شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
460- يا مُزنة الرَّحمات
[في اليوم الذي انتهى فيه الشاعر من نظم قصيدته "حداء بلا قافلة" الثلاثاء 12 صفر 1397هـ/ 21 فبراير 1977م، وعندما كان يكتب آخر سطورها: "ويقيني درعي، وصبْري تُرسي"، تلقَّى مكالمة تلفونية من صنعاء تعزيه بوفاةِ والدته وأستاذته الكبرى السيدة أمة الله، ابنة أحمد الشامي، تغشاها الله بواسع رحمته.. ولم يتمكن من السفر لتشييع جنازتها، فقال يبكيها، وكانت قد جاوزت الثمانين]:
لا بالدُّموع، ولا البيان المحكمَِ
ِأرثيكِ يا أمّي؛ ولكنْ بالدمِ
والشعرُ قد مزقتُ كلَّ عروضهِ
والدَّمعُ جفَّ بحرقتي وتندُّمي
لمْ يبقِ منّي الحزنُ إلاَّ حسرةً
خرساء؛ أو أنَّات ثكْل أبكمِ
وعلى القوافي منْ شواظِ تلهُّفي
لهبٌ تحدَّرَ من سعير جهنَّمِ
والدمعُ يجأَرُ في جفوني قانياً
"كدم الحسين" على هلال مُحرمِ
عن لوعةِ الفجر الشهيدِ أصعدُ
الزَّفرات ظاميةً إلى الشَّفق الظميِ
أخبارُ يتمي، أو همومُ طفولتي
أو شعرُ أحلامي، وقصة مأتمي
و"الامُّ" تحكي في ثيابِ حِدادها
حسرات "آمنةٍ" وقصةَ "مريمِ"
تروي المآسي؛ ثاكلاً عن ثاكلٍ
متسلسلاتٍ؛ أيما عن أيَّمِ
والموقدُ المحمومُ يصغي، واللظى
ينماعُ حزناً للحديثِ المؤلِمِ
والليلُ يرجفُ رحمةً، ويكادُ أنْ
ينهارَ، لولا جبذه بالأنجمِ
ومشاعرُ الأحرارِ تذكي مهجتي
وتفحُّ في خلدي، وتهدرُ في دمي
* * *
ستظلُّ للهفاتِ في دعواتها
ذكرَى تهمهمُ في اليراعِ وفي الفمِ
تستصرخ الرحمات في شعري وتسْــ
ـتذْري دموعَ تحسُّري وتألمي
والشِّعر إنْ طغتِ العوادي ملجأُ
آوي إليه؛ وبالقوافي أحتمي
إن جفَّ دمعي، كان موردَ حرقتي
أو عيلَ صبري؛ كان ثَغْر تبسُّمي
ولقد هصرت الحادثات تعمداً
وبرزْت للأهوالِ غير ملثمِ
* * *
ما لي وللأمسِ البعيد، وفي غدي
قد ضاعَ يومي حائراً لمْ يفهمِ؟
سخطتهُ ساعاتُ النهار، وأجفلتْ
جنحُ الليالي مِنْ أساهُ المعتمِ
لولا بقايا النور تنبضُ بالسَّنا
فيلوحُ برهانُ الجلالِ الأعظمِ
لهلكت، وانصعق اليقينُ وأدلجتْ
شبهاتُ يأسي في الخضمِ المظلمِ
يا مزنةَ الرحماتِ طوفي بالحمَى
وقفي على القبر الحبيبِ وسلِّمي
في جوفِهِ حبّي؛ وفي أحشائهِ
ِديني، وفيهِ جنتي، وتنعُّمي
قولي له: هذي النطافُ نزفتُها
من عينهِ لما بكى في "المأتمِ"
عزاهُ "إخوانُ الصَّفا" وأرادَ
شكراناً فأجهشَ كالبليغِ المفحمِ.
عاصاه -وهو أبو الكَلام- بيانُهُ
ُفهذي، وتمتمَ كالأصمِّ الأعجمِ
فاذري دموعي فوقهُ، وصفي لَهُ
حُزني عليهِ، وحسرتي، وتندمي
بروملي: 17 صفر 1397هـ
6 فبراير 1977م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :394  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 488 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.