شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الحوار مع المحتفى به
الشيخ محمد علي خزندار: هيا أسألوني إن كان في أسئلة.
الشيخ عبد المقصود: أعتقد من وحي الأسئلة ربما نستطيع أن نتوسع أو تعطي لمحطات لصور أكثر لكم فتخبرونا عن وقائع تكون محيطة بهذه الأسئلة.
أمامي سؤال يطلب أن تتفضلوا بالحديث عن حضوركم يوم البيعة بباب الصفا وبالتحديد من الذي تلا كتاب البيعة؟ أو كيف كان وصف هذه البيعة ومن تذكرون من حضورها؟ كيف كان الحفل؟
الشيخ محمد علي خزندار: طيب خليني أبدأ أقولكم ما سمعته من الشيخ -الله يرحمه- الحاج محمد زينل ولد الحاج عبد الله علي رضا، قال اجتمع أهل مكة وراحوا للملك عبد العزيز كان أيامها الملك عبد العزيز قد دعا إلى مؤتمر إسلامي وفعلاً جاء ناس من الهند شوكت علي ومحمد علي من زعماء الهند، وجاءوا من مصر كذلك كثير من زعمائها، وجاءوا من الشام وجاءوا من هنا، وكان يقولهم تعالوا تداولوا في أمر الحجاز لأن هذا الحجاز قبلة المسلمين، أنا ما أحب أن أحد يستبد بأموره، فكان المؤتمرون هؤلاء انساقوا في هذا الخط، الملك عبد العزيز الظاهر لم يكن يود ذلك، -والله أعلم- لأنه المهم ذهب كبار أهل مكة الملك عبد العزيز قالوا له: نحن لا نقبل أنه في بلاد الآفاق يتحكموا في بلادنا، هذه بلدنا ونحن ارتضيناك ملك علينا، أقول الذي سمعته من الحاج محمد عبد الله علي رضا يقول: أن محمد سرور الصبان هذه شخصية اسمها زي اسم الشيخ محمد سرور الصبان وزير المالية لكن كان هذا الرجل من أهل الندى وكان يتحزم وكأنه يعني له نزعة (حروية) شوية، لكنه على نمط عادي فقال للملك أنه نحن نبايعك طال عمرك على السمع والطاعة وأن تكون ملكاً على الحجاز ولكن لنا عليك شروط، قال: ما هي؟ قال يعني كذا كذا... مثلاً تكون الحجاز عاصمة البلد، قال طيب زين هذه لكم، الخلاصة عينوا يوماً لإجراء البيعة، كانت المسألة في رواق باب الصفا في الحرم الشريف، وقام السيد عباس المالكي جد السيد محمد علوي ألقى خطاب البيعة وكان أول من بايع بهذا الخطاب، قال نحن عرضنا البيعة على هذا الملك المحبوب ثقة لنا منها وقبلها منا على أن يكون ملك الحجاز، قام الناس كلهم يتقاطرون لمبايعة الملك، وكان أيامها صار ملك الحجاز وسلطان نجد، ثم بعد ذلك قام أهل نجد كذلك قالوا نحن كذلك نبايعك بالمُلك علينا، صار يعني ملك الحجاز ونجد وملحقاته، هذا ما يتعلق بالبيعة.
- تغير اللقب مثل ما تفضلت، صار ملك الحجاز ونجد.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.. نعم.. طيب يا سيدي السؤال الثاني.
الشيخ عبد المقصود خوجه: تذكروا أشخاص معينين في حضوركم البيعة؟ غير محمد سرور الصبان.
الشيخ محمد علي خزندار: لا... محمد سرور الصبان لم يكن معهم، محمد سرور الصبان حق (الندى) نعم كان في موجود.
الشيخ عبد المقصود خوجه: آخذ بالي أنكم ذكرتم أنه غير محمد سرور الصبان الأديب ووزير المالية المعروف هل تذكرون أي شخصيات أخرى؟
الأستاذ محمد علي خزندار: والله يا طويل العمر كان عمري يومها أربع عشرة سنة وما كان في بالي أن أتملى في الرجال أشوف مين الذي حضر ومين الذي ما حضر.
الشيخ عبد المقصود خوجه: جزاك الله خير، وأمد الله في عمرك أديني سؤال إذا سمحت؟
عريف الحفل: هذا يا شيخ من الكاتب الصحفي خالد أسعد، بأنه هناك كم وفير معارض الكتاب وكذا، وقلة المؤلفات بالنسبة للخليجية والسعودية خاصة من واقع تجربتكم ما هو السبب ما هي أسباب الظاهرة هذه قلة المطبوعات الخليجية عامة والسعودية خاصة؟ في معارض الكتاب.
الشيخ محمد علي خزندار: المطبوعات في أي زمن؟
- حالياً في هذا الزمن الله يسلمك. الخليجية والسعودية ما أسباب قلتها؟
الشيخ محمد علي خزندار: عابد الابن أحرى بالإجابة على هذا السؤال لأنه أكثر مني علاقة بالأدب والأدباء والكتب.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الحقيقة كان يجب أن يقرأ السؤال لأن السؤال مهم كنص، هناك زخم وكم وفير وكثير في معارض الكتب في الخليج والمملكة ولا يمر شهـر إلا وتصلنا دعوة لحضور معرض للكتاب، لكن هناك شح ونقص كبير في المؤلفات والمؤلفين الخليجيين عامة، والسعوديين خاصة، من واقع تجربتكم العريضة في عالم المطبوعات، هل نطمع في تشخيصكم لأسباب الظاهرة وطرق علاجها بما يكفل عودة العافية إلى أقلام الأساتذة الكتاب وعودة الروح إلى الكتاب؟
الشيخ محمد علي خزندار: ما زلت أكرر أن هذا السؤال أحرى لابني عابد بالإجابة عليه لعلاقته الكبيرة بالأدب والأدباء.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما في شيء يمنع أن نحيل الميكروفون إلى الأستاذ عابد.
الأستاذ عابد خزندار: والله الحقيقة السؤال صعب جداً، لكن المشكلة الكبرى بالنسبة للكتاب، وأنا واحد منهم، أنا ليّ سبعة كُتُب ومؤلفات هي أولاً: طبعاً النشر معظمهم أو كلهم ما عندهم قدرة مالية على أساس أنهم يقدروا ينشروا كتبهم، والنوادي الأدبية يؤسفني أن أقول أن عندها نوع من الشللية، تختار أشخاصاً معينين وتنشر لهم الكتب، بعد ذلك تأتي مسألة التوزيع، فالحقيقة الكاتب السعودي لا يجد أي موزع لكتبه، مثلاً الشركة الوطنية للتوزيع توزع مجلات في الغالب، نحن في الخزندار غامرنا فترة من الفترات ووزعنا كتب لكن نلاقي صعوبة لأن المكتبات منها كتبي يعني المكتبات لا تقبلها، المكتبات تدور على الكتب التي تباع، يعني مثل هذه الكتب: الطالع والنجوم والأشياء هذه يعني، فهذه المشكلة الحقيقة عويصة جداً، فلا بد أن الدولة والناشر الجريء أي أحد من هذا يتولى الموضع هذا وإلا فإن مصير الكتاب السعودي هو الحقيقة البوار. شكراً.
الشيخ عبد المقصود خوجه: والله أود أن أدلو بدلوي.
- طبعاً أنت لك مجهود.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا... العفو مجهود متواضع. أنا أعتقد أن القضية أكبر بكثير من..
- أنت حَري بالإجابة عن هذا السؤال الحقيقة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا... العفو السؤال إجابته أكبر بكثير إننا نختصر أو نبتسره بكلمات، أنا أعتقد أن هذا الموضوع باعتبار ما نجلس جلسة مع أدباء إلا ويطرح.. ويطرح بالشكل الآتي: هل هناك أزمة كتاب أو أزمة كُتَّاب؟ هل الكتب ممنوعة غير ممنوعة، أعتقد أن الكلام من شخص وأشخاص وكلمات متناثرة لن تصل بنا إلى حل، السؤال الذي أطرحه: لماذا المثقفون في بلادنا عندما تعتريهم مشكلة لا يتنادون كما كانوا في السابق؟ كنت ألاحظ في السابق عندما تكون هناك مشكلة يتنادوا ويطرحون المشكلة ويضعون لها حلاً، لماذا لا يتنادون ويطرحون ما لديهم ولا بد بالتأكيد لكل مشكل حل؟ أما أن نتكلم عن الموضوع بهذا الشكل، أو كلٌ منا يأتي برأي أو فكر، لأنه بدون إحصائيات بدون بصراحة طرح موضوعي أعتقد أنه نكون ظلمنا الكتاب والكُتّاب ولا نخلص إلى نتيجة، هذا رأيي، أنا أعرف أن هناك في أزمة، الكتاب الجيد لا تجد من يأخذه ببلاش، إذا كان الأستاذ عابد بيشكو ويقول أن كتبه السبعة ما أحد يقرأها أقدر أفهم تماماً أن كتب الاثنينية طبعاً اتصلنا بمن نسميهم (بعض طبعاً لا أعمم) من الأدباء من المثقفين لم يكلف خاطره حتى الحضور لاستلامها مـجاناً، نحن لا نأخذ نقوداً، فلذلك هناك مشكلة، ما هي المشكلة بالتحديد؟ لا أعتقد أنه بالسهولة هكذا نتكلم عنها ونؤطرها في هذه الكلمات القليلة.
الشيخ محمد علي خزندار: طيب هذه المشكلة خاصة بنا أو تشمل مصر وسورية؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما أعتقد... لأن ما سمعنا شكوى، وبدليل نحن نجد كُتُباً ونجد كُتَّاباً.
الشيخ محمد علي خزندار: حركة النشر قوية في بيروت وفي الشام.
الشيخ عبد المقصود خوجه: وبدليل أنه هناك ناس كثيرين يعيشون من شق القلم. لكن المشكلة عندنا هنا فعلاً، نشكو من دور النشر ومن قيمة الطبعة الكبيرة والبيع القليل، إذاً هناك مشكلة لا بد من بحث هذه المشكلة، تفضل.
عريف الحفل: سؤال من الأخ غياث الشريفي يقول:
شباب اليوم هجر الكتب والقراءة، وانصرف إلى الفضائيات وكرة القدم ومجلات الإثارة والفن الرخيص وغيرها، كيف ترون هذه الظاهرة الخطيرة وكيف يكون إنقاذ رجال الغد من هذا الواقع المرير؟
الشيخ محمد علي خزندار: سؤال عويص لا أملك الإجابة عليه.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لماذا؟
الشيخ محمد علي خزندار: ولا أعتقد أنه يعني في من يستطيع الإجابة على هذا، هذه نزعات الشباب الآن آخذة في الاستشراء، ما الحل؟ صارت كأنها ظاهرة.. ظاهرة حقيقةً ظاهرة!! تكتب عنها الصحف، يكتب عنها الكثيرون ولكن المسألة تزداد وتتوسع، هل هذا حقهم أم غير حقهم؟
عريف الحفل: طيب الكرة يا شيخ محمد، الوحدة وغير الوحدة.
الشيخ محمد علي خزندار: ماذا؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: لماذا تعني الوحدة فقط الكرة بصفة عامة؟
عريف الحفل: كيف كان الشباب بالنسبة للكرة؟
الشيخ محمد علي خزندار: أنا واحد من هؤلاء الذين كنت لا أعرف الكرة إلى الآن، مرة جاءتني فرصة وأنا أعمل مع ابن سليمان في العصرية وجدت نفسي فاضياً، مع أنه كان الوقت كان العمل يأخذ كل أوقاتنا ليل ونهار فقلت أروح أتفرج على الكرة هذه يومها كان يلعبون الاتحاد والوحدة، وجدت عمدة المحلة (حقَّت) أبو شاشية قدامي قلت له: تعال يا عمدة أنا أسلم عنك التذكرة وندخل سوى مع بعض، قال طيب، أربعة ريال التذكرة دفعتها، شوية والعمدة يصيح: حرامي.. حرامي، قلت ماذا حدث يا عمدة من الذي سرق؟ قال لي: قوم ما دام ما تعرف كرة جئت هنا ليه؟ وللآن أنا ما عرفت حرامي يعني إيه؟
عريف الحفل: يقصد أوف سايد يمكن.
الشيخ محمد علي خزندار: ولكن للآن الشيخ الصبان يرسل لي كتباً على أني من أعضاء الشرف أو لا أعرف إيه؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: قصدك عبد الوهاب الصبان؟
الشيخ محمد علي خزندار: ماذا؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: تفهم في الكرة يا سيدي أنت؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: والله أفهم جداً أنها حاجة مدورة بس.
عريف الحفل: وحداوي الشيخ عبد المقصود كمان.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ترى ما أقوله حقيقة.. والله رغم أني عضو شرف ولي سنوات طوال ولو إني الآن انسحبت من العضوية لأني ما لي دور مؤثر، فعلاً ما أعرف في الكرة أكثر من أنها شيء دائري.
الشيخ محمد علي خزندار: طيب الحمد الله الذي وجدت في ناس ما شاء الله.
عريف الحفل: والله يا شيخ أنت استوقفت...، أنت تدري أن الوحدة غلبت ثمانية؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا سيدي أظن أن جوابي واضح، فلا تدخلونا في أمر ما لنا فيه الآن.
عريف الحفل: الأستاذ عدنان محمد حسن فقي محامي مستشار قانوني يبدو لي هذا السؤال جاوب عليه الشيخ بالنسبة لمبايعة الملك عبد العزيز.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما في لها ذيول ما في لها شيء بعد البيعة مثلاً.
الشيخ محمد علي خزندار: بعد البيعة، والله أنتم كلكم تعرفون أنه تغير الحال عما كانت عليه أُسس البيعة، ما عدا أنه كان مثلاً الحجاز مختص تلك الأيام بهذه المبايعة للملك عبد العزيز، لكن عندما توحدت المملكة كلها تحت قيادة وحدة راحت أهم الأسس التي قد جعلوها من شروط البيعة أنه يكون الحجاز مثلاً هذا عاصمة البلد ولهذا استبدلت الآن بكلمة العاصمة المقدسة، فهذه كانت من جملة الذيول، لكن هذا وضع طبيعي اقتضاه التوحيد واقتضاه لَمْ الشمل واقتضاه الاجتماع الحمد لله على خير، صرنا خلاص نعرف هذه البلد كلها ما نفرق بين شمالها وجنوبها وشرقها وغربها.
عريف الحفل: شيخنا هذا سؤال من الأستاذ عبد الحميد الدرهلي حتى لا نثقل على الشيخ.
لماذا انتكست حركة التنوير النهضوي حيث انتقلنا من التنوير إلى الظلام؟ وهل من سبيل أن ترتفع الأمة العربية وترقى إلى تحقيق النهضة المنشودة لتستعيد مجدها التليد؟ هل هناك بصيص أمل؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله هذا الكلام كان من أيام الكواكبي، وغيره من الأسلاف كانوا هم يتكلمون عن أسباب الخمول وأسباب النشاط وأسباب الرجوع، ولكن أنا أعتقد أنه بأمر الله الواحد الأحد إننا إلى خير.. مقبلين على خير، أعتقد تمام الاعتقاد أننا مقبلين على خير، وأن الأمة العربية إن شاء الله مقبلة على خير، هناك صحوة الآن.. هناك صحوة، أسأل الله أن تعطي ثمارها ونعود غداً إن شاء الله يرى أبناؤنا وأبناء أبنائنا إن شاء الله كل شيء أصبح سهلاً... وإن جئنا من ناحية الدين أيضاً نعرف أنه إن شاء الله لنا الغلبة على اليهود في يوم ما حتى لينطق الشجر ويقول ورائي يهودي فاقتله. ويأتي كذلك أشياء تعرفونها كلكم... سيدنا المسيح وسيدنا المهدي. المهم أن الأمة العربية في اعتقادي أنها آخذة في أسباب النهوض، غداً إن شاء الله بأمر الله يصبح لها شأن كبير جداً.
أوّل كنا بلدة فقيرة... بلدة فقيرة، ولا نملك من وسائل الحياة شيئاً، ليس عندنا طرق.. كانت ترابية.. ولا يوجد كهرباء لا يوجد ثلج ولا يوجد شيء من وسائل الراحة، في رمضان كنا نَبِل الشراشف بالماء ونضعها على وجوهنا من شدة الحر والقيظ، لكن ما شاء الله البلد أصبح يقوم بها بنية تحتية وأصبح فيها كذا وكذا.. والآن إن شاء الله بأمر الله أعتقد أنها في طريق خير، ماذا تقولون أنتم؟ أحب أسمع كلمة.
- نعم، إن شاء الله.
الشيخ محمد علي خزندار: هل هذا صحيح أن البلد مقبلة على خير.
- إن شاء الله.
الشيخ عبد المقصود خوجه: والله تفاءلوا بالخير تجدوه.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: فنسأل الله منكم أنتم مشائخنا الكبار.. الدعاء، وأما قرآننا الكريم أوضح لنا: هَلْ يسْتَوي الَّذين يعلمونَ والََّذينَ لا يعلمونَ، يفكرون، يعملون، يعلمون، يتدبرون، فيجب علينا أن نعمل وأن نفكر وأن نتدبر، فالقضية تحتاج حبل من الله وحبل من الناس، فاللَّهم اجعلنا من هؤلاء.
الشيخ محمد علي خزندار: صحيح. ثم ما كانت مدارس عندنا إلا محدودة، تكلم عنها سيدي الأستاذ عبد المقصود، ولكن الآن أصبح هناك جامعات وأصبح هناك ابتعاث في شيء يدل على إنه شاء الله في بداية الطريق خير كبير.
الشيخ عبد المقصود خوجه: اللهم آمين.
عريف الحفل: هذا سؤال من المهندس عبد العزيز بن علي الكريدا رئيس مجموعة الأرقب للاستشارات والدراسات العلمية يقول:
حينما نتحدث عن الماضي نتحدث عنه من خلال الصورة الطفولية البريئة التي لا تحمل على كاهلها ثقل المسؤولية إضافة إلى ما أنعم الله به علينا من نعمة النسيان التي لا تحمل بطياتها غير الأيام الحلوة والجميلة، متناسياً أيام الفقر وضعف الحيلة بينما حين نتحدث عن الحاضر نتحدث من خلال واقعنا المرير في هذا العصر، عصر الويلات، عصر الصور المأساوية في الكثير من الدول الإسلامية، هذه البوسنة والهرسك، وهذه الشيشان وفلسطين والفلبين والكثير من الدول الإسلامية، والمسلمون غثاء كغثاء السيل فماذا يجب علينا عمله لنظهر بشموخ الأوائل الأخيار؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: أرجو من الأساتذة أن يختصروا الأسئلة لأن السؤال عندما يكون بهذا الشكل يضيع الضيف ونضيع نحن وتصير القضية خطبة فأرجو أن يكون السؤال مختصراً حتى نقدر نستطيع أن نقرأ أكثر أسئلة وتكون القضية أكثر تركيز، تفضل يا سيدي.
الشيخ محمد علي خزندار: هذه أسئلة عامة كما تفضلت يعني لا تأتي الإجابة عليها في مجلس يوم واحد مثل هذا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: هات سيدي الذي يتيسر الله يطول لي بعمرك.
الشيخ محمد علي خزندار: والله ما عندي ما أقوله أفضل مما تقوله أنت يا سيدي.
الشيخ عبد المقصود خوجه: العفو يا سيدي الأمسية أمسيتك وأنت فارسها وأنت عريسها الليلة.
الشيخ محمد علي خزندار: أبدأ بالقليل.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا أبداً السؤال هنا باختصار ما هو السؤال هنا؟
عريف الحفل: باختصار يقول السائل الكريم يتكلم عن الماضي والحاضر ثم يقول عندما نتحدث عن الحاضر نتحدث عنه من خلال واقعنا المرير في هذا العصر، عصر الويلات، عصر الصور المأساوية، طبعاً بعد أن مثَّل بالبوسنة والهرسك وفلسطين والشيشان والفلبين وكثير من الدول الإسلامية يقول ماذا يجب علينا عمله لنظهر كما الأوائل من الناس؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: أبداً يعمل عمل الأوائل فيصل إلى نفس النتائج، أما إذا نام ونريد أن نصل لنتائج الأوائل، بالتأكيد الأوائل كانوا أهل عقيدة وأهل عمل وأهل الجهاد فوصلوا إلى ما وصلوا إليه بالعقيدة، فنحن بحاجة بصراحة إلى التمسك بعقيدتنا والعمل بأمانة وبإصرار وأي عمل وراءه عقيدة فيه إصرار إلا نتيجته الحتمية الوصول إلى الهدف.
الشيخ محمد علي خزندار: ولا يصلح أمة إلا بما صلح به أوائله.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أنا هذا يعني مجرد فتح، أرجو منكم أنتم تكلموا.
الشيخ محمد علي خزندار: لا والله هذا الكلام صحيح نعم العقيدة هي التي مكنت لأوائلنا سيادة العالم وهي الطريق الوحيد لعودتنا إن شاء إلى عزة وسؤدد.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا سيدي هنا عندي سؤال قد يكون فيه زوايا توثيقية تهمنا، مثلاً كانت هناك مدارس منها المدرسة الراقية، ما هي معلوماتكم عنها؟
الشيخ محمد علي خزندار: المدرسة الراقية هذه كانت نهاية التعليم في زمن الشريف الحسين، كانوا يقدمون إليها الخريجين من المدارس الابتدائية كانت هناك ثلاث مدارس ابتدائية أو أربع بزمن الشريف الحسين منها (المسعى) ومنها واحدة في سوق المعلا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: من مؤسس مثلاً المدرسة الراقية؟
الشيخ محمد علي خزندار: مؤسسها الملك حسين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الملك حسين نفسه.
الشيخ محمد علي خزندار: لأنه في زمن الأتراك، كانوا الأتراك يحبون ألا ينتشر التعليم في الحجاز... كان في المدرسة في سوق المعلا كان المدرس يدرس شيئاً بسيطاً وأرغمت الحكومة التركية الشيخ حمدوه أن يعلم الطلاب اللغة التركية.
الشيخ عبد المقصود خوجه: في المدرسة.
الشيخ محمد علي خزندار: في مدرسة الفلاح.
الشيخ عبد المقصود خوجه: في مدرسة الفلاح.
الشيخ محمد علي خزندار: قال لهم: لكن ترى يا عيال اللغة التركية يعني كل شيء بالآخر وكذا ولا أدري ماذا، قولوا الكلمتين هذه إن شاء الله (إيش) ولا رضي، فكانت الحكومة التركية الخلاصة أنها تضيق على الحجازيين لا تريدهم يتعلموا بالذات حتى لا ينبري منهم صوتاً يطالب بشيء، فالشريف الحسين هو الذي أسس المدارس الابتدائية وهو الذي أسس المدرسة (الراقية) وكان يأتي يتفقد المدارس عندما كنا في مدرسة (المسعى) مرة جاءنا ورأى المياه في الطرقات من أثر شرب الطلاب، فقام وضرب المراقب ضربة أثرت في خده، جلست أيام، كان يأتينا في القلعة في مدرسة الراقية هذه كذلك يفاجئنا بالليل يدخل علينا حصص الدراسة الفصول.
الشيخ عبد المقصود خوجه: إذن مدرسة القلعة هي التي كانت المدرسة الراقية.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم هي كانت فيها الراقية وهي مؤسسها الشريف الحسين وكان يفاجئنا ويأتي الفصول عندنا مرة كان مدرسنا يدرس كتاب يسموه آداب الفتى مطالعة وكان فيه كلمات أعجمية قال: لماذا لا تعربوا هذه؟ كان يتدخل هكذا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: طيب ماذا تعرف عن المدرسة العالية؟
الشيخ محمد علي خزندار: هذه كانت الدراسة فيها أغلبها (رياضيات) بخلاف ما عرفت في مدرسة الفلاح أخيراً أغلب دراستها واتجاهها اتجاه علمي ديني.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أين كان مقرها؟
الشيخ محمد علي خزندار: مدرسة القلعة؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: العالية.
الشيخ محمد علي خزندار: العالية هذه كانت في نفس جبل هندي، التي صارت مقراً لتحضير البعثات فيما بعد.
الشيخ عبد المقصود خوجه: من أسسها؟
الشيخ محمد علي خزندار: أسسها الشريف الحسين كانت قلعة تركية، ولكنها واسعة الأبهاء، واسعة الفصول وجعل الشريف الحسين فيها المدرسة الراقية. وكانت تستوعب أربعة فصول واحد واثنين وثلاثة وأربعة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الحقيقة الأسئلة هذه ليست أسئلتي، من الدكتور عمر حسين عطاس أرسل سؤال من عدة نقاط يقول:
ماذا لديكم عن المدرسة الراقية التي تحدثتوا عنها، المدرسة العالية، التحضيرية في المسعي كنا تكلمنا عنها، التحضيرية في الشبيكة، ماذا عندكم عن مدرسة الشبيكة؟
الشيخ محمد علي خزندار: أنا أسمع بس أنه يوجد فيها غير مدرستي (المسعى) كان في مدرسة في الشبيكة ومدرسة في سوق المعلا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: والشامية؟
الشيخ محمد علي خزندار: الشامية، ما كان فيها إلا في زمن الملك عبد العزيز.
الشيخ عبد المقصود خوجه: المعابدة؟
الشيخ محمد علي خزندار: المعابدة، ما كان فيها مدرسة. زمن الملك عبد العزيز صارت جنب بازار الشامية المدرسة وتخرج منها الكثيرون أيضاً.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما أدري تذكر المدرسة العزيزية؟
الشيخ محمد علي خزندار: أي نعم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: كانت بقربها جريدة البلاد، جنب البازار في الشامية معروفة، تفضل.
عريف الحفل: هذا الشيخ عبد الله القرني يسأل يقول:
هل الشعراء المنتشرون في هذا العصر يؤثرون على الأدب بشكل مباشر؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله أنا إن قلت إني ما أستوعب جميع شعر الشعراء هذه الأيام ما أكون كاذب، أولاً لا أرى شيئاً من الشعر ينشر في الصحف والمجلات الآن، تعال خد صحيفة عكاظ نازلة علينا بالشعر الحميني تسوي فيه عشرين صحيفة فلان كسرة وفلان ما أدري إيه وكلام شيء يجيب (الصمرقع) لكن في قصيدة مثلاً طيبة تنشر في غزل في أدب فنون من أفانين الشعر ما في شايفين شيء؟ في الصحف والمجلات والجرائد؟ في الصحف السعودية شايفين شيء من هذا؟
عريف الحفل: من الشعراء القدامى الذين تعرفهم أنت؟ الذين لحقت بهم؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله كان بزمانا زي ما قال، كان في الأستاذ أحمد إبراهيم غزاوي، كانوا قبلها في شعراء على النمط البديعي الذي كان سائراً عليه الشعر قديماً يعني، كان في شعراء في الحجاز وكان في بعضهم في الشعر الحميني واحد بديوي كان هذا يقول قصائد ممتازة:
أيامنا والليالي كم نعاتبها شابت
وشبنا وعفنا بعض الأحوال
وكان شعره كله حكمة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: تذكر اسمه؟
الشيخ محمد علي خزندار: بديوي.
الشيخ عبد المقصود خوجه: اسمه البديوي؟
الشيخ محمد علي خزندار: نعم البديوي.
الشيخ محمد علي خزندار: البديوي الوقداني. وكان في كذلك شعراء آخرين كنت أقول لعابد أنه كان الشيخ عبد اللطيف عالم كان ما شاء الله جميل الصورة، فكان واحد من شعراء الحجاز القدامى يقول فيه (مشجّر) هذا المشجر الذي يبدأ كل بيت بحرف من الحروف... يقول:
علـى جيـد هـذا الظبي فلينظـم الـدرُ
وإلا فما للدُرِ قدرُ ولا فخرُ
بدا فأضاء الجو حتى كأنما
بليلة نصف الشهر لم يطلع البدر
دعوني وتقبيلي لخالٍ كأنه
هو الحجر المثنى وحاجبه الحجرُ
أطوف بذاك الخالي سبعاً ومن
يطف فلا بد مـن أمـر بـه يختـم الأمر
وهذا لا بد من أمر به يختم الأمر تقبيل الحجر الأسود تقبيل الـ...
عريف الحفل: الأسئلة ترى انهالت كثيراً ونحن يبدو أثقلنا على الشيخ.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا... لا تفضل... تفضل.
عريف الحفل: طيب أليس لك شعر أنت يا شيخ؟ يعني ما لك شعر ما قد كتبت؟ ما حاولت تكتب؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله لي كتابات حول الشعر، كنت أعجب جداً أنا يعني مثلاً بشعر عمر بن أبي ربيعة بأنه يمثل الحياة، كان أغلب شعره غزلي، والغزل يلمس ناحية مهمة في حياة كل إنسان، لأن الأنثى في حياة كل إنسان لها شأن كبير هام جداً، الكلام هذا صحيح إلا ليس صحيح؟
- صحيح جداً.
الشيخ محمد علي خزندار: وكنت معجب بشعره كثير، وكان لابن عباس رضي الله عنه كذلك أعُجب بشعره أستنشده كان من شعره في المسجد النبوي الشريف قال له: مر عليه يوم وكان عنده نافع بن الأزرق الخارجي هذا الذي يعتبر رئيس الخوارج، فجاء رأي عمر بن أبي ربيعة قال له تعالى يا عمر أنشدنا آخر ما قلت قال:
أمن آل نُعم أنت غادٍ فمبكرُ
غداة غدٍ أم رائح فمهجرُ
فقال له يا ابن العباس نضرب لك أكباد الإبل من العراق إلى هنا تقوم تخذلنا تتركنا وتسمع بشاعر يقول:
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت
فيخشى وما بالعشي فيخسرُ
قال لم يقل هكذا إنما قال:
رأت رجلاً أما إذا الشمس عارضت
فيضحى وأما بالعشيّ فيخسرُ
وإن شئتم سأتلو عليكم القصيدة كلها من أولها لآخرها وتلاها عليهم. وكانت هي الحقيقة من أحسن قصائد عمر بن أبي ربيعة. في واحد شاعر أخذ نمط عمر بن أبي ربيعة هو الظاهر أنه علي ابن عبد الله ابن عمر الذي تولى إمارة مكة قبل الشريف الحسين أنشأ قصيدة نبطية على نمط عمر بن أبي ربيعة يصف كل واحدة منهم وصف يقول:
أخذت لي شيئاً من العطر الهيل
وسريت مثـل أهـل الـهوى يوم يسرون
ولا أدري واحدة من فوق، قال كلاماً جميلاً كانت القصيدة هذه عندي ثم فقدت ونسيت أكثر أبياتها وطلبت آل زيني متوكل لأنهم كانوا هم من أهل الوادي قلت لهم دخليكم هذه القصيدة سمعتها لأول ما سمعتها منكم... عندكم؟ قالوا: ما عندنا ضاعت، فكان في شعراء قديماً قبل ما يأتينا مثلاً أول ما عرفنا قبل أحمد إبراهيم غزاوي، الأدباء الذين كتب عنهم الشيخ محمد سرور صبان في أدب الحجاز، الشيخ عبد الرؤوف وهو كذلك كان له شعر الشيخ محمد سرور الصبان وعمر عرب، حسن عواد.
عريف الحفل: لكن أنت يا الشيخ أنت أليست لك محاولة أنت ما حاولت تكتب؟
الشيخ محمد علي خزندار: محاولة شعرية ما عندي، لي بعض الكتابات، لكن محاولة شعرية ليس عندي.
عريف الحفل: طيب هذا سؤال من الأستاذ حسين عاتق الغريبي يقول:
عاش الأستاذ محمد سعيد عبد المقصود في وسط أدبي كان يمثل النخبة المميزة للرعيل الأول كيف كانت مكانته بين الأدباء هل أنصفه أدباء زمانه؟ وما هو الأثر الذي تركته مقالاته الصحفية في مجتمعه آنذاك والتي كان يوقعها تحت اسم "الغربال"؟
الشيخ محمد علي خزندار: "الغربال" والله كانت ما كانت تهز الشعور، كنا نتعقبها كل أسبوع، لأنها كانت تنتقد أنماط الحياة التي كانت سائدة عندنا انتقاد صميمي، وكان هو من الجرأة بحيث ما يتأخر، يقول الكلام هذا كله وكان الناس يطربون لسماع هذا الكلام، في تلك الأيام لم يكن أحد يقدر يطرق هذه المواضيع لكن هو الوحيد الذي كان يطرقها، وكانت مكانته في "أم القرى"، وكانت تطلع في مطبعة أم القرى، كانت تساعده على النشر، وهو كذلك له مركز أدبي كبير تمثل في الكتاب التي سبقت الإشارة إليه، الذي عمله هو والشيخ عبد الله بلخير.
الشيخ عبد المقصود خوجه: (وحي الصحراء).
عريف الحفل: هل حضرت مجلسه يا شيخ.
الشيخ محمد علي خزندار: أنا أعرف أبوه- الله يرحمه - أعرف جده الشيخ عبد المقصود خوجه. كان موظف في مالية الشريف الحسين وكانت المالية التابعة للشريف حسين كلها عبارة عن ثمانية موظفين، بما فيهم أحمد باناجة الوزير كان يطلق عليه وكيل، ما كان الشريف يعني يقبل يطلق لقب وزير على أحد من رجاله.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما هو الاسم الكامل للشيخ باناجة؟
الشيخ محمد علي خزندار: أحمد باناجة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الشيخ أحمد باناجة. تذكر من الثمانية أحد بالاسم لأن الشيخ أحمد إبراهيم غزاوي كان قال أنه أحد الموظفين في المالية.
الشيخ محمد علي خزندار: الشيخ أحمد إبراهيم غزاوي كان موظفاً في دار الفتوى عند الشيخ عبد الله سراج، رئيس مجلس الوكلاء وقاضي القضاة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: نعم، أبو الشاعر الكبير الأستاذ حسين سراج.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: أنا يعني فاهم هذا بس حبيت أن أُنوِّه أن والد الشاعر المعروف الشيخ حسين سراج وهو أحد شخصيات (وحي الصحراء).
الشيخ محمد علي خزندار: له شعر جداً جميل (ولاَّدة بنت المستكفي) قصة من قصصه الرائعة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: مسرحيته المشهورة، نعم. تذكر من الثمانية غير الشيخ أحمد باناجة. وغير جدي أحد من الأسماء.
الشيخ محمد علي خزندار: والله كان في الشيخ يوسف قطان.
الشيخ عبد المقصود خوجة: الشيخ يوسف قطان.
الشيخ محمد علي خزندار: كان هذا أمياً ولكن ما شاء الله كان له شان وحظ كبير، خدم الشريف عون الرفيق، وخدم بعده الشريف علي باشا، وأنشأ له شبرا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: قصر شبرا تقصد؟
الشيخ محمد علي خزندار: نعم قصر شبرا بالطائف. هو هذا الشريف علي باشا الذي أقول لكم كان له القصيدة النبطية التي سار فيها على نمط عمر بن أبي ربيعة، ثم خدم الشريف الحسين، ثم بعد ذلك خدم ابن سعود، كان في جدة مع الشريف علي وأرسل للملك عبد العزيز وقال له قصري، في المعابدة بجانب قصرك هذا ملك لك فكان الملك عبد العزيز سكّن فيها والده الإمام عبد الرحمن وكان يقول لم أخرج من البيت إلا كنت أنظر إلى هذا القصر من أجل أن أرى القصر الذي كان يسكن فيه أبي ويتذكره، فكان الشيخ يوسف هذا وزير النافعة كان يسموه، يعني وزير الأشغال لذلك كان من الوزراء الكبار في تلك الأيام فؤاد باشا الخطيب، كان هذا شاعر الحقيقة شاعر العروبة وإلى الآن كانت له قصيدة حلوة يتغنى بها حسن جاوة:
أيـها النـائم قد حـان الـبكور
وانطوى الليل كما تطوى السطور
لقد خطـت يد الله على صفحـة
الكـون من خلـف السـطـور
لـفظ المقـدار مـنهم آيـة بعدما
قـد ملأوا سمــع العـصـور
فانـهب اللـذة فـي أوقاتــها
وانتهبها اليـوم إن كنـت جـسور
ما الذي تــنظر فـي يـوم غدٍ
وغدك الأمس تطويـه الدهــور
وانظر الروضـة غـناء لما حفـلت
مـن قـبـل ميـعـــاد النشور
 
هذا يحكي عن الطائف.
ولقـد حــدثـني رمـانـهـا أن
كان نــهـوداً فـي الصـــدور
وروى لـي الـبـان عـن أعطافـها
أنه كـان خـــدود الـقـصـور
 
ردت هذا المعنى في بيتين أخريين قال:
بعد مـوتي عناصر الـجسم تـنحل
فيمـتصـها النبـات طعــامـاً
فاذكرونـي إذا تكـللـتِ بالـورد
ففيه هبــاء جســمـي أقــاما
 
وعندما يقول:
ولقــد حدثــني رمــانها أنـه
كــان نـهـوداً فـي الصــدور
يعني أن الإنسان عندما يموت يأتي النبات ويتغذى في هذا.
 
هكذا قصيدة حلوة، وله قصائد ومواقف طيبة جداً لكن راحت لم يدونها أحد، من أفحل الشعراء في زمن الشريف الحسين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما وجدت شيئاً، أنا تعبت عن الشاعر الأستاذ عمر عرب وعن الشعر هذا ما وجدته للأسف.
الشيخ محمد علي خزندار: عمر عرب كانت له قصيدة منشورة في أدب الحجاز.
الشيخ عبد المقصود خوجه: قصيدة منشورة في أدب الحجاز، قصائد منشورة في (وحي الصحراء) لكن كما سمعت من الأستاذ زيدان ومن الأستاذ الغزاوي أنه كان شاعراً فحلاً. لكن مع الأسف ما استطعنا أن نصل إلى تراثه فلو لا ما حدث الآن ما وصلنا إلى شعر الأستاذ الغزاوي، لو هذا الشعر ما وصلنا لكان ضاع نصف ما قاله الأستاذ الغزاوي، لأن الذي نُشر في رسالة الدكتور العطوي عبارة عن جزأين، بينما لما جمعنا الآن ما نُشر من تراث الأستاذ الغزاوي وقارنَّاه بالأستاذ العطوي أصبح لدينا أربعة أجزاء، النصف كان قد ذهب، ولا أحد يعرف عنه.
الشيخ عابد خزندار: أريد أن أقول شيئاً أنا أتصفح مجلة الرسالة القديمة عندي كل أعدادها.
الشيخ عبد المقصود خوجه: وأنا عندي.
الشيخ عابد: ففي عدد من الأعداد لما الملك فيصل احتل دمشق قاموا شعراء عرب.
الشيخ عبد المقصود خوجه: فيصل الأول قصدك الهاشمي يعني.
- فيصل بن حسين.
الشيخ عابد خزندار: نعم وألقوا قصائد أمامه كان منها قصيدة لفؤاد باشا الخطيب وقصيدة لخير الدين الزركلي، ومنشورة في "الرسالة".
الشيخ عبد المقصود خوجه: يعني هذا مصدر، يعني ما في شك هو نشرت القصائد، لكن ما في شيء يكوِّن معانا ديوان.
الشيخ عابد خزندار: لا ما يكوِّن.
الشيخ عبد المقصود خوجه: هذا السؤال، يعني مثلاً مثل الأستاذ عمر عرب موجودة عشر أو أثنا عشر قصيدة لكن ما في أكثر من ذلك، ليس عندنا مكونات ديوان.
الشيخ عابد خزندار: مات ولده.
الشيخ عبد المقصود خوجه: مات ولده، أنا شخصياً ما قابلته لكن أرسلت له كان مريضاً وقال أنه لم يجد شيئاً، يعني مع الأسف أنا عدت إلى شخصيات (وحي الصحراء) منهم الأستاذ عبد الحميد عنبر وله ابنة موجودة وأوصلتني بها السيدة فاضلة زوجة الدكتور طلال بكر -الله يرد غربتها إن شاء الله- مشافى معافى وكانت الإجابة العادية أنه ليس لدينا أكثر مما نشر.
الشيخ محمد علي خزندار: أنا زاملت الشيخ محمد عمر عرب في وزارة الصحة عندما كان رئيس ديوان وزارة الصحة وكنت أنا ممثل مالي بوزارة المالية في وزارة الصحة، لكن الواقع لم يكن يعجبني شعره، ولا أنا من المكانة بحيث أنتقد شاعر مثل الشيخ عمر عرب، من جملة قصائده التي نُشرت في أدب الحجاز يقول:
يا ربة القرط وذات الســوار
أنت حياتي ليس عنك اصطبار
وعـن هــواك قــط لا
أصـبر لـو مسنـي الكرب
 
يقلد في هذا شعراء المهجر، لكن المعنى مبتذل، ركيك، ماذا يا ربة القرط وذات السوار؟ لكن لم أقل له هذا الكلام، كنت عندما تجمعني به مجالس خاصة أقول له: أنشدني شيء من شعرك، يقول لي: خلاص ليس وقته.
عريف الحفل: هذا سؤال من الأخ عبد العزيز العليان، يقول:
نود أن نأخذ صورة خاصة تذكارية للشيخ محمد علي خزندار مع أبنائه، وصورة خاصة للشيخ محمد علي خزندار مع أصدقائه.
الشيخ محمد علي خزندار: صورة فوتوغرافية أم ماذا؟
عريف الحفل: لا لا صورة يعني يأخذ فكرة عن كيف تعاملك مع أبنائك؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله هذا السؤال يجاوب عليه عابد، كنت أحوطهم بالحب كله، لكن أحرم نفسي.
الشيخ عبد المقصود خوجه: سؤال أُجيب عليه مع الأستاذ عابد.
عريف الحفل: طيب أصدقائك، يعني من تذكر من أصدقائك؟
الشيخ محمد علي خزندار: كانت الدنيا في الزمن القديم (بِشَك) كانوا الحجازيين إذا جاء موسم الحج كل واحد يلتفت للموسم ويجمع الدراهم، كل واحد كان يستفيد من الموسم، حتى صاحب البيت العقاري الذي ليس له علاقة بالطوافة كان يأجر بيته على شيخ جاوه ويستغل الفلوس ويعيش بها، ولكن منذ أن ينتهي الحج يأتوا أهل مكة على طريقتهم الشيء الذي جمعوه في الموسم كله ينفقوه بعد هذا أيام في جعرانة وأيام في منى وأيام في الشهداء وطرب الشيخ صالح حلواني، والليالي هذه كانت حافلة بالمرح والطرب صالح حلواني قبل حسن جاوة كان مطرباً مطرباً ممتازاً كثيراً، يا ليل يا، لم يعد هناك قرش (يقعدوا يديَّنوا)، وأهل مكة عادةً كما قال سيدي الأستاذ عبد المقصود.. كانوا يعني هكذا أهل مرح تكلم عن هذه الناحية سمعناها كلنا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: مكة كما نعلم كانت يعني الفترة هذه يسموها فترة (بصارة) موسم وبصارة، ففترة البصارة هذه كما تفضل شيخنا الجليل، أنه كان الناس يقضوا أوقاتهم في مرح، ويحضروا في ذلك الوقت... يعني أهل مكة أهل صناعة كما نعلم وفادة.. ورفادة.. وطوافة.. وسقيا.. وحجابة، فتجد كل صاحب صنعة مثلاً أتذكر أنا السماكرة يشتغلوا في قضية.. ما كانت أيامها.. مادة البلاستيك فكانوا مثلاً يحضروا العلب ويعبونها ماء زمزم ليبيعوها للحجاج، تجد كل واحد مثلاً خياط الذي يعمل (سُبَح) يعني كل صاحب صنعة يشتغل.
الشيخ محمد علي خزندار: صناعة الخيش..
- يعني العهد قريب الشيء هذا، حكاية علب الزمزم إلى عهد قريب.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.
عريف الحفل: هذا سؤال من الأخ محمد منصور الشامي يقول:
أرجو من فارس هذا الحفل الكريم وقد عاش حياة حافلة عامرة بالعمل والجد والاجتهاد أن يفيدنا نحن أبناءه بثلاثة دروس هامة تعلمها من حياته المديدة المباركة. يعني أهم ثلاثة دروس يا الشيخ تعلمتها.
الشيخ محمد علي خزندار: يعني أهم شيء.. أهم شيء حب العمل، هذه السمة التي كانت تسيطر عليَّ، ما كنت أستطيع أبرز في عملي إلا بطريق حبي للعمل، عندما كنت أحب عملي... يعني إلى حد العشق أبذل فيه كل جهدي وكل طاقتي وكنت أنجح الحمد لله، نجاح كان (يخلِّي) عندما أتي لأترك.. يتمسكوا بي. مرة مثل ما حكيت.. رشحتني وزارة المالية لوظيفة فيها.. أول وظيفة فيها فجاءوا إلى أهلي عين زبيدة أبداً لا تخرج، اشتكيت للنائب العام المرحوم الملك فيصل، قالوا: أبداً هذا يتعطل الشغل كُلَّه إذا خرج، بعدين -الله يرحمه- صدر أمر قال: إذا كان المذكور مُصرْ على الاستقالة وكانت الوظيفة التي رُشِّح لها في وزارة المالية ما تزال شاغرة فيطلق سبيله. فكنت أيضاً في كل مكان أتواجد به تجدهم يتمسكون بي لو حاولت أن أخرج، لماذا؟ الأساس كله.. الأساس الوحيد حب العمل، وأنا أنصح كل إنسان يحب النجاح في عمله أن يُقْدِمَ على حب العمل، وهذا فيه معنى الإخلاص لله سبحانه وتعالى، لأن الله سبحانه وتعالى يحب أن كل من أُستُدعي في عمل أن يؤدي واجبه على الوجه الأمثل، وهذا لا يتأتَّى إلا بالإخلاص في العمل.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ما هو الدرس الثاني؟
الشيخ محمد علي خزندار: والله المثل الثاني (الصبر)، صبرنا على مُر الحياة في تلك الأزمان، كانت لنا خمس رواتب تتعطل دائماً وأبداً، أوَّل ما بدأنا في المالية عام 1354هـ قال وزير المالية: نريد أن نوفِّر ربع الرواتب نحتفظ بها لكم أمانة عندنا إذا أيسرنا نعطيكم إياها، طيِّب رضينا، وبعد مدة أصبحت شهر.. شهرين.. ما في ثلاثة شهور.. خمسة شهور يصرفوا لنا راتباً واحداً، إذا صرفوه يقولون نعطيكم على حسب ما يوجد في الصندوق، لم يفِ الصندوق قد براتب كامل، إمّا ثلثا الراتب فما يكون أو نصف الراتب كانوا يعطونا إياها أرزاق، كنا نبيع ورقة الأرزاق على طه الخياط بنقص عشرة في المئة، اليوم الذي جمعت فيه ستين ريال وضعتها هكذا كرسي عندما كان الريال فضة، وضعتها كرسي بجانب كرسي بجانب كرسي وتركتها وقتاً طويلاً أريد أن تراها زوجتي حتى لا تحسبني فقيراً، (شوفي ها كرسي ينطح كرسي) هذه ستون ريال أمامك، فالصبر.. الصبر على مضض الحياة هذه الخصلة الثانية أيام الوظائف.
الشيخ عبد المقصود خوجه: والثالثة ما هي يا سيدي.
الشيخ محمد علي خزندار: الثالثة أقولها لكم لكن.. بن سليمان مرة قال لي: قل لولدي محمد يذهب ويرى الضيوف الفلانيين ويترتب لهم كذا وكذا وكذا، محمد موجود.. محمد سليمان، يا محمد أبوك يقول: كذا وكذاك وكذا، قام بن سليمان في العصر جاء قال محمد علي ماذا فعلت؟ قلت: أخبرت محمد. يا محمد ماذا فعلت؟ محمد لم يعمل شيئاً، تلجلج، حمل (الشطَّافة) وانهال عليه بالضرب.. هلكه، عندما شعر بوطئة الضرب قال: لم يقل لي. قال: ماذا؟ نظر إلىَّ وعندها ساعتها كنت أقول لو قلت له يزداد ضرباً لولده وهذا شيء كالوحوش يضرب ولده، سكت.. أنزلت رأسي ظنني متهماً، نزل عليَّ (بالشطَّافة) قلت له: والله لن أعمل عندك، (وجيت تاني مع الدرج وخلاص رحت أحزم شنطتي ببيت الضيافة وبدي أمشي) قلت: أبيع كرَّات ولا أجلس وأشتغل عندك أُسمِعُه الكلام. أرسل لي باشماخ، أحمد باشماخ حي يرزق.
الشيخ عبد المقصود خوجه: هنا يأتينا كل اثنينية، مع الأسف هذه الليلة لم يشرفنا بالحضور.
الشيخ محمد علي خزندار: هو كان يقول لي أنه يأتي كل ليلة إثنين. أرسل لي يسترضيني وهات.. (وليِّن عصبي) سكت.
الشيخ عبد المقصود خوجه: طيب ما دام غير موجود هل نستطيع أن نعرف أن الأخ أحمد باشماخ عمره كم سنة.
الشيخ محمد علي خزندار: سبعين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: ليس أكثر.
الشيخ محمد علي خزندار: لا، إنه كان يقول لي: سبعين من قبل كم سنة.
الشيخ عبد المقصود خوجه: إذاً أنا أفضى لي أنه حضر زواج والدتي على والدي.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.. نعم.. نعم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: سبعين ماذا يا أستاذ. فوق الثمانين الله يطوِّل لي في عمرك بالراحة.
الشيخ محمد علي خزندار: بلا، أنا أقول أنه منذ زمن كان يقول لي: أنا سبعين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذ أحمد زميل الشيخ عبد الله بلخير في الدراسة، والشيخ عبد الله.. الله يعطي لهم الجميع طول العمر.
الشيخ محمد علي خزندار: زاملني في المكتب الخاص كثير.
الشيخ عبد المقصود خوجه: نعم أعرف هذا.
الشيخ محمد علي خزندار: وزاملني في الإفطار مع جلالة الملك عبد العزيز -الله يرحمه- عندما كنا نحن خمسة أنفار.
الشيخ عبد المقصود خوجه: إذن يعني فوق الثمانين، لأن معالي الشيخ عبد الله بلخير وسيدي أحمد ملائكة و(الشِلَّة) هذه -الله يطيل في أعمارهم- في أواخر الثمانينات.
الشيخ محمد علي خزندار: وعبد الله باحمدين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الله يرحمه. توفي في بداية السبعينات الهجرية.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.. نعم.
عريف الحفل: من الأخ مجدي مكي يقول:
بما أنك شاهد العصر نرجو أن تحدثونا عن علماء الحرم المكي ومجالسه العلمية، فمن تذكرون من العلماء الكبار الذين أدركتموهم وكيف كانت طريقتهم في التدريس؟
الشيخ محمد علي خزندار: الله، أول شيء أقوله: أن الحاج محمد علي زينل -الله يرحمه رحمة الأبرار- كان له نية حسنة، كان كل ما يدخره من أرباح في تجارة اللؤلؤ، كان أكبر تجار اللؤلؤ في العالم، يصرف على مدارس الفلاح في مكة وجدة ودبي وبومباي ربما كذلك، وأخذ نخبة من الشباب أخذهم إلى بومباي يعلمهم، منهم حسن كتبي وسامي كتبي والبرناوي وما إليهم، كان من نيته الحسنة أن ربي سخر له مشائخ في مدرسة الفلاح كلهم من الصُلاَّح وعن الصُلاَّح الكلمة التي يفهمها كلنا، أن الصُلاَّح يعني الذي يرى الله في كل شيء، كان الشيخ عبد الله حمدوه والشيخ الطيب المراكشي والشيخ محمد أمين فوده والشيخ محمد العربي التباني والسيد محمد عيسى رواف والشيخ يحيى أمان والشيخ أحمد الناضرين، كلهم كانوا علماء أجلاء يبذلون العلم لنا في صفوفنا وفي فصولنا وكان الله سبحانه وتعالى كذلك يكتب لنا النجاح على أيديهم، كان الشيخ عيسى رواف هذا كل ما يمشى يقرأ قرآن، يخرج من البيت يقرأ قرآن، يدخل المسجد يقرأ قرآن، يدخل الفصل عندنا في الدراسة يقرأ قرآن، يا ولد سمِّعوا لبعض، طيِّب.. عندما يقول لنا سمِّعوا لبعض نستبشر لا أحد حافظ نقرأ.... بعد قليل ها يا ولد.
الشيخ عبد المقصود خوجه: من يومها ما شاء الله الغشش شغَّال يعني.
الشيخ محمد علي خزندار: سمَّعتوا؟ أيوا يا سيدي، حافظين كلكم، كلنا حافظين يا سيدي، ولكن يترك لنا فتوح في درسه الفقه الحنفي إلى الآن قواعده راسخة في ذهني، يشهد بهذا يا سيدي الأخ عدنان، لا يأتي مناسبة إلا أقول لهم.. أبو حنيفة كان رأيه هكذا. في الحرم الشريف كان نفس المشائخ هؤلاء ينزلون بناء على طلبنا يا سيدي أعمل لنا درساً في المسجد، الشيخ عيسى يعمل لنا درساً في المسجد، الشيخ يماني يعمل لنا درساً، الشيخ عمر حمدان كانت كل حصوة من حصاوي المسجد الحرام غاصة بالعلماء والطلاب، عند باب النبي الشيخ أبو الشيخ أحمد زكي الشيخ سعيد يماني حلقة كبيرة، بعدين حلقة السيد علوي المالكي، بعدين حلقة الشيخ حمد العربي التباني، كانت كل حصاوي المسجد الحرام لا تخلو منها حصوة من الدراسة، يحدثني عمي يقول: كان الحرم هو الجامعة.. الجامعة الكبيرة التي تقولون عنها هذه الأيام، كان المسجد الحرام أخرج فطاحل كانوا يأتون من الخارج، يقول واحد: هذا زقاق الطبري الذي في المُدَّعى قبل مقرآة الفاتحة، وأهل مكة يعرفوا اسم مقرآة الفاتحة هذه، هذا زقاق الطبري يقول واحد: كان يخرج منه في عيد رمضان لصلاة المشهد أربعين عمامة كلهم علماء، وكان منهم سيدات، ذكر سيدي الأخ عبد المقصود خوجه.
الشيخ عبد المقصود خوجه: مئتين.
الشيخ محمد علي خزندار: سيدات علماء.. محدثات، كانوا من عائلة الطبري محدثات، معنى المحدث المسند أنه الحافظ الكبير جداً، فيقول عمي: ماذا في زماننا كان يقول علماء كثير، الشيخ عبد الله أبو الخير رحمة الله عليه وضع كتاباً في هذا سمَّاه (نشر النور والزهر) في أفاضل وعلماء مكة من القرن العاشر إلى القرن الرابع عشر، ذكر فيها أن العلماء طائفة كبيرة جداً والعلماء والشعراء، لا أدري رأيتم هذا الكتاب يا سيدي؟
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا، ليس عندي.
الشيخ محمد علي خزندار: أنا غداً أرسله لك.
الشيخ عبد المقصود خوجه: جزاكم الله خير.
الشيخ محمد علي خزندار: لأنه... وغير الحرمين كان الحجاز مرجع يأتوا له العلماء من شتى أقطار العالم، حتى الإمام أبو حنيفة غادر العراق حتى يأتي الحجاز يتملَّى بفقه الإمام مالك وفقه علماء مكة، عطاء بن أبي رباح في مكة، الإمام مالك في المدينة، فكانت مكة حقيقة مصدر إشعاع كبير.. كبير جداً، وأقول فقدت مكانتها.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا إن شاء الله تظل مكة في بيته الكريم، تظل ذلك البلد الذي لا يمكن أن يفقد رونقه ولا يفقد إن شاء الله طابعه.
الشيخ محمد علي خزندار: الله كريم.. الله كريم.. الله كريم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الله كريم.
الشيخ محمد علي خزندار: أهم شيء المسجد الحرام يهيئ لي ما عاد خلاص.
الشيخ عبد المقصود خوجه: لا لا.
الشيخ محمد علي خزندار: أين كان كل حصوة من الحصاوي فيها عالم.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الله سبحانه وتعالى إن شاء الله يعيد الأمور إلى أحسن ما يمكن.
عريف الحفل: الأخ خالد زقزوق يقول:
يا شيخ في أي عام قمت بزيارة الهند وما كانت أهم مشاهداتك في تلك البلاد؟
الشيخ محمد علي خزندار: هذا الهند، كان بن سليمان حظياً عند الملك عبد العزيز حظياً جداً مكانة ما كان يحظى بها فيصل، فأصبح مريضاً قال: يا ابن سليمان اذهب إلى الخارج أبحث عن علاج كما كان الكثيرين من الناس يلتمسون العلاج في الخارج لقصور العلاج الطبي في الحجاز وفي نجد، قال: يا طويل العمر أنا أريد الهند، عشت فيها زماناً ويعرف اللغة الهندية وهكذا، قال له: طيب إذهب، قال للأمير محمد بن عبد العزيز والأمير منصور وكان وزير الدفاع، حول ذلك نحن نريد أن نسافر مع ابن سليمان، قال: هيا توكلوا على الله، الدكتور رشاد فرعون يذهب معكم كطبيب كذلك، وجاء الأمير محمد أخذ ما شاء الله ناس من خاصته، خاصة يعني من كبار رجال حائل (آل الرشيد) كان يرعاهم بأمر والده، رحنا الهند جلسنا أربعة شهور، متنقلين كانت الهند كلها محكومة بالانتداب الإنجليزي، الهند وباكستان وكشمير، وكان الحاكم العام أيامها اسمه (لتجو) ذهبنا وجلسنا في بومباي وفي كراتشي وفي دلهي وفي إسلام أباد، وكانت أياماً حافلة، الأمير محمد يسأل خالد عن الأمير محمد، الأمير محمد كريم، مرة بقيت خارج والتقيته بباب (البنقلة) أمامه ناس (بنقلة) هذه يسموها الهـنود هناك البيت الكبير الذي يحلوا فيه الناس، يطلقوا على القصر الكبير (بنقلة) وجدت أمامه ناس هكذا، محمد معك دراهم، كنت أحسبها له، كان هناك ستة آلاف رُوبيَّة فوق، قال: كل الستة آلاف هذه أعطيته إياها لا أملك شيء، بالآخر صبرت يعطيني الأمير محمد الفلوس، ما أعطاني، خمسة أيام سبعة أيام عقلي برم، ستة آلاف روبية كانت شيء كثير قلت لابن سليمان: طيب شوف والله الأمير محمد قال كذا يا أما تعطيني الفلوس، يا أما أروح أطلبه، قال: لا تفضحنا، الله يفضحك البعيد، خذها.. خذها، طيب لو كانت الفلوس عندي كل ما يبغي شيء.. وكان أحياناً يتغاضى معي يريدني أن آخذ من الفلوس، يقول اطلب لنا من إبراهيم يوسف زينل مئة ألف روبية، أقوله: هذه التي كانت عندنا لم تنتهي بعد، يقول: عجيب لم تنتهي بعد، أقول له: لا، يقول: طيب زين يعني يغفر لي يصير آخذ الفلوس والله أنا ما كنت آخذ.
كان يأتي في الرحلات يضع عندنا قطبة الدراهم ريالات سعودي فضة، نسافر لا يوجد إلا سيارات، يلتقي بجماعة من الفقراء يقف محمد علي هات الكيس يأتي يحسي حسوات، يعطي لهذا، ويعطي لهذا، لا نعر ف عددها منذ أن نأتي المحطة.. هيا أحمد باشماخ من ربع الكتاب اجلسوا الآن نحسب الفلوس نحن نعرف أصلها كم كان مئة ريال؟ كم نقص منها حتى نعرف، ونسجلها.
مرة كنا في مقناص في رحلات البر هذه التي كان إذا وجد فيها، كأني حلمت والله أعلم أنه في الليل جاءني قال لي: أعطي عايض العبود ألف ريال، عايض العبود هذا كان شخصية يعمل مع الشريف علي بن الحسين، ثم عاد يعمل مع بن سليمان، وفي الصباح يومها نريد أن نرحل جلست أعد الفلوس، جاء بن سليمان قال: ماذا تفعل؟ قلت: أعد الألف ريال التي أمرت بها لعايض العبود، قال: ما جئتكم، قلت: ألم. تأتي بالأمس بالليل؟ وقفت عندي قلت يا محمد علي إذا أصبحت أعطي عايض العبود، قال. لا والله، صاروا الأخوان يقولون دخيلك تحلم لنا..
الشيخ عبد المقصود خوجه: لأنه أمر لازم أنه تُعطى.
الشيخ محمد علي خزندار: نعم خلاص لأنه قال له أعطه إياها، أرسل كم؟ دخيلك تحلم لنا...
الشيخ عبد المقصود خوجه: والله يا شيخ محمد علي أنا دخيلك الليلة احلم لي كمان...
الشيخ محمد علي خزندار: لم يعد هناك شيء، الفلوس راحت...
عريف الحفل: سؤال من الأخ ممدوح سجيني يقول:
كيف كان...
الشيخ محمد علي خزندار: ابن ابنتي نعم.
عريف الحفل: نعم ممدوح سجيني يقول.
كيف كان منهج التعليم الابتدائي في أيامكم هل كان على طريقة حفظ القصائد المنهجية كألفية ابن مالك؟
الشيخ محمد علي خزندار: نعم.. عندما كنا في أيام الملك عبد العزيز ودخلنا مدرسة الفلاح، كانت الدراسة في مدرسة الفلاح دراسة صبغتها دينية أكثر من رياضية، وكان عندنا (الألفية) ألفية ابن مالك لكن كانت الدروس كلها حفظ (صَمْ) كل يوم نحفظ خمس أبيات من الألفية، لا أذكر منها إلا البداية قال محمد بن مالك:
أحمدُ ربي الله خير مالكٍ
كذاك خُلِّيتَ مع الشُطّار
الشيخ عبد المقصود خوجه: حتى أيامنا.
الشيخ محمد علي خزندار: لكن في أيام الشريف حسين ما كان عندنا من هذا، كان عندنا شويه في المدارس الابتدائية، كان السباعي عندنا أستاذ، الآن تخرج من المدرسة الراقية وصار أستاذاً عندنا.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الأستاذ أحمد السباعي طبعاً.
الشيخ محمد علي خزندار: السباعي، كان عباس صيرفي كذلك عندنا بعد أن كان مدير المالية مساعد، كان أيضاً عندنا أستاذ، أذكر تلك الأيام كان السلطان وحيد الدين هذا، أخرجته تركيا لا أدري هو كان آخر سلطان أم ماذا؟ وجاء للشريف حسين هنا معتمراً وجاء عيد النهضة وكانوا الناس يعني أمامها المدارس، تحتفل بهذا العيد يوم 9 شعبان، ويُصفُّونا أمام الشريف ونخطب وكان بالجملة الشيخ أحمد السباعي -الله يرحمه- خطيب وتلك الأيام قريب عهد بالنهضة، نزل أحمد السباعي: بني طوران وما بني طوران ويسب الأتراك، الشريف الآن يرى ضيفه سلطان تركي معزوز تأبى المروءة العربية أنه يعني يلعن خصمه أو يسب أمامه، قال: شوفوا لكم غير هذا الكلام، أحمد السباعي أين هو؟ نزل أيضاً على بني طوران، والشريف الحسين ساكت ومسلم أمره لله إلى أن انتهى.
الشيخ عبد المقصود خوجة: في الحقيقة الأسئلة كثيرة، وطال بنا الليل وأثقلنا على ضيفنا، ولا نريد أن نثقل عليه أكثر من ذلك فباسمكم جميعاً وباسمي أقدم الشكر الجزيل لما أمتعنا به من ذكريات وطُرف ومِلَح، مع الأسف لا نجدها في الكتب ولا نجدها يعني مدونة في الكتب إلا في عقول كبار الرجال، ولا شك هذه الواحات تعطي لنا إضاءات لأشياء كثيرة من الممكن أن نقف عندها في المستقبل طويلاً، لأنه كثير من الأسماء أحياناً نفتقدها في السياق لا نعرف إلا اسم العائلة، مثلاً الليلة وردت كثير من الأسماء مثلاً ربما لا تعني لكثيرين شيء وإنما عنت لا أقول لي وإنما ربما لكثير منكم شيئاً كثيراً.
وهذه الأمور أنا ألاحظ وآسف أني أقول أنا لأن هذه الكلمة ثقيلة كثيراً، لأن أول من استعملها الشيطان في قوله: أنا خيرٌ منهُ خَلَقْتَنِي مِن نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ. بعد تسعة عشر عاماً نحن أظن في السنة الثامنة عشرة أو التاسعة عشرة في الاثنينية نرى من خلال قصص الكبار أن هناك أشياء ربما لا تهم الأمسية، لكن إذا ربطناها مع بعضها البعض نجد أننا نخرج بصورة لتاريخهم، فالليلة في الحقيقة صحيح سمعنا أشياء متناثرة وأشياء كحلقات، ولكن إذا ربطناها في يوم من الأيام ستكون سلسلة.
فالشكر موصول لضيفنا الكريم، وجزاه الله خيراً لاستجابته على هذه الدعوة، لأنه في الحقيقة نحن كنا ننتظر هذه الأمسية من أيام طويلة، ولكن الله سبحانه وتعالى أكرمنا هذه الليلة بهذا اللقاء ونرجو لضيفنا الكريم الصحة والعافية والعمر المديد في طاعة الله والشكر له باسمكم جميعاً وباسمي طابت أمسيتكم.
الشيخ محمد علي خزندار: والله يا سيدي أقسم بالله أني عاجز عن شكرك.
الشيخ عبد المقصود خوجه: العفو يا سيدي.
الشيخ محمد علي خزندار: والله أضفيت إلي فضلاً كبيراً، لا أقول أني لا أستحق لا، لا يأبى الكرامة إلا لئيم، ولكن الواقع أني مدين لك ولا أزال متأثر بهذا الجميل إلى أن ألقى ربي.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا سيدي ربنا يحسن إليك، أنتم أصحاب الجميل.
الشيخ محمد علي خزندار: ثم لست أنا الوحيد الذي اختص بهذا الفضل منك، هناك مئتين وخمسين حفلة أقيمت في هذا البيت تكريماً لبعض الرجالات الذين أسدوا إلى البلد خدمة، أجانب وسعوديين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الله يطوِّل لي في عمرك، كل من أفضل علينا.
الشيخ محمد علي خزندار: أسأل الله العظيم.. أنت ابن رجل كذلك الشيخ محمد سعيد -الله يرحمه رحمة الأبرار- كان وطنياً مخلصاً.. مخلصاً.. مخلصاً وهذا كان "الغربال" الذي ينتشر تحت اسم "الغربال" كان فَتحْ فيه فتحاً لم يكن أحد يجرؤ في تلك الأيام ينتقد أحد، بدأ بعدها محمد حسن عواد في (خواطر مُصرَّحة) بدأ قليلاً ينتقد العادات والتقاليد، لكن أول من بدأ ينتقد العادات والتقاليد التي كنا غارقين فيها وكانت على وجه من السوء كبير جداً والدك الله يرحمه.
الشيخ عبد المقصود خوجه: رحمة الله على الجميع، وربنا يرحمنا برحمته، في الحقيقة كل من أفضل علينا وشرفنا في أمسيات الاثنينية كان صاحب فضل، ونحن لم نكن غير سبب، فربنا سبحانه وتعالى إن شاء الله يجزيهم عنا الجزاء الأوفى ويجعل هذا خالصاً لله وللوطن إن شاء الله، وشكراً لكم جميعاً.
الشيخ محمد علي خزندار: نسأل الله أن يجزيك خير الجزاء.. الله يجزيك خير الجزاء، الدار العامرة استقبلت الكثيرين.
الشيخ عبد المقصود خوجه: الله يسلِّمك.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :1322  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 193 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.