شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
31- المعَرِّي
عاشَ في هذه الحياة غريباً
ثائر الهمِّ والفؤاد كئيباً
يلمحُ الأرض والسماء بقلب
عبقري، فيسْتَشِفُّ الغيوبا
خفقَ الكونُ فيه فالنازح النازح
عنْه أضحى قريباً قريبا
كرَّمَ الله طرفَهُ لم يشِمْ شيئاً ولا منظراً شويها مُريبا
ما جنينا من العيون بهذا الكون شيئاً، إلاَّ البلاء الرَّهيبا
كل يوم نرى المآسيَ ألْواناً ونستعرض الشقاء ضروبا
* * *
أيُّها العبقري نَمْ مطمئن النَّفْسِ واترك لنا الأسى والريوبا
أو لا تستعيد ذكرى حياةٍ
كنْتَ فيها معذَّباً مكروبا
كنت تُزْجي للنَّاس لحناً فلا
تسمَعُ منهم إلاَّ زئيراً مهيبا
هكذا نحنُ أسوةً بك نلقى
كلَّ ما يجرح النهي والقلوبا
* * *
عالم الشرّ لا يزال كما تَعْرِف
بل زاد وحشةً وخطوبا
والقويّ الغشوم يصرع من كان
ضعيفاً، ويسحق المغلوبا.
والحضارات لم تهذِّب لأهل الأرض
إلاَّ المؤكولَ.. والمشروبا..
* * *
كنتَ تدعو إلى العدالةِ والنَّا
س حيارى يُمجِّدون العيوبا
لا يُطيقون الحكم غير امتهان
ويُسيغُون العسْفَ والتخريبا
وتراهم يقبِّلون أكفّا
لُطِّخَتْ من دمائِهِمْ تعذيبا
ويوالُونَ م يصبُّ عليهم
سوط أطماعه عذاباً رهيبا
ويقولون، حمة الله شاءَتْ
وقضَتْ أَنْ يُصَلَّبوا تصليبا.
ويموتون في سبيل وُلاة
أرهقوهم، وعذبوهم ضروبا..!
* * *
أزعجت راحة "القياصر" آيات
بيان أتقنتها ترتيبا
كُنْتَ فيها تُفَنِّد الظلموالجهل
وقوماً يستعبدون الشعوبا
والذي يَشرب المدامةَ ليلاً
وصباحاً يُحَرِّم المشروبا!
وعُصاة يسْتقطِرون دم الأمَّةِ
خمراً، ويعشقون الذنوبا
أنْتَ لو لم تكنْ ضريراً لأعْدِمـ
ـت قتيلاً بالسَّيف أو مصلوباً
لم تُحرِّك لدرهَمٍ كفَّ ذلٍّ!
لمْ تُبَلْ ترغيباً ولا ترهيبا
عِشْتَ حرّاً في "المحبِسَيْنِ" تُبَكّي
عالماً بائساً، ودهراً عصيباً
عدن: 1364هـ/ 1945م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :274  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 53 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.