شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( حوار مع المحتفى به ))
عريف الحفل: السؤال الأول من الأخ غياث عبد الباقي يقول:
تعرضت لغتنا العربية لغة القرآن الكريم لسهام مسمومة ومعاول هدم عديدة ولقد انتشرت في الفترة الأخيرة مجلات وصحف عديدة تكتب وتنشر ما يسمى الشعر الشعبي، وبلهجات محلية وعامية في أقطار عربية، هل هي حلقة أخرى من حلقات طعن لغة الضاد عليها؟
- الدكتور مرزوق: هذه طبيعة المجتمعات، طبيعة حركة الحياة، اللغة العربية أنا لا أنظر إليها بنظرة واحدة بأنها لغة الكتاب المقدس، لغة التراث، لغة التعبير عن الهوية العربية، هذا جانب عُرِفَ، أنا أنظر إليها على أنها موحد هذا الوطن الكبير الذي لم يبقى له ما يوحده في هذه الظروف السيئة التي نعيشها إلا اللسان، فإذا اكتفى كل إقليم من الأقاليم بلهجته العامية وكل دولة بلهجتها العامية أو بأدبها الشعبي فعندئذ بدأ الانفصام للوحدة أو للشخصية والهوية العربية التي نحافظ عليها أو نود أن نحافظ عليها، فطبيعة المجتمعات أنه يُخْلَقُ فيها هذا لأن اللغة العامية سهلة والنزول أسهل من الصعود، الصعود هو الصعب فما دام هذا هو السهل فالناس أو العامة سيذهبون إلى السهل، ويجدون فيه هذا النوع الذي يعبرون به عن عواطفهم، الواجب علينا وعلى من يغضب لوحدته، يغضب لكيان هذه الأمة أن يحاول الارتقاء بهذا النوع من الهبوط، الهبوط بالجهد ليس الهبوط بالذوق، كما قال أخونا عبد الله المعطاني وهو ممن يعرف الشعر العامي لمِنْ يفهمه فيه ذوق، لا شك بذلك، لكن نحن نحارب هذا لأنه سبيل لتوزيع الأمة ولتفكيك الوحدة، حتى على مستوى الدولة الواحدة كم لهجة نحن في المملكة العربية السعودية نقولها ونعرفها ونبغضها أيضاً، هناك لهجات لو سمعتها لن تستسيغ منها شيئاً وهي جزء من بلادنا وأضرب لكم مثلاً ولن أطيل، عندما كان الأمر في جامعة الملك سعود ويتحداني الكثير من الإخوان الذين يقولون الأدب الشعبي وما الأدب الشعبي، ذهبتُ إلى كتاب عن الأدب الشعبي ودُعِيتْ المحاضرة وحضر عـدد كبيـر فبدأت ألقي عليهم من جزء من بلادنا أدباً شعبياً فنفر الناس الحاضرون لم تقول هذا الكلام، قلت هذا يحافظ على الجذور، وهذا الوطن وهذا الشعر لفلان ابن فلان ومن منطقة بني فلان أليست هذه البلاد من بلادكم فألجموا وسكتوا، إذن قضية الانحدار باللغة هو الذي نخشاه، الانحدار بالذوق أيضاً، الشعر مضمون، المضمون يحمل ذوقاً، ويحمل فكراً ويحمل عقلاً، ويعبر عنه وجدان، إذن الهبوط به هو هذا، شكراً - أنا لا أريد أن أطيل بالأسئلة -.
الشيخ عبد المقصود: لا، لا، بالعكس أسئلة بحاجة لأن هذا حوار بين الإخوان وبينك وهذا إثراء للأمسية بشكل كبير.
عريف الحفل: هذا تقريباً سؤال مشابه لدكتورنا السيد علي المنقري ولكن هنا يضيف، يقول:
الأدب الشعبي يسبب ازدواجية لغوية في حياة العربي المعاصر ما رأي سعادتكم؟
- الدكتور مرزوق: هذا عنصر هام جداً، أنا لو أحببت أن أتطلع على الثقافة، اللغة، العولمة، الكتاب، الذي أشار له بعض الإخوان صدر منذ ست أشهر اسمه (الثقافة، اللغة، العولمة) وهو في الواقع ليس كتاباً، ثلاث محاضرات ألقيتها في أماكن مختلفة أحدها عن اللغة، والثاني عن العولمة، الثالث عن الثقافة، نحن في العالم العربي الآن ولا سيما في الخليج والجزيرة العربية مع الأسف الشديد وصلنا إلى مرحلة الازدواج الثقافي، وهذا هو هنا تفكير وهنا ازدواج ثقافي لأن الأمة لها ثقافة واحدة، إذا سمحت لنفسها أن توجد بديلاً لهذه الثقافة المجمع عليها هنا يدخل الازدواج والازدواج بعد ذلك يكون للأسهل الغلبة والكثرة دائماً للعامية بأي مكان، فإذا سمحنا على منابر الإعلام والصحافة والتفكير والذوق العام للغة الفصحى وثقافة اللغة الفصحى وللعامية وثقافة العامية فالغلبة بالضرورة تكون للكثرة، والكثرة هم العامة وبالتالي إذن سد هذه الأبواب هو الأَوْلَى، ومع الأسف الشديد أننا نحن في الجزيرة والخليج الوحيدون الذين يتركون هذا الحبل على الغارب، الصحافة تنشر، المجلات تنشر، اللغة التي تُنْشَرُ لغة هراء، ولغة إسفاف ومع هذا نقول نحن من الجذور العربية والعربية نزلت عندنا بينما لا نجدها في البلاد الأخرى والحمد لله لا نجدها الآن في مصر في الشام في المغرب هذه المجلات وهذه الصحف التي تنشر اللغة المحلية أو الحساني أو الملحون أو كذا، ففي عدد قليل موجود في أدب قليل لكن الازدواج الثقافي هو ما أثارني عندما بدأت بهذا الموقف وهو أننا فعلاً ندخل نفقاً مظلماً في هذا الجانب لا سيما شيء واحد أيضاً، لدينا الآن أهل مال وأهل ثراء وهؤلاء يبحثون عن الشهرة وهم أيضاً من العامة، والشهرة لا تأتي إلا بقصيدة في ظنهم والعرب أمة شاعرة فيسهل عليه أن يأتي بقصيدة يشتريها أو حتى ينظمها وينشرها في الجريدة ويضع اسمه تحتها وهذا يحصل في دول الخليج، لدينا ثلاثون مجلة عامية تخرج بأحسن الإخراج وتباع منها الملايين وكلها من هذا النوع الذي ينشر صورة الإنسان الشاعر وبعضهم يشتري شعره شراء، لأنه عندما يلقي الشعر يعرف أنه ليس شعراً لأن من يقول الشعر لا يمكن أن يلحن فيه أو يكسر وزن الشعر، حتى وإن كان عامياً، بعض هؤلاء ينشر قصائد جميلة ومن أجمل القصائد، ولكنه إذا ألقاها لا يحسن إلقاءها وهذا مستحيل أنْ يكون هو الشاعر.
عريف الحفل: الأخ العمري يسأل ويقول بأن الأستاذ حمزة المزيني استخدم مصطلح الشعر العامي الأكثر "دلعاً" أو "شعر مدلع"، فما رأيكم وخاصة وأن الشعر العامي كالشعر الفصيح من حيث تطرقه إلى أغراض الشعر المختلفة، وهنالك من الشعر الفصيح ما هو أكثر دلعاً، فيقول العمري ألا ترى معي يا صاحب السعادة أن الشعر العام يخدم قضايا عديدة لمصلحة الأمتين العربية والإسلامية؟
- الدكتور مرزوق: شطر السؤال الأول يوجه للدكتور حمزة، الشطر الأخير، هل يخدم قضايا الجواب:"لا" الشعر العامي واللغة العامية لا تخدم قضية، قد تخدم إقليمية، وقد تخدم انحصار، أما الذي يخدم القضية العربية هو الفصحى، ثقافةً وفكراً ولغةً وأيضاً حتى من باب المصلحة العامة، هل تود أن تكتب شعراً يقرأه مئة مليون، أم تكتب شعراً يقرأه ثلاثون أو أربعون ألف قارئ، يعني للإنسان نفسه هذا صاحب الكتاب الذي يكتب في العامية إذا كتب في العامية لم يقرأ كتابه إلا هذا العدد القليل، إذا كتب بالفصحى مهما كانت قد ينتشر كتابه ويقرأه أكثر من مائتي مليون عربي وأكثر من ذلك، حتى إن الإخوان الذين ينظرون هذه النظرة فإنهم يحسبونها من هذا الجانب.
عريف الحفل: الأخ عبد العزيز قاسم من قناة اقرأ الفضائية يقول:
قرأنا في الصحافة المحلية نبأ انطلاق القناة الشعبية قناة (اية آرتي) في رأيك سعادة الدكتور، هل ستتوالى القنوات الشعبية وتتناسل كما في مجلاتها وملاحقها؟ وكيف تقرأ سعادة الدكتور أثر هذه القناة وغيرها من القنوات الفضائية على أجيال الفضائيات؟ وكيف تستشرق مستقبل الفصحى من حيث انحساره أو تجدره في نفوس الناشئة المقبلة؟
- الدكتور مرزوق: هنا أنا لما سمعت الخبر والحقيقة ساءني أن يخرج من أبناء هذه البلاد من يجعل برنامجاً كاملاً للعامية التي لا يعرفها إلا عدد قليل من البلاد؛ التي يبث لها أو يصل إليها هذا البث، ويؤسفني أن يحدث مثل هذا، الهدف التجاري والتجارة ليس لها أكثر من الكسب، فمن الناحية التجارية لا شك، أن الصحف العامية يبلغ حصيلة التوزيع فيها الآلاف بينما الصحف التي تحافظ على الفصحى لا تبيع إلا القليل لكن أعود مرة أخرى إلى حديثنا الأول وهو ماذا نريد؟ هل نريد أن نتشتت وأن نتفرق وأن يكون لكل فئة لغة تبثها بالفضائية أو تكتبها بالصحيفة أو تنشرها على القلة في كتاب أو مِثْلِهِ؟ أو نريد أن نرقى بذوق الأمة كلها وإلى نموذج يُحتذى؟ أرجو أيضاً أن يُفهم من هذا أنني لا أطالب بأن يتكلم كل الناس اللغة الفصحى وأن يحسنوها، أنا أتمنى هذا، لكن هذا لا يحصل في طبيعة الأشياء، الحاصل هنا هو إحساس الأمة بذاتها إذا أحس الجيل كله بقيمة العربية وبقيمته هو رفع من ذوقه ومن شعره واجتهد، وأنتم تعلمون أنه قبل القرن الرابع إلى النهضة الحديثة تعرضت الأمة لضرب من الهزائم وضرب من الانتكاس وحتى السلاطين والولاة كانوا من غير العرب، ومع هذا حافظوا على الفصحى وعلى تراثها وعلى لغتها وعلى تفكيرها لأنهم حافظوا على الشخصية التي تعود وتقـوى، خلال ثلاثين سنة مثلاً عندنا في الجزيرة العربية أصبح فيها ولله الحمد عدد كبير جداً ممن يحسن العربية، ويكتب للثقافة ويفكر بلغة سليمة وأيضاً يشعر بأنه عندما يعبر عن هذا إنما يعبر ويخاطب ضمير الأمة وليس فئة قليلة، إذن ليس هناك مانع من أن تكون الكثرة يعني تفهم لغة معينة أو تفهم شعراً معيناً، لكن يجب أن ترتقي إلى النموذج المطلوب، وفي كل الأشياء يا أخي كل الأشياء، ابحثوا عن أي شيء ستجد أن السهل هو الذي يكثر فيه أو عليه الطلب، والصعب هو الذي يرتقي، لكن في النهاية القوة والبقاء لما يُرْتَقَى إليه بالجهد، جهد ذهني، جهد علمي، جهد فكري، بأي شيء إذا لم يبذل الإنسان أو تبذل الأمة أو تبذل المجتمعات جهوداً للارتقاء فالنزول يكون سريعاً. وأعتقد أنه فعلاً يجب أن نواجه هذا الواقع بالتنوير، بشرح وجهة نظرنا، بالإصرار أيضاً حتى ما يحبه الإنسان أنا والله اللهجة العامية التي نشأت عليها أحبها، وأعرف شعرها وأعرف أدبها لكن لا يعني هذا أنني أتعاطف معها لأنني أحبها وكل من يتكلم الآن في لهجة من اللهجات يرى هي الأفضل وهي الجميلة؛ مع زوجته مع أطفاله مع مجتمعه الصغير يتحدث بهذه اللهجة؛ لكن الضرورة تدعوه إلى أن يرتقي، إلى اللغة التي يفهمها الجميع وبالتالي أيضاً إلى أصالة الأمة؛ نحن أمة في وضع لا نُحسد عليه في كل شئ، سياسياً، اجتماعياً، لم يبق لنا شيء إلا هذا اللسان وهذه الثقافة ومحاولة أن نعود إليها وبالتالي ننهض مرة أخرى بوحدتنا وأيضاً بهوية الأمةٍ، التي نحاول مع هذا المد الرهيب المسمى "العولمة" لا أعرف عنها وقد كتبت عنها وأسمع كل من يتحدث عنها، وأقرأ وأحاول أن أفهم فأجده لا يفهم، وأنا أيضاً أكتب عن العولمة وأنا لا أعبر إلا عن رأيي أنا قد لا تكون هي العولمة، العولمة الآن هي اللغات والأمم بدأت تبني مصدّات؛ لأن العولمة لغة واحدة فعلاً هي لغة الدولة القوية وهي الإنجليزية، كل من يذهب في كل العالم يحتاج إلى اللغة الإنجليزية فقط أما سواها فلا يحتاجها، حتى نحن في بلادنا مع الأسف الشديد نعيش مع تعاملنا باللغة الإنجليزية شعور الدول حتى الذين يشاركون في العولمة وأصحاب القرار فيها مثل فرنسا بأنهم يضعون مصدات قوية أمام الثقافة، أرجو أن يُفهم أيضاً أن رابط اللغة والثقافة لا ينفصل، فرنسا الدولة القوية صاحبة أقوى مشاركة في العولمة، عندما عرفتْ أن اللغة السائدة ستكون الإنجليزية ذهبت فلملمت أطرافها وأقامت ما يسمى "بالفرانكفونية" واختارت بطرس غالي الرجل الشهير ووضعته على رأس هذه المصدّات لينافس اللغة الإنجليزية ويحاول ليس لينافسها بل يصد ما كان لهذه الدول التي انتشرت فيها الفرنسية بسبب الاستعمار أو الرغبة، وجعلوا فيها المؤتمر وأقاموا له وصرفوا عليه من الميزانية العامة لفرنسا، ربع الميزانية خصص للفرانكفونية أي للغة والثقافة الفرنسية في العالم غير الناطق بالفرنسية، هذا نموذج على أهمية أن نواجه العولمة بثقافة إن لم نقل مساويةً أو مسايرةً على الأقل تحترم نفسها وبالتالي يكون لها في العالم، وهذا ليس في فرنسا فقط بل في ألمانيا، وفي الاتحاد السوفيتي يتحدثون الآن عن الثقافة التي تحملها اللغة الإنجليزية لأنها أصبحت ثقافة، اللغة عبارة عن إناء ما الذي نضعه في الإناء هو المطلوب، حتى في الغرب الدول السبع الكبار أيضاً بينها خلاف على ذلك. تحاول كل دولة أن تحافظ على الحد الأدنى إذا لم تكن لغته لغة إنجليزية، ألمانيا وشرق أوروبا الآن وهي انضمت إلى أوروبا الغربية وأصبحت كل منها تحافظ أيضاً على مكتسباتها الثقافية أمام مد العولمة أمام المد الجارف للغة الإنكليزية التي تحمل الفكر الجديد والحضارة الجديـدة، ونتطلع إليها جميعاً ويسرنا أن نتكلم مثلاً باللغة الإنجليزية لأنها فعلاً لغة العالم، وكل منا في قرارة نفسه يعلم ابنه اللغة الإنجليزية إن لم يكن تعلمها هو ومعه الحق، لأنها فعلاً لغة الثقافة، لكن الأمم تضع لها أيضاً حدوداً ولا تفرط بشيء، نحن مع الأسف الشديد أصحاب موقف ودائماً إذا رأينا مثلاً المصلحة اليومية أو الآنية نندفع ليها وهذا ما يحدث الآن أن الفصحى وتراثها وقعا بين فكي الأسد، اللغة الإنجليزية والفرنسية في المغرب والمحلية فأكثر الأمة يذهب إلى المحلية لأنه غير متعلم، والقادرين والنخبة ومن يستطيع أن يعلِّمَ أبناءه فيعلمهم إما بالفرنسيـة أو الإنجليزية، إذن أين يكون تراثنا ولغتنا وثقافتنا ثم أين تكون شخصيتنا في المستقبل؟ شكراً.
عريف الحفل: امتداداً للسؤال هذا سؤال من الأخ محمد الحسن يقول:
وهل ستثمر صيحات الفصحى التي يطلقها الغيورون أمثالكم فيما تبثه بعض الخدمات الفضائية؟
- الدكتور مرزوق: أرجو أن تثمر، لأن كل عمل يقوم به المخلصون ويتجاوب مع عواطف الناس حتى وإن كان فيه عناء وتعب ومواجهة للواقع، أعتقد أن أكثر الناس يتجاوب مع هذا، أما الذين يتابعون أو يميلون إلى ما تبثه الفضائيات فهم من العامة من الناس الذين يسهل توجيههم، فالعامة دائماً يقتدون بالنخبة حتى ولو كانت قليلة أما الكثرة فلا حساب عليها حتى في القرآن (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) فالكثرة لا تخوف بأنّ الكثرة يتكلمون العامية، بأن الفضائيات تربح لأنها تخاطب الجمهور العامي وهكذا، أنا أعتقد يجب علينا أن نواجه هذا الواقع ونصمد، وفي المرحلة هذه نحتاج إلى الصمود، أنا أرغب المسايرة ويا ليتنا نستطيع المسايرة، لكنها ستكون المرحلة التالية، شكراً.
عريف الحفل: الأستاذ عبده خال يسأل قائلاً:
ما الذي طرأ كانت البادية مكاناً لتزويد المرء بلغة صافية واليوم هي مكان يضخ اللهجة العامة ليس هذا فالمدرسة تضخ العامية، التلفاز، الشارع، البيت، كلنا نضخ اللهجة العامية، ألا ترى أننا بحاجة إلى لغة وسيطة تقلل الخلل الحادث ما بين طريقة تفكيرنا وما نكتب وبين ما نسمع ونقرأ خاصة ونحن أمام طوفان لا قِبَلَ لنا به؟
- الدكتور مرزوق: والله يا أخ عبده أنا معك بجزء من القضية وليس معك بكل السؤال، العامية نعم منتشرة يتكلمها الناس نعم، يتخاطب بها حتى الأساتذة في الجامعة نعم، كل هذا صحيح، لكن أيضا إذا نظرت إلى التاريخ ستجد أن التاريخ كله كان فيه نوع من هذا، ولكن نهض وبقي مًنْ تمسك الفصحى تراثاً ولغةً وكل من تقرأ له يا أخ عبده اليوم هم مثلك يعيشون في مجتمعات أميّة وعامية، لكن الفارق بيننا وبينهم، أن أمية أولئك وعاميتهم ما وجدوا وسائل ترفعها مثلما نجد اليوم، وإنما ماتت العامية مع أصحابها، الآن العامية لا تموت لما نمارسه من ضروب التكنولوجيا ومن أيضاً ما يدفع من مال لنشر العامية قد لا تموت، نحن أمام خيارات حقيقة وهذا لا يحتاج إلى أي رأي مرزوق ولا إلى رأي أحد، هذا يحتاج إلى قرار قومي يهتم بقضايـا قوميـة مصيريـة مستقبلية، وهي بقاء لسان واحد لأمة واحدة، لسان العربية الفصحى بغض النظر عن محتوى هذا اللسان، أنا أرحِّبُ به بغض النظر إننا نحتمل خلافاتنا أيدلوجياتنا سياساتنا اقتصادنا كله بشرط أن يكون هذا المحتوى هو ما يفهمه العربي في أي أرض كان، وعلى أي موقع وجِدَ. شكراً.
عريف الحفل: معالي الشيخ محمد العوضي يسأل، يقول:
هنالك قول بأنه يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره، ويذهب البعض إلى أنه يجوز للشاعر أن يلحن خاصة إذا أعجزته القافية، وأنا لا أميل إلى هذا الرأي فما رأي أديبنا الكبير؟
- الدكتور مرزوق: أنا أشكر معالي الأستاذ على هذه الكلمة الطيبة، لكن هذا في صلب التخصص ليست القضية قضيةً عامة، في الفن نفسه لمن يريد أن يقول الشعر، نعم يوجد أنه لدينا شيء من القبول أو الضرورة للشاعر يجوز للشاعر ما لا يجوز لغيره، لكن هذا في إطار الفصحى يعني يرفع أو ينصب في ضرورة أو يحذف عند الضرورة لإقامة وزن الشعر وهذه قضية نقدية ضيقة وليست هي قضية جماهيرية التي نتحدث عنها الآن، وأظن هذا عندنا في تراثنا كثير من هذا كان الشعراء أيضاً يلحنون ويصرون على لحنهم لأن الشاعر لا يمكن أن يخطئ في الموسيقى، يخطئ في اللحن لكن لا يمكن أن يخطئ في الموسيقى أبداً، قد يرفع المنصوب أو يجر المرفوع وكذا موافقاً للموسيقى في شعره لكن دون وعي لقضية الإعراب، ولهذا نُسب إلى أبي العتاهية قوله "أنا أكبر من الإعراب"، ويعني أنه ولِد قبل أن يوجد العروض الذي قَنَّنَ أو حَجَرَ على الشعراء.
عريف الحفل: الأستاذ عثمان مليباري تقول:
هل وجدت من خلال دراساتك الأدبية وتجوالك في ميادين النقد العربي الحديث شاعراً سعودياً وظّف التراث العربي في مقطوعاته الشعرية؟
- الدكتور مرزوق: وهذا السؤال أعتذر عنه لأن تخصصي أدب قديم وأستاذنا الدكتور منصور الحازمي هو الذي يمكن أن يجيب عليه لأنه درس الشعراء المعاصرين فليتفضل، أما أنا لا أذكر أحداً وظف التراث في شعره وأعتذر عن السؤال.
- د. منصور الحازمي: في رسالة ماجستير أنا أشرفت عليها "لأشجان الهندي" بعنوان توظيف التراث في الشعر السعودي المعاصر الكتاب موجود هذه دعاية للكتاب أرجو أن تشتروه. شكراً.
عريف الحفل: سؤال من الدكتور عبد العزيز معتوق أحمد حسنين يقول:
هل ترشِّح تعليم علوم الطب والهندسة وغيرها من العلوم في جامعاتنا باللغة العربية، وليس باللغة الإنجليزية، رغم أن اللغة العالمية في هذه العلوم هي اللغة الإنجليزية؟ ولك الشكر.
- الدكتور مرزوق: شكراً، نحن لغلبة الغرب على أذهاننا وعلى تفكيرنا حتى وإن لم نكن معجبين به، دائماً به شاهد لتقوية الحجة حتى ولو كانت الحجة ضدنا، يا أستاذ عثمان لا توجد دولة تعلم أبناءها بغير لغتها، ابحث لي عن أي دولة تحترم نفسها تعلم أبناءها بغير لغتها، في مجال الطب أو غيره إلا العالم العربي، ابحث لي وقل لي ذكرني بأي دولة قد أنساها حتى الدول الإفريقية على ضعفها، نيجيريا – يا أخي – لديها سبعون لغة تحاول الآن أن تعلم أبناءها بما تتفق عليه، بلغتها، لأن اللغة يبدو أعود مرة أخرى اللغة تعبير عن شخصية الأمة وكل دولة تحافظ على سيادتها، وإذا ضاعت السيادة ضاعت الأرضية، السيادة ليست الأرض، أو سيادة هي اللسان، سيادة الاتصال، والمقوم الأساسي لهوية الأمة هو اللسان، فكل أمة تعلم بلغتها إلا العالم العربي، هذا العالم العجيب الغريب، لقد كنت قبل فترة في جامعة قطر في مؤتمر فوجدت أنهم يحاولون تحويل جامعة قطر إلى الدراسة باللغة الإنجليزية إلا قسم اللغة العربية وقسم الشريعة، طبعاً دراسات وكان الذي يتعب لهذا رجل في الهندسة في جامعة قطر من إخوانا السوريين، فناديت وقلت تعال يا بابن الحلال بيني وبينك: أنت درست ولا بأس أنك درست تعال عبّر لي أي تعبير عن أي موقف باللغة الإنجليزية التي تدعو لها أنت، فقال هذا ليس من واجبنا، قلت:"لا"؛ أيضاً قضية إنك تعلم الإنسان بحيث لا يفقه إلا بلغته لا يفقه طباً ولا هندسة ولا علماً من العلوم إلا أن يفهم اللغة صحيحاً ويفقهها فقهاً صحيحاً، أما أن نتعلم اللغة مثل ما تعلمنا الإنجليزية نقول: كلمتين ونكتب صفحتين ويأتينا مرشداً يعدل ما نكتب وما نقول، وهذا يظهر لي سبب أنه لم يحدث عندنا في العالم العربي إبداع، إبداع في العلم، في التكنولوجيا، في اللغات، لأننا نظن أننا نتكلم اللغة الإنجليزية ونحسنها ونحاول أن نكتب بها ما نستطيع كتابته، ومع الواقع أننا بيننا وبين هذه اللغة الإنجليزية فرق بعيد جداً. إذن إذا أردت أن توجد أناساً يفهمون ما يقولون؛ وينجحون فيما يتعلمون فخاطبهم بألسنتهم باللغة التي تعلموها، أنا لما رجعت كتبت خطاباً لأمير قطر وقلت رأيي فيه وأرسلت للشيخ نفسه لما عرفت أن الجامعة مصرة على هذا، ومثلوا لها بجامعة البترول في السعودية، قالوا جامعة البترول عندكم تكتب وتعلم بالإنجليزية أو لا عندها هذا، قلت ليست جامعة البترول حجة عندنا، لأن القضية قضية تريد أن تعلم. بالله عليك طالب يتعلم في بيئة عربية إلى الثانوية العامة، ثم يخرج من الثانوية العامة ويدرس أربع سنوات لغة إنجليزية في الجامعة ثم يأتي بعدها يمارس عمله هندسة أو طباً أو غيره باللغة العربية ماذا استفاد من أربع سنوات تعلمها كلها لغة إنجليزية؟ كيف يعي أو يفقه أو يفهم يتفاعل وجدانياً مع علمه الذي تخصص به، سواء كان في العلم أو في العلوم الطبيعية أو في علوم الفكر لا يمكن هذه أشياء طبيعية فيه، ولدينا الآن مثال نضربه مع الشام سوريا، سوريا تعلم كل العلوم باللغة العربية، وابحثوا عن الأطباء السوريين في العالم العربي وانظروا إلى كفاءتهم كفاءه غير السوريين الذين تعلموا ونالوا شهاداتهم من ألمانيا أو من الدول المتكلمة بالإنجليزية تجدون هناك تساوياً، أو أن السوريين أكثر فقهاً للطب أو الهندسة لأنهم يتعلمونها بلغة يجدون فهمها صحيحاً، وبالتالي أيضاً يقتنعون بدلالاتها. أنا أزعم أني أعرف اللغة الإنجليزية في الكتاب في تخصصي وأبذل في الصفحة الواحدة ما أستطيع بذله في عشر صفحات عربية أو أكثر وأستعمل القاموس، لكن هل الطالب في هذه السنوات الأربع التي يدرس فيها باللغة الإنجليزية أو الست أو السبع سيفهم أكثر ممـا علمنـاه باللغة العربية؟ يستحيل منطقاً، ومعنا أخونا والدكتور حمزة وهو من اللسانيين ويمكن أيضاً ينورنا على أن اللسان لا يمكن أن يتفاعل وجدانياً إلا مع ما يقنعه ويحسنه في ذهنه وعقله.
عريف الحفل: الدكتور هاني العمري يقول:
في عَالَمٍ حافل بالمتناقضات الأدبية والثقافية يتجدد الحديث دائماً عن علاقة الحاضر بالماضي، فالحاضر أساسه الماضي بكل تجاربه المعرفية إلا أنه يحتد الجدل بين دعاة وأنصار الحداثة والمعاصرة من جانب ومن جانب آخر أنصار التراث ووقع النص الفكري والثقافي بين التقليدي والتجديدي رغم أنهما متكاملان، كيف ترى حلاً لتلك الإشكالية بين تقدير التراث الماضي المعاصر وما هي الأدوات الأدبية لذلك؟
- الدكتور مرزوق: شكراً، أنا أود أن أكون صريحاً معكم حتى وإن كنتُ أحاول، وأن أكون محافظاً وأهتم بالتراث، والإخوان أشاروا إلى عمل إن شاء الله سينجز وهو عمل القيم ومكارم الأخلاق في التراث العربي، وهو عمل ضخم وإن شاء الله سينجز قريباً، لكن أرى أن كثيراً من التراث لا داعي لإحيائه، حقيقة لا نحيي من التراث إلا ما نجعله سبيلاً إلى فهم مرحلة تاريخية، أما حياتنا فيجب أن نبدأ بها في حاضرنا، وننظر إلى واقعنا ونتعامل مع هذا الواقع بوعي لتاريخنا بحدود، لكن ما كل تراث صالح ولا أغلبه صالح ولا أكثره صالح، صالح لحياتنا، صالح لأهله الذين أبدعوه وأنتجوه ونشكرهم عليه ونقرأه للعبرة، لكن أن نوظف هذا لجيل اليوم ولشباب اليوم ولحياة اليوم لا، يجب أن نفرق بين احترام التراث وبين توظيف التراث لواقعنا، هذا مختلف تماماً أمران مختلفان، نحترم التراث نعم، لكن توظيف التراث أو محاولة أن نجعل كل شيء دليلاً على أن التراث هو الأفضل، الزمن لا يوافقنا. يجب أن نتحرر من هذا التراث ومن هذا الركام الذي لا يمس عقيدة ولا دين، يعني لدينا ثوابت ومسلمات لا نساومه عليها، أما ما بعد هذا كله فهو تراث بشري، رؤى بشرية، أنتجها البشر لظروفهم وحياتهم وسنينهم وواقعهم، فإن وجدنا الصالح أخذناه ما دام تراثاً. شكراً.
عريف الحفل: الأخ نبيل خياط مدير العلاقات العامة بنادي مكة الثقافي يقول:
- في عالم مليء أو مزدحم بالأفكار والتيارات الثقافية الوافدة، وفي ظل التحولات التي داهمت الحركة الثقافية العربية، يظل الإسلام ولله الحمد هو المصدر الأساسي للعقيدة والفكر والسلوك، وعبر التاريخ ترسخت ثقافة إسلامية هي حصاد الإبداع الذي أنتجه مسلمون في كافة المجالات في أسلوب حضاري أخذ عنه الغرب والشرق قوانينه الأصيلة وتفاصيله الروحانية، أين هذه الثقافة الآن؟ ولماذا انفصل بعض الشباب العرب عن الثقافة الإسلامية؟
- الدكتور مرزوق: باختصار شديد نحن لا نستطيع رفع الأسوار لمنع الهواء من الوصول إلينا، الحضارة صراع، فإذا كنا نريد أن نرفع الأسوار أصبحت ممتنعة، أو أن نغلق الحدود، نرفع السور فلا يرانا الجيران، نغطي، الآن استحال هذا كله، فعلينا المواجهة، مواجهة الواقع ويكفي.
الشيخ عبد المقصود: والاستعداد له.
الدكتور مرزوق: والاستعداد له نعم، الشيخ تفضل، نعم والاستعداد له. لا يمكن الآن العزل، العزل هذا مستحيل، والإنسان الذي يريد الثقافة فليواجه بثقافة مضادة أو موازية، ولا يواجه بعزل ورفع السور.
عريف الحفل: الأخ عبد الرزاق صالح الغامدي يقول:
نشكرك على اهتمامك بالفصحى والدفاع عنها ولكن يا سيدي ألا ترى أن قواعد اللغة العربية من نحو وصرف هي من أصعب اللغات في العالم، ألا ترى أنه حان الوقت لتطوير قواعد الفصحى وتبسيطها للأجيال القادمة؟
- الدكتور مرزوق: شكراً، لا والله ليس كذلك، وأحلف لك أنه ليس كذلك، وإذا كان الأخ صالح الغامدي يعرف اللغة الإنجليزية على الأقل فهو يعرف أنه لا يستطيع أن يملي عشر كلمات إلا إذا كان يحفظ كلماتها، لأن اللغة العربية ثلاث حروف وغالباً أنك تكتب ما تنطق، أما اللغة التي دائماً يتحدثون عنها فهي أنك تكتب شيئاً وتنطق شيئاً آخر، ومعروف الفارق للناس، هنا صحيح القواعد، القضية أيضاً يا أخ صالح ليست قضية القواعد، هي قضية الفكر، القواعد يتعلمها عدد قليل من الناس ويكفي، لكن القضية المهمة جداً هي كيف نتعامل مع وعي لاعتزازنا بلغتنا بغض النظر نحسنها أو لا نحسنها، حتى لو لم تحسن لن يحسن كل الناس اللغة الفصحى ويعربونها و… و… إلى آخره، الذي نحتاجهم من النحو عدد قليل، الذين يتعلمون القواعد عدد قليل، يكفونا بهذا العِلم المتخصص جداً، لكن الحديث اللغة، الكتابة، الوعي، الحب أيضاً، وهذا مهم جداً، هو الذي يجب أن يكون للفصحى بغض النظر عن أن الإنسان يجيد هذا اللسان أو لا يجيده، (أنا مستعد أن أتوقف ما أدري إذا أحببتم …).
الشيخ عبد المقصود: لا لا هي كم سؤال، والأسئلة الأخرى سنحجبها.
الدكتور مرزوق: أرجو ألا تكررها، والأسئلة التي حول اللغة تحذف الآن، أما إذا وجدت أسئلة أخرى يمكن أن أناقشها.
الشيخ عبد المقصود: الأسئلة كثيرة يا دكتور.
- الدكتور مرزوق: هي كلها ارتكزت، يبدو أني صنفت، ومشكلة التصنيف عندنا في هذا المجتمع صعبة جداً، إذا صُنفت بشيء لا يمكن أن تخرج.
الشيخ عبد المقصود: إني أأطر الأمر، وواجبي أن أقدم لك ما يأتيني، على كل الأسئلة كثيرة، فقط أكتفي بسؤالين أو ثلاث، وأحجب الباقي، لأنني إذا طرحت بقيت الأسئلة لن تنتهي منها ولا بعد ساعة أخرى، يبدو أن الكلمات أكلت الأسئلة.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الرحمن المعمر يقول:
ألّفَ الدكتور فايز الحربي كتاباً عن الأمير بن مضيان، وفي الكتاب نماذج من الشعر العامي الذي يمجِّدُ مكارم الأخلاق والكرم والفروسية وقدم الكتاب بمقدمة جميلة ضافية فيها الدكتور مرزوق بن تنباك مما يدل على أنه لا يعادى الجيد من الشعر ولكنه يقاوم الاهتمام به الإسراف في نشره وإشهاره بهذا الشكل المسرف؟
- الدكتور مرزوق: شكراً لأبي بندر على هذه الملاحظة الجميلة، الكتاب عن تاريخ أسرة من أسر هذه البلاد قدم شيئاً كثيراً فكان فايز الحربي يقدم شاهداً على ما يريد قوله.
إذا أورده لحجة علمية أقبله حتى لو في العامية أو في الروسية أو في الإنجليزية أو في أي شيء لأنه يريده لدعم رؤية تاريخية أو موقف وليس لحبٍ في العامية أو استشهاد بها.
عريف الحفل: الأخ عدنان محمد حسن فقي محامي ومستشار قانوني يقول:
من ضمن سيرتكم الذاتية ورد أنكم عضو في لجان وضع المناهج في وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات، ألا ترحموا أبنائنا وبناتنا من طريقة عرض مادة النحو بطريقة جامدة ليس فيها ترغيب وإنما ترهيب، ما هو تعليقكم؟
- الدكتور مرزوق: أولاً يبدو أن السيرة الذاتية كُتب ما فيها، أنا شاركت لجان لكن لم ينتج مما شاركت به شيئاً، ثم أنا في الواقع دارس أدب وليس تخصصي الدقيق في النحو واللجان التي كُلِّفنا بها ألغتها الوزارة الجديدة أبشركم، ولم يصدر منها شيء والحمد لله، اطمئنوا.
عبد المقصود خوجه: هذه بشرى يا دكتور؟
الدكتور مرزوق: إي نعم.
عريف الحفل: السؤال الأخير طبعاً وهو ليس الأخير ولكن كما قال الشيخ عبد المقصود اختصرنا بسبب الوقت سؤال من الأخ سعيد الخوتاني من عرب نيوز يقول:
لو طَلَبَ منكم مبتدىء وهو أنا، (هذا الكلام للأخ سعيد) في التعرف على مفهوم الحداثة في الأدب هل توجزون القول في إيضاح هذا المفهوم وما التهديد الذي يمثله على اللغة العربية؟
الدكتور مرزوق: أولاً أنا لم أقل أن الحداثة تُمثِّلُ تهديداً للغة العربية ومفهوم الحداثة دائماً نحن نأخذ أطراف الأشياء، الحداثة إذا كانت الفكر فالذي غيّرَ أوروبا وأمريكا وأوصلها إلى ما وصلت إليه هو الحداثة، ولكن الحداثة التي يفهمها القوم، الحداثة التي وصلت إلينا هي القشور، وهو الفكر في اللغة أو الطرح أو الأشياء البسيطة جداً، السؤال إن كان يريد الحداثة بمفهومها الغربي أي الحداثة لكل شيء، فأنا مع الحداثة لكل شيء، إن كان يريد أن يختصر لنا السهل البسيط الساذج الذي يستطيع كل واحد عمله ويأتي به ويهدِّم به ذوق الأمة فأنا ضد هذا، ما أدري هل وضحت الفكرة أم لا، لكن أظن أن الحداثة يا إخوان بمعناها العام هو بناءٌ نَقَلَ أوروبا من العصور الوسطى إلى ما وصلت إليه هذه حداثة أوروبا، حداثتنا بالأدب تختلف تماماً وهي في الواقع انتهت وأستغني، الدكتور منصور قال إني أكتب عن الحداثة فأنا فعلاً كنت أريد أن أرصد ما حدث في صحافتنا في هذا الجانب، ولكن لسبب إنساني وليس لسبب علمي توقفت عن الكتابة، وأنهيت البحث رغم أن البحث كان ممولاً من إدارة كلية الآداب لجانبٍ أنا لا أقبله، عندما توجه التصنيف إلى الحداثة وصُنّفَ بعضُ الناس بهذا التصنيف اشتدت العصا عليهم وجدتُ أن الضرب في الميتِ حرام، فتركته.
عريف الحفل: الحقيقة إذا سمح الحضور لي سؤال أو تعليق في لقاء مع سعادتك في التلفاز السعودي هوجمت من قبل المشاهدين وخاصة عشاق الشعر العامي...، ألم يهجك أحد منهم، ألم تتعرض إلى موقف، خاصةً وقد عرف عنك أنك تحارب الشعر العامي.
- الدكتور مرزوق: في أول مؤتمر للجنادرية كتبت أول مقال لم يشر إليه أستاذي الدكتور منصور، بدا الدكتور أحمد الضبيب أستاذنا وحبيبنا وأستاذ أخر اسمه محمد باكلا وكنت معيداً في الجامعة بدأ في تأسيس الأدب الشعبي وكان رزقنا بين أيديهم، ولكن - الحمد لله - الله سلم فكتبت مقالاً طويلاً اعترض على الجامعة وعلى الفكرة نفسها ونجوت منهم وما عاقبوني لأن العقاب أيامها ما كان موجوداً... كان هنالك فسحة من الوقت وابتُعثتُ رغم أني عارضت، في أول مؤتمر في الجنادرية أيضاً دعيت لأقول رأي في العامية وقلت رأيي بكل صراحة، ومع أني أعرف من ينظم الجنادرية ومن...، فقلت رأيي وأثناء هذا جاء شاعران، وأنا لا بأس هل تسمح لي يا شيخ أن أقول شعراً عامياً.
الشيخ عبد المقصود خوجه... تفضل.
الدكتور مرزوق: فجاء شاعرُ من الشعراء وأراد أن يهجوني:
أنا بقول شعر شعبي لو زعل مرزوق بن تبناك.
وايش لون أقول شعر البحتري والنص في الحلي.
فطبعاً هذا من الهجاء الذي هجيت به يتحدى بأنه سيقول شعراً شعبياً إن زعلت وإن رضيت، وأنا راض أن يقول شعراً شعبياً لأنه لا يعرف غير الشعبي، وسعيد أن أسمع شعراً شعبياً ممن لا يعرف إلا الشعـر الشعـبي ويحسنه، لكني لست سعيداً بأن يأتي الأساتذة في الجامعات والمفكرون والمثقفون وأصحاب المال فيوجهون كل هذه الجهود للغة البسطاء ولغة الناس ويقولون والله نحن نعشق الشعر الشعبي، تعشق الشعر الشعبي لديك القدرة على أن تقول ما هو أفضل، أنا أشك في إنك تعشق لكن قد تستفيد، وشكراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :594  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 26 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج