كل إنسان تلده أمه حراً كما يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم يمتد به عمره -إن ساء حظه- فإذا أوهاق وقيود ليس لها حدود تتربص به عند كل ثنية وترتقبه قيد كل خطوة. فأما القيود التي من قبل الدين والأخلاق فتلك حسنة؛ لأنها تحد من طيش الغرائز وتكبح من جماح الشرور، ولكنْ هناك قيود يضعها البشر بأيديهم لأنفسهم، فإذا هم -باختيارهم- في أقفاص عجيبة كأنهم في حديقة حيوان!
فهناك قيد الطبقات، وهو من أسخف القيود وأدعاها إثارة للضحك ترى ما الفرق بين الغني والفقير والكبير والصغير والآمر والمأمور؟
وهناك قيد الأنساب، إن الشريف والعبد يسيران في خطين متوازيين فأين يلتقيان آخر الأمر؟
وهناك مجموعة من الأغلال تسمى "احترام الصغار للكبار"، فما الصغار وما الكبار؟ إني لا أعترف إلاّ بكبر العقل أو كبر النفس أو القلب، فأما كبر الآجال فما يخطر لي على بال ولا كبر المناصب، وفي إمارة "أسامة بن زيد" وقصيدة "العباس بن مرداس" المشهورة ما فيه غناء(2) !
وهناك، من القيود ما لا يمكن أن يحصر في مثل هذا المجال الضيق!