شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
موظف (أنموذج) (1)
هذه القصة قد لا تكون واقعية؛ ولكن ماذا أفعل بخيالي الجامح؟
المنظر الأول:
"أسعد" رئيس شعبة صغيرة في إحدى الدوائر الحكومية، أنيق رشيق، وهو يعتز بهذه الرئاسة جداً، ويبالغ في خطرها ومكانتها. فيه فكاهة، ولكنه عصبي المزاج أو كما تقول العامة: "شايف نفسه".
أسعد: هل قيدت المعاملات الواردة أمس وقبل أمس واليوم يا محمود؟ هاتها. ثم ألم تفصل لك ثياباً من "أفخر الموجود" الذي أعلن عنه في جريدة البلاد السعودية. إنه رائع، وثمنه معقول. يا سيد هات الشاي، أحس بانحراف في مزاجي وحرقة في حلقي اليوم.. كلا. بل هات ماء يا سيد قبل الشاي.. آه. شكراً.
(يأخذ كأس الماء، ثم يضعها على المكتب ويعبث بالأوراق التي أمامه. يأخذ القلم، ويأخذ في تسويد ورقة بيضاء أمامه برسوم غير كاملة ولا ذات دلالة وتواقيع لاسمه، وكلمات غير مفهومة).
محمود (يضع رزمة من المعاملات أمام أسعد بعد أن قيدها): هذه هي التي انتهيت من قيدها، وهناك كثيرون من ذوي المعاملات راجعونا أمس واليوم، وأناس آخرون لهم معاملات قديمة محفوظة لديكم (يأتي بحركة لا إرادية من يده فيريق الماء على الأوراق، وتتدحرج الكأس على الأرض منكسرة. يلتفت كل الموظفين الموجودين على صوت هذا الرنين).
أسعد (وقد احمر وجهه): اللعنة ما هذا؟ (وينفض بعض رشاش الماء عن ثوبه): أما إنه لفصل بارد! (بعض الموظفين يغالبون الضحك، ثم ينفجرون بقوة، ويضحك الآخرون، حتى يضطر أسعد ومحمود أن يضحكا بالرغم منهما، حتى إذا أراقت السحابة ماءها على الأرض سكنوا قليلاً).
أسعد: يا سيد.. تعال اجمع شظايا الكأس، يا لها من مهزلة مسلية؛ الأوراق انعدمت!
سيد -وهو الوحيد الذي ما تزال سحابته تضحك- يجمع الشظايا في ضحك متصل، ثم يقول:
أريد أيضاً أن "أغسل" الأوراق؟ وتعود العاصفة أقوى مما كانت، وتردف تلك السحابة بسحب أخرى، وعندئذ ينحرف مزاج أسعد، فيثور قائلاً: هل نحن في ملهى؟ وماذا بعد؟ هيا، ليعمل كل واحد منكم عمله واختموها بخير.
سيد "كأنه يهمس": أما إن ختامها لمسك!
المنظر الثاني:
بعد نحو نصف ساعة تجد مكتب أسعد وأسعد مكتظاً بالمراجعين من أرباب المصالح، وقد دارت كؤوس الشاي، وتم الهدوء، ولم يبق إلاّ همسات ضئيلة.
أسعد: ماذا تريد؟ هاه.. ارجع غداً، لم يوقعها رئيس الدائرة بعد!
ثاني: يا سيدي لي معاملة موضو..
أسعد (مقاطعاً): هل تتكرم فترجع بعد أيام، إن معاملتك تحتاج إلى بحث.
ثالث: أيام كثيرة وأنا أتردد، و..
أسعد -في حدة: نعم نعم، ولكن مسألتك لم يبت فيها بعد.
رابع: لقد وعدتني اليوم، أنا فلان، وقد..
أسعد: أنا آسف؛ لقد عرضتها على المدير، فأمرني أن أعرضها عليه في وقت آخر..
أسعد: يا سيد هات شاياً. أما إنه لعجيب ألاَّ يأتي الشيء إلاّ بطلب وإلحاح.
سيد: حاضر يا سيدي.. ماذا يقول هذا الكوب؟
المنظر الثالث:
أسعد (والمعاملات مكدسة أمامه لم يصنع فيها شيئاً): أهلاً وسهلاً، أين أنت يا بارد؟ ألف مرة تعدني وتخلف، لقد زرعتني حتى أصبحت خروعاً لا يحتاج إلى سقي، أفأنت مسرور؟ يا الله يا حسني لقد فهمت أنك خداع.
حسني (صديق خاص لأسعد): إن هناك مشاغل حبستني عنك وكل ما وعدتك به لم يصح منه شيء، وعلى فكرة هل عندك فرصة؟
أسعد: ماذا؟
(حسني يهمس في أذن أسعد ويتخافتان وينهض أسعد مع حسني عجلاً؛ ويلبس في سرعة ملحوظة).
أسعد: يا إخواني إن سأل عني المدير، فقولوا له إنه سيذهب بمريض في داره إلى المستشفى، العفو في أمان الله.
ويذهبان..!!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :225  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 133 من 182
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الأستاذ خالد حمـد البسّـام

الكاتب والصحافي والأديب، له أكثر من 20 مؤلفاً.