شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
العلم وسخريته (1)
تقدم العلم وتفوقت إمكانات الآليات من كل نوع وتأخرت الأخلاق الكريمة من نبل ووفاء ومخالطة ومجاورة، حتى إن الجار ليدس على جاره. وفقدان الروحيات مع توفر وجود الماديات.. إيذان لهذا العالم البائس بالزوال.. زوالاً لا يتم بعده انعطاف قلب إلى قلب، ولا اتفاق روح مع روح، ولكنه يؤدي إلى أن الآلة لا تشتغل إلاّ بآلات أخرى تضرمها شرارة من الكهرباء، وحينما تتعطل أداة في مثل سن القلم تقف هذه الماكينة الكهربائية العظيمة كلها.. حتى يوجد لها ذلك المثال..
هذا جهد المخلوق! الذي يصنع المعامل الحديدية الضخمة التي تنتج ملايين الأشكال بين مفسد ومصلح.. ومفسدها أكثر وأغلب من مصلحها!
لكن هذا المخلوق المسكين، لا يقدر أن يرد عن جسمه المرض، ولا يستطيع أن يمنع عن نفسه الموت! تلك هي المعجزة الخالدة! العلم جعل العالم يشكك، ويغير ملابسه في منصة استعراض العلم..
الطب الحديث المتقدم ترك أعلامه وعباقرته ينتحرون، لأنهم لم يصلوا إلى المدى القريب بين المرض والصحة؛ بل إن الجراثيم والميكروبات لم يفسروها إلاّ بأنها حيوانات غير متحركة، وغير منظورة.. أما فيروساتها فلم يعرفوها إلى اليوم، ومن أين تولدت هذه الفيروسات من حيث لا مجال لتولدها ولا لإمكانها!
إن هذا العلم الذي يزعمونه، لم يعلمنا شيئاً فوق معلوماتنا من قبل أكثر من ألف عام.. القنبلة الذرية، والهيدروجينية -مثلاً- لم تأت من السماء.. فإن عناصرها المادية ما تزال موجودة في الأرض، يعلمها من يعلمها، ويجهلها من يجهلها!
وليس ذنب الأوائل أنهم لم يعرفوا اصطناعها، ونتائجها.. وعناصرها، ذنبهم -فقط- أن إمكاناتهم كانت ضعيفة بنسبة عصورهم.. وفي أيامهم كان الحديد يصهر على الطريقة القديمة بالنار العادية والكير، وإشغاله بالالتهاب.. في يوم واحد لا يستطيعون أن يصهروا إلاّ شيئاً قليلاً.. أما اليوم! فإن ملايين الأطنان من الحديد تصهر، وتذاب في لحظات.. بفعل الكهرباء، وأدواتها.. ثم تحول إلى آلات منها النافع، ومنها الضار!
اليوم شرارة كهربائية توقد بلداً كاملاً ناراً أو نوراً بمجرد أزرار يضغط عليها بفرد إبهام! لكن الأخلاق الكريمة، والموافاة، والتفقد بين صديق وصديقه، وإسعافه عند اللزوم.. كل هذه الأشياء.. أصبحت خيالية واستكلبت عليها المادة، فطمستها!
أين يذهب الإنسان.. إن لم يكن عالم روحي يلجأ إليه؟
لقد -والله- خسرنا إن اعتمدنا الدرهم والدينار.. أسلوباً خاصاً في حياتنا..!
إن تقدم هذا العلم لم يمنع المرض المتفشي في مختلف أقطار الدنيا، ولكنه أجاد، فأوجد القنبلة الذرية، والهيدروجينية التي نفعت الناس، فأبادت مدينتين من الوجود: نجازاكي وهيروشيما.
هذا هو مدى العلم في الضرر، فأين مداه في النفع..؟ أين المنطق، وأين أرسطو.. الذي يخلص العالم، كيف لا يخلص روحه؟
سلاماً.. على السلام!
 
طباعة

تعليق

 القراءات :509  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 48 من 144
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج