شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((كلمة سعادة الأستاذ حسين بافقيه ))
بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يسعدني أن أتحدث في هذه الليلة عن الروائي الكبير إبراهيم الناصر الحميدان، الذي أتيحت لي فرصة جيدة أن أدرس عدداً من أعماله قبل عدة سنوات، يُعد إبراهيم الناصر الحميدان قيمة كبرى في مسيرة الأدب في المملكة، فعبر مسيرته الأدبية الطويلة ما زال يمسك بقلمه مصراً على أن يكون داعية تحديث ومؤسس رؤىً فنية لا تنفصل عن الهم الإنساني برجل الشارع العادي الملتحم بقضايا وطنية أو قومية، ومنذ ما يقرب من خمسين عاماً كان إبراهيم الناصر صوتاً جديداً في الحركة الأدبية في بلادنا، حيث كان وثلة من أبناء جيله الطليعة التي أصّرَت الفن السردي بعد مرحلة جيل الرواة، فكانت رواية "ثمن التضحية" لحامد دمنهوري، تعبيراً عن هموم الطبقة الوسطى وعلى الأخص فئات المثقفين الذين عايشوا القيم الليبرالية في مصر، في حين كانت رواية "ثقب في رداء الليل" ومن ثم روايتا "سفينة الضياع" و "عذراء المنفى" لإبراهيم الناصر الحميدان، تجلياً لعدد من الأفكار السياسية والاجتماعية التي كانت مهيمنة على الخريطة العربية في مرحلة السبعينيات من القرن الهجري المنصرم، والتي راجت في ثقافة المملكة وصحافتها آنذاك.
وكان إبراهيم الناصر عبر رواياته أحد المهمومين بتلك القضايا السياسية والقومية، وبخاصة في روايته "ثقب في رداء الليل"، التي تمثل في وجه من أوجهها صورة الانتقال من الصحراء بصمتها المطبق إلى المدينة بتعدد أفكارها وانفتاحها على الآخر، ومن الأسئلة البسيطة إلى الأسئلة الإنسانية الشائكة ذات الصلة بالحرية والنضال والعدالة الاجتماعية وقضايا العمال والانتصار للمرأة، وبقدر ما كان إبراهيم الناصر الحميدان وفياً لفنه حينما خرج برواياته المبكرة عن الوعظية، حين انتمت إلى تيار الرواية الواقعية فلقد كان كذلك وفياً لقضايا مجتمعه، إنه بمعنىً من المعاني من الأدباء المؤمنين بالتزام الأدب وتهديفه، استجابة لدواعٍ فنية جعلت من الأدب الملتزم آنذاك صورة للحداثة والتجديد وارتباطاً بقضايا مجتمعه في المملكة التي عايشت في تلك المرحة تحولات ثقافية واجتماعية واقتصادية، كان من ثمراتها دعوة عدد من الأدباء من بينهم إبراهيم الناصر إلى أن يلتحم الأدب بقضايا الواقع وأن يسيق سمعه إلى نبض الشارع في المدن والقرى والبلدات والهجر.
وبدا ذلك واضحاً في دعوة إبراهيم الناصر الحثيثة إلى ضرورة أن يكون للأدب في المملكة رسالة اجتماعية، حيث يقول في مقالة له مبكرة تحت عنوان "محاولة في تقييم إنتاجنا الأدبي" نُشرت في عالم 1379هـ، يقول: إن الأديب فناناً كان أم قاصاً مدعو إلى مشاركة مجتمعه مشاركة حقيقية، مدعو إلى النفاذ إلى قرارة مشاكل مجتمعه لكي يستطيع بأصالة ريشته أو قلمه استيعاب الواقع وبلورته بعمل خلاّق بدون تكلف أو تصنع، وعبر سنواته في الإبداع الروائي التي قاربت الخمسين فإن إبراهيم الناصر الحميدان ظل مخلصاً للسرد الروائي والقصصي، واللافت للنظر أن رواياته تغتني بالتحولات الاجتماعية والثقافية التي طرأت على المملكة، كما نجد ذلك في الحس العروبي والقومي المضمخ بقضايا وطنية وعمالية، في روايتي "ثقب في رداء الليل" و "سفينة الضياع"، أو الدور الجديد الذي حصلت عليه المرأة في مسيرتنا الوطنية، الذي تجلى في روايته "عذراء المنفى" وهذا ما يعطي أدبه دفقة فياضة ما كان لها أن تستمر عطاءً وقوة لولا إخلاص هذا الشيخ السبعيني لفنه وإبداعه، حين لم يغريه بريق الريالات إبّان سنوات الطفرة، ولا ولع البحث عن وظيفة باذخة في مؤسسات الدولة، أن يكون مخلصاً لأدبه قادراً على التكيف مع ضجيج العولمة ورياح التغيير، على الرغم من تشبثه بقيمه التي تطرز رحلته الأدبية الطويلة، وفياً للعروبة.. داعياً للعدالة الاجتماعية والحرية، مستبشراً بما حققته المرأة في بلادنا، وقد كان منذ بداياته الأولى أحد المطالبين الكبار بأن يكون لها دور في مسيرة العمل الوطني.. شكراً.
عريف الحفل: الكلمة الآن لسعادة الدكتور حسين علي حسين الكاتب المعروف.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :620  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.