شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى به))
نازك الإمام: شكراً لك أخ محسن. بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أصحاب المعالي، أصحاب الفضيلة، أصحاب السعادة، الأخوة والأخوات الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لا يكاد يذكر شعر القبائل في أي مجتمع علمي، إلا ويُذكر فيه اسم ضيفنا الكريم وريادته في تحقيق المنحي العلمي الأصيل لهذا الشعر. فهو واحد من رواد تحقيق المواقع والنصوص الشعرية القديمة الذين أثروا المكتبة العربية والجهات المعنية برصد التاريخ القديم للجزيرة العربية، وهو من أكثر الأدباء الذين وجّهوا اهتمامهم العلمي إلى عدد من المسارات، من أهمها شعر القبائل تأليفاً وإشرافاً، إذ له في هذا المسار ستة، وأما في الأدب فله ثمانية كتب، وفي التاريخ كتابان، وفي النقد كتاب واحد. هذا بالإضافة إلى مسارات أخرى كالإنسان ومعرفة البلدان. إنه سعادة المؤرخ والنسابة والأديب الدكتور عبد العزيز بن محمد الفيصل، رائد تحقيق الشعر القديم والإسلامي في شبه الجزيرة العربية، وأستاذ الأدب القديم في قسم الأدب بكلية اللغة العربية في الرياض، وأبرز علمائه على مستوى الوطن العربي، بعد أن أصبح حجة فيه من خلال أبحاثه ودراساته.
نرحّب بسعادته ضيفاً ((بالاثنينية)) الليلة، ونبدأ من جانبنا من قسم السيدات بطرح الأسئلة، والسؤال الأول من الإعلامية الأستاذة منى مراد، مراسلة صحيفة "هام" الإلكترونية، فلتتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لاحظت حيرة المحررين في الصحف والمجلات عند كتابتهم لبعض الكلمات، ما يضطر المحرر إلى وضع الكلمة بين قوسين باعتبارها كلمة عامية، وهي عربية. وكذلك ملاحظتك للمتحدث الذي يتهرب منها إلى غيرها من الألفاظ، ولكن لما رأيت قلة استعمال الكلمات القديمة اضطررت إلى إصدار معجم لغريب الألفاظ المستعمل في قلب الجزيرة العربية، حيث أكدت أن هذا المعجم يدعم المتحدث بتلك الكلمات، فيعتز بلغته ويصرّ على استعمالها، فيعود انتشارها في مجتمع الشباب والنشء، ومن ثم يعود إليها شبابها، فهلاّ تحدثنا قليلاً عن هذا المعجم؟
الدكتور عبد العزيز الفيصل: بسم الله الرحمن الرحيم. في الواقع هذا المعجم قديم، فهو ليس من مؤلفاتي المتأخرة، ولكن ما التفت إليه. وهو في الواقع ليس معجماً جمعت فيه الكلمات العامية. فأنا لم أقصد هذا، كما أنني لا أشجع العامية، ولست من الذين يسيرون في هذا الطريق. فأنا لم أضع معجماً للعامية. ولو كان ذلك مقصدي لوضعت معجماً واسعاً للعامية في الجزيرة العربية. وأود الإشارة هنا إلى أن العامية في الجزيرة العربية متشعبة، فنحن في المملكة العربية السعودية في قارة كاملة. فكل إقليم يحتاج إلى معجم خاص به في العامية. ولكنني عزمت على جمع الكلمات التي هي عربية، ولذا فعندما امتزجت نجد بالحجاز، والجنوب بالشمال، نشأت لغة جديدة، وتناسى الناس الكلمات العربية التي كانوا يتلفّظون بها. فنحن في نجد كنا نستخدم كلمة "ماء"، ولا نستعمل "موية". ولكن عندما امتزجت نجد بالحجاز أصبحنا نقول "موية"، مع أن الصحيح هو "ماء". والكلمات الموجودة في هذا المعجم هي من هذا القبيل، أي الكلمات العربية التي قلّ استعمالها وهي عربية، واستشهدت عليها بشواهد من الشعر الجاهلي والإسلامي إلى منتصف القرن الثاني الهجري. فهذا المعجم ليس في العامية، وإنما هو لحفظ العربية. ولكن ما التفتِ إليه والمحررون في الصحف، ومنهم ابني محمد، قد لا يلتفتون إلى هذا المعجم. والسلام عليكم.
عريف الحفل: سؤال للأستاذ صالح محمد الغامدي.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لاحظنا كثرة الذين يعدّون رسائل الماجستير في الفترة الأخيرة، كما لاحظنا أن رسائل الماجستير لم تعد بنفس مستواها العلمي السابق، فما هو تعليقكم على ذلك؟
الدكتور عبد العزيز الفيصل: نعم.. بخصوص رسائل الماجستير. لعلكم تدركون أن في جامعة اليوم لائحة فيها مساران لرسالة الماجستير، وهما مسار دراسة منهجية وبحث فقط، ومسار دراسة منهجية سنة، ثم رسالة ماجستير. ولكن استجد منذ سنوات قليلة شيء، وهو كثرة الطلاب الذين يدرسون في الخارج، فافتتح في الجامعات قسم موازٍ اقتُصر فيه على الدراسة المنهجية والبحث الذي يشبه بحوث الكلية. فبسبب كثرة الطلاب الذين يدرسون في الأردن، وفي غير الأردن، اضطرت جامعات السعودية إلى التوسع. ولا يعني ذلك أن رسائل الماجستير اليوم أضعف مما كانت عليه في السابق، ولكن المسارات التي استجدت هي التي أتاحت الفرصة للدراسة المنهجية. والسلام عليكم.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات. تفضلي يا زميلة نازك.
نازك الإمام: السؤال من الأستاذة نورة القحطاني، الشاعرة جروح. فلتتفضل.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله مساءكم ومساء الجميع بكل خير، وأبقى الله ((الاثنينية)) وراعيها بعفوٍ وعافية، وأدام الفضل على الجميع والأمة الإسلامية.. دكتور تشرّفت في هذه الليلة بالسماع لسيرتك، وكان يراودني سؤال وأنت تتحدث عن نفسك، وفيما الحضور يشاركونك، هل الشعر النبطي مستنسخ من الفصحى؟ أما السؤال الآخر -إذا سمحت لي- هل الشعر النبطي عند الدكتور عبد العزيز مؤلف؟ وشكراً.
الدكتور عبد العزيز الفيصل: أولاً الشعر النبطي هو من شعر العرب بكل تأكيد، لكنه نحا منحى آخر، فإذا رجعنا إلى العصور، فقد كان للأنباط دولة تمتد من الحجر إلى وسط الأردن. ولربما كان الخط العربي هو الخط النبطي، وهو الخط الذي نكتب به الآن. كما أن الخط الكوفي مأخوذ من الخط النبطي، فلا شك في أن الأنباط كان لهم تأثير، فهل الشعر النبطي شعر عربي؟ لقد كتب به العرب، ولكنه لا يخضع للغة العربية الفصحى التي هي لغة قريش، والتي أُنزل بها القرآن. أكرر إنه شعر ينطق به عرب، ولكن لا يخضع للعربية الفصحى بإعرابها. فلا يمكننا إخضاع الشعر النبطي للإعراب، فأصوله في الأنباط. وقد أخذنا عن الأنباط رسم الخط، وهم عُرّبوا ونزحوا وامتزجوا بالأمم في الشام.
أما حول إن كان لي مؤلف في الشعر النبطي، فالجواب لا يوجد لي مؤلف في الشعر النبطي، ولكنني أستعين به في معرفة التاريخ، وخصوصاً إلى ثلاثمئة سنة، لأنه يؤرخ لكثير من الأحداث التاريخية في الجزيرة العربية.
عريف الحفل: السؤال للدكتور عبد اللطيف بن عبد الله بن دهيش.
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أشكر لصاحب ((الاثنينية)) هذا اللقاء العلمي المتجدد أسبوعياً، وأرجو أن يستمر وأن يديم المولى عز وجل على سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه الصحة والتوفيق. سؤالي للضيف العزيز الذي أكرمنا بهذه الأمسية وهذا الحديث الجميل وكتاباته عن الشعر، وخاصة الشعر في العصر الجاهلي. سؤالي، أود فقط أن أعرف اسم الكتابين اللذَّين ذكرتهما في التاريخ؟ وشكراً.
الدكتور عبد العزيز الفيصل: الكتابان في التاريخ، كتاباتي عن بلدتي عودة سدير. وفي الواقع فإن الجزء الأول من شعر القبائل فيه تاريخ، مثلاً شعر بني عقيل ذكر دول بني عقيل في وادي العقيق ودول بني عقيل في العراق وجنوب الشام.
عريف الحفل: سؤال من قسم السيدات. تفضّلي نازك.
السؤال مني نازك الإمام من إذاعة جدة. عندما سُئلت في أحد اللقاءات الصحفية، هل فكرت في كتابة سيرتك الأكاديمية، خاصة أن كثيراً من الأساتذة قد تتلمذوا على يديك، فأجبت بأن السيرة الذاتية ليست ترجمة مطوّلة، فمن عرف حدودها فإنه يقدم رجلاً ويؤخر الأخرى، فيما لو رغب في كتابة سيرته الذاتية، فهل الدكتور عبد العزيز الفيصل ممن يرون أن ذلك يدخل في باب المذكرات والترجمة الذاتية، وهذا هو ما تحجم عنه وتؤجله؟ شكراً لكم.
الدكتور عبد العزيز الفيصل: أولاً السيرة الذاتية فن، وهي ليست ذكريات أو تاريخ الشخص. السيرة الذاتية مقترنة بالقصة وبالرواية، فهي فن إبداعي. فمن يملك أسس هذا الفن، فلا بأس من أن يمتع القراء بكتابة السيرة. وأما إن كانت الكتابة تاريخاً أو سيرة لحياتك، وما إلى ذلك فكاتب السيرة لا يقدّم شيئاً إلى الناس، ولا يقدّم شيئاً إلى القراء. وهذا هو سبب أني أقدم رجلاً وأؤخر أخرى، لأني هل أقدم إلى القارئ فنّاً؟ فإذا كنت سأقدم إليه فنّاً يمتعه، فحينئذٍ سأكتب، وأما إذا كنت لا أقدم للقارئ فناً يمتعه، فلا فائدة من أن يتعرف إلى حياة عبد العزيز الفيصل.
عريف الحفل: السؤال من الأستاذ عبد الرحمن معمر من صحيفة "الجزيرة".
كلمة قصيرة للأستاذ عبد الرحمن معمر: السلام عليكم ورحمة الله، أحيي ((الاثنينية)) ورائدها وضيوفها. قال الدكتور عبد العزيز إن نفع "الاثنينية" وإشراقها تجاوز المملكة إلى خارجها. وهذا صحيح، فلما زرت تونس قصدت الدكتور نور الدين صمود العالم والأستاذ الجامعي، ورأيت عنده كتب ((الاثنينية)) وأشرطتها، وكان يمكّن الطلاب من الرجوع إليها والإفادة منها. وهذا فضل يُنسب إلى مؤسسها الشيخ عبد المقصود. كما رأيت أيضاً في دار مجلة "الضاد" بحلب مجموعة "الاثنينية" وأشرطتها، وكان صاحب المجلة الشاعر رياض حلاق يتيح لزوار المجلة والمحررين الرجوع إلى هذه المصادر. وهكذا نرى إشراقات "الاثنينية" تشع من المشرق إلى المغرب، وفي هذا خدمة من الشيخ عبد المقصود -أطال الله بقاءه- للعلم والأدب، ورفع اسم بلاده أينما اتجه واتجهت إصداراته. بعد ذلك أقول للضيف الكبير، وأحييه:
أبا فيصل وارفع جبينك إنني
أناشدك المولى كفاك تواضعا
أنت كبير ولكنك تتواضع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عريف الحفل: هل من تعليق؟
الدكتور عبد العزيز الفيصل: إن كان لي تعليق فهو الشكر.
نازك الإمام: لدينا السؤال الأخير نيابة عن الجميع، سعادة الدكتور حدثنا عن مشروعك في جمع شعر القبائل العربية وتحقيقها، وكم استغرق منكم تأليف كتاب شعراء المعلقات، وكيف استخلصتم جميع الشروحات وسددتم ثغراتها؟ وما هي هذه القبائل؟ شكراً لكم.
الدكتور عبد العزيز الفيصل: ما دام أن الشيخ عبد المقصود قد منحني ما أشاء من الوقت، فسأسترسل في الإجابة عن هذا السؤال. أقول، ازدهر جمع شعر القبائل العربية في القرنين الثاني والثالث، فنجد ذلك مدوناً في كتاب (الفهرست) لابن النديم، وكتاب (المؤتلف والمختلف) للآمدي، وفي غيرهما من كتب التراث. وكان من أبرز العلماء الذي جمعوا شعر القبائل هم حماد الراوية، وأبو عمرو الشيباني، والأصمعي، والمفضل الضبي، وأبو عبيدة معمر بن مثنى، والسكري. ولم يصل إلينا من تلك المجاميع إلا ما جمعه السكري، وهو شعر هذيل وقد عزمت على مواصلة الجهد الذي سار فيه علماؤنا الأوائل، فالكتب التي ألّفتها في شعر القبائل هي باختصار:
- شعراء بني قشير، صدر في ثمانية وتسعين وثلاثمئة وألف للهجرة ويتكون من جزءين.
- شعراء بني عقيل وشعرهم، صدر في سنة ثمان وأربعمئة وألف للهجرة، ويقع في جزءين.
- شعر بني عبس في الجاهلية والإسلام حتى آخر العصر الأموي، صدر في سنة إحدى عشرة وأربعمئة وألف هجرية.
أما الرسائل التي أشرفت عليها في شعر القبائل، فهي:
- شعر باهلة لراشد القير، وشعر ملحج للدكتور محمد، وشعر ظبيان للدكتور على جمام، وشعر بني سعد بني تميم للدكتور أحمد اليحيى، وشعر بني مالك بني حنظلة للدكتور عبدالله آل سعيد، وشعر بني عمر بن تميم لعبدالعزيز آل عبدالله، وشعر قضاعة للدكتور عبد العزيز آل عبد الله... إلخ.
أما الرسائل التي شاركت في مناقشتها في شعر القبائل، فهي:
- شعر بني يربوع من تميم للدكتور عبد السلام بن عبد الله العبد السلام، وشعر كنانة للدكتور فهد الجربوع، وشعر بني أيوب للدكتور حمود بن عبد الله الزنيدي.
أهداف مشروع جمع شعر القبائل وتوثيقها ودراستها
أولاً: جمع شعر القبيلة في مجلد واحد وتوثيقها، واثبات شعر القبائل الجنوبية وأنه يقف في صف واحد مع شعر القبائل الشمالية، وهذا ما أثبتته رسالة محمد منور التي جمعت شعر مَذْحِج وأشرفت عليها، والوقوف على مساكن القبائل وتحديدها، فطه حسين في تشكيكه في الشعر الجاهلي أو نفيه، اعتمد على أن الشعر في القبائل الشمالية، وأن امرئ القيس وشعراء كندة من الجنوب فكيف صنعوا هذا الشعر؟ فهو إذاً منحول، ولو عرف طه حسين أنه كان لكندة ثلاث مملكاتٍ في نجد في العصر الجاهلي، لغيّر رأيه، ومنها مملكة كندة في عقيق تمرة، والذي لا يعرف هذه التمرة فهي تُعرف اليوم بوادي الدواسر، ومملكة بوكيير في دومة الجندل، مملكة حجر والد امرئ القيس في وسط نجد. وأقدم هذه الممالك هي مملكة عقيق تمرة التي استمرت من القرن الأول الميلادي إلى القرن الخامس الميلادي. وكانت هذه المملكة قوية بدليل غزو سبأ لها. وقد اعتبرها الخصوم في أيام ضعفها، فقد رغب بني عقيل في إزاحتها عن العقيق، فطلبوا مساعدة قبائل كعب وعامر عامة، فنجحت تلك القبائل في هدفها، وانتصرت على قبيلة كندة. وقد سجل النابغة الجعدي النصر في قصيدة، منها قوله:
وكِندةُ كانت بِالعقيقِ مقيمةً
وَتَملُّ فكلا قد طَحَرناه مطحَرا
وقد أزيحت كندة عن العقيق قبل الإسلام، ومن المعروف أن النابغة الجعدي من المعمّرين. وأما مملكة حجر فزالت وانتهت قبل الاسلام، عندما انتصرت قبائل بني أسد وقطفان على حجر امرئ القيس. وأما مملكة بوكبير فبقيت حتى انتصر عليها خالد بن الوليد رضي الله عنه.
أما الهدف الرابع من مشروع جمع شعر القبائل وتوثيقها ودراستها فهو التعرف إلى لغات القبائل العربية. فعلى سبيل المثال ينطق بني عقيل الخاتم "خاتام"، فقد قالت امرأة من بني عقيل:
لئِن كان ما حُدِّثْتُهُ اليومَ صادِقاً
أصمْ في نهار القيظ للشمس باديا
وأركبْ حماراً بين سرج وفروة
وأُعْرِ من الخاتام صُغرى شماليا
فنلحظ الخاتام في البيت الثاني، ويقولون في العام الماضي عام أولاً، يقول القحيف العقيلي:
أَتَعْرِفُ أم لا رَسْمَ دارٍ مُعَطِّلا
من العام يمحاه ومن عام أَوَّلاً
فنلحظ عام أولاً، ثم نلحظ يمحا في لغة عقيل وبني عامر، والراجح يمحو، محا يمحو، لكن هنا محا يمحا ثابتة. وقد استشهدت المعاجم العربية بلغة القبائل الموجودة في أشعارهم المجموعة، والتي نفتقدها الآن. وقد وجدنا شواهد عند الأزهري في (تعليل اللغة)، وعند الجوهري في (الصحاح)، وفي (المخصص) لابن سيدا، وفي (اللسان) لابن منظور، وفي (إصلاح المنطق) لابن السكيت. كما وجدنا شواهد أُخذت من أشعار المقلين الذي جمعت أشعارهم في المجاميع المذكورة، ومن الشواهد قول رجل من عقيل:
سَفَرَتْ فقلتُ لها: هَجٍ، فَتَبَرْقَعَتْ
فذَكَرْتُ حين تَبَرْقَعَتْ ضَـبَّـارَا
استُشهد بالبيت لابن دريد في (الجمهرة) على أن (هجٍ) زجر للسبع، أما ضبّار فهو اسم كلب، وأخذ النحويون شواهد من شعر المقلين. فاستشهد سيبويه على إدغام اللام في التاء بقول مزاحم العقيلي:
فذر ذا، ولكن هتعين مُتيما
على ضوء برق آخر الليل ناضب؟
فنلحظ (هتعين) ولم يقل (هل تعين). وأخذ البلاغيون شواهدهم من شعر المقلين من شعراء القبائل. ومن ذلك قول محمد بن حمزة العقيلي:
ظلت تشجعني هند، فقلت لها
إن الشجاعة مقرون بها العطب
يا هند لا والذي حج الحجيج له
لا يشتهي الموت عندي من له أدب
استشهد بن معصوم في (أنوار الربيع) بهذين البيتين على المغايرة. فقد ذم الشاعر عن الشجاعة، وهذا مغاير لما تعارف عليه الناس من مدح الشجاعة.
أما الهدف الخامس من مشروع جمع شعر القبائل وتوثيقها ودراستها، فهو توثيق المواضع والبلدان والجبال والرمال التي ذكرها البلدانيون من أمثال، الأصفهاني في كتابه (بلاد العرب)، والزمخشري في كتابه (الأمكنة والمياه والجبال)، وأبي عبيد البكري في (معجم ما استعجم)، وأسامة بن منقذ في كتابه (المنازل والديار)، والقزويني في كتاب (آثار البلاد وأخبار العباد)، وياقوت الحموي في كتابي (معجم البلدان) و(المشترك وضعاً). فكثير من مادة الكتب أُخذت من شعر القبائل. فهذا ياقوت الحموي يستشهد على قرب بئر من نجران بقول الضحاك خفاجي:
وبالبين من نجران جازت حمولها
سقى البين رجاف السحاب هموع
وهذا الاسترسال من كرم الشيخ عبد المقصود جزاه الله خيراً والسلام عليكم.
عريف الحفل: شكراً عن هذه الكلمات عن كتابك الذي طلب منك د. عبد العزيز الحديث عنه، ولو كان في الأمسية مزيد من الوقت، لاستكملنا ما تبقى من الأسئلة، ولكنا نعتذر من الإخوة والأخوات الذين بعثوا لنا بطلب الأسئلة لانتهاء الوقت المخصص للأمسية، ففي العادة ينتهي وقت الأمسية الحادية عشرة، وقد مدّدنا الفترة لهذه الليلة حوالى عشر دقائق، فنرجو المعذرة ممّن لم نتمكن من منحهم فرصة إلقاء الأسئلة..
 
طباعة
 القراءات :248  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 100 من 163
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

جرح باتساع الوطن

[نصوص نثرية: 1993]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج