شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عريف الحفل: شكراً لمعالي الضيف الدكتور أكمل الدين إحسان أوغلو، وتواصلاً مع معاليه جاء دور الأسئلة التي يجيب عنها مشكوراً.
هذا السؤال من الأستاذ علي المنقري، هل هناك أرشيف توثيقي لكل الآثار والمخطوطات التي سُرقت من العالم الإسلامي؟ وهل من ضمن مهام المركز استرداد هذا التراث وكيف؟
 
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أعتقد أن هذا السؤال حيوي ومهم جداً، المسروقات من العالم الإسلامي سواء كانت من الآثار المعمارية الكبيرة، أنهم حملوا معابد وفكوا بيوتاً وأخذوها إلى هذه الدرجة، بالإضافة إلى ما حمل من مخطوطات ثمينة على مر القرون وأشياء فنية وما إلى ذلك، هذه إما أنها في دُور عامة كالمتاحف والمكتبات، أو أنها في مجموعات خاصة لدى محبي هذه الفنون، وأعتقد أنه يمكننا أن نعرف أصول هذا التراث الذي خرج من بلادهم، وهناك اتفاقية دولية تمت في إطار اليونسكو تحدد هذا الموضوع، وهناك محاولات ناجحة تمت في استرداد بعض هذه الآثار، في كثير من بلداننا، المجال يضيق الآن عن ذكر ذلك، فهناك مجموعات رجعت من المتاحف الأوروبية والأمريكية إلى بلادنا كانت مسروقة.
بطبيعة الحال لا بد من إثبات هذا الأمر أن هذا الشيء كان مأخوذاً، كان في مكان عامّ يخص البلد وعائد للبلد وأنه ليس مشترى بصورة شخصية أو أنه مأخوذ بطريقة شرعية، وهناك اتفاقية دولية تنظم ذلك.
عريف الحفل: السؤال الثاني: من الأستاذ أشرف السيد سالم:
هل الثقافة الإسلامية المؤسسة على التراث الفني في التاريخ المشترك لهذه الأمة، هل هي مؤهلة لكي تلعب دوراً في توحيد شتات الأمة على اختلاف لغاتها وأعراقها، وكيف السبيل إلى ذلك؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أشكر السائل الكريم على هذا السؤال، وأعتقد أن هذا السؤال هام وحيوي، ولا أرى أن هناك ما يجمع هذه الأمة أكثر من تراثها، وفنونها وحضارتها، وأعتقد أن الجهد الذي نقوم به نحن في مركز استنبول "ارسيكا" في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي إنما في الواقع المركز له هدفان: الهدف الأول: هو جمع الشتات، بمعنى أن تعريف الشعوب الإسلامية ببعضها الآخر بتراثها وبلغاتها وبآدابها وفنونها بصورة مباشرة، بمعنى أن ننقل هذا التراث إلى اللغة الأخرى التي يعرفها الشعب الآخر، لأننا لا نستطيع أن نجعل العربي يقرأ التركية، أو الفارسي يقرأ اللغة الأوردية وما إلى ذلك، لا بد أن يكون هذا باللغة التي يفهمها هو، أو يتكلمها هو، فنحن نقوم بهذا، ونحن وجدنا من خلال هذه التجربة أن الفجوة بين المثقفين تنحصر وتصغر عندما يستطيعون أن يصلوا إلى المعلومات الموثقة علمياً والتي تكتب بطريقة علمية موضوعية وليس بطريقة الخطابية الرنانة، وليس بالأسلوب الذي أصبحت الآن شعوبنا ومثقفينا لا يقبلونه.
 
المنهج العلمي هو الأساس في هذا، أنا أعتقد أن هذا هو الجانب الثقافي هو الأساسي ويتلوه الجانب الاقتصادي، إذا استطعنا أن نعمل على المستوى الثقافي والاقتصادي فسيأتي التقارب على المستوى الآخر الأعلى وهو السياسي الذي تحكمه عوامل عديدة ونحن كلنا نعاني من هذه العوامل العديدة المهيمنة، فأنا أعتقد أن المستوى الثقافي هو المستوى الأساسي في تحقيق التقارب بين المفكرين الإسلاميين.. أو توحيد الشتات بين المثقفين وبعد ذلك، بعد تحقيق هذا التقارب على مستوى المثقفين يأتي التقارب على المستوى الآخر، وهو مستوى الجماهير، وهذا لا يأتي إلى عن طريق وسائل الإعلام لأننا إذا خلقنا فهماً مشتركاً على أساس علمي بين طبقات المثقفين يمكن أن ينتقل هذا من طبقات المثقفين إلى طبقات المجموع العام عن طريق الإعلام.
عريف الحفل: الأستاذ غياث عبد الباقي يقول:
تابعت منذ فترة نشرات إدارتكم المركز واطلعت على نشاطاتكم المتنوعة كالندوات والمعارض والمؤتمرات وغيرها في العديد من الدول، ولكن الملاحظ استثناء المملكة العربية السعودية، وقد تكون ملاحظتي على خطأ فأرجو التصويب ولكم الشكر.
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أشكركم، أنا في الواقع مندهش على هذا السؤال لأننا نعتز جداً بمكانة المملكة العربية السعودية في نشاطنا، ومن بيننا على هذه المائدة عضو من الأعضاء المؤسسين في مجلس إدارة المركز وهو الدكتور سامي عنقاوي الذي كان يمثل المملكة العربية في مجلس إدارة المركز في السنين الأولى لتأسيسه، وأعتقد أن بعض ما أشرت إليه من نشاط هو يتعلق بالمملكة العربية السعودية، ونحن قمنا بنشاطات عديدة مع مؤسسات علمية كثيرة، حقيقةً لم نقم بندوة هنا ولكننا قمنا بنشاطات أخرى، ونتمنى أن نقيم ندوة هنا أو ندوات وبالتعاون مع المؤسسات الأكاديمية والجامعات وما إلى ذلك، وأنا في هذا الصدد أحب أن أنوه بالدور الأساسي الذي تقوم به حكومة المملكة العربية السعودية في دعم مركزنا، ولولا دعم المملكة العربية السعودية لنشاطنا ولكل الفعاليات التي يقوم بها المركز لما كان لنا أن نقوم بمثل هذا الامتداد الأفقي والامتداد العمودي في نشاطاتنا، فأشكر للسائل إعطائي هذه الفرصة لأُنَوّه بدور المملكة العربية السعودية، وفي الوقت نفسه لأدعو المنظمات والمؤسسات العلمية هنا إلى المزيد من التعاون مع مركزنا.
عريف الحفل: الأستاذ سعد سليمان محمد يقول:
كيف يمكن المحافظة على فن الخط العربي كقيمة جمالية إسلامية فريدة على ضوء الاعتماد المتزايد على الكمبيوتر الذي يؤدي معظم الخطوط بدرجات متفاوتة من الجمال والإتقان؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أيضاً أنا سعدت بهذا السؤال لأنني تخطيت في غمرة الانفعال بهذه المشاعر الغامرة، موضوعاً أثيراً إلى نفسي وموضوعاً له حظ الأسد من نشاطنا، ألا وهو فن الخط العربي، الواقع أنني أستطيع أن أقول بكل موضوعية إن مركز "إرسيكا" أصبح الآن هو مركز التفوق في فن الخط العربي في كل أنحاء العالم، وأستطيع أن أقول بكل موضوعية إن النشاط الذي قام به المركز منذ اثنين وعشرين عاماً في فن الخط غيّر مكانة الخط العربي، وقد تم هذا بخطةٍ مدروسةٍ علميةٍ طويلة المدى عمودها المسابقات الدولية، المركز يقوم في كل ثلاث سنوات بعمل مسابقة دولية في فن الخط وكل مسابقة تسمى باسم أحد رواد الخط، المسابقة الأولى كانت باسم المرحوم حامد الآمدي، أو حامد آي تتش، آخر كبير الخطاطين الأتراك، الذي كان أستاذاً لأجيال من الخطاطين، ثم جاءت المسابقة الثانية باسم ابن بواب ثم باسم ياقوت المستعصمي، ثم باسم الشيخ حمد الله، والمسابقة الأخيرة التي انتهت العام الماضي كانت باسم الخطاط المصري الكبير سيد إبراهيم، والمسابقة القادمة ستكون باسم المير عماد الحسني وهو خطاط إيراني فارسي كبير، له في خط التعليق إسهامات كبيرة لمرور ثلاثمائة سنة على وفاته، وهكذا كل مسابقة في الثلاث سنوات نعطيها اسم خطاط كبير من خطاطي العالم الإسلامي وعلى اتساع هذا العالم.
هذه المسابقة استطاعت على مر عشرين عاماً أن تغير خريطة فن الخط، الآن كل البلاد العربية والإسلامية فيها مسابقات فن الخط، الدول الآن بدأت تهتم بالخطاطين، سوق الخط ارتفع جداً، راج جداً والآن أصبحت أنا أشكو من هذا الرواج لأنني كنت أشتري خطوطاً، الآن لا أستطيع أن أشتري الخطوط، ومعي فضيلة الأستاذ أيضاً يشتكي لأنه مثلاً الشيخ عبد المقصود خوجه الآن يجمع كل الخطاطين عشان يكتبوا له، ونحن ما نستطيع الآن أن ننافس مع الشيخ عبد المقصود.
الشيخ عبد المقصود خوجه: العفو يا سيدي.
الأستاذ أكمل الدين أوغلو: الآن يعني حقيقةً فن الخط أصبح على مستوى رفيع جداً وعادت له مكانته بعد ما كان الخطاطون مجرد حرفيين، وليس لهم مكانة في المجتمع أصبحوا الآن في عداد الفنانين الكبار، وأصبحت لوحاتهم تُباع بقيم رفيعة جداً، بآلاف الدولارات تُباع اللوحات، كنا نشتري أجمل اللوحات بمائة دولار بمائتي دولار، الآن هذه التي كنا نشتريها بمائتي دولار أصبحت الآن بعشرات الآلاف بعضها وصل إلى مئات الآلاف، أنا أستطيع أن أقول إن هذا لم يكن ليحدث لولا أن قام المركز بهذا النشاط في هذا المجال، نحن ألّفنا كتاباً في فن الخط مع مجموعة من العلماء صدر باللغة العربية، باللغة التركية وبالإنجليزية، وترجمه اليابانيون إلى اليابانية ترجموه ويبيعون الكتاب بخمسمائة دولار، نحن نبيع النسخة العربية والإنجليزية بمائة وخمسين دولار، واليابانيون يبيعون النسخة اليابانية بخمسمائة دولار، وتُرجِم إلى اللغة المالاوية ونتمنى أن يترجم إلى اللغة الفرنسية إن شاء الله، فهذا هو يعني الخط الآن ازدهر ازدهاراً كبيراً.
أما الكمبيوتر، فالكمبيوتر تأثيره على فن الخط هو يوازي تأثير الصحافة، عندما ظهرت الصحافة كان لا بد أن كل يوم تكتب الصحافة بطرف خطاطين فأصبح الخط يُكتب على عُجالة وبدون إتقان، الآن الخط الكمبيوتر "الألكترونيك جرافيكس" هذه أصبحت تستمد من الكوفي وهو أسهل الخطوط وأبسطها وأولها يعني مرحلة الكوفية المرحلة الأولى تستمد منه بسهولة بدون مراعاة لاعتبارات جمالية، ولكنني لاحظت في السنوات الأخيرة أن بعض القنوات الآن العربية بدأت تستكتب الخطاطين للوحات التي يستخدمونها بين البرامج وهكذا، فإذاً أيضاً تأثير الخط الآن، انتشار الثقافة المتعلقة بفن الخط أصبحت ترغم بعض المحطات أن لا يستكتبوا الألكترونيك جرافيك هذا بالكمبيوتر وإنما يستكتبون الخطاطين لبعض اللوحات نراها في عندما يكون برنامج مهتمين فيه أو يتقنونه وهكذا، فأنا أعتقد أن فن الخط أمامه مستقبل كبير، لأن فن الخط هو فنٌ تميزت به الحضارة الإسلامية، هناك حضارتان تتميزان بفن الخط: الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية ولا توجد حضارة أخرى، الحضارة الأوروبية ليس فيها فن الخط، لأن طبيعة الحرف اللاتيني أو الروماني لا يعطي هذه الميزة الجمالية، بينما الحرف العربي يعطي هذه الإمكانية الجمالية في التشكيل وما إلى ذلك ومن خلفه تراث أربعة عشر قرناً.
عريف الحفل: الدكتور الهادي محمد يقول:
كيف لنا أن نُعَوِّل على علمائنا المسلمين للنهوض بواجباتهم العلمية في مجال البحث والاكتشاف، ونحن نعرف ما يحتاجونه من موارد مادية للقيام بهذه المسؤولية، وأن العديد منهم يضطر إلى العمل ومواصلة البحث في ديار الهجرة، ثم ماذا عن التنسيق بين علمائنا في مختلف اختصاصاتهم؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أنا أعتقد أننا لنفهم معنى ومغزى هذا السؤال يجب أن ننظر إلى نموذجين: الدكتور عبد السلام الباكستاني، والدكتور زويل المصري، الأول حصل على جائزة نوبل في الفيزياء، والثاني حصل على جائزة نوبل في الكيمياء، هل كان يمكن لهذين العالِمين أن يحصلا على جائزة نوبل إذا كانا يعملان في بلدهما؟ الجواب بسهولة.. لا، أحدهما حصل عليها من عمله في إنجلترا والآخر من عمله في أمريكا، لماذا يمكن للعالِم المسلم أن يحصل على جائزة نوبل وهو في أوروبا وأمريكا ولا يحصل عليها في بلده؟ إذا سألنا هذا السؤال بهذا الشكل نفهم الجواب، الآن الإبداع العلمي أو الابتكار العلمي أو الاختراع العلمي لم يعد كما كان في الماضي، هناك ما يسمى (Big Science، أو Small Science) (العلم الكبير والعلم الصغير) العلم الصغير هو أن تجلس أنت بإمكانياتك في معملك بما أوتيت من قوة وأن تصنع شيئاً في الكيمياء.. في الفيزياء إلى آخره.. في البيولوجي إلى آخره، أما (Big Science) فهو أن تعمل في مجموعة بحثية كبيرة في معملٍ كبير، في مؤسسة كبيرة، وتعمل ضمن خطط كبيرة، قد تكون أنت رأس هذه الخطة، إذا كان عندك هذه الإمكانية، قد تكون أنت الرقم الثاني فيها، قد تكون أحد فروعها، قد تكون عنصراً صغيراً فيها وهكذا، بينما عندنا لا يوجد هذا النوع، أولاً ليس من اهتمامات الدول عندنا الاهتمامات بالنهضة العلمية يعني ليست اهتمامات أساسية في كثير من الدول.
يعني الآن مثلاً هناك ما يسمى (Citation Index) وهو فهرس يصدر عن مؤسسة دولية في أمريكا يعطي ترتيباً للأبحاث العلمية التي يستشهد بها في الأبحاث الأخرى، بمعنى أنه إذا أنت كتبت مقالة علمية أو بحثاً علمياً وتم الاستشهاد به، فهذا دليل على أن هذه المقالة التي كتبتها لها أهمية علمية أو فيها جِدة، فإذاً هي يجدر الاستشهاد بها وأنها تعني لها يعني هذه مثل البورصة في الأسهم، ففي (Citation Index) أعلى دولة هي أمريكا تأتي بعدها الدول الأوروبية واليابان وإسرائيل، أعلى دولة في (Citation Index) من الدول الإسلامية هي تركيا، وهي في الدرجة الخامسة والعشرين، يعني من واحد إلى خمسة وعشرين، خمسة وعشرين تركيا، الدول الإسلامية كلها الأخرى تحت.. تحت.. تحت كثير جداً للأسف الشديد، فهذا دليل على أن العِلْمَ بصيغته الحالية لا يمكن أن يُباري.. يعني عندما تنظر إلى إسرائيل تجد أن هذا البِك سايتر عندهم منتشر جداً لأنه في مجموعات كبيرة، نحن لا بد أن نقوم بمثل هذا الشيء، ولا بد أن يكون عندنا الدعم للبحث العلمي حتى نصل إلى ما يسمى (Critical mass) يعني الكتلة الحرجة، لا يمكن أن تحدث طفرة في البحث العلمي إلا إذا وصلت إلى ما يسمى (Critical mass) وبعد أن تصل إلى (Critical mass) هذه يمكن لك يعني أن يكون لك مكانة تحت الشمس في البحث العلمي.
عريف الحفل: السؤال من الأخ عصام محمود:
هل يمكن أن تعود قوة الدولة الإسلامية كما كانت؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: الأخوان يريدون الآن عروض الفتح، الصناعة والفن تحتاجان إلى حماية، العمارة الكبيرة والآثار العظيمة سواءٌ كانت عند العثمانيين، أو عند القاجاريين الصفويين، أو العباسيين، أو المماليك أو.. أو إلى آخره، أو الأندلس.. حكام أمراء الأندلس أو في أي حضارة أخرى، هي عبارة عن مستوى معين من الرقي الحضاري، مستوى معين من النمو الاقتصادي، ولكن هناك عنصر الحماية، إذا كان هناك حماية، إذا كان هناك السلطان أو الحاكم أو الرجل الذي في القمة يريد مثل هذه الأشياء ويحميها فإن الشعراء كانت قرائحهم وبنات أفكارهم قصائدهم العظيمة يقدمونها للسلاطين والأمراء، والرسامين والخطاطين والموسيقيين والمعماريين وهكذا، الآن تَغيُّر الحياة أصبح يعني الآن ليس الوضع كما كان في الدولة العباسية أو العثمانية أو غيرها، الآن مجتمعات مختلفة، الحياة مختلفة، نحن نعيش في القرن الواحد والعشرين لا يوجد السلطان سليمان، لا يوجد السلطان سليم، لا يوجد هارون الرشيد، لا يوجد مروان ابن الحكم إلى آخره، ولكن توجد مؤسسات كبيرة ويوجد شخصيات كبيرة أيضاً تقوم بهذا العمل، وأنا أعتقد أن هذا البلد الكريم المملكة السعودية هي أكثر من غيرها مؤهلة لهذا العمل الكبير من الحماية، حماية الآثار، نحن نرى في جدة آثاراً إسلامية جميلة جداً بعضها حقيقة نماذج معمارية.. في كثير من القصور.. أو بعض المساجد التي أُنشئت من الطراز المعماري أستحي أقول رأيي فيه ولكن هناك أشياء جميلة أعتز بها جداً، وأعتقد أن أخي الدكتور سامي عنقاوي أيضاً يعتز بها، ولكن الحماية هنا وفي دول الخليج يمكن لها أن تنتج الكثير لأن هناك من الفنانين وهناك من المبدعين الذين يحتاجون إلى حوافز داعمة.. أنا أعتقد أن في مجال فن الخط صار هذا، وفي مجال العمارة، على الأقل هذان الفَنَّانِ اللذان أعرف عنهما بعض الشيء فيهما مثل هذا التطور الإيجابي.
عريف الحفل: الأستاذ بكر أحمد يقول:
كأحد مداومي الندوات الأسبوعية التي كانت تقام في مركز "ارسيكا" خاصة الندوات للخط الإسلامي وتكريم الخطاطين الكبار خلال السنوات من ألف وتسعمائة وخمسة وثمانين إلى عام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين، سؤالي لكم مع إعجابي لشخصكم الكريم، ما هو سر الحياة المليئة والحافلة بكل هذه الإنجازات، وما هو المنهج الذي اتخذتموه في حياتكم وتنصحون به؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أنا أعتقد أنه لا يوجد هناك سر، الأمر يتعلق ببعض الثوابت، أولاً: الإيمان بالهدف، والعمل الدؤوب، والإصرار، من لَجَّ وَلَجَ، أنا أعتقد أن استمرارية البرامج هذه وتوسيع الدائرة بمعنى أننا نبدأ من دائرة صغيرة وننشر الاهتمام على دوائر أكبر، ونضع الأسس والتقاليد ونستمر على هذه الأسس والتقاليد، نحن منذ المسابقة الأولى من عام خمسة وثمانين إلى يومنا هذا خمس مسابقات ونحن نستمر على هذا، والمؤتمرات والندوات والاحتفال بالخطاطين والإجازة ومراسم الإجازة وكل هذا والنشرات تستمر على هذا النهج، وهي تجد يعني الآن الخطاطين في مختلف أنحاء العالم أصبحوا جمعية واحدة وبينهما تراسل مهم من المغرب الأقصى إلى المشرق الأقصى، من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وكلهم تجتمع أفئدتهم وأهواؤهم في مركز استنبول في "أرسيكا" ويستمر هذا التواصل بصورة حيوية وتزاد يوماً بعد يوم. أنا سعيد بهذا السؤال لأنه أعطاني فرصة أن أتكلم عن شيء أثير إلى نفسي.
عريف الحفل: الأستاذ حسن الشهري من جريدة "الجزيرة" بجدة يقول:
العلاقات بين الدول تحكمها المصالح لا سيما إذا ما كان هناك اختلافات جوهرية في الأديان، كيف تنظرون لواقع العلاقات التاريخية بين الدول الكبرى والدول الإسلامية، والتي لم تشفع في دفع الضرر الكبير الذي أصاب الأمة العربية والإسلامية في مقتل من خلال صمت الدول الكبرى عما يحدث اليوم في فلسطين؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: هذا سؤال كبير، والأسئلة الكبيرة يصعب الجواب عنها، لأنها متشابكة هذا يمس جوهر المأزق الذي نعيش فيه اليوم ولا أدري أيُّنَا يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال، أنا أقول في هذا الصدد أنه إذا كانت العلاقات تحكمها المصالح فهذا صحيح، فيجب علينا أن ننظر في أمر هذه المصالح، حتى نستطيع من خلالها أن نصحح العلاقات، هذا أقل ما يمكن أن يقال، ولا أريد أن أدخل في مسائل سياسية، فأنا رئيسي يجلس على يساري وبجانبي رئيس المؤتمر الإسلامي وممثله، وقنصلي العام على يميني، ما تدخلوني في مسائل سياسية.
الشيخ عبد المقصود خوجه: إذن حواجزك أكثر من حواجزي.
عريف الحفل: المهندس صلاح الدين يوسف يقول:
من المعلوم أهداف الاستشراق في الكتابة وتوثيق التاريخ الإسلامي، فكيف يتم تجنب أثر هذه الأهداف أثناء وخلال العمل إلى توثيق التاريخ الإسلامي؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أنا أريد أن أقول شيئاً، الاستشراق له عدة أوجه، ولا يجب أن نبسّط الكلام في مسألة الاستشراق كما نبسّط الكلام في كثير من الأمور، فلا نستطيع أن نفهم فهماً جيداً أو نحدد موقفنا منها تحديداً جيداً، الاستشراق بأبعاده السياسية وأبعاده الاستعمارية وكيف بدأ كمحاولات لامتداد الشركات الأوروبية الكبيرة الهولندية وكذا في الهند وما إلى ذلك، ثم الامتداد في العالم الإسلامي، وتدريس اللغات العربية والتركية والفارسية في جامعات أوروبا وكذا، هذا كله لفهم الشعوب الإسلامية لحماية المصالح الأوروبية وعلاقات أوروبا بالعالم الإسلامي، ثم لما بدأ الاستعمار العسكري مع نابليون بونابرت في أواخر القرن التاسع عشر، ودخل الفرنسيون والإنجليز ومن بعدهم الإيطاليون وما إلى ذلك في الاستعمار بدأ الاستشراق.. هذا جانب من الاستشراق، ولكن هناك جانباً آخر من الاستشراق أن المستشرقين جاءوا بعمل علمي جاد في تصنيف مصادر الحضارة الإسلامية وفي تاريخ الحضارة الإسلامية وطوروا مناهج للدراسة. هذه لا يمكن لنا أن نردّها، نحن نردّ أفكارهم الخاطئة، وهناك منهم المتحيزون وهناك منهم الذين يخطئون ليس لأسباب أيديولوجية أو سياسية، ولكن كما نخطئ نحن كما يخطئ البشر جميعاً فيجب أن نفرق بين هذا، وكما يقال خذ ما صفا ودع ما كدر.
عريف الحفل: السؤال الأخير من الأستاذ عجلان بن أحمد الشهري:
كثيراً ما نسمع وكثيراً ما نقرأ وكثيراً ما نتعايش مع العديد من الشخصيات الإسلامية في زمننا الحاضر التي تنادي بضرورة التآزر والتعاون بين دول العالم الإسلامي، تلك الشخصيات رموز ثقافية واقتصادية وسياسية واجتماعية ودينية ذات تأثير قوي في مجتمعاتنا الإسلامية، إلا أن واقعنا يؤكد كثرة خلافاتنا وتجددها في صور متعددة وتنقلها من مكان لآخر، مما جعلنا جميعاً ضحايا لتلك الخلافات، ما السبب في ذلك؟
الدكتور أكمل الدين أوغلو: أنا أعتقد أن السبب في هذا هو مرحلة التطور التي نمر بها، بمعنى أن التطور الاجتماعي.. الاقتصادي والثقافي والسياسي، التطور من كافة الأوجه التي تمر به مجتمعاتنا، هناك تفاوت واختلاف في مراحل التطور التي تمر بها دول العالم الإسلامي، بمعنى أن مراحل التطور في هذا البلد تختلف عنه في البلد المجاور، تختلف عنه في بلد يبعد عنه آلاف الكيلومترات، في قارة أخرى وهكذا، في نفس البلد الواحد تجد هناك مجتمعات قبلية، مجتمعات "Urban Societies" مدنية، تجد هناك تفاوتاً في التعليم، تجد هناك تفاوتاً في النظرة إلى المجتمع.. إلى الكون، وهكذا، هذا التفاوت إذا أضفت إليه أن كثيراً من دولنا ما زالت دولاً حديثة، إذا نظرت إلى الخريطة التي نجلس عليها كلنا لوجدت أن كثيراً من هذه الدول هي وُجدت بعد الحرب العالمية الأولى، فلا يمكن أن تتوقع من دول جديدة تتأقلم مع بنية سياسية وبنية إدارية وعالم مختلف، يعني في القرن التاسع عشر لم تكن هنالك أمريكا أو إسرائيل أو في الصين، أو الاتحاد السوفياتي، أو الشيوعية، الفرق بين التاسع عشر والثامن عشر وبالسابع عشر والسادس عشر، يعني ما في فرق كبير، الآن كل يوم الصبح يختلف عن الظهر، عن المسا، نحن نعيش في عالم يتطور تطوراً سريعاً جداً ونحن ما زلنا لم نصل إلى مستوى القرن العشرين، فأنا أعتقد أن الوضع الذي نمر فيه هذا لا بد أن نفهمه فهماً جيداً، لكي نستطيع أن نحدد الأهداف لأن الفهم السيئ يجر إلى حكم خاطئ، والحكم الخاطئ يزيد من الفهم السيئ، وندخل في حلقة مفرغة تؤدي إلى اليأس وتزيد المأزق، للخروج من المأزق لا بد من الفهم الصحيح، وأنا أعتقد أننا بعد جيل أو جيلين سنصل إلى النقطة التي وصلت إليها مثلاً: الدول الأوروبية عندما ننظر إلى أن الدول الأوروبية حتى الحرب العالمية الثانية قتلوا بعضهم البعض قتلاً، ودمروا بعضهم البعض تدميراً، ملايين البشر قتلت في أوروبا، في حروب.. الحرب العالمية الأولى، الحرب العالمية هي نزاع بين الدول الأوروبية بعضها البعض، نزاع بين مختلف الأيديولوجيات في أوروبا، مختلف الإمبراطوريات، الحرب العالمية الأولى كانت نهاية الإمبراطوريات، الحرب العالمية الثانية كانت نهاية الأيديولوجيات، والحرب بين أيديولوجيات الفاشية والنازية وما إلى ذلك، بعد ذلك فطن الأوروبيون إلى أن هذه الحروب لا بد أن تنتهي، وبدءوا من أمرين، بدءوا من الحديد والفحم والصلب من جهة والثقافة من جهة أخرى، بنوا اتحاد الحديد والفحم وبنوا المركز الثقافي في جنيف، ومن هناك انطلقت فكرة السوق الأوروبية والتي وصلت الآن إلى ما هي عليه من الوحدة الأوروبية، فهذا يعني لا بد من نظرة حضارية طويلة المدى لأننا إذا لم ننظر من هذا المنظار سوف نقع في يأس شديد، ويجب على المثقفين.. المسلم في عالمنا المسلم في عالمنا الإسلامي أن يفطنوا إلى هذا، لأن المثقف إذا وقع في هذا المأزق ولم يستطع أن يجد حيلة في الأمر فكيف بك بالشعوب التي ليست من هذا المستوى الرفيع من الثقافة.
أنا أعتقد أن مستقبل العالم الإسلامي مبني على فهم المثقفين لحاضرهم ومستقبلهم ومبني على أساس تحليل سليم لماضيهم، ولا يمكن لنا أن نغير الواقع في يوم واحد، أنا أعتقد أن لا بد من تغيير الواقع إلى الأحسن ولكن هذا لن يتم إلا على المدى الطويل وبالنفَس الطويل.
الشيخ عبد المقصود خوجه: في الحقيقة لدي أسئلة كثيرة، ومع تأخر الوقت يؤسفني أنني لا أستطيع أن أطرحها لأننا أرهقنا ضيفنا الكريم في هذه الأمسية بكثرة الأسئلة، وفي الوقت الذي أشكر فارس هذه الأمسية، أشكر لكم تواصلكم، ومن المهم دعوني أقول الاثنينية أو من أهم الوقت الممتع لنلتقي في الاثنينية هو هذا الحوار، لأنه يثري كثيراً من الأفكار وكثيراً من الطروحات ولكن مع الأسف تأخرنا في البدء، في بدء الأمسية ضَيَّقَ علينا هذه الفسحة من إلقاء أسئلة أكثر، فأكرر رجائي لكم بالحضور مبكراً حتى نتمكن من البدء مبكراً وخصوصاً أن بعض الأخوة يشرفوننا من مكة المكرمة، فيبقى لديهم وقتٌ طويلٌ حتى يعودوا لأسرهم بسلام، فأرجو أن يقدر الأخوان ذلك وكما أني أرى بعض الأخوان يشرفوننا في وقت متأخر أهلاً وسهلاً بهم جميعاً، وحبذا لو يتلطفون علينا بالحضور في وقت مبكر لنستفيد من آرائهم وتبادل الأفكار معهم، ونسعد بهم.
من ناحية أخرى لم أحجب سؤالاً من الأسئلة، إلا الأسئلة السياسية، باعتبار أننا نحن متفقون منذ البدء أن الأسئلة السياسية ليست هي من الأمور التي تتعلق بالاثنينية، فنحن هنا لأي موضوع يتعلق بالعلم.. بالفن.. بالأدب.. بأي فرع من فروع الثقافة والفن والأدب. أكرر شكري لضيفنا الكريم، وأترك لعريف الحفل اختتام هذه الأمسية.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :697  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 85 من 145
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.