شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الأديب الدكتور أحمد البراء الأميري ))
- الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، في الرابع عشر من ذي القعدة قبل خمس سنوات تقريباً وقفت في هذه الاثنينية المباركة أتكلم في حفل تكريم فقيد العلم والحق والذوق الرفيع أستاذي الراحل الشيخ عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله وأكرم مثواه وطيب ثراه ونور ضريحه الثاوي في بقيع الغرقد إلى جوار المسجد النبوي الشريف الذي أخلص لصاحبه عليه أفضل الصلاة والتسليم الحب والإعجاب والإكرام والإعظام فخدم سنته المطهرة وخرجت آخر كتبه إلى الدنيا بعد أن غادر هو الدنيا بشهور وشهور.
واليوم أقف ثانية غير جدير بالوقوف كما لم أكن غير جدير أول مرة، للحديث عن رجل كريم وثيق الصلة بشيخنا الراحل فهو خال أولاده جميعاً ونعمة الخؤولة الهاشمية المتصل نسبها الزاكي بالحسن بن فاطمة الزهراء رضي الله عنهما.. بنت سيد الثقلين صلى الله عليه وسلم.. وبارك وعظم وأكرم وأنعم.
أيها الأخوة.. من الناس من تسمع عن جعفر بن فلاح أطيب الخبر حتى التقينا، فلا والله ما سمعت أذني بأحسن مما قد رأى بصري.. هذا هو وصف حالي وحال أكثر من عرف الضيف الكريم من أخوانه وأصدقائه وأحبابه وطلابه، بل وطالباته أيضاً.. وإذا كان النسب الشريف منحة ربانية خالصة، لا يقدر المرء أن ينالها بجد واكتساب وأن الله سبحانه قد وفق أستاذنا إلى فضائل كسبية يحمد له فيها الجد والاجتهاد والكد والكدح والأخذ بالأسباب بعد التوكل على العزيز الوهاب.. فمن أجمل مزاياه التي تتجلى لمن عرفه، إشراق الظاهر الذي يدل على إشراق الباطن، ومن أسباب هذا الإشراق في شخصيته نظافة الحس التي تشي بنظافة النفس وأناقة المظهر التي تنبئ عن أناقة المخبر وتتجلى هذه الأناقة في كلامه وحركاته وسكناته وأسلوبه وقد بلغني أن الدكتور يوسف خليف رحمه الله أحد أعلام الأدباء والنقاد الذي تقارب منزلته العلمية منزلة شيخ الأدب والنقد الدكتور شوقي ضيف رحمه الله، قال في أثناء مناقشة ضيفنا في رسالته لنيل درجة الماجستير، أن الباحث يملك أسلوباً شفافاً وقد وفق لعمري في اختيار لفظ الشفافية لأنها أحد مفاتيح شخصية الدكتور الهاشمي اتصفت بها روحه قبل أن يتصف بها أسلوبه، وطبعت تعامله مع الناس قبل أن تطبع كتبه، لقد درس الهاشمي الأدب ودرَّس الأدب فكان أنموذجاً عالي للأدب، أما أنا واحد من قلة أكرمها الله بالاقتراب من دائرة الضوء الذي ينبع من روح الهاشمي وقد قلت عنه أنه يغلف عبوس الحياة بالابتسام، أعرف أن في حياته محناً وآلاماً لو مرت على أمثالي لغيبت بشرهم وحولت نهارهم ليلاً ونومهم سهداً وأنسهم وحشة ولما هنئوا بطعام أو شراب لكنك ترى الهاشمي وتجلس معه وأنت لا تعرف ماذا يجري خلف ابتسامته الصافية وحفاوته الصادقة فتظن الرجل ناعماً هانئاً يعيش بلهنية يصدق عليها قول الشاعر:
حين صرف الزمان كان اعتذاراً
ورياح الخطوب كانت نسيما
 
والحق أن الذي يصدق عليه إن شاء الله ونسأل الله لنا وله العافية، قول جده عليه السلام الذي رواه مصعب بن سعد عن أبيه وأخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه رحمهم الله "يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه وإن كان في دينه رقة خفف عنه" أخشى إن أنا أطنبت في هذا المقام أن أتحول من مادح إلى مداح يحثى في وجهه التراب فلأوجز القول، لقد رأيت في أستاذنا الهاشمي بالإضافة إلى ما ذكرت رفعة الخلق ودماثة الطبع والإتقان في العمل وتوطئة الأكناف وهدوء الأعصاب وضبط النفس وحسن التأني للأمور وحسن التربية للأولاًد والأحفاد والإسباط والحفاوة بالأخوان وإكرام الضيف وبذل النصيحة فصدق فيه قول الشاعر:
فتوجز في قارورة العطر روضة
وتوجز في كأس الرحيق كروم
 
وأختم حديثي اليوم بما ختمته به قبل خمس سنين إذا قلت: شكراً لله لكم أيها الأخوة الكرام حسن استماعكم، وشكراً لله للأستاذ النبيل الأديب الأريب سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه ما أسقطه عن القادرين من واجب إكرام العلماء والأدباء والفضلاء فحق الاثنينية المباركة أن تحمل عنوان وفاء للأحياء في شرقنا المسكين الذي لا يعرف أقدار رجاله إلا بعد أن يغادروا عالم الفناء إلى عالم البقاء.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :694  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 76 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة بديعة كشغري

الأديبة والكاتبة والشاعرة.