شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( الأسئلة الموجهة للضيف الكريم ))
- سؤال من الأستاذ عجلان الشهري يقول: من خلال سيرتكم المعلنة في هذه الأمسية المباركة علمت بأنكم صاحب اهتمام جيد في الدراسات التاريخية لا سيما ما يتعلق منها بجنوب المملكة وأعتقد أنكم قد اطلعتم على ما أورده الدكتور كمال الصليبي حول بعض مسميات قرى المنطقة الجنويية وعلاقتها بالتوراة وكتب اليهود، أرجو من فضيلتكم إلقاء الضوء على ذلك الإدعاء وما أسبابه وما نتائجه وانعكاساته في أوساط المؤرخين داخل المملكة وخارجها؟
الحقيقة إن إدعاء الصليبي أنه إدعاء باطل وليس له من الحقيقة شيء، عندنا قرية تسمى آل بلشرم، آل بلشرم منسوبون إلى جدهم شريم، جاء هذا وحرف الكلمة وقال أورشليم و قال إنه يوجد هذا الإسم في بلاد عسير، الصليبي هذا يمكن أنه عجمي وراح يحرف ما ليس بمحرف عندنا فهذه نقطة من كذبه، وما ورد في كتابه كذب من أوله إلى آخره وكنت من الذين يرون أنه ينبغي ألا يجاب ولو بكلمة واحدة لأنه لو ترك ورفض لضاع كتابه، ولكن لما صار النقد والرد طلع وتجبر حتى أنه صار يؤلف الآن كتاباً آخر من أجل هذا، فوالله ما صدق في كلمة مما يقول. في منطقة بلسمر أيضاً محل يقال له سلج فيه بنايات للبدو ويبنونها للموتى نظراً لأن الحياة عندهم كانت قاسية، إذا مات الميت من عندهم نقلوه إلى تلك البناية ودفنوه، وإذا أصبح رفاة أخذوا الرفاة في طرف الغرفة ووضعوا الميت الآخر، هكذا كانوا يفعلون فراح يقول إن هذه من بنايات اليهود، وما أشبه ذلك، هذا الرجل ما كان ينبغي أن يجاب لا من أديب ولا من عالم، ولا من شيخ لأنه لو تركت الإجابة لما راج كتابه هذا ولكن لما تعاظم ورأى أن الناس التفتوا إليه حتى صار الناس يشترون كتابه من الخارج، ومنهم من رد عليه ومنهم الشيخ محمد عبد الله الحميد رد رداً طيباً وموجوداً في كـل مكتبة، ورأيي فيه أنه كذب ولو ترك ما كان راج كتابه إطلاقاً.
 
- الأخ عبد الحق البدوي يقول: في ضوء الواقع الذي عرفتموه وتنوع الخصومات لما جد في حياة الناس على المستوى الاقتصادي والاجتماعي ولما أصاب كثيراً من طلاب العلم من قعود الهمم ألا ترون ضرورة صياغة الأحكام الشرعية للقضاء في شكل مواد مرتبة؟
هذا ما كان يجب، والحقيقة أن الحكم إذا أخذ مساره، والدعوى والإجابة من أولها إلى آخرها ثم خرج في صك طويل عريض ثم سلم إلى الخصم، الخصم طبعاً يدافع عن نفسه، ولكن الدفاع كان يأتي شاطحاً وكان يسب القاضي من أول الاعتراض إلى آخره وهذا لا يليق إطلاقاً لأن القاضي محترم، وإذا أهين بالكلام العام الرخيص تكسرت معنوياته وخاطره، وبعضهم خرج من القضاء من أجل الموقف هذا، هناك أحكام مثلاً بلغت إلى عشرين صفحة وما أشبه ذلك، لو نظمت الأحكام التي تجري في محاكمنا فإن القضاء عندنا مصان ولله الحمد بالقانون التنظيمي، القاضي له احترام وله حصانة كحصانة الوزير، فلو نظمت الأحكام وأنا من الذين أشاروا إلى أن تنظم الأحكام وتجعل في مجلدات لأننا في عصر بلغنا فيه الذروة من المهاترة على الحكم إذا صار، وأنا أقول إن هناك مبررات، في عام 1378 هـ، الأرض هنا في جدة في المحلات هذه ما تؤخذ بعشرين ألف، الآن تؤخذ بالمليون، الذي يدافع عنها يناضل عنها، ويريد أن يبتزها من الآخر كما هو الواقع في كل مدينة هذا اندفاع وليس في المملكة العربية السعودية وحدها ولكنه اندفاع في المعمورة من أولها إلى آخرها، فلو نظمت الأحكام لصارت مجلدات ولصار يهتدى بها في المحاكمات، كتب الفقه التي ألفت في الأحكام الشرعية أو في غيرها هي نتيجة قضايا وقعت، فالرسول صلوات الله وسلامه عليه، كان إذا وقعت قضية نزل الوحي، ولكن نحن هنا وفيما مضى لا ينزل وحي علينا، انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فلو نظمت الأحكام وجعلت في مجلدات ومـا أشبه ذلك أرى ذلك كان أنفع وأجدى.
 
- الأستاذ أمين عبد السلام الوصابي يقول: نعرف أولاً أن العمل في سلك القضاء يعتبر من الأعمال الصعبة والهامة، هذا العمل المرتبط بحياة وقضايا المجتمع بشكل عام، السؤال هنا ما هي المؤهلات التي يجب أن تتوفر في رجال القضاء، خاصة وأن المغريات المادية تحيط بالكثير منهم من قبل بعض الأشخاص لعرقلة بعض القضايا، ومتى يلجأ القاضي لحالة الاجتهاد والقياس في أحكامه؟
الحقيقة أن القضاء صعب وأنه رسالة السماء، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: كتاب الله فيه نبأ من كان قبلكم وخبر من كان بعدكم وحكم ما بينكم، من تركه من جبار قصمه الله سبحانه وتعالى ومن طلب الهدي من غيره أضله الله.. هكذا كتاب الله سبحانه وتعالى، في الكتاب العزيز والسنة المطهرة جواهر، فكانت إذا حدثت قضية نزل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحي، ألا ترى قوله تعالى: سُورَةٌ أَنزَلنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلنَا فِيهَا ءَايَاتٍ بَيِناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُمَا مَائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأخُذْكُمْ بِهِمَا رَأفَةٌ في دِينِ اللَّهِ إِن كُنْتُمْ تُؤمِنُون بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤمِنِينَ.. فإذا حكم على الزاني في وقتنا أو الزانية، كبر عليهم ذلك، لماذا؟ وقد وقعوا فيما وقعوا فيه، أليس كان من الحق أن يأتوا إلى الحاكم ليقيم عليهم الحد كما كان في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، في قصة الغامدية، أو الجهنية لأنهم ينسبونها إلى غامد ونسبتها إلى غامد حقيقة ليست بحقيقة لأن الجهنية هو اسم لها غامدية وليست من غامد ولكنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقصت قصتها فأقام عليها الرسول صلى الله عليه وسلم الحد، ولكن في وقتنا هذا نتستر على أشياء لا يطلع فيها إلا الله سبحانه وتعالى ولو راقبنا الله سبحانه وتعالى ورأينا أن الزنا فاحشه لأنه نزل فيه قول الله تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبيلاً.. يقال بأنه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء شاب من المدينة وقال يا رسول الله إني أحب الزنـا فأرخص لي في الزنا، فقام عمر وكان شديد الوطأة على من يخالف كتاب الله سبحانه وتعالى فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم دونك يا عمر.. إجلس.. فجلس.. وقال يا هذا تعال هنا قريب ولما جلس عند الرسول صلى الله عليه وسلم قال أتحب الزنا لأمك؟ قال لا يا رسول الله.. قال أتحبه لزوجتك ثم عدد قريباته إلخ.. فلما أقتنع قال ولا الناس يحبون الزنا لأمهاتهم ولا لأخواتهم ولا لزوجاتهم، اللهم وفقه وأهد قلبه، فخرج من حلقة الرسول وهو أهدأ شاب في المدينة.. فانظروا إلى هذا الإرشاد من الرسول صلى الله عليه وسلم، هذه لمحة من دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، أما في وقتنا فقد اختلط الحابل بالنابل، إن جاء واحد يرشد هذا أو ابنته أو قريبته تلقاه بالضرب، وما أدري كيف مثلاً أن تخرج على نفسها وهذا يريد منعها فلو صار ترشيد بالبيت ودراسة كاملة ما وقعنا فيما وقعنا فيه في الوقت الحاضر.
 
- الأخ عبد المجيد الزهراء يقول يحفل تاريخنا المجيد بالكثير من القصص التي تتحدث عن ذكاء القضاة وحنكتهم هل تذكرون الموقف الأطرف الذي مر في حياتكم المديدة في القضاء؟
في وقتنا هذا وقع الكثير من هذه القضايا، ولكنني أتذكر قصة وقعت في هذه المدينة وكان القاضي فيها أميراً، ليس بقاضي، وهذه القضية التي حكم فيها كانت من أحسن ما يكون، لو جعلت مثلاً أو ألفت هي ونظائرها لاهتدى بها كثير من الناس، كان أبو نمي رحمة الله عليه من كبار أمراء مكة، وحدث حدث في جدة، جاء مصري ويمني بينهما دعوى في جارية، المصري يقول جاريتي واليمني يقول جاريتي، قال للمصري من أين دخلت عليك هذه؟ قال ملكتها من أبي وجدي، قال وأنت يا يمني؟ قال اشتريتها من اليمن، هذا في التحقيق في البداية، فلم يصلوا إلى نتيجة فرفعت إلى الأمير بمكة، هذه القضايا حساسة من الحكمة ومن الفراسة، فأحضر المصري وأحضر الجارية وأحضر اليمني، ثم أخذ من الحب قبضة، وقال ما هذا يا جارية؟ قالـت بُـر.. وأنت يا مصري ما هذا؟ قال قمح.. فأخذ هذا وضرب حداً وأعترف بأنه كذب وأنه أخذها حيلة على اليمني لأن أهل اليمن يسمون القمح براً، وأهل مصر يسمونه قمحاً فلهذا استخلص هذه القضية.. هناك نظائر أخرى.. أنا نفسي وقع لي كثير من هذه القضايا، كنت في محايل وهي مدينة ولكنها ملحقة بأبها، جلست فيها خمسة عشر عاماً وكنت أتلمس القضاء، كيف أصل إلى الحقيقة؟ لأن القضاء ليس معقداً في الدليل ولكنه معقد في الدعوى ولا يستطيع الإنسان أن يتخلص من هؤلاء إلا بحكمة جيدة، فالقضية أن امرأة وقعت في زنا، وحملت وادعت على شخص هو أطهر إنسان في القرية، وجاءت وادعت عليه وطلب منها شهود لأنه أنكر، طلب منها شهود لأن أقاربها أقسموا أنه إذا لم يحكم عليه سوف يقتلونه، وكلمة قتل هناك ليس وراءها أي شيء، ما عندهم فيها أي شيء، كانوا يصدقوا بأن القضية أنها صحيحة على أصلها، ماذا عملنا؟ المرأة في ديرة بعيدة (المرأة في بر والرجل في قناة وبحر) هي ما شاهدته، نحن حققنا معها قبل مشاهدتها له، ثم جمعنا بين المرأة وبين الرجل هذا وبين رجال آخرين من الذين كانوا معنا في المحكمة، مسكت واحداً مسكيناً قالت هذا هو، فأتضح أن الرجل الذي ادعت عليه برىء، هذه قضية استطعنا أن نلتمس الحق فيها بالمقارنة وبالمواجهة، وأعترفت فيما بعد أن هذا غير صحيح، ولكن بين هذا الشخص وبين الأشخاص الذين يقربون لها دعوى في أراضي وما أشبه ذلك فأرادوا أن ينكبوه بهذه القضية ولكننا وقفنا لهم بالمرصاد وأقسم بالله أنهم مدة خمسة عشر عام إلى أن خرجت من محايل وانتقلت إلى رجال ألمع ما أظلم واحداً في أي قضية، لأني أبحث في القضية والله سبحانه وتعالى يدلني إليها، هذه قضية من القضايا التي وقعت واستخلصنا الحق فيها، ولها نظائر في بلاد عسير وما أشبه ذلك، أحياناً الباطل يطغى على الحق ولكن الحق يعلو عليه ولله الحمد.
 
- الأخ محمد الشهدي يقول: شيخنا.. دائماً يتأرجح الشعر، و نقده بين الشاعر المطبوع الذي ينطوي على كل معاني العفوية و شاعر الصنعة الذي يعيد النظر دائماً في أدواته الإبداعية فما رأيكم في هذين النوعين من الشعراء و إلى أي منهم تنتمون؟
الشعر مثل ما قال المتنبي:
الشعر صعب وطويل سلمه
إذا أرتقى فيه الذي لا يفهمه
زلت به إلى الحضيض قدمه
أراد أن يُعربه فأعجمه
الشاعر إذا كان يريد قرض الشعر فعليه أن يلتزم بالأوزان وأن يتخلص مما يسمى بالشعر الحر في وقتنا هذا لأنه ليس بشعر وإنما هم عجزوا عن اللغة العربية أن يطبقوها في أشعارهم فاتخذوا منزلة بين المنزلتين، فالشعر الحر الآن الذي يسمى الحر هو لا ذكر ولا أنثى، بين هذا وهذا.. وهذا رأينا فيه.
 
- الأستاذ عثمان مليباري يقول اشتهرت عسير بأسر عريقة اهتمت بالشعر والأدب وقول الشعر في محاورات وإخوانيات لطيفة نأمل من فضيلتكم ذكر من تذكرونهم منهم.
في وقتنا هذا هناك شعراء في عسير أنتجتهم النهضة التعليمية الموجودة ولا أجحد حق النوادي والملتقيات، فلقد كان لها تأثير في الشباب في بلاد عسير، كان هناك شعراء لا يقلون أهمية عن الشعراء الأوائل، لا نقول مثل الطبقة الأولى التي كان فيها الخليل بن أحمد وأمثالهم، ولكن نقول بأن الشعر في عسير ارتفع جيداً ونسأل الله أن يوفقهم في ما فيه الخير.
 
- فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني يقول لماذا يتهرب الكثيرون من تسلم مناصب القضاء مع أنها من أشرف الأعمال الدينية حيث فيها ردع الظالم ونصرة المظلوم والدفاع عن الحقوق وهل ترون كلام بعض الشعراء سبباً للهروب من هذه المهمة حيث يقول:
وقاضٍ لنا حكمه جائر
وأحكام زوجته ماضية
فيا ليته لم يكن قاضيا
ويا ليتها كانت القاضية
يعتمد التهرب من القضاء على الورع، فالذي فيه ورع يخاف الله سبحانه وتعالى، ويخاف أن يقع في المحظور فلا بد أن يخرج من القضاء، لكن لا ننكر أن هناك عباقرة من الناس، أعتقد أن مروان بن الحكم دخل مصر وكان والياً في ذلك الوقت بنفسه، فسأل عن القاضي، فأحضروه، قال ماذا عندك؟ قال ما عندي شيء.. قال فبماذا تحكم؟ قال أتحرى في القضية وألتمس الحكم من كتاب الله وسنة رسوله.. قال أنت قاضي مصر وتركه، لأنه رأى أنه ورع، وهذا يدل على ورعه ولهذا تركه في القضاء وكان من أبرز قضاة مصر في وقته، لا ننكر أن هناك مثلاً قضاه ولكنهم الله أعلم. أما في المملكة العربية السعودية فالقضاء فيها مصون، وأذكر لكم قضية جاءت في المحكمة، جاءني شخص يسمى قاضي تمييز بمصر، وقال ذُكرت لي، ولك قريب في الشرطة وأنا أريد أن أنال وظيفة إلى جانب زوجتي.. فقلت له القضاء في السعودية ما أظن تمضون فيه لأنه مصان.. قال أنا ما أبغي القضاء، أبغي أكون محققاً في الشرطة، فأرسلته إلى قريبي الذي في الشرطة وأسمه إبراهيم النعمي، زوج ابنتي، وقلت له إذا وجدتم وظيفة فهذا الشخص محقق وعنده شهادة قاضي تمييز، ولكنه متعلم في القانون ولما كلموا مدير الشرطة قال: نقبل لكن هات شهادتك، أحضر الشهادة، قال شوف كيف، القضاء مصون ولو كان الإنسان يعيش على العلف يأكله فالقضاء لا بد أن يصونه الإنسان ويكون مثلاً في قلبه كبير حتى يقول القاضي هذا كبير.. فلما جاء قال هذه شهادة، فإذا عليها رسمه وتوضح أنه قاضي تمييز، فقال والله ما عندنا إلا وظيفة على بند العمال، نكتبك عامل، وهو صحيح هذا، قال أنا قبلت، انظروا إلـى هذا التدني، قاضي تمييز وصل إلى هذه الدرجة، لأنه استمرأ الوقت، الوظيفة التي يروح يأخذها في الشرطة راتبها ألفي ريال، وأخذ الوظيفة وجاء يشكرني أنا في المحكمة، قال والله أخذتها من أجل أن أجلس بجانب زوجتي لأن راتبي هناك لا يتجاوز مائة وخمسين ريال سعودي.. قلنا يا أخي كان ينبغي أن تروح تأخذ هذا الراتب ولا تهين نفسك بهذه المواضيع. هذا مما يدل مثلاً على تحلل الشخصية، وتحلل الورع وما أشبه ذلك، الله يوفقنا وإياكم.
 
- الأستاذ الأديب الذي بجانبكم محمد بن عبد الله الحميد يقول لكم قصة طريفة حينما كنتم تجمعون في القضاء ما بين محايل ورجال ألمع عندما هاجمتكم الذئاب هل يمكن إيضاحها؟
هذه قصة طريفة حيث كنت في رحلة في منطقة كثيرة السباع، و فيها أدغال وذلك في زمن ما قبل السيارات، كنت راكباً على دابة (حمار)، توجهت من محايل إلى رجال ألمع، ثم رجعت من رجال ألمع في عام 1367 هـ، لم يكن هناك قضاة، وبينما كنت في محل يقال له "كسر العسيلة" فيه ذئاب أكبر من ذئب الغنم وأقل من النمر، فخرج علي الذئب، ورأيت أنيابه - نسأل الله العافية - كشر عن أنيابه، أنا تركت الحمار وذهبت أجمع بعض الحجل الأسود للعيال، فلما شاف ما عندي أحد فغر ثم راح عليّ، لكن الله دلني أن كان عندي شوزن معبأ، أنا ما عبيته للسبع هذا، عبيته للصيد، وأقبل علي لكن الله ثبتني فرميته فدخلت في فمه وضربت رأسه وأطاحته فلما سمع الناس وكانوا رفاق معي فجاؤا يتفرجون واجتمع عليه أربعة رجال ما قدروا يسحبوه.. وكفاني الله شره.. هذه قصة من القصص التي وقعت لي في هذا وهي مسجلة عندي، كل قضية وقعت لي في القضاء مسجلة، أنا أتكلم معكم باللغة العامية لأن الكلام إذا كان عفوياً يكون له طراوة.. من القصص أيضاً كان في شخص، والقاضي يتعرض لكل شيء، كان في شخص اشتهر بالسرقة، وكان في شيـخ مـن مشايخ تهامة في عام 1369 هـ يقال له ابن دهيق، شيخاً سلطان، ما كان مجرد شيخ، ويعرفه الإخوان من بني شهر، هذا الشيخ من الناس الكرماء، وفي عبد من العبيد، ما هو عبد مملوك لكنه من السود هادولا (! !) وإنما وحش من الوحوش يروح للراعي الذي يرعى الغنم في قفرته و يحمل الحجر في يده ويشيل الذبيحة التي ما ها كبيرة ويذهب بها والراعي ينظر إلى الأرض ولا يتعرض له خوفاً من أن يقتله، ويروح على زوجته في القفار كالذئب، وكان له زوجة في محل يقال له البريحة، في بارق، ويروح على زوجته في آخر الليل، جاء أمر من تركي السديري وكان من الأمراء العرب لا تقول في عسير إلا ملك من الملوك، كتب عليه قال أعطونا فلان، وإن لم يأت في خلال شهر فأنت المسؤول عنه، كان عند العرب حماية، لا يمكن يعتدي على إنسان جار لآخرين، راح لأهل بارق قال إما مسكتم العبد هذا أو تركتوني أمسكه، فقالوا ما نقدر، فأعطى فلوس على أن يراقب عند زوجته إذا دخل عليها، كان ما يأتي زوجته إلا قريب الصباح، فهجم عليه بأثني عشر رجل ومسكه وطلعه، القصة طويلة، لما راح هناك أحيل عليَّ في محايل وما توفرت فيه شروط قطع اليد، يسرق من الحرب ويبيع في بلاد بني شهر، وفي كل محل، قلنا إن هذا الرجل لا يقدر أحد يقتله على حق منه، فمن الأحسن أن يعرض على جلالة الملك عبد العزيز والرأي له، لأن لولي الأمر الرأي في مثل هذه القضايا، فجاء أمر من الملك بقطع يده فقطعت، فأقسم أن يقتل بن دهيق وإذا خلص من بن دهيق يقتلني أنا، قال بن دهيق إن هذا الرجل يريد أن ينتقم، وهذا دم، فماذا ترون؟ قالوا الرأي الذي تراه، قال والله إن لم تمسكوه إلا يحصل دم، بعد أن يخرج من السجن، راحوا وطاردوه ودخل اليمن يسرق ولم يرجع، وكفى الله شره.. هذه القصص التي حصلت لو استكملتها لملأت مجلداً كاملاً.
من ناحية أخرى كنت أريد التحدث عن بلاد عسير، هذه المدينة كانت تجيد صنع الدبابات، والدبابات اتجهت من جرش إلى الطائف وحاصرت مع الرسول صلى الله عليه وسلم، في الطائف ومشت من الميادين التي بين صور والطائف وهاجمت ثقيف في داخل مدينتهم، والقصة لا يخلو منها كتاب من كتب الأوائل، ولكنني أرى الوقت لا يسمح.. وأول دبابة (3 دبابات) جاءت من جرش وحاصرت مع الرسول، لو يسمع بها في الخارج قالوا العرب مجانين، وهي لا تخرج عن هيكل الدبابة الموجودة الحين، ولكن هذه طورت ثم طورت أيضاً بالوقود فطارت وقتلت الناس، لكن الدبابة التي كان يستعملها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حصار الطائف كانت مغلفة في شكل غرفة ومشبكة بالخشب والحديد والجنود، ومشوا فيها حتى وصلوا سور البيت ولكن ثقيف كان لهم أيضاً دفاع يماثل هذه الدبابة، أحموا الحديد ورموه على الدبابة فاحترقت فرجع مع أصحابه الرسول، ليس العبرة في أن يكون للعرب دبابة، لكن العبرة في أن يكون العرب هم أول من عمل الدبابة قبل أن تظهر في الشرق أو الغرب.
 
- السؤال الأخير للأستاذ عبد الحميد الدرهلي يقول: هل الكتابة فن تماماً كفن الشعر وهل كل من يكتب تحت مظلة الشعر شاعر؟ وهل كل من يكتب تحت مظلة الكتابة كاتب؟
الشعر له دوافع فقد يندفع الإنسان وليس بشاعر لأن العرب هم ديوانهم الشعر فقد يندفع إلى الشعر وليس بشاعر، أما أن يأتي عن طريق الحماسة، أو يأتي عن طريق الحزن على إنسان ميت أو ما أشبه ذلك أو قريب له أو أن يأتي عن طريق شعور مثل الحروب التي مضت، فأصحاب الرسول صلوات الله و سلامه عليه و رضي الله عنهم ما كانوا شعراء ولكنهم يجيدون الشعر سليقة، في المناسبات التي يرونها، قد يكون إنسان يتعلم أو يقيس على البيت إذا أراد أن يبني وليس بباني، فيتعلم، فالشعر يؤخذ من التركيب الموجود، القصيدة إذا كانت موجودة معه أو الديوان فيركب ويقلد ولكن في وقت من الأوقات يبقى شاعر، هذا إذا كان له إلمام بالشعر، فالشعر هو إما خيال و إما دوافع جاءت للإنسان فدفعه إلى الشعر مثل شاعر عسير الذي يقول:
سقى الله أوطانا تحف بتهلل
وجادت عليه من السحاب الهوامع
بـلاد كأن المسك شم نسيمها
فأودعها مكنونة وهو ذائع
فإن خطرت فيها النسيم عشية
وعـادت تصلنا أرخـص العطـر بائـع
كأن الغصون الخضر في عذباتها
عرائس مصر زفه الدك .....
هذا ما قال شاعر عسير، في خيال جبل، طلع في الجبل ورأى ما فيه من الأشجار وما فيه من جمال الطبيعة فقال هذا الشعر.. في حين أنها القصيدة الأولى التي ذكرها.. فالشعر له دوافع ولا نقول إن كل إنسان يطبع من ولادته شاعراً، ولكن الشعر يُتعلم ويقاس مثل ما يقاس الذي يبني البيت يقيس على المقاييس التي قبله.. أما بالنسبة للكتابة فالإنشاء يعطيه الله سبحانه وتعالى لمن يشاء. يقال بأن الأديب أو الراوية أنه رأى صاحب المعلقات أو كذا استلحقه الخليفة في العراق وقال استلم الديوان فجاء يكتب للخليفة للأقطار فما اهتدى إلى ذلك فرجع وهو خجلان لأنه ما اهتدى إلى الإنشاء، الإنشاء ملكة في الإنسان يعطيه الله سبحانه وتعالى إياها فتتراقص المعاني والكلام مع قلمه، لكن قصور العقل عند الإنسان يجعله يتناقض بعض الناس يكتب موضوع هام في الليلة فإذا انتهى منه تركه فإذا أصبح في الصباح راجع كتابته فإذا هي متناقضة فنقضه من أوله إلى آخره فهذه الأشياء مع المنشئ لا يعطي إلا ما الله سبحانه وتعالى هداه إليه ما كل عالم مثلاً كاتب ولا كل شاعر كاتب، الكتابة الإنشائية ما يعطيها إلا الله سبحانه وتعالى.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :682  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 137 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

أحاسيس اللظى

[الجزء الأول: خميس الكويت الدامي: 1990]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج