شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الدكتور منصور الحازمي عضو مجلس الشورى ))
عضو مجلس الشورى"سابقاً" ترى أنت ما قلت سابقاً!!.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أنت باعتبارك أستاذ كبير وعضو في مجالس كثيرة (ضيعتنا).
الدكتور منصور الحازمي: على أي حال شكراً جزيلاً، وكنت أتمنى لو لم يتحدث الدكتور محمد عبده يماني، والدكتور منصور الخريجي، قبلي لأنهما أحرقا ما كنت سأقوله، وأما الخريجي فقد أحرق أشياء كثيرة، ما كنت أنوي أن أقولها ولن أقولها.
أقول كم مضى على معرفتي بالزميل الصديق الدكتور عزت خطاب؟ عُمرٌ لم أعد أذكره، ولكن أيام الصِّبا لا تنسى، صباه في المدينة وصباي في مكة، لعلى عرفته في السنة الأخيرة من صباه، أعني تلك السنة التي قضاها في مدرسة تحضير البعثات، وقضيتها في المعهد العلمي السعودي. ربما سمعته يلقي شيئاً في المسامرات الأدبية التي كانت تقام أسبوعياً بين المدرستين المتنافستين في سفح الجبل الأشم أبي قبيس، أو يشتري كتاباً أو مجلة من المكتبات الأثرية الجميلة في باب السلام، أو ربما لمحته وهو يمتصّ "الدندورما" أو يلتهم المقلية اليمانية في المسعى القديمة المكتظة بالسّاعين والمتسوقين والمتسكعين، ذلك العالم القديم لم نعد نذكره.
ولكننا انتقلنا فجأة إلى قاهرة المعز التي تحولت في خمسينيات القرن الماضي إلى قاهرة عبد الناصر، ونحن قد تحولنا أيضاً من جرول والقشاشية وجبل هندي إلى شارع المساحة وميدان عبد المنعم بالدقي، كنا لا نرى الأشجار والمياه والطيور إلا إذا رحلنا إليها في بعض الوديان، أما الآن فهي تحيط بنا من كل جانب، وأصبنا بالدهشة من كل ما رأينا، ولا سيما شارع فؤاد وما يحويه من سينمات ومسارح وأسواق وأزياء وعطور وأضواء، -لا أريد أن أقول أكثر من هذا- وقضينا عامين كاملين في دار البعثات بجانب أستاذنا الجليل عبد الله عبد الجبار ثم الأستاذ أحمد المانع، أما عزت خطاب فلم أعثر له على أثر، ربما ذهب مع صديقه القديم منصور الخريجي، وقد علمت أنهما التحقا بالقسم الأرستقراطي الشهير بآداب القاهرة –قسم اللغة الإنجليزية- أما نحن الشعبين المتواضعين من المعهدين فليس أمامنا سوى قسم اللغة العربية وألفية ابن مالك مرة أخرى.
ومرت سنوات القاهرة كلمح البصر، بما فيها من متع ذهنية وعاطفية وكوابيس الحرب الثُلاثية على مصر سنة 1956م، وعدنا جميعاً إلى الوطن ما عدا القلة من المتسكعين والمترفين، وعُيّنتُ بجدة، أما عزت خطاب وزميله رضا عبيد فقد عُيِّنا في عام تخرجهما سنة 1378هـ – 1958م، معيدين بجامعة الملك سعود، الأول أي عزت خطاب في كلية الآداب –قسم اللغة الإنجليزية- والثاني في كلية العلوم، فكانا بذلك أول معيدين بالجامعة الوليدة، مما حدا بآخرين أن يحذو حذوهما من غير سابق اتفاق، لقد وجدت أمامي بجامعة الملك سعود في العام التالي كلاً من الأخوة: محمد الشامخ معيداً بكلية الآداب – قسم اللغة العربية، ومنصور الخريجي معيداً بقسم اللغة الإنجليزية، ومحمد أبا السمح معيداً بكلية التجارة، فكنا بذلك الدفعة الثانية من المعيدين بالجامعة فجزى الله من دلنا على الطريق خير الجزاء.
وتمر سنوات طويلة على ابتعاثنا للحصول على الماجستير والدكتوراه من بريطانيا والولايات المتحدة، ونعود أخيراً في أواخر الثمانينيات الهجرية، الستينيات الميلادية بالشهادات وببعض الشيب والأطفال إلى الوطن. ولكن لم يعد إلى قسم اللغة الإنجليزية سوى عزت خطاب ومنصور الخريجي، أما قسم اللغة العربية فقد ازدحمت قاعاته بالعائدين مما اضطر زميلنا الدكتور عبد الرحمن الأنصاري إلى الهروب إلى قسم التاريخ، لقد كنا في قمة الحماسة والتوهج والتفاؤل فأعددنا الخطط للمشاريع العلمية والثقافية وسعينا إلى السعودة التي تقتضي الإطاحة بالرؤوس الكبيرة والمتنفذة من المتعاقدين، وكان أستاذنا الكبير المرحوم عزة النص أول الضحايا فأزحناه عن عمادة كلية الآداب التي قضى فيها زمناً طويلاً، ونصبّنا مكانه الأنصاري، ثم أطحنا بالعالم الشهير المرحوم الأستاذ الدكتور مهدي المخزومي ونصبّنا مكانه الشاب الدكتور أحمد بن محمد الضبيب في رئاسة قسم اللغة العربية، والغريب أن يتولى عمادة الآداب عزتان، أحدهما بالتاء المربوطة والثاني بالتاء المفتوحة، ولكنهما كانا والحق يقال من أفضل عُمدائها علماً وخلقاً وكياسة، ومع ذلك فقد نسينا ونحن في ذروة انهماكنا في السعودة أن المناصب القيادية في الجامعة هي في أساسها مناصب أكاديمية وليست مناصب إدارية، أما وزارة الدكاترة في سبعينيات الطفرة فقد أثبتت كفاءة الأكاديميين فيما يوكل إليهم أحياناً من أعمال كبيرة، كما نفت عنهم في الوقت نفسه ما يتهمون به غالباً من ثقل الدم والانطوائية والعزلة.
وأخيراً، فما الذي يبقى في النهاية للأكاديميين الأقحاح سوى ما خلفوه وراءهم من بحوث وأعمال علمية، ولا شك أن ما أنتجه الدكتور عزت خطاب –وهو من الأكاديمين الأقحاح- في مجال تخصصه في الأدب الإنجليزي أو الأدب المقارن يتميز بالعمق والأصالة، وهو قد شارك أيضاً فيما كان يكتبه في صحيفة الرياض وبعض الصحف والمجلات الأخرى في إلقاء الضوء على بعض الظواهر اللافتة في الأدب العربي الحديث، كما نرى ذلك في كتابيْ (ملامح وصور شعرية)، و (قراءة ثانية)، فقد تحدث على سبيل المثال: عن ظاهرة استخدام الأسطورة في الشعر العربي الحديث، والبعد الصوفي في شعر نازك الملائكة ومحمد هاشم رشيد وصلاح عبد الصبور، والذاتية الدرامية في أيام السباعي، والدكتور عزت خطاب إلى جانب ذلك كله شاعر رقيق –كما قال منصور الخريجي- بعيد الأغوار، ولكن شيطانه إنجليزي يهوى وقمم الثلوج، فمتى يا ترى يعود إلى وادي عبقر وكثبان الدهناء؟ ولا أظنه يعود.
أُهنئ الصديق عزت خطاب على هذا التكريم الذي يستحقه منذ زمن طويل، كما أُهنئ أخي عبد المقصود على مبادرته الرائعة، وهو يظل دوماً صاحب المبادرات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: وأنقل الميكروفون إلى سعادة الأستاذ الدكتور أحمد خالد البدلي الأستاذ بكلية الآداب جامعة الملك سعود.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :641  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 147
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج