الاثنينية ::المكتبة

مكتبة الاثنينية

> > > المقدمة

المقدمـــــة

عندما تحتفي "الاثنينية" بالكلمة ورجالاتها فإنها تستشرف الفروع السامقة التي تتبرعم من ذلك الأصل الثابت في أرض الإبداع والعطاء المتميز.. ونلتقي بكل من ضيوفنا المحتفى بهم باعتبار أنهم في حياة تبادلية أزلية بين الفرع والأصل.. فالأصل يمد الفرع بالماء والغذاء، والفرع يؤدي وظيفة التمثيل الضوئي ليغذي بقية شجرة العطاء ويمنحها القوة والجمال واستمرارية البقاء.

وكان بودي أن تتناغم هذه السيمفونية خلال هذا الموسم (1419هـ / 1998م) إلا أن كل المحاولات التي بذلتها للخروج بموسم قوي ومكتمل قد اصطدمت بظروف خارجة عن الإرادة مما أدى إلى اختصار الفعاليات في سبع أمسيات فقط.. ولكن عزائي أن ما لا يدرك جله لا يترك كله.. فكانت لنا وقفات طيبة مع بعض رموز الصحافة والفكر والأدب الذين شرفونا وأسعدونا بعذب حديثهم وغزير علمهم وفضلهم.

والجدير بالذكر أن "الاثنينية" قد أحيت في هذا الموسم تقليداً بدأته عام 1406هـ / 1986م حيث احتفت ولأول مرة بكتاب "الخطيئة والتكفير" للأستاذ الدكتور الأكاديمي والناقد الكبير عبدالله الغذامي، وللأسف لم نعاود التجربة إلا في هذا الموسم حيث التقينا بمعالي المفكر الإسلامي المعروف الدكتور محمد عبده يماني الذي تفضل وطرح على بساط البحث مؤلفه القيم “أبوهريرة الصحابي الجليل والحقيقة الكاملة".. وقد كانت أمسية ناجحة بكل المقاييس ووجدت تجاوباً ملموساً من قبل الأساتذة المتحدثين والمشاركين بالمداخلات والأسئلة والاستفسارات.. ونأمل أن نتمكن في المستقبل من تكرار التجربة مع كتب أخرى لإثراء الساحة وتقديم رافد جديد لتنويع فعاليات "الاثنينية".

أما رموز الصحافة فقد كان لهم القدح المعلى في هذا الموسم نظراً للأهمية الكبيرة التي نعلقها على تواصل الأجيال عبر هذه اللقاءات.. لقد انحسر للأسف دور المجتمع ومؤسساته في عملية تواصل الأجيال، وبالتأكيد فإن ذلك بدون قصد لأن تسارع الأحداث وتكاثر قنوات الاتصال بين الناس جعل انتقال المعلومة يتم من خلال عدة وسائط آخرها شبكة "الانترنت" التي تجاوزت الحدود وأصبحت مصدراً لا غنى عنه لكل من كسر أمية القرن الحادي والعشرين.. وفي خضم هذا التيار الجارف صار من الصعوبة بمكان أن يلتقي الشبيبة بأساتذتهم المخضرمين، وأحسب أن "الاثنينية" تشكل بيئة مناسبة لنمو علاقة متوازنة بين طرفي المعادلة وصولاً إلى أرضية مشتركة ومناخ طبيعي للاستفادة القصوى من عطاء الرواد الأفاضل الذين لا يبخلون بوقتهم وخبراتهم من أجل البراعم النامية.

كما كانت لنا وقفة متأنية مع الفكر الإسلامي المنفتح نحو ربط المجتمع رجالاً ونساءً بالخلق الإسلامي القويم الذي لم تترك تعاليمه شاردة ولا واردة إلا وهذبتها وشذبتها وصقلتها وأخرجتها في أبهى حلة لتبقى كما أرادت لها مشيئة الله عز وجل في مستوى الرسالة الخاتمة، التي انبثق منها نور الحضارة والعلم ليغطي كل السلوكيات البشرية ويخرج بها عن نطاق البهيمية إلى آفاق الإنسانية الراقية.

آمل المعذرة أيها الأحبة عن هذا الجهد الذي شابه شيء من التقصير.. فهو جهد المقل الذي أرجو مخلصاً أن ينال أجر المجتهد.. والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل..

عَبد المقصُود خوجَه.

جدة : ذو القعدة 1420هـ - مارس 2000م