شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
203- دمعـة اعتـراف
[على السيِّدة الفاضلة حورية بنت محمد المتوكل حرم الإِمام يحيى بن محمد حميد الدين؛ وقد انتقلـت إلى رحمـة الله في بيروت ونُقل، جثمانها إلى "صنعا" في شهر جـمادى الأولى سنة 1391هـ/ 1971م]:
ألوذ بالصَّبر من حزني ومـن تعـبي
وأستجير به من وحشـة الكـربِ
ما زلت أخبط في قفر الحياة، ولـم
أظفر بمطَّلبٍ، أقضي به أربي
مـوزَّع الهـمّ مفـؤوداً أعلِّل مـا
أبقى لي الدهر بالأحـلام والكـذبِ
قد علَّمتـني الليالـي كـلَّ نائبـةٍ
حتى غدوتُ "عميد" البؤس والنَّوبِ؟
* * *
واليوم أُفْجَعُ في أهلي – وقد فجعوا
كما فجعتُ – ببنت السادة النجبِ
بنت "البتول" التي ما إن عرفت لهـا
قرينةً من نسـاء العجـم والعـرب
لو أن في الخلق من لم يأت مَنْقَصَـةً
كانت هي المثل الأعلـى بلا ريـبِ
* * *
كانت تقول بأن الخلـد موطنهـا،
ودينها خير مـورثٍ ومكْتَسـبِ (1)
كانت ملاذاً لمن جلَّـت مصيبتُـه،
ومستجاراً لذي خـوفٍ ومرتعِـبِ
في القصر والكوخ، في البلوى تمارسها
مثل النعيم، بلا عُجْـبٍ ولا رَهَـبِ
الله نورٌ لها في كلِّ داجيةٍ،
واللهُ حارسها من وحشـةِ الغلَـبِ
أكرم بها في رحاب الخلـد راضيـة
مرضيَّةً دونمـا خـوفٍ ولا تعـبِ
* * *
"تسعون عاماً" مع الأحداث قد عبرتْ
أهوالُها، سحبٌ تطغى على سحُبِ،
"تسعون عاماً" من الآلام قد زحفت
أحزانها؛ لهـبٌ داجٍ علـى لهـبِ،
"تسعون عاماً" وما تنجاب معركـةٌ
إلاَّ ومعركةٌ أخـرى علـى كثَـبِ
وروحها بيقين الحقِّ مدَّرعٌ..
وقلبها للرَّزايـا غـير مضطـربِ.
حياتها؛ صحفٌ تترى مطهَّرةٌ
تتلى بها سـورُ الإِخـلاص والأدبِ
"تسعون عاماً" وذكـر الله في فمهـا
تنفي به وحشـة الآلام والوَصَـبِ
كانت لأحبابها كنزاً ومُدَّخراً
أغلا من الجاه والأمـوال والنشـبِ
* * *
لولا اتِّقائي لما يرتاؤه نفَرٌ
لم يعرفوا الفرق بين الجد واللَّعـبِ؛
ترجمتُ تاريخها شعراً يرتلُه
من يحسب الشعر –أحياناً- من القُرَبِ
وضرَّج القلـب أنغامـي بأدمعـهِ،
وأحرق الحزن شعري في لظى حَرَبي،
قد كـان تاريخهـا تاريـخ أمتِهـا
مع "الشراكس" و"الأتراك" و"العربِ"؛
* * *
أمثولة المجد مـن علـم وتضحيـةٍ،
ومن جهادٍ، ومن شعر، ومن حسبِ
لكن من عبثوا بالمجد، وانصرفـوا..
سَيُتركون ليوم الحشـر في الطلـَبِ
ما في "تقاليدنـا" هـزؤٌ ولا لعـبٌ
وكلُّ تاريخنـا للسيـفِ والكتـبِ
* * *
كيف السبيل إلى درب الخلاص وقد
أضحت ذخائرنـا نهبـاً لمُنْتهِـبِ؟
أستغفر الله رغم الأنف قد هـدرت
"شقاشقٌ" دونما قصدٍ ولا أربِ
لكنَّه الحـق عِـرض الله إن عبثـت
به يـدٌ هلكـت في شـر منقلـبِ
طوفانه لم يجامـل "نـوح" في ولـدٍ
وتبَّ حين بغى الطاغي "أبو لهـبِ"؟
* * *
يا من قضت نحبها؛ والـدار نائيـةٌ
فأحرزت أجـر مظلـوم ومغتـربِ
الله أولاكِ ما أولى أحبَّتَه..
من الكرامة، والإيمان والأدبِ
فعشتِ عازفـةً عـن كـل مُغريـةٍ
تعنين بالخير والإِحسـان والقُـربِ
إلى النعيم، إلى الفـردوس فانتقلـي
يا أخت خير أخ؛ يا بنت خـير أبِ.
بيروت: جمادى الأولى1391هـ
يوليو1971م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :347  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 228 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج