شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أشرقت بسبحات وجهه أنوار السموات والأرض، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آل بيته الكرام الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين.
الأساتذة الأفاضل.. الأخوان الأكارم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يطيب لي أن أرحب بكم أجمل ترحيب بعد انقطاع حظينا فيه بعيد الأضحى المبارك، سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يعيده عليكم وعلى المسلمين باليمن والبركة والنصر المؤزر، ومكرراً التهنئة بالعام الهجري الجديد، جعله الله عام خير وبركة، ويسعدني أن نلتقي اليوم لنحتفي بعلم كبير عمَّ صيته الآفاق أنجز الكثير من جلائل الأعمال التي أضحت مشاريع عطاء في سلسلة إبداعاته المتنوعة، كما أنشأ مدرسته الفكرية التي ارتبطت باسمه، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بمعالي أستاذنا الكبير الشريف السيد الأستاذ الدكتور عبد الهادي بوطالب، الذي تجشم مشاق السفر من المغرب الشقيق ليمتعنا بصحبته الماجدة ويشرفنا بالاحتفاء به وتوثيق مسيرته والاستفادة من سابغ علمه وجليل فضله، وقبل أن أسترسل مع منظومة الحركة الفاعلة التي أطلقها معالي ضيفنا الكبير أتوقف مترحماً على أخ عزيز وصديق كبير أحزننا فراقه فكم طابت أوقاتنا بلقاء معالي الأستاذ يوسف الشيراوي الذي شرُفَت الاثنينية بتكريمه بتاريخ 25/11/1418هـ - الموافق 23/3/1998م، فهو من أعلام مملكة البحرين كما تعلمون الذي عمل في سلك التعليم ودائرة التنمية، والخدمات الهندسية، ثم وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء بالوكالة، ثم وزيراً للصناعة في مملكة البحرين الشقيقة، فقد كان -رحمه الله- رمزاً من رموز الثقافة والفكر، الواعي لمتطلبات مختلف المراحل التي عاشها وشارك فيها بكل ما أوتي من عزيمة وإصرار، على المضي في طريق التقدم والازدهار، فوظف علمه وكرَّس جهوده وأوقاته لخدمة أهدافه السامية المتطلعة دوماً إلى غدٍ مشرق ينتظر العالمين العربي والإسلامي، - رحمه الله - رحمة الأبرار وأسكنه فسيح جنانه مع الصديقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقاً، وألهم مملكة البحرين حكومة وشعباً الصبر على مصابهم الذي آلمنا جميعاً.
إن المتتبع لمسيرة معالي ضيفنا الكريم يُكبِرُ فيه الروح العلمية التي صحبته، من بيت كله علم وفضل، فآل بوطالب قد شهدت لهم مشاعل العلم في مدينة فاس منذ تأسيسها ومنها امتد سنا أنوارهم في كل الاتجاهات، ليشمل السياسة والجهاد في سبيل تحرير الأرض وبسط العدل وحمل راية الأمن في أجزاء واسعة من ربوع بلاده، ومن تلك الأرومة التي تنضح بالعز كان طبيعياً أن يشق أحد أبناءها طريقه نحو جامعة القرويين التي تعلمون مكانتها العلمية والتاريخية، فركض معالي ضيفنا الكبير في حلقات تلك الجامعة العريقة، واستطاع بنبوغه المبكر أن يطوي سنواتها سريعاً ويحظى بلقب عالمٍ وفق ما اقتضاه النظام الأكاديمي في ذلك العهد، ومن حاضنة النور شبَّ الفتى يجرع الدنيا بعينين تلمعان ذكاءً، وتشعان رغبةً في مزيدٍ من التحصيل العلمي، فكان له ما أراد برعاية ملكية سامية، حيث وافق العاهل المغربي الراحل محمد الخامس - رحمه الله - على نقله إلى عاصمة ملكه، ليصبح أستاذاً في المدرسة المولوية، وأحد أساتذة جلالة الملك الراحل الحسن الثاني - طيب الله ثراه - الذي كان ولياً للعهد آنذاك، وفي بلاطٍ ورف بحب العلم والعلماء انطلق ضيفنا الكبير في بيئة صالحة ومواتية نحو آفاق أرحب فكان إتقان اللغة الفرنسية هدفه الأقرب، وبعد إجادتها والإبداع في فنونها وآدابها انصرف نحو اللغة الإنجليزية فأصبح طوع بنانه ولسانه، وبالتالي فتحت له حضارتا الشرق والغرب أبوابهما على مصراعيهما فنهل من كنوز المعرفة بشغف وحب، امتدت جذوره إلى أعماق تاريخ أسرته النجيبة، وهكذا تسلح معاليه ليشق طريقه في دنيا السياسة والفكر والثقافة، بما أصبح مدرسة يشار إليها بالبنان وسط التيارات الفكرية المختلفة.
ومما لا شك فيه أن المسيرة العملية التي قطع معالي ضيفنا الكبير في مختلف مراحل حياته تنبأ بنبوغ فطري ومواهب متعددة صقلها بثقافة واسعة استقاها بصبر وأناة من مصادرها الأصلية، مما أكسبه مرونة بالغة بالمقارنة والمفاضلة بين المدارس الفكرية والمذاهب السياسية والإبداعات الأدبية، ليتمثل كل ذلك ويهضمه بعقلية جبارة ثم يستخلص تجربته الخاصة التي يخضعها دائماً وأبداً للفكر الإسلامي المستنير، فكان بحمد الله وتوفيقه من أبرز مشاعل التنوير في وقتنا الراهن، إن تقلب معالي ضيفنا الكبير في عدد مهم من الوظائف الرسمية التي أبحر خلالها محفوفاً بحب كل من عرفوه سواء في المناصب الوزارية ومنها: تسلمه وزارة الشغل والشؤون الاجتماعية، ووزارة الإعلام والشبيبة والرياضة، ووزيراً للصحراء لموريتانيا، ووزيراً منتدباً لدى الوزير الأول، والناطق باسم الحكومة أمام البرلمان، ثم وزيراً للعدل.. فوزيراً للتربية الوطنية، ثم وزيراً للخارجية.. فرئيساً لمجلس النواب، كما شَرُفَ بتمثيل بلاده سفيراً في كل من دمشق.. واشنطن.. والمكسيك ثم مستشاراً لجلالة الملك إلى أن عمل أول مدير عام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، وخلال كل تلك الأعباء الجسام لم يبتعد قط عن كرسي القانون الدستوري والمؤسسات السياسية لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة محمد الخامس.
ومن استعراض هذه المحطات الكبيرة في حياة ضيفنا الكبير نقف إجلالاً أمام أعماله الفكرية المتمثلة في مؤلفاته القيمة التي تربو على خمسين كتاباً صدر بعضها باللغة الفرنسية.. والقادم أحلى وأجمل إن شاء الله، وأحسب أن البشرى جاءت في سياق المقدمة التي وضعها ضيفنا الكريم لكتابه القيم "من قضايا الإسلام المعاصر"، الذي عالج من خلاله عدة مسائل هي: التطرف الديني، الإسلام والسلطتان الزمنية والروحية، من يملك الحكم والسلطة في الإسلام؟ مؤسسة الاجتهاد ودورها في المجتمع الإسلامي الراهن، التقريب بين المذاهب الإسلامية وطرق التوفيق بينها.. حيث أشار في خاتمة مقدمته قائلاً: "وأنا أعتزم إصدار سلسلة كتب لمتابعة دراسة قضايا إسلامية مستجدة أخرى، مؤملين أن يجد قراؤها فيها ما يشفي غلتهم وما يغني الدراسات الإسلامية المتخصصة"، ويطيب لي أن أهنئ أستاذنا الكبير على هذا التوجه الخيِّر، والذي سوف يسد ثغرة ظاهرة في المكتبة العربية، فمع وجود كثير من كتب التراث التي عالجت مختلف شؤون الحياة إلا أن المستجدات قد ألقت بظلالها على تلك الدراسات وحالت بينها وبين التماس الحلول المباشرة لكثير من تساؤلاتنا المعاصرة، وإنني لعلى ثقة كبيرة بأن شخصاً في قيمة وقامة ضيفنا الكبير لقمين بإعادة اكتشاف تلك الكنوز ولتكون مرجعاً ومرتكزاً لكل دارس في هذه الشؤون التي أصبحت من صميم الهم العام، متمنياً لمعاليه كل التوفيق والسداد وبجانب هذا العمل الدؤوب لم يبخل أستاذنا العلامة الكبير على محبيه بمقال أسبوعي خص به جريدة "الشرق الأوسط" حيث يجد متابعوه إسهاماً مميزاً وطرحاً جاداً لا يدخر وسعاً من خلاله للتطرق إلى أهم القضايا التي تشغل العالم العربي الإسلامي وبالإضافة إلى ذلك لأستاذنا الجليل موقع على شبكة الإنترنت يمتاز بالثراء والوضوح وسهولة الإبحار مما يشكل إضاءة حقيقية لكل متطلع إلى تنويع مصادر ثقافته وللتواصل مع مبدعنا، فأستاذنا قد بذل جهوداً مقدرة لخدمة قضايا أمته فله كل التقدير والتجلة والاحترام ونسأل الله عز وجل أن يجعل ما قدم في ميزان حسناته، وأن يسدد خطاه لمزيد من العطاء في هذا المنعطف الذي تمر به هذه الأمة، وتتكالب عليها الأمم كما جاء في الحديث عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال: قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذٍ؟ قال: أنتم يومئذٍ كثير، ولكن تكونون غثاءً كغثاء السد ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في قلوبكم الوهن، قال: قلنا: وما الوهن؟ قال: حب الحياة وكراهية الموت"، جاء ذلك في مسند الإمام أحمد، ج5 ص278.
أرحب باسمكم جميعاً بمعالي ضيفنا الكبير متمنياً له إقامة طيبة بين أهله ومحبيه وعارفي فضله وعلى أمل أن نغترف رشفاً من شلالات عطائه، وديمة مزنه المدرار ثقافة وعلماً وأدباً وفكراً أصيلاً، سعيداً بأن يأتي هذا اللقاء ثمرة من ثمرات التوأمة التي باركها صاحب الجلالة العاهل المغربي، الملك محمد السادس، وعلى أمل الاستمرار لقاءاتنا لتكريم علم من أعلام المغرب الشقيق في كل موسم من مواسم الاثنينية إن شاء الله كما تعودنا. لقد هزني الشوق لضيفنا الكريم أن أبادر بالحضور فور انتهاء فعاليات الملتقى العربي للتربية والتعليم الذي رعته مؤسسة الفكر العربي ببيروت، مستأذناً جمعكم الكريم الانقطاع لفترة وجيزة لحضور اجتماع مجلس أمناء مؤسسة الفكر العربي بالرباط، ومن حسن الطالع أن تأتي اجتماعاتنا القادمة في بلدنا المضياف المغرب الشقيق مقر ضيفنا الكريم وهذا من ترتيب الحكيم العليم، فلم أعلم قبل توجيه الدعوة بمكان انعقاد الاجتماع القادم للمؤسسة، ولكن شاء الله أن يسعدنا بضيفنا مرتين، مرة في بلده المملكة العربية السعودية، ومرة أخرى إن شاء الله في دياره الحبيبة مما يسهم في تمكين العلاقات الأدبية بين المملكتين الشقيقتين وبطبيعة الحال فإن معاليه سيكون من كبار من تشرف بهم مؤسسة الفكر العربي لدى انعقاد اجتماعها الثالث بالرباط متطلعاً إلى استمرار برنامجنا بعد ذلك على وتيرته التي تعودنا عليها إن شاء الله بصحبتكم الكريمة.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
عريف الحفل: أيها السادة الحضور كما درجت الاثنينية في برنامجها ستعطى الكلمات لأصحاب السعادة المتحدثين، وأثناء ذلك نرجو التكرم بمن له سؤال أو استفسار لمعالي فارس الاثنينية بأن يبعثه إلينا، ونأمل أيضاً أن يكون سؤالاً واحداً حتى نترك الفرصة لأكبر عدد من هذه الوجوه الطيبة، يسرني الآن أن أحيل الميكروفون للأديب المعروف الأستاذ الدكتور عبد المحسن القحطاني عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بجدة ليلقي كلمته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1066  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 69 من 197
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج