شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
تشومسكي وشخصيات يهودية مُصنفة تُشرِّح الفكر التوراتي المُتشدد..
نشرت مجموعة من المثقفين العالميين وفي مقدمتهم عالم اللسانيات والمناضل السياسي الأمريكي المعروف "نعوم تشومسكي" نشرت هذه المجموعة -التي لها وزنها الثقافي والفكري عالميًا- رسالة مفتوحة تتهم إسرائيل بتصعيد الصراع في الشرق الأوسط.
وأشاروا في رسالتهم إلى أن هدف السياسة الإسرائيلية هو تصفية الأمة الفلسطينية، وكان من الموقّعين على الرسالة ـ كما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية - الناقد الأدبي والكاتب "جون برجر"، وكاتبان حازا في السنوات الماضية على جائزة نوبل وهما الأديب "خوزيه سارامو جو" وصاحبة جائزة "بوكر" "أرونداتي روي" والكاتب الأمريكي "راسل بانكس"، والكاتب المسرحي "جور فيدال" والمؤرخ "هوارد زين"، وشكل مضمون الرسالة المتين والواضح باعثًا لدى الصحافي الإسرائيلي "ميراف يوديلوفيتش" لإجراء حوار مع "تشومسكي" المعروف بتضامنه مع القضية الفلسطينية.
وجاء في بعض إجابات "تشومسكي"، أن الموضوع الأساسي الذي نتجاهله -يقصد الأمريكيين- هو التدمير المنظم لأي فرصة للواقع الفلسطيني، لأن إسرائيل تستولي على أرض باهظة الثمن، ووسائل إعاشة ضخمة "الماء بشكل أساسي"، وتترك للفلسطينيين أراضي ضئيلة ومنعزلة "كالكونتنات" عن بعضها البعض، وعن قطعة القدس التي تركت لهم -أي للفلسطينيين- محبوسين تمامًا، بينما إسرائيل تسيطر على وادي الأردن، وتسيطر كذلك على المجالات الجوية وما إلى ذلك، وبعنوان: عريض دق "تشومسكي" جرس الإنذار عندما ذكر أن إسرائيل وأمريكا تعجلان بيوم القيامة، موضحًا أن إسرائيل ساعدت في السنوات الماضية على تدمير قوى عربية معتدلة، وساعدت على إيجاد حركات جهادية متشددة على الرغم من التحذيرات التي أطلقها المختصون.
وختم "تشومسكي" حديثه المهم قائلاً: "يمكن أن ندفن رؤوسنا في الرمل وأن نعزي بـ"الإجماع" من حائط إلى حائط بأن ما نفعله هو عامل أخلاقي، عبر تجاهل دروس التاريخ والمنطق البسيط، يمكن كذلك الاعتراف بالحقائق والوصول إلى المشاكل الصعبة التي تبدو بلا حلّ بوسائل غير عسكرية، ويمكن الافتراض أن النظر إلى العالم من خلال الاستهداف العسكري سوف يؤدي إلى معاناة وبؤس، بل وربما إلى يوم قيامة قريب". [انظر: ترجمة الحوار مع "تشومسكي" الذي أجراه الصحافي نائل الطوخي ونشرته: أخبار الأدب، العدد: 684، الأحد 26 رجب 1427هـ الموافق 20 أغسطس 2006م، ص 6-7].
وسبق لـ"تشومسكي" الذي لا يعتبر محسوبًا بأي شكل من الأشكال على وجهة نظر عربية وإسلامية، بل هو ابن رجل متخصص في اللغة العبرية، هرب من روسيا سنة 1913م، تلافيًا للتجنيد، سبق لهذا المناضل أن انخرط في الستينيات الميلادية ضد حرب فيتنام، ومن ذلك الوقت وهو ينتقد انتقادًا شديدًا السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية التي يعتبرها إجرامية، وتذكر "هيلن فيسبر" من بوسطن في حوار أجرته معه ونشرت ترجمته إلى اللغة الفرنسية مجلة "لوبوان" وترجمه إلى العربية الصحافي المغربي الصديق بوعلام "العلم الأسبوعي" العدد 20496.. السبت والأحد 17 و18 رجب 1427هـ الموافق 12 و13 أغسطس 2006م. تذكر فيسبر أن المناضل السياسي غطى على اللساني عند "تشومسكي" حيث ظهر وعيه السياسي وشعوره بالمسؤولية الأخلاقية في وقت مبكر جدًا، ويتعرض تشومسكي لعقلية الكاوبوي التي تحكم المؤسسات الأمريكية أو تتحكم فيها فيقول: إننا نجد في الثقافة الشعبية والأفلام والرسوم المتحركة خوفًا دائمًا من التدمير المداهم الوشيك، وإذا ببطل متفوق أو اختراع لا يصدق ينقذنا في الدقيقة الأخيرة من عدو، هو دائماً نرفسه على فمه: هندي، أسود، أو صيني.. أنظر: صحيفة العلم المغربية 12 و13 أغسطس 2006م.
بعض المفكرين الإسرائيليين تعرضوا بالنقد أيضًا إلى منطق القوة الذي يحكم العقلية الإسرائيلية، ومن بينهم الأديب الإسرائيلي (ديفيد جروسمان) ففي كتابه المعروف باسم "عسل الأسود" يتحدث جروسمان، وفي إطار الأساطير التوراتية المتحكمة في العقلية اليهودية، بأن إسرائيل تشبه "شمشون" الذي يميل بشكل مطلق إلى استخدام القوة أو العنف التي لا تخصه هو، وإنما تأتي من عنصر غريب عنه، ولهذا فعندما تنكسر هذه القوة لأي سبب من الأسباب يبدأ النحيب الإسرائيلي، وقد كتب "جروسمان" هذه الوثيقة التاريخية الاستنباطية المهمة قبل أن يفقد ابنه العريف "أوري جروسمان" 21 عامًا، عندما كان يقود دبابة في منطقة خربة بجنوب لبنان.
رفع "جروسمان" صوته كمثقف وأديب إسرائيلي بعد حادثة مقتل ابنه قائلاً: "هذه الحرب ترتبط بمخاوف عميقة جدًا وبصدمات متجذرة للغاية، وهي تجعل أناسًا يفقدون توازنهم النفسي وقدرتهم على تحديد مصلحتنا الحقيقية في هذه اللحظة وعلى المدى البعيد". [انظر: أخبار الأدب، 20-8- 2006م، ص 11].
ويشاطر أدباء ومفكرون يهود "جروسمان" آراءه الجريئة تلك، مثل: أ. ب. يهوشواع، وعاموس عوز، كما يشاطره الرأي في سلسلة "أساطير" التي تفكك الفكر التوراتي المتشدد والمتعلق بأدباء وكتاب مثل: مارجريت إتوود، وكارين آرمسترونج، كما عبر الكاتب الأمريكي المتخصص في النقد الإعلامي، "روبرت ماري" بأن الإسرائيليين بدأوا في إلقاء اللوم على فكر المحافظين الجدد في الإدارة الأمريكية، وذلك بشأن توريط المؤسسات الإسرائيلية في مغامرة عسكرية غير محسوبة العواقب. [انظر: العرب الأسبوعي، السبت 19 ـ 25 أغسطس 2006م، العدد: 67، ص: 19].
وامتدّ مشروع النقد اليهودي للمشروع الصهيوني المسكون بجنون القتل وتدمير الإنسان والأرض والنبات إلى بعض الشخصيات اليهودية المثقفة والتي تعيش آمنة فوق التراب العربي، مثل بعض المفكرين المغاربة من أصل يهودي، حيث وجه ثلاثة منهم، وهم: "إدمون عمران المالح"، و"إبراهيم السرفاتي"، و"سيبون أسيدون" نداء مؤثرًا يقولون فيه: "نحن الموقعون أسفله على عكس أي منهج طائفي، نوجه هذا النداء إلى جميع من يتمتعون بامتياز باعتبارهم يهودًا مغاربة هنا في بلدنا وفي كل أنحاء المعمورة، ونناشدهم للتعبير بكل وضوح عن معاناتهم كبشر، نساء ورجالاً أمام الجرائم التي ترتكب باسم "أمن الدولة اليهودية" واستنكارهم لها، نناشدهم ليقفوا من أجل وضع حد لحمام الدم الناتج عن سياسة إسرائيل الإرهابية الانتحارية".
[انظر: العلم الأسبوعي، السبت والأحد 24 و25 رجب 1427هـ، الموافق 19 و20 أغسطس 2006م العدد: 20502 ص: 12، مقالة عبدالله البقالي].
كما أثارت الدعوى القضائية التي قدمها بعض المثقفين والمحامين المغاربة ضد "عمير بيرتس" وذلك بمقاضاته على جرائم الحرب ضد البلد العربي لبنان، بحكم حمله لجنسية مغربية حيث غادر المغرب إلى إسرائيل وعمره حوالي أربع سنوات، أثارت هذه الدعوى لغطًا كبيرًا بين الأدباء والكتّاب بحكم أن المغرب يعتبر الدولة الوحيدة على المستوى العربي التي مازال لليهود فيها وجود منظم وبأكبر جالية يهودية مازالت باقية في وطنها. [انظر مقالة أنور المرتجي بعنوان: حاشية عن المسألة اليهودية بالمغرب، صحيفة الاتحاد الاشتراكي المغربية، الثلاثاء 15 أغسطس 2006م العدد 8326، ص 5].
يبقى أن يحاكم بعض الكتّاب والأدباء العرب ضمائرهم الذين يصرّحون علنًا أن إسرائيل دولة راشدة، ولهذا يحق لها أن تمتلك سلاحًا نوويًا، وآخرين يرون في إدارة المحافظين الجدد صورة زاهية لما تحاول أن ترشي به الفكر العربي بوعودها عن نشر الديمقراطية في عالم الشرق الأوسط، وكان آخرها ما تبجحت به "كوندوليزا رايس"، والتي تشعر دومًا بالدونية عند لقائها للشخصيات الصهيونية الإرهابية بدءًا من "شارون" وانتهاء بـ"أوليمرت" و"عمير بيرتس" مبتسمة في وجوههم عابسة في وجوه نظرائها العرب -لقد زعمت "رايس" أنها لا ترى بأسًا في استمرار الحرب الإسرائيلية على البلد العربي لبنان، لأن ذلك يؤذن بمخاض لشرق أوسط جديد، وقابل زعماء الكيان الصهيوني نبوءتها الكاذبة بمذبحة (قانا) الثانية والتي لم يكن ضحاياها سوى أطفال رُضَّع، وعجائز ركع، فهل يبقى عند بعض قومنا بقية من الكرامة المهدورة فيكفوا ألسنتهم من فوق منابر عربية معروفة عن الدفاع عن كيان قام على الإرهاب حيث كونته عصابات "الأرغون" و"الهاغاناه" و"شيترن"، وعن تنصيب أنفسهم مدافعين بامتياز عن عصابة مجنونة تزعم أنها تتلقى وحيًا بقتل وتدمير الآخرين، إنهم من بني جلدتنا لسانًا وسحنة، ولكن عقولاً منهم مُضلَّلة ومُضلِّلة، وقلوبًا غلفًا بعث الموات فيها إعجاب مجنون بجنون العظمة عند أعداء الأمة، فطفقوا يُسخِّرون ألسنتهم للدفاع عما ينتقده بشدة أناس شرفاء لم يروا فيما تقوم به مؤسساتهم إلا القتل والتدمير، وأن ذلك أبعد ما يكون عن المشروع الحضاري الذي يبشرون به فيصادف هوى عند النفوس الضعيفة.
 
 
طباعة
 القراءات :213  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 22 من 100
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ محمد عبد الرزاق القشعمي

الكاتب والمحقق والباحث والصحافي المعروف.