شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في حفل تكريم الدكتور زاهد محمد زهدي (1)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اللقاء الطيب، بهذا البيت الطيب وشكراً لأخي الأستاذ عبد المقصود خوجه، على حرصه على تغيير نمطية الاثنينية ومواصلة إبداعها، وهذه فكرة موفقة، تدارسناها كثيراً وشعرنا بأنها خطوة في الطريق الصحيح، وكم أسعدُ الليلةَ أن نجلسَ لإلقاء الضوء على حياةِ شاعرٍ من شعراء الأمة العربية، له دورٌ وله صيت، وله صنج، وهو صنّاجة العرب، ويقدمه شاعرٌ من أولاده، من تلاميذه هو الآخر كتب الله له التوفيق في كثير مما قال، وما روى وما أبدع، ولكن الله سبحانه وتعالى وفقه إلى إخراج هذا العمل لأنه أقرب الناس إلى الشاعر الجواهري، ففرحنا بهذا العمل، لكني لا أخفيكم أنني أشعر بحرج شديد لأني بين كل هؤلاء الجهابذة، ولا أدري كيف حشرتُ نفسي فُجأة بين اثنين من أقطاب اللغة وآدابها أخي الدكتور محمد سعد بن حسين هذا العالم البارز والناقد والمفكر الإسلامي الذي نعتز به يشارك تلك المشاركات التي نفرح بها، وأبونا وأستاذنا وشيخنا أبو تراب الظاهري، عالم اللغة الذي يجعلني وأنا أتحدث أقول كما قال الرجل هشام لعلَّه (شيبني صعود المنابر وانتظار اللحن بعد اللحن بجوار أبي اللغة وأمها في نفس الوقت) لكن هذه الليلة ذات خصوصية، والله أغالبُ نفسي ألا أفكر في العراق، في هذا الجرح، في هذا الألم، في هذا المصاب العظيم لأولادنا بنين وبنات ولهذا الشعب الذي سُحِقَ، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولن يتخلى العراقُ عنا قط، كانت روافده دائماً تأتينا، علماء وأدباء ومفكرون، ثم قامت بعضُ جامعاتنا على أساتذة من ذلك المنهل العذب، فلا أملك في مثل هذه اللحظات إلا أن أذكر بالفضل تلك الموجات من رجال الفكر والعلم والأدب الذين ساهموا معنا في بناء هذه الثروات الأدبية التي نعتز بها.
أما حديثي عن الجواهري على وجه الخصوص فهذا الرجل من العجائب في هذا القرن لأنه شاعر عملاق، من العمالقة الحقيقة، وشاعر محارب ومبدع، لا يعرف المهادنة، حتى أني قدّرتُ لأخي الدكتور زاهد أنه كان أميناً في عرضه فقدم نماذج من النقد الذي وُجِّه للجواهري، ولم يجامله ومع ذلك أشعر وأعرف أنا من خلال سيرة هذا الرجل "الجواهري" أنه لم يكن يهتم قط بالنقاد ولا بالنقد الذي يوجه إليه، لكن من أمانة الدكتور أنه أثبت بعض النقد الذي وجه له.
هذا الرجل "الجواهري" يعني يصدق عليه إن قلنا إنه كما قالوا عنه: لعلَّه سعد قال: إنه بذل من دم شعره من أجل شرف أمته، يدافع عنها، ويتحدث عنها، ويجلجل ويصلصل وكأنك تشعر أنه ليس في قلب الجواهري ولا عقله إلا الأمة العربية. فعلاً لا يهادن ولا يجامل، ثم إن الرجل استخدم ثروةً كبيرةً، وهذا مما يُحمَدُ له في هذا المجال، كان في رأيي شاعر مرحلة خطيرة في حياة الأمة الإسلامية، واستطاع أن يُعبّرَ عنها بصدق وموضوعية وبجرأة لم يستطعها كثيرٌ من الشعراء، وربط الجواهري شعره بقضية أمته، وفي بعض الأحيان يبدو الجواهري وكأنه قد اقتصر شعره، ولعلَّ أخي الدكتور زاهد يصححني بذلك كأنه قد قصر شعره على البكاء والفجيعة والألم للأمة العربية من هول ما ترى، لكن من يقرأ بصورة أوسع في الجواهري يشاهد أنَّ الرجل كتب في كل مجال وفي أكثر من مجال، لكنه غلب عليه التفجع والألم في قضايا الأمة، ومن هنا فأنا أشعر باحترام كبير لهذا الشاعر، الشاعر الذي تحس أن الأمة العربية ليست العراق عنده، كل الوطن العربي يهتم به، ويكتب فيه، ويعتز به، ويعتز باللغة، ويثأر من أجلها، وينادي بها، ومن هنا فنعود إلى القضية المهمة وهي أن هؤلاء الشعراء يحتاجون منا إلى مثل هذا التكريم والعناية، وقد كرَّمهم رسول الله صلى الله عليه و سلم، هؤلاء الشعراء الرسول صلى الله عليه و سلم كم كرمهم وكم فرح بهم وبشعرهم وكم قدمهم وكم اعتز بهم وكم كانت لهم صولات وجولات في الشعر، إذن فرسول الله صلى الله عليه و سلم قدوة هذه الأمة وأسوة هذه الأمة، وإذا اقتدينا به نكرم هؤلاء الشعراء ونعتز بهؤلاء الشعراء.
الرجل في مجمله فيه عمق، فيه صراحة، فيه صدق، فيه جرأة، وفيه محبة للأمة العربية، وبعض قصائده فيها روعة المحبة لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولأهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فتشعر بتقدير كبير لهذا الرجل ونفرح بهذا اللقاء الليلة التي يُلْقَى فيها الضوء على هذا الشاعر العملاق ويُشْكَرُ للابن والتلميذ الشاعر الأديب الدكتور زاهد على عنايته بإخراج هذا الديوان، وأنا أنصح باقتناء هذه الدراسة التي قدمت باسم "الجواهري صناجة الشعر العربي في القرن العشرين" والدكتور زاهد محمد زهدي تصدى لها بموضوعية وببحث دقيق يثري من يقرأ هذه الدراسة ويفرح بها ويشعر أنه يعيش في ضمير هذا الشاعر.
أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن تقديري وشكري لأخي الدكتور زاهد وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقه ويمد في عمره لمزيد من هذه الدراسة الناضجة، وشكراً مرة أخرى للأستاذ عبد المقصود خوجة على عنايته في هذه الاثنينية، ورعايته لهذا الشاعر ولهذا الكتاب الذي يستحق منا كل تقدير واحترام.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة
 القراءات :286  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 75 من 142
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج