شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
مدخل لمعرفة:
بعض من ألّفوا عن الحيوان (1)
إن المؤلفين الذين كتبوا عن الحيوان في القديم، والحديث، وبشتى اللغات، كثيرون يخطئهم الحصر.. فهناك -مثلاً- كتاب عن الحيوان "لأرسطو"، كما أن هناك مثله "لديموقراطيس"، وليس معنى ذلك أن اليونان لم يسبقهم سابق.. فقد كتبت فارس والهند، وأمم أخرى عن "الحيوان" وصلنا منها الأقل، وأكثرها لم يصلنا!
فأما في الأدب العربي، منذ الجاهلية، إلى صدر الإسلام الأول، فما يليه، فإن العرب قد وصفوا الشيء الكثير عن الحيوان، شعراً، ونثراً!
فقد وصفوا -مثلاً- الأسد.. والدب، والضبع، والكلب، والهر، والذئب، ونعتوا الكلاب.. السلوقية، وغيرها، ثم تصاعدوا إلى الطيور، فوصفوها، ما كان منها في أجوائهم، وما كان في أجواء غيرهم.
لقد أعطونا صوراً عديدة، جميلة، ممتعة، عن كل ما يمرح، ويسرح، ويطير، في بلاد العرب، حتى الخنافس والحشرات الدنيا، لقد نعتوها أحسن نعت.
على أني لا أعلم حتى الآن، أن كتابَي الحيوان "لأرسطو" و "ديموقراطيس" موجودان، وهل ترجما إلى العربية، أم لم يترجما، إذا كانا موجودين.
وأمامي الآن كتابان عن الحيوان، فأما أولهما -وهو أعجبهما عندي، وأحلاهما لدي- فهو كتاب "الحيوان" للإمام عمرو بن بحر.. المشهور بالجاحظ (150-255هـ) وهو يقع في سبعة مجلدات.. طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر.
وهي طبعة قيمة، وممتازة، بتحقيق وشرح "عبد السلام هارون"! وعندي أيضاً "حياة الحيوان الكبرى" للشيخ كمال الدين الدَّميري (742-808هـ).. نفعنا الله بعلومه آمين.
وبهامشه "عجائب المخلوقات، والحيوانات، وغرائب الموجودات" للإمام العالم زكريا بن محمد بن محمود القزويني -رحمه الله تعالى!!
طبعة عبد الحميد أحمد حنفي، بشارع المشهد الحسيني.. وهي على ورق أصفر، ولا تاريخ لطبعها، وهي في مجلدين!!
* * *
فلو أردنا أن نقارن بين الكتابين، وموضوعهما واحد، لوجدنا -مثلاً- أن كتاب الجاحظ أحفل بالاستطرادات التي تذهب به عن موضوعه، حتى يكاد أن ينساه.. وأبهى بالحكايات والتاريخ، والنكات، والفكاهات، بحيث إنك لا تستطيع أن تترك الكتاب كله حتى تستوعبه.. علاوة على ما في أسلوب الجاحظ من الجزالة في محلها والسلالة في مكانها -وحتى إنه أحياناً ليرتضخ اللهجة البغدادية، في عصره.. ولا يبالي من فهمها أو من لم يفهمها!
وحلاوة الجاحظ في كل ما أسلفنا، تجرك إلى أن تمشي معه ملقياً يديك في كل ما يسطره بقلمه، ليس في كتاب "الحيوان" فحسب، ولكن في كل مؤلفاته؛ فلا كتبه "البيان والتبيين" -وهو أشهرها- ولا في "العثمانية" ولا في "المحاسن والأضداد" المنسوب إليه، ولا في غيرها من مؤلفاته الباقية، المطبوعة، وغير المطبوعة.
إنك مع كل ذلك لا تشبع من مائدة الجاحظ، وحتى لو لم تختلف ألوان المائدة فإن خلافها، وتوابلها تختلف حتماً.. ذلك لأنه لا يسخر بالناس والقرّاء فقط، ولكنه أيضاً يسخر بنفسه، ويقود بيده الراية إلى الغاية.
* * *
والآن نأتي إلى "حياة الحيوان الكبرى"، للدَّميري!
إن الدَّميري -رحمه الله- جعل كتابه أشبه بموسوعة، فبدأ بها من أول حروف الهجاء إلى آخرها.. وعلى أنه لم يحلل، ولم يعلل، ولكنه استعرض أسماء الحيوان استعراضاً مجملاً، ثم كتب عن خصائصها في الأبدان، والنفوس والأفئدة.. وحتى لو أورد شواهد شعرية، أو شيئاً من التاريخ أو الحكايات، أو الأساطير، فإنه لم يخرج عن موضوعه، قيد شبر واحد!
وكما أن هناك حيوانات فاتت الجاحظ على عمد، أو على غير عمد، فهناك حيوانات أخرى فاتت الدميري، لأسباب أهمها أنها قد تكون مجهولة في عصره!
وبعدئذ قد جاء ذكر الحيوان على مختلف أصنافه في دوائر المعارف الكبرى من فرنسية، وإنجليزية، وألمانية، وأمريكية، وليس في العربية إلاّ الضئيل منها!
وقد ذكرت الحيوانات على مختلف أصنافها في صفحة 436 من المجلد الخامس في "الموسوعة الذهبية"، في مادتها.
وقبل أكثر من نصف قرن.. أصدر المرحوم الأستاذ محمد فريد وجدي دائرة معارفه في عشرة مجلدات.
فكتب في المجلد الثالث صفحة 661 عن حياة الحيوانات.. ثم تطرق إلى علم الحيوانات، وفروعه من الحيوانات الثديية إلى ذوات الأربع.. واستغرق استهلاكه لهذا الموضوع إلى ص676.
ولا أعلم بعد ذلك، في كتَّاب جيلنا المعاصرين من كتب [عن] (2) الحيوان في مجموعه إلاّ ما كتبه الرحالون، وأرباب الصيد والقنص، من أمثال حسنين باشا.. وعلى المرجع الذي اعتمده محمد فريد وجدي في دائرة معارفه، وهو كتاب "قلائد الحسان"، ومؤلفه محمد بك الكفراوي مدرس الطبيعة بمدرسة الطب سابقاً -في أيامه كما هو معلوم!
وبعض ما كتب أنيس منصور في رحلته "حول العالم في 200 يوم" ثم ما كتبه فلبي.. ولورانس، وهي أشهر من أن تذكر!
وقد تذكرت -بعدئذ- أن حسنين باشا، عندما كتب عن رحلته الليبية الصحراوية، أشار إلى شيء كثير من حيوانات ليبيا المتصلة بالمغرب، ومن ناحية أخرى بالسودان.
وكانت رحلته جيدة ممتعة، وقد كان -رحمه الله- من هواة الصيد!
وقد كتب العرب أجزاء أشبه بكراريس، أو برسائل، عن الخيل وحدها، وعن الإبل وحدها، وعن الظباء وحدها.. وهلم جرا.. أمثال أبي عبيدة، والمبرد، والأصمعي، والجاحظ -أيضاً- فقد كتب عن البغال بصورة خاصة.. فأما ما كتب عن هذا الموضوع باللغات الإفرنجية، والتي لم تعرب فهو أكثر مما يلزم!
فأما سير الحيوان وخرافاتها في مثل "كليلة ودمنة" وفي مثل خرافات لافونتين، وحكايات الهند والصين، فهي أعظم من أن يحاط بها.
وأما علم وظائف الحيوان، وكيف يستخدم نفسه على موجب مزايا أعضائه، فتلك مسألة تطول، وليس لنا أن نتطرق إليها!
* * *
إن هذا استعراض لما كتب عن الحيوان، في بعض عهوده، ولست أدعي الإحاطة بها، ولا حتى الإلمام بأغلبها..
بقي حيوان واحد لم يُكتب عنه كما ينبغي، ولا كما يجب في صنوف الحيوان.. ولا كما هو صحيح!
إنه.. الإنسان!
وله حديث آخر!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :256  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 113 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج