شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
عندما يفقد الغيطاني موضوعيته ويتيه في دروب التلصص ..!
كتب (جمال الغيطاني) مقالاً يتسم بعدم الموضوعية، ويفتقر إلى أدنى مقومات الكتابة النقدية وهو المصداقية، ولم يكن المقال الذي حمل عنوانًا مثيرًا (التلصص لترويج السلعة) (أخبار الأدب، 8/6/2008م)، إلا تقليلاً من قيمة الأدب السعودي بكافة أشكاله، وخصوصًا فن القصة والرواية، فهو مثلاً يشكك في قدرة أحمد أبودهمان على كتابة عمل آخر بعد كتابه المعروف بالفرنسية (الحزام)، إلا أنه شن هجومًا عنيفًا على رواية (بنات الرياض) مبديًا مشاعره السلبية، إن لم تكن الحاقدة والبغيضة، على تحقيق هذه الرواية توزيعًا مرتفعًا وإنه ليرجع هذه الشهرة التي حازها هذا العمل الأدبي إلى نزعة الفضول.
وهو لا يكتفي بهذه النزعة الاستعلائية الممقوتة، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك، وذلك عندما يعترض في المقال نفسه على ما قامت به إحدى الصحف الإنجليزية -اعتمادًا على نسبة مبيعات هذه الرواية السعودية- بأنها تصنف ضمن ستة أعمال أخرى اعتبرتها المطبوعة الإنجليزية مدخلاً لا بد منه لفهم الأدب العربي كله، واصفًا هذا الرواج بأنه (رواج كاذب مثل الظهور في التليفزيون، يجعل وجه الكاتب مألوفًا، لكن لا أحد من المشاهدين قرأ له، وهذا ما يجري بالفعل الآن في الأدب السعودي والآداب الأخرى التي عرفت الظاهرة نفسها.
وأول ما يمكن أن يرد على ذهن القارئ لمقال الغيطاني، ترى ما هو موقفه من هذه الرواية السعودية وسواها لو أن الكاتبة من بلد عربي آخر، وأحيل القارئ إلى العدد نفسه من أخبار الأدب (العدد 778 الأحد 4 جمادى الآخرة 1429هـ الموافق 8 يونيو 2008م)، فلقد أفسح الغيطاني مساحة واسعة للكاتبة المصرية الأصل (أهداف سويف) صاحبة الرواية الشهيرة (خارطة الحب)، والتي لم تفز بجائزة البوكر لأسباب سياسية وكان صاحب هذه السطور من أوائل من كتبوا على صفحات هذا الملحق الأغر دفاعًا عن الكاتبة (سويف)، والتي عاشت فترة من حياتها في السعودية.
تقول أخبار الأدب عن سويف -وهذا من حقها-: (لا يمكن اختصار أهداف سويف في كلمات قليلة، فهي إحدى الكُتَّاب العرب القلائل الذين استطاعوا تقديم صورة مختلفة للكاتبة العربية عبر غزو الإمبراطورية القديمة في لغتها، واستطاعت من خلال روايتها التي كتبتها بالإنجليزية مع عدد آخر تيارًا أدبيًا هامًا سماه النقاد "الكتابة بعد الكولونيالية").
إنني أطمئن الأخ الغيطاني بأنني لا أجري هنا مقارنة بين رجاء الصانع وأهداف سويف، فالأولى لم تبلغ العقد الثاني من عمرها عندما كتبت روايتها، بينما سويف تهيأ لها من أسباب الثقافة والذيوع ما لم يتهيأ للكاتبة السعودية، ولكن الغيطاني يتجاهل أن أديبًا كبيرًا، وروائيًا معروفًا مثل الدكتور غازي القصيبي قد كتب مقدمة هذه الرواية (بنات الرياض)، ولو أن القصيبي لم يجد في الرواية ما يميزها ضمن ضروب الإبداع الأخرى لما أقدم على الإشادة بالرواية، وأود أن أطمئن الغيطاني بأن القصيبي وجملة من الأدباء السعوديين يجيدون بعض اللغات الأجنبية، ويقرؤون بها، وربما فاقت ثقافتهم بعض نظرائهم في العالم العربي.
ولو أن الغيطاني ابتعد عن التعميم، وقدم نقدًا موضوعيًا لمضمون الرواية، أو بنائها الفني لكان ذلك مقبولاً، ولكن ما كتبه في زاويته في نقطة (عبور) يدل على أنه لم يقرأ الرواية، وانطلق من خلفيات معينة في التشويش على ما تحظى به الكتابة الروائية في السعودية من حضور عالمي هي جديرة به، فهذه الأرض عرفت الأدب والفكر والثقافة منذ انطلاق الرسالة المحمّدية من أرض الإيمان في مكة والمدينة، وكذلك ما عرفته جزيرة العرب من حضور أدبي في الشعر قبل مجيء الإسلام، وإذا كان العديد من مفكري العالم العربي والإسلامي في العصر الحديث قد استمدوا الكثير من أفكارهم الإصلاحية من علماء الحرمين الشريفين، مثل: شكيب أرسلان، وعبدالحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، فلقد كان علماء من أمثال: حمدان بن الونيس، وحسين أحمد الفيض أبادي، وفالح الظاهري، وعبدالجليل برادة المدني، وإبراهيم الأسكوبي يصنفون أنهم ضمن مفكري وأدباء اليقظة العربية. [انظر: د. عبدالله مرتاض، ملامح الأدب العربي المعاصر بالسعودية، كتاب الرياض، 127، ط1، 1425هـ / 2004م ص: 139-144]، وأنظر كذلك: [عاصم حمدان، حلقات العلم في الحرمين الشريفين ودورها في صياغة المعطيات الثقافية والفكرية، مجلة: جامعة الملك عبدالعزيز ـ الآداب والعلوم الإسلامية المجلد: 12، 1422 / 1424هـ، 2002 / 2004م ص 409- 34]، فإن عددًا آخر من المبدعين العرب كذلك قد تفتحت مواهبهم على صفحات المجلات السعودية، ومن هؤلاء: الكاتب الجزائري أحمد رضا حوحو، والذي عمل سكرتيرًا لمجلة المنهل إبان صدورها في المدينة المنورة سنة 1355هـ، وكتب حوحو قصته (الأديب الأخير) في المنهل، ديسمبر 1938م، وكما ترجم على صفحات المجلة نفسها عددًا من القصص الغربي، وعلى وجه أخص: القصص الفرنسي، حيث كان حوحو مجيدًا للغة الفرنسية، ودرس أثناء إقامته في المدينة في مدرسة دار العلوم الشرعية، والتي عرفت بعنايتها بالأدب العربي القديم منه والحديث، عن الأديب حوحو. [انظر: د. صلاح عدس، ملامح الأدب السعودي دراسة ونماذج، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1986م]، ولقد عرف الأدب السعودي القصة والرواية في العصر الحديث، وتبرز أسماء معروفة في هذا الفن الأدبي، مثل: عبدالقدوس الأنصاري، وأحمد السباعي، وحسين عرب، وعبدالله عبدالجبار، ثم جاءت أجيال أخرى فيها حامد دمنهوري، وسعد البواردي، وإبراهيم الناصر، وغالب أبوالفرج، وعبدالله جفري، وحمزة بوقري، وقد ترجمت روايته (شقيقة الصفا) للغة الإنجليزية، وحسين علي حسين، وأنور عبدالمجيد، وعلي محمّد حسون في روايته المعروفة (الطيبون والقاع)، وسليمان الحماد، وغيرهم.. ثم جاءت الأجيال الجديدة، التي انتقلت بالرواية السعودية إلى آفاق جديدة سواء في المضمون أو (التكنيك) الحديث وطرقه المتعددة، وفي طليعة هذا الجيل: تركي الحمد -في ثلاثيته المعروفة-, وعبده خال، ويوسف المحيميد، وعبدالله التعزي، ورجاء عالم، وليلى الجهني، ومحمود تراوري، وأميمة الخميس، ونورة الغامدي، وحسن النعمي، وبعض إنتاج هؤلاء الروائيين ترجم لقيمته الأدبية الرفيعة إلى عدد من اللغات العالمية.. فهل قرأ الغيطاني حقًا الأدب السعودي، والفن القصصي والروائي منه على وجه أخص، أم أنه اكتفى باستراق السمع؟!، ولعل هذا الاستراق هو الذي دفع الغيطاني لهذه النزعة السلبية إزاء الأدب السعودي.
 
طباعة
 القراءات :224  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 81 من 107
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج