شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( أسئلة موجّهة للضيف الكريم ))
- سؤال من د. غازي الزين عوض الله عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبد العزيز بكلية الآداب، قسم الإعلام: بحكم أنكم أحد المبدعين في أعمدة الصحافة العربية المهاجرة، سؤالي: كيف تستطيع الصحافة العربية المهاجرة أن توفق بين حرية الرأي الصحفي وبين الالتزام وفق النظريات السياسية العربية؟
هذه محنة يواجهها كل صحفي، وأقول ليس في بلادنا العربية فقط وليس بالنسبة للصحفيين العرب فقط، هذه محنة يواجهها في الحقيقة كل الكتاب في العالم بما فيهم كتاب الغرب، أنا جلست مع كتاب إنجليز وأسمع كلامهم لما أجلس معهم، ثاني يوم في الصحيفة أراهم يكتبون شيئاً آخر، ضد ضميرهم، فهذه معركة يجابهها كل صحفي ويحاول أن يجد وسيلة للوصول إلى حلول وسط أو للتوفيق بين شيء وشيء آخر بين الحرية وبين الالتزام، والحرية طبعاً هي شيء نسبي أيضاً، حتى الغرب برغم كل الفلتان الموجود فيه هنالك أشياء لا يستطيعون أن يجرأوا عليها من ذلك مثلاً انتقاد اليهود، ما في صحفي في الغرب يتجرأ على انتقاد اليهود.
- سؤال من الأستاذ عدنان محمد حسن فقي، محامي ومستشار قانوني يقول: يرى الرئيس نكسون رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق أن من حق الصحافة أن تخترق حواجز المعلومات الشخصية وغير الشخصية وتعمل من خلال الميكرسكوب وليس من خلال التلسكوب لكي تحقق قصب السبق فما رأيكم في هذه النظرية حول مدى مساحة الحرية التي سمح بها الرئيس نكسون للصحافة بوجه عام؟
هذه أيضاً مشكلة خلافية أخرى، دائماً يجري فيها النقاش في هذه الأيام خاصة في الصحافة الغربية من حيث التطفل على حريات الأفراد وعلى أسرارهم الخاصة فمن واجب الصحفي أن يكتشف الأسرار الخاصة لرجل الدولة خاصة إذا كانت تتعلق بسلامة البلاد، وخير البلاد وكل ما يتعلق باستراتيجيتها، وسلوكها، لكنه بعين الوقت أحياناً يتجاوز هذا الحد ويدخل إلى الحياة الشخصية للرجل مثلاً حياته الغرامية وحياته مع عشيقاته، هذه نقطة أيضاً خلافية هناك من يقول إن هذا تعدي على الأمور الشخصية للإنسان، ولكن هناك أيضاً من يقول ليس فيها تعدي لأن الوزير المسؤول الذي يقضي وقته بين عشيقاته ليس بالوزير الذي يجب أن يؤتمن على وطن، والحقيقة الكشف عن أسرار تفسخ وزير هو أيضاً جزء من خدمة الدولة وخدمة الأمة، هذا موضوع فيه نزاعات وخلافات ما زالت جارية في الغرب.
- الأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: ما هي العقبات التي تقف في تكوين كيان عربي قادر على مواجهة إسرائيل؟
هذه هي المشكلة التي نعيشها منذ أن ولدنا، كيف نستطيع أن نجابه هذا العدو اللئيم، كيف تمكن أن يتغلب علينا؟ بمقدرته، بنهوضه، كفاءاته وذكائه، فنحن إذا كنا نريد أن نجابهه الحقيقة يجب أن نرتفع إلى هذا المستوى، وهو برفع مستوى ثقافة شعوبنا ومستوى ثقافة علمائنا واطلاعهم ودراستهم، يعني هذا موضوع حضاري، النهوض بمستوى حضارتنا للمستوى الذي تعيشه هذه الفئة.
 
- الأستاذ رفقي الطيب يقول: ما هي قصة حفنة التراب التي كادت أن تحول دون مغادرتك لمطار بغداد بعد نهاية إحدى دورات مهرجان المربد الشهير في أواخر السبعينات الميلادية؟
هذه حكاية ظريفة لزميل في لندن، لها أساس من الصحة، وهي مثل كل الحكايات، الإنسان يأخذ نتفة من الحياة ويطورها، هذا عمل الأديب، أصل الحكاية أن زميلنا داود الزبيدي في لندن، كنت أنا مغادر إلى العراق، فقلت له يا داود أنا رايح إلى بغداد تريدني أجيب لك أي شيء أو حاجة من بغداد؟ قال لي: أقول لك جيب لي حفنة تراب حتى لما أموت هنا بلندن يدفنوها معي.. قلت له إبشر، أجيب لك. غادرت لندن ورحت إلى بغداد وأنجزت أعمالي وجاءت الليلة الأخيرة وتذكرت كلمة داود الذي طلب مني حفنة تراب، فخرجت من الفندق، أولاً حول الفندق كلها مبلطة فما فيها تراب، اضطريت أمشي إلى شارع أبو نواس وهو مقابل قصر الرئيس، الآن ممنوع المرور، لكن في زماني كان من الممكن تمر، طيب هذا تراب ولكن هناك قصر الرئيس وقاعد يراقب هذا الجانب، أول ما أنزل يدي يفتكرون رايح أطير صاروخ عليهم، تعوذت من الشيطان ومشيت، بعدين وصلت منطقة أخرى وشفت جنود وشرطة وناس واقفين، أريد أمد يدي على التراب أحمل حفنة من عنده، لكن قلت أيضاً سيشتبهون بي ويظنون الظنون برجل يحمل حفنة تراب بكيس، ثم غادرت وصارت محنة وذهبت إلى أماكن ليس فيها ناس ولكن التراب به وساخة وقذارة وقلت هل هذا نموذج التربة العراقية؟ وساخة آخذها إلى لندن؟ وعشت المشكلة إلى أن حليتها بالأخير وأتيت المكان الذي أخذت منه حفنة وحطيتها بكيس وعندما رجعت إلى الفندق فكرت بمشكلة أخرى كيف أخرج من مطار بغداد؟ ويسألوني ويفتشون أغراضي وإذا وجدوا الكيس كيف أثبت لهم أنها حفنة تراب لصديق في لندن، لا أحد سوف يصدقني، لكن حصل أن وضعتها في جيبي وعبرت بها ووصلت للأستاذ داود الزبيدي. وثاني يوم كانت هذه القصة.
- الأخ أيمن السيد سالم يقول: قامتكم الطويلة وجسمكم النحيل وأفكاركم التقدمية وأسلوبكم الساخر وصلعتكم العبقرية، وسكناكم في عاصمة الضباب، يرشحونكم للقب جورج برنارد شو العرب، هل تقبل اللقب؟ وهل تأثرت فعلاً بهذا المفكر؟ وبمن تأثرت بغيره من المفكرين في الشرق والغرب؟
من حيث التأثير ذكرت في كلمتي أنه هو الذي أثر علي بحيث جعلني أمتهن هذا الأسلوب، تأثرت به كثيراً وقرأت معظم مسرحياته وما يكتبه والنكات التي قيلت عنه، زملاء كثير بما فيهم الأستاذ هشام حافظ أحد ناشري الشرق الأوسط أشار لي وقال خالد القشطيني برنارد شو العرب، وهذا اللقب بعض الناس يستعملونه، بالنسبة للشرق تأثرت بالجاحظ الذي أعتبره أعظم كاتب فكه ساخر ظهر في القرون الوسطى شرقاً وغرباً. وأتمنى على كل من لم يقرأ الجاحظ أن يقرأ كتاباته فهي رائعة، وتأثرت بتوفيق الحكيم من المعاصرين، وهناك شلة أخرى من الكتاب الإنجليز.
- الأخ أشرف السيد سالم يقول: أشم في الأزمة الأخيرة بين الولايات المتحدة والعراق رائحة مسرحية معدة مسبقاً بهدف ضخ مزيد من الدم لإطالة بقاء النظام الصدامي خاصة بعد وصول نظام معتدل للحكم في إيران، وقد استفاد صدام من هذه الأحداث تأييداً شعبياً وتعاطفاً عربياً وحياداً دولياً وزيادة في مقدار ما سيتم ضخه من نفط، كما استفادت أميركا تغطية إعلامية على فشلها في مؤتمر الدوحة ومبرراً لوجود عسكري كبير في الخليج وقد عاد كل شيء على حاله قبل التمثيلية، وشكراً.
- سؤاله طويل.. من ناحية أريد أن أشير إلى بعض التأييد الذي يلقاه صدام في أوساط عربية وأوساط إسلامية، أنا كنت في كوالالامبور وفوجئت عندما لاقيت تصاويره في الأماكن العامة والخاصة ويظهر أن له استحساناً كبيراً في ماليزيا، وأيضاً مثل ما سمعنا بعض الإخوان في فلسطين تظاهروا تأييداً له وما يقول.. هذا أعتبره فيه تجني كبير على الشعب العراقي، الإخوان بما فيهم الفلسطينيون يعتقدون إن صدام حسين عنده الأسلحة الجرثومية وغيرها وغيرها يمكن في يوم من الأيام يستعملهما ضد إسرائيل، أنا أعطيت رأي في مجال آخر وقلت لا.. هذه الأسلحة ليست مصنوعة لإسرائيل ولا لأي عدوان خارجي، هذه مصنوعة للاستعمال الداخلي، إذا قدر لأي جنرال أن يزحف بفرقته على بغداد فينضرب بهذه الأسلحة، ولهذا حقيقة يسوءني أن أسمع من الإخوان الفلسطينيين يفتكرون أنه سيلعب دوراً في مصيرهم ويحررهم الخ.. في الوقت الذي يتركون شعباً بكامله 22 مليون يعانون من أوضاع في منتهى التعاسة، هذا فيه شيء من الظلم وعدم الاهتمام بمعاناة الشعب العراقي.
بالنسبة للأزمة الأخيرة فيها تكهنات كثيرة من التي أجراها أحد الإخوان في لندن قال هذه دائماً من أساليب صدام، كل ما يصاب بأزمة يخلق أزمة أخرى يحاول يحل بها الأزمة السابقة وهذه أزمة أخرى لحل أزمات سابقة، وقيل إنها مجرد مسرحية أمريكية، يعني فيها آراء مختلفة لكل إنسان بالحقيقة رأيه.. رأيي الخاص أنا لا أؤمن بأنها من ترتيب الأمريكان وأعتقد أن هذا الرجل بين حين وحين تصير بارقة عنده في ذهنه أن يفعل شيئاً ويقدم على هذا الشيء أحياناً ينجح في إقدامه وأحياناً ما ينجح.
- الأستاذ عثمان مليباري يقول: بعد أزمة الخليج أصبحنا لا نعرف عن الحركة الأدبية في العراق، فلم نسمع عن أديب عراقي نبغ ولم نقرأ عن ديوان شعر ظهر في العراق، ويسعدنا أن نسمع ما لديكم عن أخبار وأنباء عن نشاط الأدباء الذين يعيشون داخل العراق، وعن الأدباء العراقيين المغتربين في المدن الأوروبية مع الشكر.
هذا أيضاً جزء من هذه المحنة التي يعيشها الشعب العراقي، وهذا شيء أحب أن أنبه لأطاره، إن هذا البلد المعطاء الذي كان أمل الشعوب العربية في أن يساهم ويعمل ويعطي الآن هذا الأمل تقريباً تبدد وسبب تبدده هو أن المثقفين والعلماء والخبراء الذين نشأوا في العراق كلهم تركوا العراق، الآن، ومن بقي يفتش في طريق للخروج وأكثرهم الآن موجودين في لندن وباريس ونيوزيلنده وفنلندا، أنا أستلم بين حين وحين رسالة من عراقي مسكين في قرية نائية من فنلندا هذا لاجئ والمنظمة الدولية توزع اللاجئين ومنهم هذا وزعوه وحطوه على فنلندا وقعد في هذه القرية لا يشوف عربي فيها، والعزاء الوحيد بين حين وحين يكتب لي رسالة للجريدة وأنا أجاوبه عليها من باب العزاء.. فالمثقفين العراقيين تشردوا والشيء المؤسف أنه لم يظهر ولن يظهر في محلهم تحت هذه الظروف جيل جديد لأن الدراسة الآن كلها منحرفة في المدارس والكليات، وكلها تقوم على أساسات حزبية وأساسات غير علمية، التقيت مرة بأحد أساتذة معهد الفنون الجميلة فسألته كيف الوضع الآن قال لي لا تسأل عن الوضع لأنه زمان في زماننا لما نختار - خاصة في الفنون - هذه موهبة إذا ما عندهم الموهبة ما تقدر تعمل شيء، قال الآن يجونا ناس كلهم مرشحين من الحزب، تقبل فلان وفلان وفلان لفرع الرسم، فلان وفلان وفلان لفرع الموسيقى، يقول ولا عندهم أي استعداد موسيقي ولا فني ولا الخ.. ولا حتى إهتمام، كل ما في الأمر يجون تهرباً من الجندية وبعدين يأخذون شهادة يتعينون معلمين، فقال ما في أي أمل لجيل جديد من الفنانين بالعراق، وهذا شيء منتهي.
بعدين أريد أن أشير إلى شيء، كثير من الناس ما منتبهين إليه، بالحقيقة ربما كان من باب مدح الذات أيضاً، تقريباً أنا الشخص الوحيد الذي انتبهت له نتيجة قراءتي لكتاب باللغة الإنجليزية لخبير بالتغذية، إسم الكتاب Food For thought أنا كتبت عنه نقداً كبيراً "بالشرق الأوسط" لأني اعتبرته كتاباً خطيراً، هذا يربط بين التغذية وبين الذكاء، في الغرب الآن يحاولون أن يرفعوا مستوى ذكاء الطفل والشباب بحسن التغذية وأحياناً يعطوهم فيتامينات معينة حتى يرفعون مستوى ذكاؤهم، والكتاب يقول إن ذكاءنا نحن كلنا يتوقف على المرحلة التي كنا فيها في بطن أمهاتنا والأشهر الأولى من ولادتنا، الدماغ يتكون في تلك المرحلة، بعد عشر سنين، خمس عشرة سنة ما ينفع، أكل ما يعجبك، الدماغ تكون، ويتوقف على المواد التي تأكلها الأم خلال مرحلة الحمل وخلال الأشهر الأولى من ولادة الطفل كما نعلم الآن الأمهات العراقيات كلهن الآن في مجاعة، والأطفال بعد في مجاعة أتعس، فمعناها التغذية لأدمغتهم أصبحت مهدودة، معناها حيكون عندنا جيل في العراق أخشى أن أقول من المتبلدين عقلياً.
- الأستاذ غياث عبد الباقي يقول: كمواطن عراقي عربي مسلم ورجل صحافة وسياسة كيف ترى السبيل لخروج العراق الحبيب من الوضع المأساوي الرهيب الذي يتخبط فيه؟
هذا هو السؤال الذي يشغل بال الجميع، مع الأسف، المعارضة العراقية ما قامت بدور يوحي بالثقة أو يجمع الكلمة، وضعها مشتت ومؤسف، وأنا في لندن وأعرف ما يجري، وضعها مؤسف ولا نتوقع منها أي دور، الشعب العراقي الآن في حالة انهيار، وما عنده الهمة، والتسلط العسكري عليه وفكرة الانتفاضة تقريباً منتفية، والناس الآخرين يرجون من الأمريكان أن يحلوا المشكلة ويضعون حداً لهذا النظام، وهذه كلها تكهنات والعلم لله.
- الأخ محمد منصور يقول: عارضت الكثرة الكاثرة من مثقفي العرب التطبيع مع إسرائيل ما هو موقف الأستاذ القشطيني من هذا الأمر؟
أنا ضد التطبيع مائة بالمائة. وكتبت باستمرار في هذا الموضوع لأن أسلحتنا مثل ما أنا قلت محدودة، ومستوانا ليس في مستوى قوة إسرائيل، وعندنا سلاح سلاحين ما زال في أيدينا نقدر نستعملها، ومنها مسألة التطبيع لأن إسرائيل تريد أن تقتحم العالم العربي، تأخذ كل أسواق العالم العربي، والسيطرة على المنطقة، والتطبيع سيكون بدون ثمن لأن إسرائيل لم تعد تعطي الفلسطينيين شيئاً، والحقيقة هذا استسلام لإسرائيل بدون ثمن ومسألة مؤسفة.
- الأستاذ أمين عبد السلام الوصابي رئيس تحرير مجلة بلقيس يقول: تختلف أساليب تناول القضايا العامة في حياتنا من خلال الوسائل الإعلامية المختلفة، لكننا نلاحظ أن الكتابات الساخرة هي الأكثر تأثيراً على مستوى المتلقي ويتقبلها بشكل يختلف تماماً عن بقية الكتابات الصحفية الأخرى هل تنصح بتحويل كتاباتنا إلى السخرية حتى يفهمنا الناس؟
الإخوان تكلموا في هذا الموضوع، السخرية أيضاً مثل الموسيقى والرسم، بالحقيقة لها موهبة وليست لكل إنسان، كثير من الناس يسألوني كيف تقدر، تكتب سخرية، هذه لها نوع خاص من التركيبة العقلية طبعاً يساعد عليها قراءة الآداب الساخرة مثل ما قلت الجاحظ وأبو نواس والحكايات العربية والكتب الكلاسيكية الفكاهية العربية ثم الأدب الغربي الفكاهي والساخر، وهذه تساعد على صقل الملكة وشحذها، طبعاً هذا شيء لا أوصي به لأن السخرية ما هي الحل الأولى والأخير لمشاكل المجتمع الثقافية، هي جزء بسيط من العملية، طبعاً الأجزاء الأساسية هي العلوم والأدب والتكنولوجيا.
- الأستاذ سامي السراج، رجل مسرح عراقي مقيم في جدة يقول: كتبت بالعربية في المسرح والسياسة والاقتصاد فأفدت المكتبة العربية وأضفت إليها، الآن وأنت منذ أكثر من ثلاثين عاماً في بريطانيا ما الذي أضفته للثقافة العربية من الثقافة الإنجليزية وما الذي أضفت به الثقافة الإنجليزية من الثقافة العربية عدا كتابك الأخير الذي نتمنى أن تترجمه بنفسك إلى العربية؟
بالنسبة للمساهمة الفكرية في المجتمع الغربي هذا شيء مهم جداً أرجو أن أشير له، الأوروبيين كناس عندهم أدب وعندهم حضارة ومسرح وكل شيء، لهم احترام للشعوب التي لها مثل هذا الإنتاج، فلم يسمعون بكاتب عراقي أو كاتب سعودي يكتب شيئاً باللغة الإنجليزية وهو شيء جميل وممتع ويقرأوه، يتمتعون به فإنهم لا يعجبون بالكاتب فقط، وإنما يعجبون بالأمة التي أخرجته، هذا شيء مفيد بالنسبة لنا، وحصل هذا، لدى صدور كتابي بالإنجليزية كانت أمسية وتكلمت فيها، وكان حاضرين إنجليز وكانت هناك سيدة على المنصة تكلمت وقالت إن هذا الكتاب يساعدنا على تذوق الفكر العربي والفكر الإسلامي، خاصة ونحن في الغرب ننظر إلى الإسلام والمسلمين بأنهم ناس وحشيين وإرهابيين ولكن الآن أمامنا كتاب يدل على أن المسلم إنسان حضاري وسلمي وعنده تفكير آخر... وهذا شيء يخدم رسالة الإسلام والمسلمين والعرب.
من ناحية أخرى بالنسبة لنقل التراث الإنجليزي والعربي هذا شيء لم أساهم به مساهمة كبيرة وأعترف بذلك لأني ما توليت أعمال ترجمة في هذا الموضوع.
- الأخ خالد أسعد كاتب صحفي في جريدة الاقتصادية يقول: اتصف عمودك (أبيض وأسود) في الشرق الأوسط بالسخرية والنقد اللاذع فهل لامتلاكك لهذه الأدوات التي تعد من مداميك العمل الصحفي والتي تطوعها وتسخرها بحنكة وبراعة تصب في مؤاساة القارئ العربي في أزمته المزمنة مع بعض الأنظمة التي أبتلي بها، أم أنك توظف تلك الأدوات بأبيضها وأسودها بهدف إضحاك المواطن العربي لدرجة القهقهة كي يتنفس وتلمس قليلاً من أعمال السياسية؟
الطرفان صحيحان، هي فيها إمتاع القارئ العربي في محنته وهمومه ويحق له شوية يتنفس ويقرأ شيء ظريف يجلب له البسمة، وبعين الوقت أرجو عبر الفكاهة والسخرية أن أوجه الأنظار إلى العيوب التي يعاني منها مجتمعنا العربي.. في الإهداء لروايتي الإنجليزية، أهديتها كما قلت للشعب العراقي بما يبعث الابتسامة على شفتيه، وهذا الكتاب لعله يعطيه مبرراً لشيء من الابتسام.
- الأخ معن مرعي يقول: ما رأيكم بالأدب الساخر الذي كان يمتاز به الأديب الراحل سعيد تقي الدين؟
آسف ما قرأت له شيئاً وأعتذر عن هذه الثغرة.
- الأخ عجلان الشهري يقول: لا شك أن ما أحاط بالمنطقة العربية في السنوات الأخيرة يعتبر نكبة كبرى لا يعلم الكثير متى ستكون نهاية هذه النكبة، سؤالي هو: بحكم اتصالكم بالسياسة في الشرق والغرب ما سبب هذه النكبة من جانب ومن جانب آخر هل تلوح في الأفق بوادر نهاية لها؟
هذا موضوع طويل كتبت عنه كتباً بالحقيقة، وما هو سبب هذه النكبة التي نعيشها هذا موضوع طويل بالحقيقة أنا أحاول أحياناً أحذر الإخوان من تهويل النكبة، في الحقيقة أشير فأقول إن طموحاتنا كانت كبيرة بالثلاثينيات والأربعينيات خاصة الوحدة العربية وطن واحد وأمة عربية واحدة من المحيط إلى الخليج، وثرواتنا ونهضاتنا، طموحاتنا كانت كبيرة جداً.
أشير إلى فشل طموحاتنا الكبيرة، مثلاً أن نتوحد كأمة واحدة من المحيط إلى الخليج وأن فلسطين ستكون دولة عربية وطموحات للحياة الديمقراطية والاشتراكية أيضاً التي تبشر باختفاء الفقر والجهل، ولكن بعدين هذه طموحات كثيرة ما نقدر نحققها مثل الإنسان عندما يكون شاب يطمح أنه يكون كذا وكذا، فتراجعنا عنها، ولو شوية نكون واقعيين ونقارن نفسنا ببقية الشعوب الأسيوية والإفريقية يعني نحن ليس جزء من أوروبا، نحن جزء من إفريقيا وآسيا، لما نقارن نفسنا بهم نشوف نفسنا في كثير من المرات في لندن نشكو من سلوك المواطنين العرب والمهاجرين العرب في بريطانيا ولكن التفتوا إلى سلوك الآخرين الموجودين، يطلع العرب أنبياء بالنسبة للآخرين، فنهضتنا لا بأس بها، الآن المملكة، مثلاً قارن بين الثلاثينات والآن خذ مدينة جدة مثلاً وحتماً سعادة الشيخ يتذكرها لما كانت.. هذا كله نهوض لكن نحن طموحاتنا كانت كبيرة فأصبحنا نشعر بنكسة ونكبة.
- الأخ أحمد عايل فقيها يقول: في كتاب رسائل السياب يقدم ماجد السامرائي صورة رائعة مضيئة عن أدب الرسائل في العراق والمتبادلة بين السياب وجبرا ابراهيم جبرا والشواف وبعض أدباء لبنان، السؤال هو: من هم أبرز من كتب وبرع في أدب الرسائل في بلاد الرافدين؟
لا أدري، آسف أيضاً ما عندي جواب.
- الأخ أحمد العناني يقول: هل كان أستاذك الذي قال لك إن قراءة كتاب باللغة الإنجليزية يساوي مائة كتاب باللغة العربية على صدق في تلك المقولة؟ وما فلسفة ذلك من خلال حياتك في انجلترا خلال تلك الفترة؟
الحقيقة أحياناً أقرأ بعض الكتب العربية أقول إن كتاب بالإنجليزي يسوى ألف واحد بالعربي، يعني قبل كم يوم كنت أقرأ رواية لسيدة عراقية وأنا حاولت أن أقرأ الرواية لأني وعدتها أن أكتب نقداً عنها وهي زميلة وفاضلة وتعبانة على نفسها وبعدين وصلت نصف الرواية وكان عذاب بالنسبة لي الاستمرار بقراءتها وبالأخير رميتها وقلت خلها تزعل علي، يعني أحياناً لما تشوف أدب من هذا النوع يعني تتعجب، لكن عندما تجيء إلى أدبنا الكلاسيكي مثل ما أشرت إلى الجاحظ فهذا قمة من قمم الفكر، هذا شيء آخر.
- الأخ زاهر كساب يقول: في الآونة الأخيرة أصبح أدباء ومثقفو بغداد يبيعون كتبهم الموجودة في مكتباتهم الخاصة لأجل لقمة العيش وهذه أزمة من أكبر الأزمات الثقافية في العالم، هل هناك حل لمأساة تترية جديدة؟
أنا أقول لك شيء أهم من هذا، الكتب الأدبية تعوض لكن ننتقل إلى ميدان الطب الذي هو ميدان للحياة فأحد الأطباء العراقيين العاملين في بريطانيا أخبرني قال إن الأطباء العراقيين الآن في العراق عايشين في عصر الظلمات لأن كتبهم التي قرأوها كلها ترجع إلى الأربعينات والخمسينات.
أحد تلامذة الطب في بريطانيا وهو شاب عراقي قال بدأنا السنة نقرأ كتاباً معيناً بعد ستة أشهر من قراءتنا لهذا الكتاب جاء الأستاذ وقال لنا أنسو ذاك الكتاب، كل ما فيه من نظريات فندت، فأقرؤوا الآن هذا الكتاب الجديد، لأن التقدم العلمي الآن أصبح شيء فظيع في ميدان الطب خاصة، الاكتشافات كل يوم شيء جديد، فزميلي الدكتور العراقي قال الأطباء العراقيين يعيشون في عهد الظلمات، وهو اقترح للأطباء العراقيين الموجودين في بريطانيا وهم بالمئات الآن، وأينما تروح في مستشفى في طبيب عراقي، قال التبرع للعراق بأن نشتري كتب حديثة طبية ونبعثها للعراق حتى يقرأها الأطباء الموجودين هناك ويعرفون ما هو التطور، أما قولك إن الكتّاب يبيعون كتبهم هذا شيء سهل، هذا أدب لكن العلم الآن أصبح ينهار.
- الأخ محمد عبد اللطيف محمود، فلسطيني مقيم في جدة يقول: إذا كان سعادة الكاتب القشطيني مستاء من تعبير الشعب الفلسطيني عن تعاطفه مع شقيقه الشعب العراقي فهل سعادته مستاء كذلك من المملكة العربية السعودية والكويت لعدم تأييدهما استخدام القوة العسكرية ضد العراق؟
هذا سؤال أولاً مغلوط من أساسه، بالنسبة للكويت الحقيقة التصريحات التي صدرت كانت غير كاملة، وما أريد أن أدخل بالنص الأصلي الذي صدر من الكويت، بالنسبة للسعوديين لا أستطيع أن أحيي شعب على همته تجاه العراقيين كالشعب السعودي، وأنا أقول لكم شيء، بين حين وحين، والأخ زاهد اليوم كان يكلمني عنه، قال العراقيين زعلانين عليك أنك دائماً تضحك على العراقيين وتشتم العراقيين، هذا ضمن أدب الفكاهة، لكنهم الآن في وضعية حساسة فأي نكتة عنهم يزعلون منها، بين الحين والحين أروي أشياء فيها تنكيت على العراق والعراقيين، يا سادتي تأتيني الرسائل والانتقادات من الإخوان السعوديين، كيف تقول هذا على شعب العراق يا أخي! فأنا ألمس عواطفهم تجاه الشعب العراقي، وهذه الجلسة مثل ما تفضل الأخ زاهد، هذا مثال بسيط من تعاطف الإخوان السعوديين مع الشعب العراقي، ومثقفي الشعب العراقي، هذا شيء غير وارد نهائياً، الشيء الذي انتقد به الإخوان الفلسطينيين هو أنهم يتصورون أن صدام راح يكون عنتر العبسي الجديد. ويأتي ويحرر فلسطين كما يقول من اليهود، وهذا كلام فاضي وهم يضللون نفسهم إذا يمشون وراء الوهم هذا.
- الأخ أحمد حوارنة يقول: مع تقديرنا الكبير لشخصكم الكريم، وإعجابنا بأفكاركم النيرة، نريد أن نقول بأن غالبية الفلسطينيين سابقاً والآن لا يؤيدون صدام بحال من الأحوال. نرجو من سيادتكم عدم التعميم.
أنا أشرت إلى مظاهرة ظهرت، ما أشرت إلى كل الفلسطينيين، شاهدت مظاهرة بالضفة الغربية شالوا فيها تصاوير صدام وهتفوا بحياة صدام، هذه في الأيام الأخيرة.. طبعاً الفلسطينيين المطلعين على الأوضاع، والزملاء الذين معي بالجريدة، والذين ألتقي بهم في لندن كلهم قلوبهم تدمي على ما يجري لشعب العراق.
- الأستاذ المربي مصطفى عطار يقول: مع تقديرنا وترحيبنا بالأستاذ فإني أحب أن أسأل سعادتكم وخاصة أنتم مقيمون في الغرب، ألا ترون هناك دوراً ينتظركم في نصرة القضايا العربية ومواجهة السيطرة الصهيونية على الإعلام الغربي وخاصة أن الكثير يكتب باللغات الأجنبية؟
هذا موضوع وارد ويناقش باستمرار، ولكن مع الأسف السيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام والنشر في الغرب كله فظيعة، وأنا طبعاً أعاني منها ونشرت كتاباً باللغة الإنجليزية ولكن العرب نشروه سميته Verdict in absentia الحكم غياباً، ترجم إلى العربي، إنه الغرب حكم على فلسطين والفلسطينيين غياباً دون أن يسمع كلامهم، والغياب إنهم لا يسمحون للعرب أن يعطوا رأيهم، يسمعون رأي اليهود لكن الرأي العربي مكبوت، ما يطلق، فأنا كتبت كتب ألف بها على الناشرين الإنجليز من واحد إلى واحد لكن في كل مكان أجد رئيس تحرير أو محرر يهودي ويقولوا لي هذه دعاية نحن نعتبرها، وما ننشر دعاية، ولكن هم عندما ينشرون دعاية صهيونية ما يسمونها دعاية، يعني هذه مشكلة.
- الأخ أحمد العرفج يقول: أستاذ خالد تمارس السخرية وأذكر أنه في لقاء أُجري معك في اليمامة قلت أفضل مقالاتي كتبتها في الحمام، ونلمس الحزن حين نرى ليلى المريضة في العراق أهو الحزن الذي أنتج السخرية أم السخرية التي أنتجت الحزن؟
لا.. هو الحزن بالحقيقة الذي ينتج السخرية، وهذه عملية نفسية معروفة في علم النفس، أن أحياناً الأشخاص الحزن يستولي عليهم إلى درجة كبيرة فينفسون عنه بالفكاهة والتنكيت، ولهذا تصادفون نكات والسخرية تكثر تحت ضغط الإرهاب لأن هذا هو الشيء الوحيد الإنسان يمكن يعمله لأجل أن يرفه عن نفسه، وبالحقيقة أن الحزن هو الذي ينتج السخرية وهذا شيء أعرفه من تجربتي الخاصة.
- الأديب والقاص الدكتور عصام خوقير يقول: الصحافة العربية المهاجرة كان عذر الهجرة الابتعاد عن مقص الرقيب - حسناً - هل استطاعت هذه الصحافة المهاجرة أن تتحدث بما في قلوب الجماهير العربية في الداخل، نعم أم لا؟ ولماذا؟ أو كما يقول القائل Speaking my heart؟
في بعض الأسئلة التي لا تجاوب بنعم أم لا.. وإنما بالاثنين بنعم ولا.. فهي على الأقل استفادت الصحافة العربية على الأقل من المصادر ولكن من ناحية الرقابة ما استفادت بشيء، لأن سوقها ليس في بريطانيا وإنما في البلاد العربية، بالحقيقية يمكن الرقابة تكون أصعب عليها، لأنه لما تصدر مجلة في سوريا الكاتب يفكر فقط بالرقيت السوري والسوق السورية، لكن لما تصدر مطبوعة في لندن لازم يفكر بثلاثة وعشرين دولة عربية وبثلاثة وعشرين رقيب أي واحد منهم راح يزعل عليه؟ ومن هذه الناحية ما حلت المشكلة.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :574  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 61 من 139
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذة الدكتورة عزيزة بنت عبد العزيز المانع

الأكاديمية والكاتبة والصحافية والأديبة المعروفة.