شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عريف الحفل: شكراً لسعادة ضيفنا ونبدأ في قراءة الأسئلة التي وردتنا وموجهة لسعادة فارس الاثنينية، هذا سؤال من الأخ أشرف السيد سالم يقول:
يطالعنا صوتكم بين الحين والآخر على شاشة "قناة الجزيرة" في تحليلات سياسية متميزة فما رأيكم في الفضائيات العربية وتأثيرها في الثقافة العربية ولماذا لا نرى لسعادتكم حضوراً أكثر على شاشاتها؟
- الدكتور تركي الحمد: لماذا لا يكون هناك حضور؟ هذا السؤال يوجه للفضائيات لكن أنا أجيب على الشق الآخر فأثر هذه الفضائيات على الثقافة العربية وتطورها، هناك من يقول أن هذه الفضائيات تطرح حتى الآن ثقافة استهلاك سطحية مغيبّة للوعي وهي ليست إلا مجرد أغاني وأشياء معينّة، وهناك من يقول نستطيع أن نجعلها تطرح أشياء جادة الخ... باعتقادي أن المحطات الفضائية لا تُلام وكذلك الثقافة، بل تلام الطريقة بشكل أو بآخر، الفضائيات عبارة عن مشاريع رأسمالية تجارية، يقصد صاحبها في النهاية أن يحصل على الربح، فإذا كان المجتمع يريد هذه الأشياء أو تلك مثلاً فهو طبعاً يعطيه ما يريد من هذه الأشياء بغرض الربح، ولكـن السـؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا تكون هناك مشاريع عامة لإنشاء محطات فضائية تبث الوعي السليم لخلْق مجتمع جديد يستطيع التأثير على المحطات الفضائية التجارية وبالتالي تعطيه ما يحتاج؟ فالقضية ليست أن أجعل هذه المحطة بهذا الشكل أو ذاك بقدر ما إني أعمل تغيير اجتماعي معين يجعل المجال ممهداً، بأن تستطيع هذه الفضائيات أن تبث ثقافة جيدة وتكسب في ذات الوقت، هذا ببساطة.
عريف الحفل: سؤال من الأستاذ عبد الحميد سعيد الدرهلي يقول:
هل ستشهد الألفية الثالثة زوال البشرية والكون بفعل الابتكارات المدمرة التي يخترعها هؤلاء الأقوياء على أنغام موسيقى شوبان وموزارت؟
- الدكتور تركي الحمد: أقولك: الله أعلم نحن الآن في عصر الإنسان لا يستطيع أن يتنبأ ولا ينظر إلى أبعد من سنة، فما بالك بخمس أو عشر سنوات وتسألني عن الألفية، فهذا لا أقول لك إلا: الله أعلم.
عريف الحفل: هو سؤال الحقيقة موصول يقول:
ما هو الرادع لردعهم من أجل الحفاظ على الكون من الفناء وما سر هذا الهوس الدموي الانتحار الذي ابتلينا به؟
- الدكتور تركي الحمد: المسألة تعتمد في النهاية على الخيال نحن دائماً نضع المشكلة، يحاول الإنسان أن يجمع أفكاره بشكل أو بآخر، المشكلة دائماً أننا نحن مولعون بطرح الأسئلة الكبرى، الأسئلة الوجودية الكبرى: مصير العالم، مصير أشياء معينة، وننسى الأشياء البسيطة الصغيرة التي تؤدي بنا إلى الوصول إلى نقاط معينة، فلنفكر بالأشياء البسيطة، نفكر بنظافة شوارعنا حتى نصل إلى نظافة العالم ككل.
عريف الحفل: سؤال من الأخ سامي خميّس يقول:
نتكلم باستمرار عن القطار الذي سيفوتنا عولمة و... و... أين المخرج؟ أنتم كمفكرين هل لديكم حلول ملموسة بدلاً من الحديث اللانهائي؟
- الدكتور تركي الحمد: الحلول تأتي بعد أن يتم الاعتراف بالمرض، نحن مشكلتنا في العالم العربي والعالم الإسلامي بشكل آخر أننا غير قابلين بالمرض، فئات كبيرة غير قابلة بالمرض تقول لا. أن من الممكن رفض العولمة، ولما تتكلم بكلام معين يقولون هذا داعية بالعولمة! هذا مطالب بعولمة أنا لست داعية عولمة ولا رافضاً لها أنا أقول إنها ظاهرة أمامك الآن، وجه اقتصادي كاسح، وأكبر مثال على ذلك اتفاقية التجارة العالمية التي ستصبح في يوم من الأيام شاملة لكل دول العالم، هذه عندما ندرسها بتفاصيلها سنجد فيها أشياء كثيرة، سُتفرض عليها ونحن قابلون بها إن لم نشارك بها وفي تحديدها، وهذا خطأنا كان في الماضي لأننا لم ندخل من البداية، ستزداد الشروط علينا شيئاً فشيئاً، فالعولمة المعاصرة الآن ذات وجه اقتصادي، لكن بعد سنوات قليلة وقليلة جـداً وفـي ظـل التغيرات السريعة، بالماضي كانت التغيرات تأخذ آلاف السنين، ثم جاءت مرحلة بدأت تأخذ مئات السنين، فعشرات السنين، فسنوات معدودة الآن لا تدري، يمكن أن تأخذ بعد عشر سنوات شهوراً فبالتالي هنا النقطة أمامك ظاهرة إن لم تعترف بوجودها، وتعترف بوجود مرض معين في داخلي أنا، وأحاول أن أشارك وإلا فإن هذا القطار سوف يفوتك ثم تقول كما يقول المصريون (ياريت اللي جرى ما كان)، وبعدين نفكر ونقول نريد اللحاق بالعولمة ما خلاص فاتت المسألة، فهنا المسألة تقول ما هي الحلول؟ الحلول لا تنبع إلا بعد أن نعترف أن هناك مرض. إن لم نعترف أن هناك مرض فإن السرطان سيستشري وتأتي لحظة تذهب بها إلى الطبيب فيقول خلاص انتهينا ما في مجال للحل، اعتراف بالسرطان في بدايته من الممكن علاجه لكن بعد ذلك يصبح شبه مستحيل. شكراً.
عريف الحفل: الأستاذ أحمد فقيهي من جريدة عكاظ يقول:
لماذا غاب المفكر عن حياتنا الثقافية والأدبية وظلت سلطة الخطاب الوجداني هي السائدة في آليات الكتابة وآلية التفكير، هل هو فقر في العقول أم علة وأزمة في التفكير وإعمال الذاكرة أم غياب تدريس الفلسفة في الجامعات أم ماذا؟
- الدكتور تركي الحمد: والله يا سيدي الفاضل هذا طبعاً سؤال كبير ويحتاج إلى تأمل بعيد وكتابة أسفار. لكن هنالك نقطة معينة ممكن نركز عليها في هذا المجال، أنا أعتقد أن "السوسة" في حياتنا الفكرية في العالم العربي على الأقل هي تسييس كل شيء، نحن المنطقة الوحيدة التي تُحرَّم فيها السياسة وهي الأكثر تسيّساً في كل العالم، أنظر إلى التناقض! كيف تُحرّم السياسة ونحن مسيّسون أكثر من غيرنا، باعتقادي لماذا هذا السؤال لأن كل شيء يُسيَسُ، يأتيك نظام معين فيحاول أن يجعل منطلقاته هي منطلقات العقل فينهار ويأتي نظام آخر، ويحاول أن يبدأ من الصفر وينتهي وهكذا كل شيء مرتبط بشيء مرحلي، لكن لم نُقم مثلاً نهضة كالنهضة الأوربية التي بدأت بوضع خطوط للعقل، نترك مثالاً النهضة الأوربية كي لا يقال عنا مستغربون، التجربة اليابانية مثلاً بدأت مع التجربة المصرية في وقت واحد، بل في يوم من الأيام أرسلت اليابان مجموعة من تلاميذها لدراسة تجربة محمد علي في مصر للاستفادة منها، والآن انظروا وقارنوا، إذن ما السبب هل لأن اليابانيين أفضل منا عقولاً؟ أفضل منا بايلوجياً؟ بالطبع لا. ولكن النقطة الأساسية أنه كان لديهم استراتيجية للعقل وضعت في اليابان ومهما تغيرت الأنظمة السياسية هنالك استراتيجية عقلية راشدة. نحن لدينا الاستراتيجية العقلية والثقافية لدينا مرتبطة بالسلطة، وهذه هي المشكلة فالمجتمع دائماً مرتَهن للسلطة وليست السلطة مرتهنة للمجتمع ولا أستطيع أن أقول أكثر من ذلك.
عريف الحفل: السائل الأخ علي المنقري يقول:
أبدعت في تناول المواضيع السياسية كتابةً وتوثيقاً وفي كتابة الرواية والمقالة الصحفيـة، مـا هـي الثوابت الأساسية التي ترتكزون عليها في كتاباتكم في هذه المجالات المتعددة؟
- الدكتور تركي الحمد: الثابت الوحيد الذي أستطيع أتكلم فيه في هذه الحالة هو الصدق مع النفس قدر الإمكان الصدق مع النفس والإخلاص في الطرح، قد أخطئ وقد أصيب هذا لا يعني لما تكون صادق مع نفسك وإلا مخلص مع نفسك أنك تطرح معه، أنت مجتهد وكلنا مجتهدون والحقيقة المطلقة لا يعرفها إلا الله سبحانه وتعالى، نحن كلنا في هذه الحياة من المجتهدين فبالتالي أعتقد أن النقطة الأساسية هي الصدق مع النفس وحب المجتمع وحب المستقبل لهذا المجتمع، أفعلُ ذلك وأحاول وفي المحاولة يكمن السر، وأعتقد هذا هو الجواب.
عريف الحفل: الأخ عبد الله المجددي يقول:
لقد كنت مناصراً للدكتور نصر أبو زيد مع أن أفكاره منحرفة فما سبب مناصرتك له؟
- الدكتور تركي الحمد: يا سيدي الفاضل إذا دخلنا في قضية الانحراف، وهذا منحرف وهذا ضال في نهاية المطاف سنصل إلى نقطة معينة نبدأ نتعارك فيها مع بعضنا البعض فرداً فرداً، لأنه ليس هناك في هذا العالم في أي مكان في العالم فردان متشابهان كما قلت في مناسبة سابقة أنك أساساً أصابعك ليست مثل بعض، في العالم كله ستة مليارات إنسان فلن تجد إبهاماً مثل إبهام آخر ولكن مع ذلك هذا إبهام وهذا إبهام لما ننظر إلى الصورة انظر لها على أساس الإطار العام ولا تنظر جزئيات معيّنة، لأنك إذا بحثت عن الاختلاف فستجده وإذا أردت أن تجعله نزاعاً فعندك من المبررات والأسباب الشيء الكثير، سبق أن قلت في محاضرة سابقة لي ما الذي جعل مثلاً دولة كإسرائيل تنتصر علينا بهذا الشكل ونحن ما شاء الله آلاف مؤلفة! لن أتكلم عن التقّنية ولا عن المناهج العلمية بل أتكلم عن الإطار العام لليهود الذي يعملون فيه، اليهود تجد فيهم الأصولي وغير الأصولي، تجد الديني والدنيوي، ولكنهم كلهم يجتمعون في إطار واحد هو التعاون بصفتهم كونهم يهود حتى تجد أن هناك يهودياً ملحداً مثلاً لكنّه يعتبر نفسه يهودياً، يبحثون عن ولو واحد بالمئة عن الشيء المشترك بينهم كي يتفقوا عليه ويقولون لا نختلف طالما أن هناك شيء واحد مشترك بيننا، نحن مشكلتنا أننا نبحث عن اختلاف بنسبة واحد في المئة كي نختلف ونتصارع هذه ليست قضية، فإذا دخلت في قضية الانحراف وما الانحراف قد تأتي جماعة معينة وتتهم جماعة أخرى بالانحراف وتجيّش الجيوش فتأتي هذه وتقضي على تلك، بعد فترة ستجد هذه الجماعة نفسها منقسمة، نحن في هذه الدنيا طالما أنّ هذا الإنسان أو ذاك لم يخرج - لا أتكلم عن شخصية معينة - عن كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله فهو مسلم، يجب أن يكون هذا المشترك بيننا لأننا إذا بحثنا خلاف ذلك وصلنا إلى مرحلة الصراع وأدخلنا مفهوم الاختلاف والانحراف في النهاية سيرجع علينا هذا المفهوم، أعتقد أننا يجب أن نترك هذه المفاهيم وننظر إلى ما هو مشترك بيننا.
الأخ عجلان الشهري يقول:
لا شك أننا نفرح كثيراً ونسعد عندما نجد أن من يشارك في الكتابة الصحفية حاملاً همّ أمته وعارضاً لقضاياها، وقد قرأت لكم كثيراً من مقالاتكم الجيدة في جريدة الشرق الأوسط ومن تلك المقالات مقال عنوانه (وخلق الله المرأة) تحدثت فيه عن بعض ما يتعلق بخصوصيتها ودورها في حياة المجتمع أرجو من خلال اللقاء الليلة أن تضع النقاط على الحروف بصراحة حول المرأة ونظرة المجتمع إليها والدور المنتظر منها؟
- الدكتور تركي الحمد: نحن لا نحدّد يعني لما تنظر إلى بداية الخلق، الله خلق الخلق من آدم وحواء ليس هناك حياة من غير آدم وحواء، فحواء مكمّلة لآدم وآدم مكمل لحواء، كما أن اليوم هو ليل ونهار فالدنيا ذكر وأنثى، وعندما تنظر إلى الخطاب القرآني – أنا مرة كتبتها في مقالة قلت المشكلة في حياتنا كمسلمين أن خطابنا أرفع من ممارساتنا في حقيقة الأمر، نمارس في حقيقة الأمر الخطاب التوراتي وليس الخطاب القرآني، الممارسة، لكن لما ننظر مثلاً في الخطاب القرآني عندما يخاطب الله لما يرتكب الذنب في الجنة، في الخطاب التوراتي تجد أن الملام في ذلك هو حواء في النهاية لأنها تعاونت مع إبليس ومع الحية وغَرّروا بآدم وبالتالي حكمت التوراة على حواء بأن تكون دائماً أقل من الرجل، وبأن تحيض وبأن تحمل و… و… إلى آخر ذلك وجعلها أقل من الرجل ولو نظرت إلى الفكر الأوربي أو الغربي في العصور الوسطى وتاريخ المرأة في العصور الوسطى لوجدت دائماً أنها إما أخت الشيطان أو تابعة للشيطان أو داعية للشيطان بمعنى أنها أقفل من الرجل. خطابنا القرآني لم يفعل ذلك وضع الاثنين بأن الشيطان وسوس "لهما"- ما قال "له"-وسوس "لهما"، وثم العقاب للجميع والغفران للجميع فالمسألة مسألة تكامل، المشكلة عندما تدخل العادة وتصبح جزءاً من الدين فتصبح عندنا في هذه الحالة إذا فعلناها يصبح عندنا ما أقول تيارات ! ما أدري هل الكلمة صحيحة؟ لكن يصبح عندنا "إسلامات" دعنا نقول – هناك إسلام مثلاً أندونيسي، إسلام باكستاني – إسلام إلى آخره وهذا غير صحيح.كمثال على ذلك ظهرت في الآونة الأخيرة الكثيرون منهم من يِأتون ويقولون لك هذه هي الملابس الإسلامية. فليس لي لباس معين أو عمة أو شيء إلى آخره. السؤال هل هذه هي الملابس الإسلامية؟ الملابس الإسلامية عامةً هي ما ستر العورة، وغير مثير للشهوات هذا لباس إسلامي، أن تلبس هكذا أو هكذا، فهذا متروك للبيئة، وللخيار، وللذوق، إلى آخره. نفس الشيء بالنسبة لقضية المرأة الكثير ما يتعلق بالمرأة مصدره العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان وليس الدين، الدين منصف للمرأة كثيراً جداً ولكننا في ممارساتنا لا ننصفها بالقدر الذي يطلبه الدين.
عريف الحفل: الأستاذان عبد العزيز تركستاني وهاني رواس لهما سؤالان يبدو لي أنهما متشابهان يقول:
الأول هو الأخ عبد العزيز ما هو المقصود بمبدأ الاختلاف والاتفاق هل هذا يعني أنكم من أنصار الاختلاف كيف ولماذا؟ والأخ هاني يقول: ذكرت بأنك تعبت من الإتفاق وتحب أن تسمع الاختلاف وفي نفس حديثك ذكرت بأن الإنسان بشر يحتاج إلى دعم وتشجيع. هل هذا يتفق مع ما ذكرته في بداية حديثك وأنت تعلم بأن الاختلاف قد يتحول إلى عداء؟
- الدكتور تركي الحمد: ليس بالضرورة لماذا تفترض ذلك؟ غريبة حكاية أنها مثلاً إني أبحث. أنا لما أتكلم عن الاختلاف، أستاذي الدكتور محمد عبده يماني أنا أعرف أنّه في كثير من آرائه يختلف معي وهذا شيء طيب، وهو يعرف أني أختلف معه ولكن اختلاف هذه الآراء هو الذي يولِّد في النهاية الحركة، أما إذا وضعنا قلنا أن الاختلاف قد يؤدي إلى الخصومة والعداء إذن أقول لك لا تركب الطائرة أو السيارة، فاحتمال إذا ركبت السيارة أن تعمل حادثاً - لا قدر الله -، ولا تمشي في الشارع فقد يحدث لك كذا أو كذا، فإذا دخلنا في هذه المجالات وضعنا لها الاحتمال الأسوأ، لماذا آخذ الاحتمال الأسوء؟ دائماً الاحتمال الأسود هو النادر، العالم اليوم مليء مثلاً بالمجرمين؛ هل معنى ذلك أن أجرِّم كل الناس، الأصل في الأمور هو البراءة، ولا يعني هذا ليس هناك مجرمين ولكنه الشذوذ عن القاعدة. والأصل في الأمور الإباحة ولكن الحرام هو الخروج عن هذه القاعدة، فالأصل هو الاختلاف الفكري من حيث الوصول إلى نقطة معينة، هل معنى ذلك أن لا يحصل عداء؟ من الممكن أن يحصل عداء، ولكنه الشذوذ عن القاعدة وليس القاعدة، مشكلتنا أننا لم نتثقف ثقافةَ الاختلاف، أنا أعتقد هذه هي النقطة.
عريف الحفل: الأستاذ محمد عبد الواحد يقول:
كيف ترى وجه الديمقراطية في العالم العربي وهل هذا الذي يحدث الآن هو وجهها أم قفاها؟
- الدكتور تركي الحمد: أجبت بنفسك عن السؤال.
 
عريف الحفل: الأخ سعد سليمان روايتكم (شرق الوادي) هل هي ما أهمله التاريخ؟
- الدكتور تركي الحمد: سيدي بالنسبة للعمل الإبداعي، عمل روائي، فلا تسأل الكاتب ماذا يقصد فلو كانت مقالاً أو بحثاً أقول لك ماذا أقصد، الرواية منذ أن أنتهي منها مثلاً أو من يد كاتبها وتخرج إلى السوق ثم إلى القارئ انتهت علاقته بها. ومن الممكن الآن أن أقرأها وأجد لها ألف تفسير وتفسير، هي عمل إبداعي، الرواية كالحياة تجد فيها الأسود والأبيض، والطويل والقصير، والشرير والخيِّر، إلى آخره، وأنت اقرأها واخرج منها بما شئت، هل هي نوع من التأريخ لما أهمله التاريخ في بعض الأشياء؟ ممكن فأنت أحكم بنفسك، أنا لا أحكم ولا أقرر ولا أقول شيئاً، لأني لو أقول لأحرقتها، فما أبغي أفوّت عليك لذة القراءة.
عريف الحفل: سؤال من الأخ عدنان كيفي: الأستاذ داوود الشريان ذكر بأن أحسن قرار اتخذه الدكتور تركي الحمد تَرْكَ الجامعة فلماذا أصبح هذا القرار حكيماً من وجهة نظرك؟
الأستاذ داوود الشريان: أنا ذكرت هذا الحكم أصدرت هذا الحكم في سياق أن تركي الحمد حينما كان أستاذ في الجامعة كان لا يستفيد منه إلا طلبة الجامعة، وعندما ترك الجامعة اتسعت الاستفادة منه بحجم ما تصل إليه الصحف والمطبوعات والقنوات، خرج من تدريس الطلاب إلى المشاركة في تنمية مجتمع بكامله، وهو موهوب ولهذا اعتقدت أن هذا القرار صحيح وربما هناك آخرون في الجامعة ينبغي لهم أن يتخذوا نفس الخطوة.
عريف الحفل: الدكتور يوسف العارف مدير إدارة الثقافة والمكتبات بتعليم جدة يقول:
كتاباتك في الشرق الأوسط تثير اهتمامي ولها وقع في نفسي، ولا سيما طرحك المتميز "وقفات سعودية" التي أتحفتنا بها في الأيام الفارطة، وكنت تناقش فيما أهمله التاريخ أو سكت عنه الكتّاب ولكني لم أنسَ فيما كتبته إيضاحاً أو رؤية يقف عليها القارئ، السؤال ماذا كنت تريد أ ن تقول حول قضية السفير السعودي في إيران وإطلاق سراح المعتقلين من التيارات الإسلامية كما تقول والموضوع الخطير الذي يصعب ذكره الآن؟
- الدكتور تركي الحمد: يعني يصعُب ذكره الآن وتريدني أن أجيب عليه مثل ما ذكرته، هذا ذكّرني بحكاية: يقال إنه بعدما مات جوزيف ستالين الذي كان هو سيد الاتحاد السوفيتي وبعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي قام خروتشوف وانتقد التجربة الستالينية، بعدما انتهى كتب له أحد الحاضرين سؤالاً قال ما دمت تنتقد هذه التجربة فلماذا لم تتكلم أيام ستالين؟ وقف خروتشوف ونظر وسأل من الذي كتب الكلام هذا؟ فلم يجيبه أحد، فقال لذلك أنا كنت ساكت أيضاً أيام ستالين! فهذا يعني، لكن على أية حال إذا كنت تتكلم عن ذلك المقال فأتكلم عن نقطة بسيطة جداً ألا وهي أن المواطنة للجميع، وأنا أعتقد هذا هو الجاري، وأن هذا هو الخطاب السياسي السعودي الموجود، هذه هي النقطة الأساسية.
عريف الحفل: الأستاذ سامح السوني المشرف الثقافي بمجلة "اقرأ" يقول:
ما زال أعلام العرب يتنافسون في تقديم برامجهم للمشاهد العربي، وإن صح التعبير ما هو مناسب لتلويث عقولهم هل هذه حرب فكرية بين قنوات فضائية؟
- الدكتور تركي الحمد: لا، هي أعمق من ذلك، والآن المشكلات عندنا تتراكم في العالم العربي أنا أعطيكم إياها، يعني نتكلم بشيء ونمارس شيئاً آخر نتكلم بالقومية العربية مثلاً ونمارس سياسات قُطْرية مغرقة في قطريتها، إن لم تكن القومية وفق شكلي وإلا أنا رافضها، نتكلم بأننا مسلمون بشكل آخر وتجد أنّ أشد الدول خصماً مع بعضها هي الدول الإسلامية، نتكلم حتى في مجتمعاتنا بأن إسلامنا حضنا على البر والتعاون والتكافل وإلى آخره ومع ذلك تجدهم في الغرب يتكافلون اجتماعياً أكثر من تكافلنا، فالقضية أنك لما تنقض هذه السلوكيات فإنك تنقض سلوكيات تتناقض أساساً مع الأفكار التي نطرحها، فقضية الفضائيات وصراعها هي مسألة أعمق من مسألة الفضائيات فهي مسألة العقل نفسه، العقل الممارس؛ العقل السياسي؛ العقل الثقافي؛ كافة هذه الأشياء؛ فهناك خلل معين، مرة كنا في إحدى الجلسات أو الاجتماعات فقال هل معنى ذلك أن عقلنا ليس كعقول الآخرين؟ المسألة ليست مسألة مخ موجود، هي مسألة منهاجية معينة، إذا لم نصل إلى هذه النقطة بإصلاح العقل نفسه فلن تصلح حكاية الفضائيات، والفضائيات ليس إلا مؤشر على تضارب العقل العربي الإسلامي بشكـل أو بآخر لأنه يريد كل شيء وفي نفس الوقت يفقد كل شيء يريد المتناقضات ولا يستطيع جمعها، يتحدث عما لا يمارس، وهنا النقطة الأساسية التي لسنا راضيين الاعتراف بها وبالتالي لسنا راضيين بعلاج هذا المرض من جذوره.
عريف الحفل: الأستاذ عثمان مليباري يقول:
حدّثْنا عن العقبات التي تعترض في طريق التفكير العلمي عن التفكير المنظَّم الذي يمكن أن نستخدم في شؤون حياتنا اليومية أو في النشاط الذي نبذله حين نمارس أعمالنا المهنية المعتادة؟
- الدكتور تركي الحمد: الإجابة تحتاج إلى كتاب، القضية الأساسية دعنا نطرح مثالاً، لماذا لا نستطيع اللحاق بالغرب فإذا نظرت إلى الفكر العربي من بداية القرن إلى نهايته الآن ستسأل ما الذي ينقصنا للحاق بهم؟ لماذا هم متقدمون ونحن نتخلف؟! ذُكرَ قبل ذلك أننا ننبهر بالحضارة الغربية في أعماقنا إحساس بأنها أقوى، وأنها مكتسحة، ولكننا لا نريد الاعتراف بهذا الشيء ونقول يجب أن نجابههم بعقلية مختلفة، العقلية المختلفة لا ندرك أبعادها، بينما العقلية المعاصرة مُدْرَكَةٌ أبعادها، التفكير العلمي، والتفكير العلمي معروفة خطواته وآلياته، ومعروفة كافة هذه الأشياء لكن المشكلة أننا لا نعترف، اليابانيون اعترفوا عندما قالوا نحن تلاميذ، ليس عيباً أن أكون تلميذاً نحن تأخذنا العزة بالإثم، ونقول ما ينبغي لنا أن نصبح تلاميذاً، ولكن في النهاية ماذا نصبح؟ مستهلكين! نستورد نعم الكمبيوتر لكن لا نستورد الفلسفة التي تقف وراء الكمبيوتر، نستورد السيارة والطائرة لكنْ! نبقى في ذات الوقت نمارس قيادة السيارة أو الطائرة بالعقلية التي كنا نقود بها الجمل والحمار كمثال، هنا المشكلة، الفرق بين التلميذ والمستهلك؛ التلميذ يستورد المنتج مع فلسفته، نحن نستورد المنتج بدون فلسفته وفي النهاية ما الذي يحصل؟ المنتج يفرض فلسفة معينة تختلف عن الفلسفة التي نمارسها وبالتالي نضيع مشيتنا ومشية الغراب كما يقولون أو مشية الحمامة بشكل أو بآخر، فلنتواضع قليلاً ونقول نحن في هذه المرحلة تلاميذ، ليس عيباً أن أكون تلميذاً، العيب أن أبقى مكاني طوال الزمان، نعم كنا سادة العالم في يوم من الأيام كما كان الرومان كذلك، كما كان اليونان كذلك، كما كان المصريون، البابليون، إلى آخره، قدّمنا للعالم حضارة إنسانية ومدنية راقية وقدّمنا وبدأنا نقدم لهم العقل الحديث ما الذي حصل؟ الذي حصل نحن تركنا هذا العقل وتَبَنّوْهُ هم وانطلقوا، إذن لماذا لا أصبح تلميذاً كما كانوا تلاميذاً؟
عريف الحفل: الدكتور غازي العمري ذيّلَ أسئلته بكلمة أهلاً ومرحباً بكم في جدة ويقول:
تحدثتم عن أزمة المثقف العربي وما هو حاصل وما يجب أن يكون للخروج من عنق الزجاجة، حيث أشرتم إلى أن إشكالية الأزمة تبدأ من المجتمع والوجود العربي ويليها المثقف، هل يعني ذلك اتفاقكم حول مفاهيم الفجوة بين الفكر والواقع في نقد العقل العربي وفِق رأي الجابري والذي استشهدت به في تفسير الأزمة العقلية للمثقف العربي؟
- الدكتور تركي الحمد: ذات المثقف لديه أزمة، كثير من الأحيان عندما نتواصل ونناقش ونحلّل سنجد أن أزمة المجتمع العربي - هي صحيح هناك أزمة معينة - ولكنها لا تكون بتلك الحدة إلا عندما يأتي المثقف وينظِّرها ويعطي المجتمع أشياء معينة فلا يستوعبها المجتمع يأخذها بشكل سطحي من المثقف، والمثقف في حقيقة الأمر لا يمارس ما يقول أو يكتب، وأكبر مثال على ذلك الجابري أستاذنا، الذي تتلمذنا عليه، وجدت أنك عندما تقرأ مقالاته الصحافية أو تقرأ مثلاً طروحات معينة تجدها تتناقض تماماً مع الكتابات التي يكتبها في كتبه الرصينة، ويُمارس ممارسةً مختلفةً وهذا كمثال، على خلاف مثقفين آخرين يمارسون ما لا يقولون أو يكتبون، تجده يكتب في القومية إلى آخره وتجده يمارس أردأ أنواع القطرية، تجده يكتب مثلاً في الأيدلوجيات الاشتراكية وخلافه وتجده يمارس أفظع أنواع التمّلك والانتهازية، هنا إلى آخر ذلك المثقف نفسه، ليس تعبيراً عن مجتمعه، عندما تنظر إلى التاريخ الأوربي تجد أن المثقفين الذين صنعوا الحضارة الأوربية، والنهضة الأوربية المعاصرة تجدهم نابعين من المجتمع ويعبرون عن نبض المجتمع الحقيقي فينظِّرون هذه الأشياء ويعيدونها إلى المجتمع كي يستطيع المجتمع أن يرى طريقه، نحن ما الذي يجري؟ الكثير من المثقفين العرب يأخذ هذه الأزمات فيضعها في برج عاجي معين، ويغطيها بأغطية معينة، ويقدِّمها للمجتمع فيصير المجتمع كأنك وضعت عليه "عمّايات" لا يستطيع يقدر الرؤية، فلا المجتمع سار بشكل طبيعي وعبَر عن نفسه، ولا استطاع هو أن ينظر من خلال ما يقدمه بعض المثقفين، وهنا تكمن الأزمة الحقيقية، إذن أزمة المثقف عندنا هي أزمة المثقف نفسه بشكل أو بآخر.
عريف الحفل: الأستاذ عادل الصويان يقول:
في ثلاثية الأطياف اتخذ البطل هشام العابر لنفسه خطاً تحرر فيه تماماً من الهاجس الرقابي، تُرَى هل كان ذلك كما رأى الكثيرون رد فعلٍ للواقع المعاش، وإمعاناً في كسر الحواجز، أم هو إثباتٌ عملي من الدكتور الحمد لقناعة أو لفهم معين تجاه الفصل بين الحرية الإبداعية والأعَرْاف والقيم؟
- الدكتور تركي الحمد: نتكلم عن المسألة الروائية، وعندما أقول إنّ في هذا العالم إجرام، مخدرات، انحرافات معيّنة كما يراها هذا الطرف أو ذاك، وأشياء أخرى كثيرة، ولكن هل يعني عندما تقول أن في العالم هذه الأشياء أنك موافق عليها؟ ليس بالضرورة، هذه هي الحياة، هذه الحياة مكونة من بشر، والبشر ليسوا ملائكة، لو أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل منا ملائكة لما خلق آدم من البداية، الملائكة موجودون ومخلوقون قبل الإنسان، قال الله سبحانه وتعالى: إنِّي جَاعِلٌ فِي اَلأَرِض خَلِيفَةً، ماذا قالت الملائكة؟ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا ويَسْفِكُ اْلدِمَاءَ ونَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ ونُقَدِّسُ لَكَ؟ قَالَ إِنّيِ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ فإذن لو أراد الله سبحانه وتعالى أن يخلق ملائكة، لاكتفى بهم، ولكنه جعل في الأرض بشراً، لديهم الخيار، لديهم طريقان، الخير والشر، الزين والشين، الأسود والأبيض، الحياة بكل تناقضاتها، فالأدب هو تعبير عن هذه الحياة، وليس منشـوراً سياسيـاً، أو نصيحةً اجتماعية، أو نصيحة دينية، أو نصيحة من أي نوع، لأنك إذا جعلته نصيحة أو منشوراً بهذا الشكل أو بذاك يفقد الرواية والإبداع ولا يكون معبراً عن الحياة، لأن الحياة مختلفة، فيها الأحمر والأصفر والأبيض، هل هذا يعني متفق أو غير متفق؟ اتفاقي أو عدم اتفاقي لا يغّير من المسألة شيئاً، منذ أن جاء آدم وحتى هذه اللحظة والصراعات قائمة والاختلافات قائمة، هل أدى ذلك إلى انتهائها؟ لم تنتهِ ولن تنتهي، لأننا كما قلنا نحن بشر ولسنا ملائكة، هكذا أراد الله سبحانه وتعالى فالأدب يعبر عن هذه الحياة، فلو وضعتها في سياق معين فهي ليست رواية وليست إبداعاً وليست هذه هي مجرد توجيه فأعتقد إن كنتُ فهمتُ السؤال صحيحاً فهذه الإجابة عليه.
عريف الحفل: الأستاذ رفقي الطيب يقول:
في الخامس من حزيران سنة سبع وستين خذل السلاح السياسة وفي السادس من تشرين سنة ثلاث وسبعين خذلت السياسة السلاح سؤالي من خذل المثقف في عالمنا العربي؟
- الدكتور تركي الحمد: المثقف خذل نفسه. دعنا نتوسع في هذه النقطة قليلاً عندما تنظر لما حصل عام سبع وستين وهي هزيمة حزيران وعندما ننظر إليها من الجانب الفكري والجانب الأيدلوجي ولنترك الجانب العسكري، سنجد أن المثقف العربي شارك مشاركةً فعالةً وهو على وعيٍ بصنع ذاك الحلم الكبير الذي لم يكن يعبر عن واقع فِعْلي، فكان هو مشاركاً في ما حصل، ولما انتهت هزيمة سبع وستين ترك هذا المفكر بشكل عام الساحة وأخذ يجلد الذات انتقل من التضخيم إلى الجلد بشكل فجائي وكأنه تحول من ماء مغلي إلى ثلج فتحول من التضخيم إلى جلد الذات بشكل معين، فضاع المجتمع وضاعت الجماهير ضاعت الشعوب بشكل أو بآخر، فأصبحت العملية ذات فجوة كبيرة، فإذاً من جنى على الآخر المثقف هو الذي جنى على نفسه، لأنه يفترض ألا يجني عليه أي شيء آخر، تعريف المثقف؟ هو الواعي، هو الذي يستطيع أن يدرك ما لا يدركه الآخرون، قد يفشل وقد ينجح، ولكنه يحاول دائماً، المثقف العربي بشكل عام وفي مراحل معينة لم يحاول هذه المحاولة بل كان ممارساً لعمله في غش الجماهير بدلاً من أن يقودها إلى وعي معين.
عريف الحفل: الأخ عبد الله قينان من مجلة "اقرأ" يقول:
نسلم بأن الدفعة المعنوية هي المحرض الأول لاستمرار الإبداع أو لنقل التفكير؛ أين هي تلك الدفعة المعنوية التي يجدها كاتب روائي مثلكم من قِبل الدولة، السلطة، مع العلم بأنه يجدها من شعب هذه السلطة في ظل المنع الواقع على الرواية الحرة؟
- الدكتور تركي الحمد: يعني ماذا تريدني أن أقول؟ هذا لا جواب له مني، وجودكم الليلة دفعة معنوية كافيـة جداً.
عريف الحفل: الأخ سعيد الخوتاني صحيفة عرب نيوز يقول:
أثار معرض ديزني جدالاً قوياً حول جدوى المقاطعة للعدو الإسرائيلي باستبقاء القدس عربية فمنهم من أيد مقاطعة المعرض، ومنهم لم يؤيد كما تعرفون فما رأيكم أنتم في هذا الأمر؟
- الدكتور تركي الحمد: هذا أكبر دليل على مدى النفاق الذي نمارسه في حياتنا السياسية والاجتماعية، الآن جات على ديزني ومعرض ديزني؟ ونحن دائماً نرى على الشاشات الصور والمعارض التي تنشر لك صـورة القدس والمسجد الأقصى وأن القدس مدينة إسرائيلية وحسب، طيب الآن، أثرت لي قضية على مشاركة إسرائيل في معرض ديزني! والكلام ليس على المشاركة بل لماذا القدس عاصمة إسرائيل، وثم أثرت قضية عندما فتح مطعم البيرجر كينج فرعاً في مستوطنة إسرائيلية أثرت قضية معينة وقامت جامعة الدول العربية، أين الجامعة العربية من قرارات أساسية من قرار الولايات المتحدة مثلاً نقل سفارتها إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل هي النقطة الأساسية وكما يقولون أرجو المعذرة في مَثل مصري تعرفونه كلكم ولا عيب فيه يقول (ما قدرش على الحمار قدر على البردعة) فتجد هذا حالنا القضايا الجوهرية القدس نفسها كيف تحولت إلى شبه مدينة إسرائيلية! وأؤكد لكم أنه بعد فترة عندما يصل الاتفاق النهائي حولها ستجدون أن كل الكلام عن فلسطين دولة مستقلة وعاصمتها القدس لن يحدث ذلك، وإن حدث فهو بجزء معين من القدس لا علاقة له بالقدس التاريخي بشكل معين، القضية إذن ليست قضية إن ديزني سمحت أو لم تسمح وأنه والله هذا برغر فُتحت لها مطعم هناك، كل هذه أصبحت قضية إعلامية لا أكثر ولا أقل، بينما القضية الرئيسية الأساسية لم تُحلْ، هل القدس مدينة عربية أم إسرائيلية؟ تعالوا نتكلم عنها ما دور المقاطعة العربية والجامعة العربية في هذا المجال، الولايات المتحدة معترفة بالقدس عاصمة لإسرائيل، هذه الدولة وتلك الدولة معترفة بالقدس عاصمة لإسرائيل ما الذي حصل؟ تطلع علينا الكلمات ثلاث أربعة أيام "القدس عروس عروبتنا" وخذ يا الكلمات الرنانة ثم ننسى وينتهي الأمر، وتسير الأمور كما تسير، هناك قضية، أما قضية ديزني وفتْحُ معرض... لنفرض الآن أننا انتصرنا في هذه القضية طيب ثم ماذا؟ سيأتي أحد ويقول هذا درس لنا أنّ الجامعة العربية إذا توحدت الجهود فهي قادرة على فعل شيء، حسناً هذا معروف إذا توحدت الجهود فإننا لقادرون، السؤال كيف تفعلها مرة ثانية وثالثة وكيف تتخطى هذه الأشياء؟ ومن الأشياء التي ذكرت بالصحف في هذه القضية يقال أن شركة ديزني على استعداد لأن تتنازل أكثر بشكل معين، ولكن هنالك بعض الشخصيات العربية طمأنوهم أنّ هذا الكلام لا قيمة له إلى آخره فقل بشكل أو بآخر تخلوا عن مطالب كثيرة. هنا النفاقات وأمور نعرفها، أحد وزراء الخارجية الأمريكية في الستينات قيل لهم أنتم تتكلمون كثيراً ولا تخافون على مصالحكم في العالم العربي بينما تخافون عليها في مناطق أخرى لماذا؟ قال لأننا نعرف أساساً أن العرب إذا تكلموا فهو مجرد كلام، ونحن نعلم هذا الشيء، كنا نخاف ولكن اجتماعاتنا مع كثير من السياسيين العرب بيّنَتْ لنا أنهم يقولون لنا شيئاً ويتفقون معنا على شيء في السر وعندما يخرجون إلى جماهيرهم يقولون كلاماً لا علاقة له بما اتفقنا عليه، انظر إلى الجذور أصلح لنا الجذور تصلح الأشياء هذه، أما التركيز على ديزني وانتصرنا فيها ما شاء الله بينما الجذور ما زالت قائمةً هنا المشكلة.
عريف الحفل: الأستاذ عبد الله المسلم من الرياض يقول:
لماذا كان عابر الشميسي يكاشف بخرق الزجاج الذي عناه السريحي وهل صحيح أن الفكر المستنير هو ما خالف المُسَلَّمَات؟
- الدكتور تركي الحمد: هناك فرق بين مسلمات ومسلمات، من الأشياء الغريبة في عالمنا العربي أننـا كل "مسلَّمة" نجعلها مسلَّمات مقدسة وهذا لا ينبغي، المقدس هو المقدس، المقدس هو ما قال الله وقال الرسول، هذا مقدس نعم، ما عدا ذلك تأتينا بشيء معين من هنا ومن هناك وتقول هذا مقدس؟ أقول لك "لا" هو مُسلَّم "نعم" ولكن هذه المسلمة من أين أتت؟ وهل اعتبرها مقدسة أم أنها من صنع الإنسان، إذا كانت من صنع الإنسان فلماذا لا أصنعها؟ لماذا لا أناقشها؟ إذا كانت تُعيقني، فالقضية هنا تأتيك معادلة: العلاقة بين الغاية والوسيلة، هل أن هذا الشيء وسيلة لغاية أم أنه غاية؟ هل هذا غاية لوسيلة أم أنه وسيلة لغاية؟ أحدد المشكلة، في كثير من الأحيان تنقلب الآية وتنقلب المعادلة فتتحول الوسيلة إلى غاية وتُنْحرُ الآية عند هذه الوسيلة. عندما نقول نناقش المسلَّمة بهذا الشكل، فالمقصود أن أنظر إلى هذه المسلَّمة وأفرّق هل هي غاية أم وسيلة، أنا باعتقادي الغاية هي كرامة الإنسان وكل ما يؤدي إلى كرامة الإنسان فهو وسيلة طيبة بشكل أو بآخر. هذه النقطة أساسية، أما تأتيني بمسلَّمات معينة وتقول لي إنها مسلمات، حتى ولو وقفت في طريق تحرك الإنسان وكرامة الإنسان أقول لك "لا"، ما يصير، المقدس مقدس ونعرفه وتربينا عليه، لكن غير المقدس أناقشه، ولماذا لا أناقشه؟ هنا المشكلة العقل المنفتح، العقل المنطلق فيما يتعلق بهذه الأمور هو الذي سيدفعنا ويدفع أمتنا ويدفع مجتمعنا إلى الأمام، أما هذه المسلمات التي أعطيناها صفة القداسة وهي ليست مقدّسة هي التي تعيق، المسألة بكل بساطة بهذا الشكل، في اعتقادي قد أكون مخطئاً قد أكون مصيباً ولكني مجتهد في هذه النقطة. لا أكثر ولا أقل.
عريف الحفل: الأخ زهير بن فهد الحارثي يقول:
هل من نية في إصدار رواية تلحق بأخواتها السابقات تكشف عن تجربة هشام العابر في الولايات المتحدة وتحديداً في جنوب كاليفورنيا؟
- الدكتور تركي الحمد: يعني أحاول وأفكر بالأمر إن شاء الله.
عريف الحفل: حزام العُمري من جريدة المدينة يقول:
نود منكم التحدث لكتّاب الأعمدة الصحفية الذين إلى الآن وفي ظل ثورة المعلومات يسيّسون مقالاتهم.
- الدكتور تركي الحمد: أعتقد هذا ليس سؤالاً ولكنه تعليق وأعتقد أن الرسالة وصلت لمن يريد الأخ أن يوصلها.
عريف الحفل: الأخ ياسر رشيد من مجلة "اقرأ" يقول:
انقسمت الآراء حول مطابقة شخصية الكاتب والمفكر لِما يطرح ما رأيك في ذلك وهل نقبل طرح شخص لا ينطبق مع أخلاقياته؟
- الدكتور تركي الحمد: عليك أن تقرأ العمل، هنا المشكلة عندنا دائماً، ما في تخصص، العالم عالم تخصص، أنت هل تقرأ للكاتب أم تقرأ ما هو مكتوب؟ أنت احكم على العمل ودعك ممن كتب العمل ترتاح وتريح بهذا الشكل.
عريف الحفل: الأخ جمال برهان يقول:
تعاملت في الجامعة مع جيل الطفرة كيف ترى واقع وتحديات هذا الجيل مع مؤشرات البطالة وعدم قبول الجامعات للجميع؟
- الدكتور تركي الحمد: المسألة لا تحتاج إلى رأي بل تحتاج إلى دراسات حقيقة، فعلاً لدينا مشكلة الآن عندنا أجيال كبيرة تتخرج، تحتاج إلى دراسات، ما تحتاج إلى رأي تحتاج إلى أن يكون هنالك مؤسسات خاصة تَدْرسُ هذه الظاهرة وتبين أين الخلل وكيف يمكن أن يُعالج، تحتاج إلى دراسات ولا يُكتفى فيها بالرأي هكذا.
عريف الحفل: السؤال الأخير للأخ فؤاد عامر يقول:
سأل الأخ سامي خميّس إن كان لدى المثقفين حلول ملموسة تساعد على التعامل مع إفرازات العولمة ولم نسمع الرد، ألا ترى أنّ هناك حاجة ماسة إلى مساهمة المثقفين والمفكرين بوضع برامج توعية شاملة تقدم إلى العامة عبر مناظرات فضائية يستفاد منها ويمكن عبرها توسيع قاعدة التمكن من التفاعل الإيجابي مع إفرازات العولمة؟
- الدكتور تركي الحمد: "إيدي على كتفك" لكن هذه المسائل لا تحتاج إلي، مجرد رأى وثقافة، وإنما تحتاج إلى تعاون كافة القطاعات الاجتماعية، من رجال أعمال، من أصحاب إعلام، من ولي أمر إلى آخره، فالمسألة ليست قضية ثقافة لكن ما أقولك معاك حق في هذه الحالة والله يساعد.
الشيخ عبد المقصود خوجه: يا إخوان في الحقيقة وردتني أسئلة كثيرة وطرحتُ كل ما يمكن طرحه، وبكل صراحة حجبت الأسئلة التي رأيت فيها تصفية حسابات، أو رأيت أنها تمس الخطوط الحمراء، كعقيدة أو كأشياء لا تُقال، ومنها سؤال الأخ محمد عبد الواحد وأعدته إليه بصراحة وأتاني بسؤال آخر، أنا أعمل عادة إطلاقاً، ما أقول وتسكت وأديت السؤال الآخر وأُجيب عليه وانتهى الموضوع.
أحد الحضور: لم يجاوب عليه!!
الشيخ عبد المقصود خوجه: أسمع أستاذي أنا هنا لا أصفي حسابات مع أحد، وأطرح كل الأسئلة ولا اقتعد غير مقعدي ولا أحجب أي سؤال، إلا الأسئلة التي أكرر أنها تصفية حسابات أو تمس الخطوط الحمراء، الجميع لا يقبل بها، فآسف لأي سؤال لم يطرح من هاتين الفئتين، أما ما عدا ذلك فأهلاً وسهلاً ومرحباً، أتاني هنا تذكير من الأستاذ عمر سالم بأنني لم أذكر الفقيد الكبير الشاعر البردوني فهذا حق فرحمة الله عليه افتقدنـا بـه شاعراً كبيراً فذاً شرّف الاثنينية فنترحم عليه ولك الحق في ذلك، ونشكر الأستاذ الدكتور تركي الحمد على تفضله بحضور هذه الأمسية وعلى المشاق التي تكبدها سواء في حضوره، سواء في إجابته على الأسئلة الكبيرة، وكما ترون هذه الأمسية كانت أمسية ماتعة بالحوار الذي دار بينكم وبينه، فنتمنى أن نلتقي به مراراً، وإلى اثنينية قادمة وأترك الكلمة للزميل.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :629  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 11 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور محمد خير البقاعي

رفد المكتبة العربية بخمسة عشر مؤلفاً في النقد والفكر والترجمة.