شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
هل نكتب سدى (1) ؟
على أثر نشر مقال لي بالبلاد السعودية بعنوان "العقلية العامة" (2) وصلني خطاب من زميل بدائرتي اسمه محمد محمود الصبان يستزيدني فيه من الكتابة في أمثال هذه المواضيع، ويقول بنص كلامه: لا تعبأ بقول القائل من يقرأ ومن يسمع؟ فعليكم إظهار الحقائق وكفى.
ولبثت أفكر طويلاً.
ففي البلاد كتّاب ينتهي عددهم إلى رقم قريب، وهم فوق ذلك معروفون لبعضهم وللقراء، وقد كتبوا كثيراً، ودعوا إلى الإصلاح، وحاربوا كل ما من شأنه الفوضى والانحلال وتذبذب المسؤولية، وصاحوا وناحوا... فماذا كانت النتيجة؟
تلك هي المسألة كما يقول شكسبير على لسان هملت؛ فهل معنى ذلك أن الكتاب يكتب بعضهم لبعض، حتى يدركوا كيف تطور أسلوب ذاك، وكيف تدهور عند هذا، ويوازنوا بين علو تفكير زيد، وانخفاضه عند عمرو، وإلى أي حد يتأثر هذا بالجاحظ، وإلى أي مدى يتقبل ذاك أسلوب طه حسين؟؟
هل هذا كل ما كسبناه بعد غبار المعارك المريرة وتقاسم الأسلاب؟
يا لها من خيبة قاسية!
إن القراء من العامة يهتمون بالأخبار الداخلية والخارجية، والقراء من الأوساط يعنون بقراءة المقالات للاطلاع والتفكه، والعلية من القراء يقرأون بعض المقالات، ثم يمطون شفاههم الناعمة سخرية واحتقاراً!
فلو اجتمع الأدباء عند بعضهم بالتناوب -مثلاً- وتحدثوا في الآداب والفنون والعلوم، وتناقشوا واستفاض بهم الكلام، أليس ذلك أجدى لهم، وأعود عليهم بالفائدة؟
إننا نصيح في الصم الذين لا يسمعون، ونخاطب البكم الذين لا ينطقون، ونتحرك أمام العمي الذين لا يبصرون، فلماذا ننصب كل هذا النصب بلا غاية ولا نهاية؟
تحدثت بذلك أنا وصديقي الأستاذ العامودي (3) ، فكانت النهاية واحدة لا تتبدل؛ وإن تنوعت المناهج!
إننا نكتب لبعض، وإن أي صديق من الكتاب ليقابلني فيقول: إن أسلوبك قد تقدم، ولقد أبدعت -مثلاً- فأضحك في نفسي وأقول:
تباً لها من نهاية سخيفة!
إن العمر قصير على رغم أنف صديقي الأستاذ طاهر زمخشري؛ فما دام أن الغني لا يشبع من غناه، والمتحكم لا ينقضي له أرب من تحكمه، والكبير لا ينتهي كبره إلى حد، وصاحب العمر الطويل يريد أن يتجاوز عمر نوح، والساهي اللاهي لا يروم أن يفرغ من سهوه ولهوه، فإن العمر قصير، ولا جرم.. فكيف يمكن أن نقضيه عبثاً في كيل الكلام وتزويقه لقوم لا يفهمون؟
ليبحث كل إنسان عما يسره أن يمسي ويصبح فيه، وأما الكتاب فعليهم ألا يتعبوا أنفسهم في صوغ الهراء الذي لا فائدة منه، ولا معوَّل عليه.. وعذري من زميلي محمد محمود الصبان أني لا أزال أصدِّق قول من قال: من يقرأ ومن يسمع؟
 
طباعة

تعليق

 القراءات :222  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 176 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

وحي الصحراء

[صفحة من الأدب العصري في الحجاز: 1983]

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج