شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة سعادة الأستاذ الأديب سعد بن عبد الله المليص
رئيس النادي الثقافي الأدبي بالباحة ))
الحمد لله القائل:... وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ ويَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ومَا جَعَلْنَا القِبْلَةَ التي كُنْتَ عَلَيْهَآ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وإِن كَاَنَتْ لَكَبِيَرةً إِلاَّ عَلَى الَّذيِنَ هَدَى اللهُ ومَاَ كَاَنَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ.
والصلاة والسلام على من بعث إلينا هادياً ومبشراً ونذيراً: القائل: ... إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق الحديث - أو كما قال عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.
أخي راعي هذا الصرح الأدبي الكبير الشيخ عبد المقصود محمد سعيد خوجه.
أخوتي رجال الفكر والأدب والفقه والإدارة.
ابننا البار المحتفى به الأستاذ الدكتور سعيد عطيه أبو عالي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنها لفرصة غالية سنحت لنا بلقاء هذه الكوكبة الكريمة من رجال الفكر والأدب: فهو لقاء علمي؛ أدبي في ربوع هذا الوطن الغالي الذي شرف الله أهله قيادة وشعباً بالأخذ بزمام الوسطية التي ورثناها من شريعة المصطفى عليه الصلاة والسلام وكانت دستورنا بين أمم القرن العشرين الميلادي في عصر تقنية غزو الفضاء وتكنولوجيا الحضارة الحديثة ذات الأطوار المتسارعة فجمعوا بثاقب بصيرتهم بين الحضارة الإسلامية والتجديد في التمدن بين الأمم المتحضرة بفضل الله ثم بفضل جهود هذه القيادة السعودية المباركة التي وقفت بثوابتها الإسلامية وعاداتها العربية أمام هذا الزخم المتصارع والوافد من المتناقضات العقدية والفكرية فحمت بعون الله مجتمعنا ديناً، وأنفساً، وأموالاً وأعراضاً بحكمة عقول نيرة وقيادات سوية عاش في آفاقها الفرد السعودي قرير العين آمنا في سربه معافى في بدنه متكافلاً مع أمثاله مع متطلبات حياته ووطنه يمخر في هذا الكون الفسيح كالأعلام تحت راية توحيد الله في الأقوال والأعمال يأتمر بأمر الله وأمر رسوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مطيعاً لولاة أمره متآخياً مع أقرانه منسجماً مع بنية هرم وحدته الفكرية ووحدة صفه أمناً واستقراراً وتعليماً وسلوكاً وثقافة بالكلمة الصادقة التي التقى عليها رجال الفكر والأدب من منطلق هذه الوسطية كأسرة واحدة وصف واحد تذود عن حياض ثوابتنا الإسلامية ومكاسبنا الوطنية مع قياداتنا الرشيدة في المنشط والمكره – انسجاماً مع قوله تعالى: واتَّقُوا يَوْمَاً لاَّ تَجْزِى نَفْسٌ عَنْ نَّفْسٍ شَيْئاً ولاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعةٌ ولاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ولا هُمْ يُنْصَرُونَ.
 
أيها الحفل الكريم:
ما كان لي أن أرقى هذا المنبر لولا دعوة سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه لنا - فهو رجل فكر وأدب وسخاء سخر ثروته لرواد الكلمة الصادقة والمقفاة والمعربة وفاء لهذا الكيان السعودي المبارك الذي نتزاحم جميعاً تحت لوائه - لواء العز والكرامة والعدل والمساواة والأمن والاستقرار.
فشكر الله له هذه الدعوة الكريمة التي تدل على أريحيته الوطنية، وليس هذا بغريب على الشيخ عبد المقصود فقد كان لأبيه الشيخ/ محمد سعيد خوجه سبق اللقاء الثقافي والاجتماعي برواد العلم والمعرفة والأدب بمكة المكرمة فالشيء من معدنه لا يستغرب.
وفي هذا الجمع المبارك الذي يضم كوكبة من وجوه المجتمع الذين طابت أعراقهم وفي بيت من بيوت العلم والأدب يعذب الحديث في هذه الاثنينية التي تعبق بذكريات الرجال الكرام الذين أدوا دوراً كريماً كالأستاذ الدكتور/ سعيد عطيه أبو عالي الذي ينحدر من عائلة كريمة ذات خلق ودين ومن أوسط قبيلة بني ظبيان بمنطقة الباحة بيتاً وعلماً وأدباً ولقد كان لي حظوة اللقاء به في غرة محرم 1371هـ. عند عودتنا جميعاً من حج عام 70 مرافقاً للرجل الكريم ابن عمه الشيخ علي بن سعد أبو عالي - رحمه الله رحمة الأبرار - والذي كان في كهولته يزاحم الشباب للتحصيل الدراسي حتى تبوأ مكانة المربي بمدارس المنطقة وكان لقائي بالأستاذ الدكتور سعيد حدثاً ضربت جذوره في أسعد الأيام وأورقت أغصانه أطيب الذكريات وأينعت ثماره على شكل علاقة أبوية حميمة بين طالب ومعلم وامتدت حتى يومنا هذا وكل منا يعتز بجهاد أيام الصبا وطموحات الفتوة وعصاميات المبادئ والرضى بما حققناه لديننا ووطننا وقياداتنا حيث تناغم القديم مع الحديث في نهضتنا السعودية المباركة فجزاك الله خيراً (أبا محمد سعيد خوجه) فقد أتحت لنا في منتداك هذا الحديث عن جهود رجال كنا نعدهم قاعدة عريضة للتنمية الفكرية والأدبية بمملكتنا الفتية فصانوا الود وحفظوا العهد وأدوا الرسالة بأمانة.
 
أيها الحفل الكريم: هذا المحتفى به - هو الابن البار لدينه ووطنه ومواطنيه وقيادته الأستاذ الدكتور سعيد عطية أبو عالي الذي تفرست فيه علائم النجابة والعصامية منذ أول وهلة التقيت به فيها عام 1371هـ. فلمست فيه التأفف من الجهل والتعطش لطلب العلم والمعرفة وأنه ينشد الطموح للعلا فاستجبت لهذه الرغبة الطموحة فيه وضممته إلى أقرانه بمدرسة بني ظبيان التي تسلمتها من فضيلة الداعية العالم العلامة الشيخ حسين بن عبد الله موجان آنذاك - كالأستاذ سعيد محمد أحمد المليص والأستاذ/ أحمد التابعي، والأستاذ عبد الله بدران والأستاذ محمد العبد الله والأستاذ فيصل بن سعيد بن صقر ومحمد غنام وسعيد حمدان غرم الله وحمود بن يحيى وكثير من رفاقهم، ولقي مجهودنا فيهم نحن وزملائي هيئة التدريس كالأستاذ الفاضل صقر بن سعيد بن صقر والأستاذ عطية محمد أبو رياح متعهم الله بصحة جيدة -"ثم اشترك معنا عدد كبير من المعلمين السعوديين وغير السعوديين فيما بعد لأداء رسالتنا التربوية"- أرضاً خصبة فنما العلم وترعرع فصدقت فراستي فيه وفي زملائه عندما كنا نتوسم فيهم أن يكونوا من رجال هذه المملكة الغالية الذين يشار إليهم بالبنان فصقلت مواهبهم ليتحملوا المسؤولية التربوية بمنطقة الباحة فاشترك وزملاؤه معنا في التنمية الفكرية والتعليمية رغم حداثة أعمارهم الزمنية التي سابقتها أعمارهم العقلية، وكان الأستاذ أبو عالي يقدم أقرانه للتحصيل الدراسي الذاتي ويحمل كتابه المدرسي في يد ودفتر تحضيره في اليد الأخرى لأداء رسالته التربوية، فيفوز وطلبته بدرجة التفوق في نتاج الفحص النهائي كل عام - هذه النجابة بحق تجلت في حياته وصدق فيه وفي أقرانه قول الشاعر:
نعم الإله على العباد كثيرة
وأجلهن نجابـة الأبنـاء
 
وبعد أن اكتسب وزملاؤه المعرفة وتسلحوا بالعلم أخذوا يمارسون دوراً بناء في مجتمعهم الذي كان متعطشاً للعلم ومتشوقاً للمعرفة فكان الدكتور سعيد أحد مؤسسي صندوق البر ببني ظبيان ومدارس محو الأمية بمنطقة الباحة وسخر نفسه لخدمة مجتمعه وتنقل من قرية إلى قرية هو وزملاؤه يحملون على رؤوسهم آليات التعليم مثل المصاحف والكتب والسرج والطباشير والبسط لمدارس محو الأمية يبذرون الخير ويرون سنابله في كل مكان وواحدهم يرشف المعرفة ويصفيها ويقدمها إلى تلاميذه الصغار نهاراً وإلى أنداده الكبار ليلاً.
 
أيها الأخوة: شغف المحتفى به وزملائه للمعرفة والبحث عنها منذ صباه الباكر دفعه إلى مواصلة دراسته موظفاً جعل عائلة آل المليص بالريحان يشرعون في تنفيذ مشروع، تأسيس المدارس الريحانية الأهلية بالريحان ببني ظبيان عام 1378هـ. بتشجيع معالي وزير المعارف - آنذاك - الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ - رحمه الله - وإشراف فضيلة مدير عام تعليم منطقة الباحة الأسبق الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن آل الشيخ - أمد الله في عمره - ومساعده الشيخ محمد أنور أحمد عسيري - يرحمه الله - وتوالت رعاية مديري التعليم الذين تعاقبوا على الإدارة التربوية في المنطقة، ومنهم سعادة الدكتور/ فهد جابر الحارثي وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الدهري ونمت هذه المدارس فيما بعد إلى ثلاث مراحل إعدادي وثانوي بقسميه، بما فيها دار للتوحيد والقسم العالمي لما فوق الثانوية لمن فاته التعليم في سن الصغر عندما كان التعليم النظامي في المنطقة آنذاك يقتصر على المرحلة الابتدائية - ثم بعد ذلك اكتمل عقد التعليم العام بأنواعه إلى يومنا هذا بما في ذلك الكليات التربوية للبنين والبنات بفضل الله - ثم بجهود حكومتنا الرشيدة - أمد الله في عمر قائدها خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني.
 
ومن الجميل أن ينسب الفضل إلى أصحابه، فقد شارك في نهضة المدارس الريحانية وفرعيها في الباحة وبالجرشي عدد من رجال التعليم احتلوا مواقع قيادية فيها هم: الأستاذ أحمد محمد المليص ود. سعيد محمد المليص وإخوانهما والأستاذ علي الكردي، والأستاذ: سعد الكردي، والشيخ: عيد هزاع - رحمه الله - والدكتور ناصر بشيه والشيخ محمد علي المطوع، فقد كانت لهم ريادة لا تُنكر في نجاح هذه المؤسسات الريحانية هم وأمثالهم من رجال التربية والتعليم الذين تضيق دقائق هذا الاجتماع بذكر أسمائهم.
وكان هذا المحتفى به وزملاؤه يتحملون نسخ بعض الكتب المقررة لتحصيلهم الدراسي الذاتي لندرة الكتب في تلك الأيام، وكذلك مشاق السفر لأداء الامتحانات بالمدارس الحكومية بالمدن كالطائف ومكة المكرمة وجده مع صعوبة المواصلات مع الظروف المعيشة آنذاك.
وأنت أيها المحتفى به بعصاميتك مع زملائك الطلبة أحد رواد التعليم بهذه المؤسسة بمالك ونفسك وجهدك وعلمك فنشأتم كما وصفكم الشاعر:
نفس عصام سودت عصاماً
وعـلمته الكر والإقداما
 
وشاء الرحمن جل وعلا أن يفتح أمامكم فرص التعليم.. قال الله تعالى: ولَقَدْ يَسَّرْنَا القُرآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ.
فأكملت دراستك العالية منتظماً داخل المملكة وخارجها شأنك شأن أقرانك الذين كنت لهم قدوة حسنة في هذا المضمار وتنقلت في بلادنا الغالية معلماً ومديراً وأديباً مرموقاً كما فعل أبناء تلك القرى بمنطقة الباحة التي خرجت عدداً من العلماء والأدباء والقادة فتفرقتم وإياهم كالنجوم الزاهرة يجمعكم حبكم لبلادكم وتفانيكم في خدمتها في كل المجالات على طريق التنمية الشاملة التي تعيشها بلادنا في هذا العهد السعودي الزاهر، وكأن الشاعر - حافظ إبراهيم - يعنيكم بقوله:
مـا عابهم أنهم في الأرض قد نثروا
فالشهب منثورة مذ كانت الشهب
أي بني الدكتور - سعيد - هذا غيض من فيض عن حياتك العلمية والعملية.. فبارك لك هذا التكريم الذي يدل بحق على مكانتك الأدبية والثقافية التي تحكي جهودك العلمية والعملية في مجتمعك السعودي المبارك وإنك لجدير بهذا التكريم في هذا الوطن الغالي الذي سهر على نمائه رجل التربية والتعليم الأول بالمملكة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وحكومته الرشيدة حتى رأى - حفظه الله - هذا الوطن ملء السمع ووجد أبناءه ملء العين.
 
إخوتي رجال الفكر والأدب: لا يسعني هنا إلا أن أكرر شكري معطراً بعبير الكادي وعطر الورد والريحان ونسيم العرعر محمولاً من قمم جبال السروات إلى صاحب هذه الأمسية وراعيها سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه والأخوة الحضور على هذا اللقاء الأدبي الطيب كما أجدها فرصة أن أدعو هذا الجمع الكريم لزيارة منطقة الباحة السياحية بوجه عام والنادي الأدبي بمنطقة الباحة على وجه الخصوص لتنهل من علمكم وثقافتكم وتجربتكم الأدبية ما يمكننا من الوصول إلى منتهى ما وصلتم إليه في هذا المضمار الثقافي.
أكرر شكري وتقديري للجميع، والسلام، عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
 
طباعة

تعليق

 القراءات :775  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 63 من 81
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.