شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
22- دمعة على الثعالبي
[في 15ذي الحجة 1363هـ أقام "مخيم أبي الطيب" بعدن حفلة تأبين للزعيم المغربي المشهور السيد عبد العزيز الثعالبي التونسي، وألقى صاحب الديوان هذه القصيدة في ذلك المأتم]:
شمس مجدٍ غابتْ، وغاب سناها
أوحشَت أرضها وأبكت سماها
مُلِئتْ بعدها القلوب ظلاماً
ودهى بعدها النُّهى ما دهاها
فالعيون القرْحى تذوب دموعاً
وزفير الأنات يشوي الشفاها
* * *
"عدن" ما لها تضجّ وتبكي؟
أفزع الأرضَ والسماء بكاها
ما لزخارها غضوبٌ؟ وما للبيد
حرَّى؟ وما أصاب ذراها؟
وبنوها.. ماذا أصاب بنيها؟
فقدت رُشدَهَا وضلت نهاها
لا تَسلْها عن خطبها فكفاها
ما دهاها وحسبها ما شجاها
ربَّ ذكرى تثير في القلب آلا
ماً، وتذكي فيه جحيم أساها
* * *
ماتَ "عبد العزيز" من كان في
"تونس" أزهى آمالها ومناها
مات "عبد العزيز" يا ليته
عاشَ وماتَتْ زعانفٌ نأباها
أفيقضي من كان فذّاً وتبقى
عصبة محنة علينا بقاها
رب رحماك بالعروبة ضاعَتْ
بين أوباشها وبين عداها
* * *
يا عظيماً مضَى وخلف للتـ
ـاريخ مجداً بنبله نتباهى
فقدتْ فيه "تونس" سيفها
الفذ وصنديد غابها وحماها
فهي من بعده تضجّ وتبكي
مثلما تندب الصغار أباها
لك في هذه "الجزيرة" آثارُ
جهادٍ هيهات أن تنساها
"عدن" للوفاء دار وفيها
شهب يبهر الزَّمان سناها
حفظَتْ عهدك المكين وصانت
ذمةً كنت بالوفا ترعاها
* * *
إيه يا "تونس" العزيزة
آلامك في ربعنا تؤجّ لظاها
لستِ بالحامل المصاب وحيداً
كل شعب بالخطب حار وتاها
تعسَتْ أمة تضيّع آثار
صناديد غابها وحماها
لا ترى للأبطال حقّاً وإن
ماتوا ضحايا فخارها وعلاها
كم عظيم قضَى ولم يلق.. تقديراً لأعماله، ولا حَازَ جاها
أمة لا تقدس البطولة لا تبقى
وحتم بأن تُلاقي فناها
* * *
لبست بعدك السواد شعوب
كنت "عبد العزيز" نور هداها
كنْتَ نعم الطبيب للأمة الفُصحى
تداوي جراحها وأساها
كنت تبني لها فخاراً ومجداً
كنت في كلّ محنة ترعاها
طالما صحت بالعروبة تستـ
ـنهض آمالها وتحيي مناها
تربط "الشَّام" و"العراق" "بمصرٍ"
و"بصنعا" تشدُّ "نجداً" أخاها
* * *
غبْ كما غابت الشموس فقد
خلدت مجداً ومحتداً لا يضاها
وإذا ما لقيت سيد "عدنان"
فحدث عن "يعرب" وشقاها
قل له: أمة العروبة ضاعَت
بعد ما ضاع دينها وعلاها
وبنو "يعرب" أقاموا على الضيمِ
وسادتْ على البلاد عداها
سيمت الخسف فارتضتهُ مع الجهل
وغطت موهونةً في كراها
و"فلسطين" في فم "الذئب" تشكو
ما صَغَتْ أمة إلى شكواها
جزّعتها الخطب كأساً مريراً
وسقاها زمانها ما سقاها
لو رآها الرَّسول في الذل والـ
ـبؤس بكى رحمةً لها، ورثاها
* * *
آه أين الأبطال من أمة "الضا
د" وأين الأسود تحمي حماها؟
أين "قحطان"؟ سامح الله "قحـ
ـطان" فقد خالَفتْ سبيل هداها..
أين "عدنان"؟ ضيّعتْ بنت "عدنا
ن" فحارَتْ على الشفاه لغاها.!
لغة حُرَّة أطلت على الدنيا
زماناً فأشرقَت لا بتاها
ثم ولتْ ولا رعى الله قوماً
جرَّعوها جهلاً كؤوس فناها
خفتت يعد أن دوَتْ في البرايا
يملأ الأرض والسماء صداها..
* * *
إيه نفسي ذوبي دموعاً وشعراً
واندبي شمس "يعرب" وضحاها
كم قلوب ذابتْ قريضاً وكم سا
لَتْ نفوس من الجفون مياها
لغة الحزن ليس تَرضى سوى
الشعر لساناً لبؤسها وشقاها
ودموعي أغلى من اللؤلؤ الرطـ
ـب، وأسمى شأناً، وأرفع جاها
عدن: 1363هـ/ 1944م
 
طباعة

تعليق

 القراءات :327  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 44 من 639
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.