شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
(( كلمة لفضيلة الدكتور حامد الرفاعي ))
- بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا محمد بن عبد الله... ومن ثم السلام عليكم ورحمة الله أيها الأحباب:
إن الأمة اليوم تعاني من إضطراب شديد في فكرها ومفاهيمها ومثلها، كذلك في العالم أجمع، إن المجتمعات العالمية اليوم تعاني من إضطراب أمني كبير، ومن اضطراب حضاري مخيف، وأحسب أن مرد هذا إلى غياب الرشد في المفاهيم، وفي الرؤى والتصورات التي على أساسها يقوم الأمن الاجتماعي والأمن الحضاري في كل مجتمع، ونحن المسلمين بفضل الله تعالى وبنعمته التي أسداها إلى هذه الأمة فبوأها موقع الوسطية بين الأمم وشرفها بمهمة الشهود الحضاري على الناس بماذا؟ بعقيدة الإسلام، وبرسوخ مفاهيم هذه العقيدة، وفقه هذه العقيدة.
هذه المقدمة أيها الأحباب أردت أن أجعلها بين يدي الإشارة إلى أهمية الاحتفاء بالعلم والعلماء وإلى هذا الاحتفاء الجليل الحبيب إلى القلب للأخ الحبيب فضيلة الشيخ خليل ملا خاطر كواحد من علماء هذه الأمة الذين انعقدت ركبهم، وانحبسوا في سبيل تأصيل مفاهيم هذه الأمة، وفي سبيل تأصيل علاقتها وارتباطها بآثار هذه الأمة، آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم.
دخلت ذات يوم على الشيخ العلاّمة الفقيه الشيخ سيد حوا، رحمة الله عليه، الشيخ المجاهد المفكر، فرأيته مهموماً فقلت: ما بك يا أبا محمد؟ فقال يا أخي إني أحس أن مذاهب أهل السنة والجماعة في خطر. قلت ولم؟ قال لقد قل المعتنون والمهتمون بفقه هذه الأمة، بعلم هذه الأمة بعلم الكتاب والسنة لقد انصرف الناس عن علوم الكتاب والسنة إلى غيرها من العلوم وهذا الانصراف قد سبَّب خللاً كبيراً في مفاهيم الأجيال، وفي تصورات هذه الأجيال، وفي سلوكيات هذه الأجيال مما جعل الأمة تتدبر غير ما أُنزل إلى رسولها صلى الله عليه وسلم، وتعتني بغير ما أكرمها الله به من كتاب وسنة، لذا أيها الأحباب أجد أن الاعتناء بالعلماء والفقهاء إنما هو الاعتناء بصحة هذه الأمة.
لي نشاط في العمل الإسلامي المتواضع، وخلال مسيرتي المتواضعة في العمل الإسلامي، ومن خلال تأملاتي في تلك المسيرة المتواضعة، وجدت أن الاضطراب الذي يصيب العمل الإسلامي في كل موقع وفي كل ميدان إنما هو بسبب غياب الفقه الإسلامي، وبغياب العلم الذي يرشد المخلصين لدين الله، والمخلصين لدعوة الله، إن المخلصين كثر، ولكن الإخلاص أيها الأحباب عندما يقوم بغير علم، وعندما يقوم على غير رشد، وعندما يقوم على غير هدى، وعندما يقوم على غير فقه، هذا الإخلاص والعياذ بالله يتحول أحياناً إلى ضده، وينعكس سلبياً على مسيرة هذه الأمة ومقاصدها الخيرة وهي خير أمة أخرجت للناس.
في ذات مرة كنت في مجلس أحد الأحباب، مثل هذا المجلس الطيب المبارك، وطلب مني ذاك الأخ الفاضل أن أتحدث كلمات مثل هذه الكلمات، فأنبرى لي شاب لم ينبت الشعر بعد في وجهه وقال: لي تعليق فيما تحدثت، لم أتحدث أكثر من خمس دقائق، وإذا بذاك الشاب قد سجل علي خمسة عشر ملاحظة فقهية، من هذه الملاحظات كنت ذكرت بعض العلماء والمصلحين منهم الشيخ محمد عبده، ورشيد رضا، وكان الحديث عن هذه المجالس، فقال لي كيف تقول عن محمد عبده رحمه الله ذاك الضال الذي أضل هذه الأمة والذي ابتدع بدعة الفكر والثقافة في مسيرة هذه الأمة، ثم انفلت كشريط كاسيت معبأ لينال من العلماء في كل مكان، ونظرت إلى هذا الشاب وهو يمسد لحيته شعيرات يشدها كأنه يستعجلها النمو، و قلت ماذا أجيب هذا الشاب، وبدأت أحدث نفسي ماذا أجيب هذا الشاب وهو ينهال على علماء الأمة وفقهائها بالسباب والنيل، ويحقرهم ويصفهم بالضلال والحيد عن كتاب الله وسنة رسوله؟ وبعد أن انتهى طلب مني المجلس أن أرد، فقلت والله يا أخي ليس عندي رد، ولكن عندي تساؤل، قلت له يا ابني أيها الحبيب فرحت بشبابك لأنك ذكرتني بشبابي، وفرحت بحماسك لأنك ذكرتني بحماسي، و تألمت أنك كما أنا كنت من قبل متحمساً بغير فقه وبغير علم، أيها الحبيب هؤلاء الذين ذكرتهم من علماء الأمة في مشرق هذه الأمة ومغربها لقد منحهم خادم الحرمين الشريفين جائزة الملك فيصل لخدمة الإسلام والمسلمين، وأنت تقول عنهم أنهم ضالين مضلين فأي الشهادتين نتبع، شهادتك أم شهادة جائزة الملك فيصل؟ وبهذا أختم حديثي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :479  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 79 من 146
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

يت الفنانين التشكيليين بجدة

الذي لعب دوراً في خارطة العمل الإبداعي، وشجع كثيراً من المواهب الفنية.