي) رُخاءً في مرابعها
(الماعزُ) المنتقى و(الضأنُ والبقر)
من كل صوبٍ حواليها تداعبُها
بيضُ (الأرانب) لا يلوي بها الحذر
تساقت الحبَّ فازدادت به عدداً
فكل أنثى لها من جنسها ذكر
هذي (سفينةُ نوحٍ) والأميرة بها
(أبو عطيٍّ) فهلاَّ جاءَك الخبر
* * *
لذَّ الشِواءُ بأسياخٍ (1) على نسقٍ
صُفَّت ومن حولها النيرانُ تَستعر
كُـلٌّ يـداري بهـا سيخـاً تعهّـده
يُدني له الجمر في صبرٍ وينتظر
بينا توسَّط في (التنّور) مصطبراً
على البلاءِ (نديٌّ) راح يجتمر (2)
في (حَلّة الرزّ) ضجّت من جوانحه
شكوى تترجمُ عمّا جرّه القَدَر
قد كان من ساعةٍ يجري بساحته
حراً طليقاً ولم يخطرْ له خطر
حتى إذا الجوعُ عضّ القومَ وانطلقت
سكينةُ النحر لا تُبقي ولا تذر
أرخى إلى الأرضِ (للقصَّاب) مَنْحَرهُ
وفي العيون تلاقى الغيظ والشزر
* * *
تزاحمت ذكرياتي عنك تنهمرُ
يا ليلةً لذّ فيها الأنسُ والسمر
وطابَ لي كلُّ ركنٍ من مجالسها
حيثُ الطبيعةُ ألوانٌ بها الصور
ما شئتَ فيها أفانيناً ملونةً
الشعرُ والليلُ والسُمَّارُ والقمر
إلاَّ وجوهَ الحسانِ الغيدِ غائبةٌ
نُسائلُ الليل عنها وهو يعتذر
قد كان يؤنِسُنا منهنَّ صارخةً
حُمرُ الخدودِ وإن ألوى بها الخَضر
والشعرُ منسرحاً مثلُ الحريرِ على
أكتافهنَّ وتحتَ الشالِ يستتر
سودُ العيون رهيفاتٌ مخاصرُها
تكادُ إن طُوِّقت بالرفقِ تنصهر
عذبٌ لُماها، رفيقاتٌ مشاعرُها
إن حدثتكَ تولّى الهمُّ والكدر
* * *
شطَّ الخيالُ وما منهنَّ واحدةٌ
يا عاذلي لا تلمني إنني بشر
تحت الضلوع وجيبٌ لي يترجمُه
قلبٌ يرى الحبَّ كنزاً ليس يُدَّخر
آليتُ أنفقُهُ ما امتدَّ بي عمُرُ
والقلبُ نبضُ الهوى في الصدرِ لا حجر
[جدة، 20/12/1989م]
• • •
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :388  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 93 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج