حَنِّطوها بدعاء القانتينْ |
واغسلوها بدموع الصَّابرينْ |
وانثروا الآي عَلى جثمانها؛ |
زهراتٍ من صلاةٍ وحنينْ |
واطلبوا الصبر لمن قد خلَّفتْ، |
ولها رضوان ربِّ العالمينْ، |
واقرؤا "ياسين" أو ما شئتموا |
من كتاب الله والذكر المبينْ، |
* * * |
أنتمو تدرون من نندبها |
إننا نندب بنت المحسنينْ |
درةِ للْفضل كانت تزدهي |
بسني الإِيمان في تاج اليقينْ |
حسبها مفخرةً في قومها |
أنها أم الفتى البر الأمينْ |
من أعزّيه وفي القلب أسى |
كاد أن يأخذ منّي بالوتينْ. |
* * * |
يا أخي؛ صبراً على كارثةٍ |
ومصابٍ قد دهانا أجمعين |
كلُّنا قد ناله ما ناله.. |
لم تكن وحدك بالباكي الحزينْ؛ |
ولقد كنتَ بها براً، وقد |
كنتَ من خير البنين الطائعينْ |
ولقد أسعدتَها وامتلكت |
بكَ ما تهواه من دنيا ودينْ! |
فلك البشرى بأجرٍ قطُّ ما |
ناله إلا كبارُ الصالحينْ |
والأسى والحزن لا يُرجعُ ما |
زال، أو ينفع من قد يستكينْ |
نحن في الدنيا خيال تائهٌ |
يتهادى بين أمواج السنينْ |
بينما المرءُ شموخٌ أنفه، |
إذ به في حفرة صغرى دفينْ |
لا يرى فيها سوى أعماله |
لا عتادٌ؛ لا نصيرٌ، لا خدينْ! . |
* * * |
ولقد كنتُ لك الإِلفَ وليسَ لعامَينِ.. ولكنْ أربعينْ! |
كنت فيها الصابر الثَّبْتَ الذي |
بسوى خالقه لا يستعينْ |
في صفاتٍ لو برسم صُورت |
كانت الصورة للحرِّ الرصينْ |
كم تلقَّينا بصبرٍ وتقىً |
وثباتٍ طعنات الغادرينْ |
لم نكن نأسى لغدر الأبعديْن، |
مثلما نأسى لطعن الأقربينْ! |
* * * |
أنا لا أستنكر الحزن، ولا |
أمقتُ الدمع، ولا بَوح الأنينْ |
فأنا ابن الحزنِ في محرابه |
سفحتْ أجفاني الدمع السَّخينْ! |
لكن الصبر ملاذٌ للفتى |
ولأنتَ اليوم بالصبر قمينْ |
ولها الرحمة من بارئها، |
ولكَ الله نصيرٌ ومعينْ. |