شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
604- ومعكَ دائماً.. أيضاً (1)
وأقبل صاحبي يتهادَى باسماً وفي يده جريدة "الشرق الأوسط"، قائلاً: هل قرأت القطع الشعرية الجديدة للدكتورة رشيدة بهران؟ قلت: أنا أدري أنك تودُّ "توريطي"؛ فأنت تعرف أنني لا أسمّي "الكلام العربي" شعراً إلاَّ إذا كان "موزوناً مقفَّى"، وللدكتورة "رشيدة بهران" قلمٌ ساحر، وبيان شاعر، وكثيراً ما تذكِّرني بالأديبة اللبنانية "ميّ زيادة". كما قلت لك سابقاً، ولكن هَات ما عندك اليوم مما تسميه شعراً؛ قال: تقول الدكتوره:
دائماً مَعَكَ:
وعنك يسألونني.. أقول: خبأته في عيوني.
وعنكَ يسألونني.. فأقول: بين طيَّات ظنوني!
عنكَ يسألونني.. فأقول: ألم تروه تحت جفوني؟
وعنك يسألونني.. فأقول: في فرحي، وزهري وسكوني!
وأيضاً يسألونني.. فأقول: نبضي.. وشوقي.. وجنوني!.
فقلتُ: هذا نثرٌ فنيّ بديع يا صديقي وكان في إمكانها أن تعقده في "شعر عربيّ" فتقول:
إن يسألوني عَنْهُ؛
أقولُ طيَّ ظنوني
خبأتُه حذراً من
فرارِه في عيوني،
ألم تروه وديعاً
كالحُلْمِ تحت جفوني؟
هواه زهري وخمري،
وفرحتي وسكوني
ونبض قلبي، وشوقي،
وصبوتي، وجنوني؛
قال ضاحكاً: وكيف ستنظم قولها:
إنِ اختفيتَ..
وجدتْكَ عيوني؛
وإن ابتعدتَ..
أرسلتُ شجوني..
وإن قسوتَ يصلك خَفْقي.. وإن هجرت..
يتبعك قلبي.. وإن نسيت يذكرك شوقي..
كيفما كنتَ، وأينما كنت يحيطك قلبي..
قلتُ: هذا معنى بديع وقد طرقه كثير من شعراء التصوُّف ومنهم "ابن الفارض" في "لاميَّته" المشهورة والتي منها قوله:
أحبَّاي أنتم أحسنَ الدهرُ أم أسا
فكونوا كما شئتم؛ أنا ذلك الخلُّ
بعادُكُمُ قُربٌ؛ وسخطكُمُ رضى،
وتعذيبكُمْ عذبٌ وهجرانكمْ وصلُ!
كما زاولَه بتصرُّف جدّي السادس السيد هاشم بن يحيى الشامي المتوفّى سنة 1158هـ /1746م فقال من قصيدة طويلة:
كُنْ كما شئتَ؛ فلي قلب بما
تشتهي صبٌّ، ولي صدرٌ رحيبُ،
رب دانٍ غير دانٍ قلبُهُ
وبعيدٍ شخصُهُ مني قرب
وإذا القلب على الحب انطوى
فاشترط القُربِ واللُّقيا غريبُ!
 
ولذلك فلن أتكلَّف نظمه من جديد.
قال الصديق: وماذا عن قولها:
رسالة شوق.
إلى إشراقة الحياةِ في عينَيكِ..
وبسمة الدنيا على شفتيكَ..
وسمرة الشمس في جبينكَ
ونبض القوة في يمينكَ.. فهل تصلك؟
قلت: لو تكلَّفتُ نظم هذا المعنى في "شعرٍ عربي" لقلت:
إلى البَهَاءِ ونورِ الْـ.. حياةِ في عينيكِ..
وبسمة السِّحر تزهو
نَشْوى على شفتيكِ
وسمرةٍ نَسَجَتْها الشموسُ في خديكِ
أهدي رسالة شوقي
والقلب بين يديك
إن لم تصلكِ فعفواً؛
ولا جناح عليكِ.!
قال: وماذا عن قولها أخيراً "في أمسية معطَّرة":
صنعتُ من الشوق زورقاً..
عبرت به كل زمان.. إليكَ.
لأنثر الزهر على قدميكَ..
وأنشر الحب نسيماً عليكَ
بيني وبينكَ لا زمنْ..
ولا حدود.. ولا وطنْ.
قلت: لو كنت منها لقلتُ:
صنعتُ من الشوق لي زورقاً
لأعبر دوماً بحار الزَّمنْ
إليكِ.. فأنثر زهو الهوى
على قدمَيك إذا اللَّيل جَنْ
وأنشرُ حُبّي نسيماً عليكْ
يعانق في مقلتيكِ الوسَنْ
فبيني وبينكِ لا من مكان، ولا من حدود، ولا من وطنْ
فضحك وقال: لله درّك.
قلت: لله درّ الدكتورة رشيدة بهران.
بروملي: 3 جمادى الأولى 1411هـ
20 أكتوبر 1990م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :592  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 634 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج