شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ فايز أَبّا ))
السلام عليكم، وأسعد الله مساءكم، وأقول في البدء إن هذه المشاركة وفي هذه الاحتفالية تجيء خلافاً لموقفٍ أصيل ينأى بصاحبه وهو محدثكم عن جميع أشكال الممارسات النخبوية، سواءً كانت فكرية كما صار يحدث الآن في منتديات الأندية الأدبية، أو اجتماعية كما يحدث في مثل هذا الصالون أو سواه، ولأن المحتفى به اليوم هو الأستاذ عابد خزندار تكون لهذه المحاولة الاجتهادية مشروعية ما وإن كانت خارج السياقات، ويكون الشكر موفوراً لأصحاب هذا الصالون الذين تحملوا عبئاً كان يجدر بالأجهزة الثقافية الرسمية في البلاد أن تتحمله على الوجه الأكمل، الذي كان سيتيح لنا عندئذ المطالبة بتحويل مناسبة التكريم إلى ندوات نقدية وفكرية بدلاً من الاسترسال في مديح الأشخاص.
 
ولأن استحضار الأستاذ عابد في الذهن يستدعي للضرورة ذكر الأستاذ الكبير عبد الله عبد الجبار وما يمثله من قيم يتضاعف الشكر لمثل هذه اللفتة، ويبقى أن أسجل اندهاشي من دعوتي إلى هذا المحفل بعد كل ما أعلنته من آراء ضد صاحب هذا المحفل، فهل هي مساحة قبول اختلافٍ حقيقية؟ في كل الأحوال تبقى هذه اللفتة جديرة بالتنويه، من نافل القول أن الدقائق العشر التي أمر بعدم تجاوزها القائمون على هذا النادي لا تكفي، ولو لمجرد الإشارة إلى الهيكل المجرد لما تمثله الممارسة الثقافية لدى كاتب وناقد إشكالي كالأستاذ عابد خزندار، الذي بلغت مؤلفاته المطبوعة ثمانية تصويباً لما ذُكر، عدا عن مخطوط (حديث المجنون) الذي ما زال يبحث عن ناشر، وعدد كبير من الدراسات والمقالات المتناثرة على امتداد الأعوام الأخيرة، أي منذ عودته المتأخرة إلى الكتابة عبر ملحق جريدة (الأربعاء) ثم (الشرق الأوسط) ثم بقية الصحف، وإن كنت أستغرب أن صحيفة (الوطن) لم تُذكر فيما كتب فيه الأستاذ من قِبَل أيٍ من المتحدثين.
 
على أية حال، من هنا فإن القول أو الزعم بعِلْمية مثل هذه المحاورة ينقضه أساس صلب هو عدم توافر أية (بيبلوغرافيا) لأعمال الأستاذ ولو بشكل أوَّلي، وهو أمر مهم جداً خاصة حين نعرف أن للأستاذ مشاركاته النقدية الهامة صيغت لمحاور نقدية محددة ونُشرت في أوعية لم تعرف طريقها إلى القارئ هنا، مثل مشاركته في مناقشة شعر بلند الحيدري الشاعر العراقي المهاجر الذي تذكرون في الكتاب الذي صدر لهذا الغرض، وهناك بالطبع دراساته الرائدة في مجالات السرد، ومحاولاته لتأصيل علم للمصطلح السردي في كتاب تناهبته المنابر ولم يتح للآن في شكل يجمع شتات ما أنجز فيه.
 
ولك أن تذكر مثل هذه التحفظات عن اجتهادات الأستاذ في نقل وترجمة فكر مُنظِّري مرحلة ما بعد الحداثة مثل الفصل الماتع العميق عن العنصر والعنصرية والذي ترجمه الأستاذ مع أنه لم يكن قد تُرجم عربياً في أي مدينة من مراكز وعواصم الثقافة العربية، وهي ترجمة قد يجد المتخصصون في ذاك الفكر ما يثيرونه حولها، ولكننا على أية حال افتقدنا الجدل الفكري الثري الذي كان الأستاذ يؤمن به للمتصارعين في الساحة الثقافية في ذلك التوقيت أي توقيت نشرها، على خلفية عنصرية رفض هو مجرد القبول بها كواقع، وإذاً فليس لهذا الحديث من أهمية سوى الإشارة العمومية إلى ما نعتقده جوهرياً في ممارسات الأستاذ النقدية وعطاءاته.
 
وهنا أشير إلى الدراسة الوصفية الماتعة، التي كتبها الدكتور محمد صالح الشنطي عن الأستاذ عابد ونُشرت في دورية (الآطام) التي يصدرها نادي المدينة الأدبي في العدد السادس الصادر في شهر يناير-فبراير عام ألفين من شوال 1421، وفيها انتهى الناقد إلى نقطة جوهرية نوافقه عليها وهي أن جوهر الممارسة النقدية لدى الأستاذ عابد يقوم على مبدأ يسمى التناص أو تداخل النصوص، وهو فيما نرى الأقلوم الأبرز في محددات الممارسة النقدية لأستاذنا، وهذا ما يؤيده الاستقراء السريع لمعظم ما أنتجه الأستاذ، طلباً للإيجاز أيضاً نشير إلى أن أفضل ما في المترجم هو اختياره لما ينقله إلى ثقافته وهنا نستشهد بكلمة للدكتور عيسى مخلوف في مقدمة كتابه (أنثوية شهرزاد)، والذي تحتشد فيه هذه المعاني بدءاً من الإهداء الذي وجدت فيه أسماء ثلاث إناث هما ابنتاه وزوجته.
 
يقول الأستاذ الدكتور عيسى مخلوف: أن هذه النظرة المتميزة إلى المرأة هي التي دفعت عابد خزندار إلى ترجمة الكتاب، الكتاب المقصود هو كتاب (أنثوية شهرزاد) فالإقبال على الترجمة لا يعكس فقط اعترافاً بأهمية النص المترجم، وإنما يعكس أيضاً تبيناً للأطروحة الأساسية التي ينطلق منها الكتاب والتي لا تزال تشكل رداً على مفهومات سائدة حتى اليوم في مجتمعاتنا تعتبر المرأة كائناً ناقصاً يقوم بغيره لا بذاته، تماماً كما ظلت الدراسات التي تتناول شهرزاد عقداً بعد آخر تعتبرها انعكاساً للمرأة الجارية المطيعة والتي لا يستقيم لها وجود خارج مشيئة غيره.
تجدر الإشارة أخيراً إلى أن تجربة الأستاذ عابد خزندار لم تأتِ معزولة عن حكايات ألف ليلة وليلة بترجمتها المختلفة. ولا عن الدراسات العديدة التي كتبت حولها عبر العصور، من هنا فإن هذه الترجمة بالإضافة إلى أنها أدخلت إلى المكتبة العربية كتاباً نادراً، تكتنز كل هذه النصوص وهذا ما يضاعف من أهميتها، ذلك أن المترجم حقق في النص الذي ترجمه كما حقق في مرجعيته وهذا ما يظهر جلياً من خلال الصيغة العربية المشوقة التي تشكل إعادة إنتاج لنصٍ كُتِبَ ونُشِرَ في النصف الأول من هذا القرن، ويقول على لسان الدكتور عيسى مخلوف: أقول إعادة إنتاج لأن عابد خزندار عرف كيف يمنحه نكهة الحاضر بريقاً للأداة الثانية، ولقد ترجمه بحب المترجم الذي يتمنى لو كان هو صاحب النص الأصيل. شكراً لما هُدِرَ من وقتكم.
 
الشيخ عبد المقصود خوجه: تحية بتحية للأستاذ فايز أَبّا، وأحب أن أوضح أنه يسعدني جداً أن تكون هناك مساحة ومساحة كبيرة للنقد به نرقى وبه أعتقد أن نصل إلى بعض أهدافنا، ويهمني أن أوضح جداً أنني غير سعيد بسماع الثناء والمديح بأي شكل من الأشكال فأنا هنا أقتعد مقعدي بينكم، وليس لي سواه فالأمسية، لكم ومنكم وبكم.
 
ثانياً: أحب أن أقول للأستاذ فايز أن ليست هناك رقاع دعوة، فهذه الأمسيات مشرعة أبوابها لكل من يتعامل مع الكلمة نُؤهِّل به ونُسهِّل، وليس هناك أوامر ولكن استمزاج آراء، وأضع النقاط على الحروف والأساتذة على سبيل المثال: سامي خميِّس.. يعقوب إسحاق.. محمد الفايدي.. وغيرهم كثيرون انسحبوا في بعض الأمسيات لطول بعض الكلمات، ولهذا وجدنا لنعطي الفرصة للجميع أن لا تكون الكلمة لأكثر من عشر دقائق، فهو رجاء وليست أوامر أو تعليمات، وشكراً له على كل حال ولكم.
 
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :476  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 85
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .