شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
الأدب في الحجاز (1)
الأدب في الحجاز -وليس هو شاذاً بل شأنه شأن سائر آداب الأمم الأخرى- الأدب في الحجاز تبدو منه أمام الناقدين المتفحصين مواطن للضعف ليس أمرها بالهين، وليس شأنها باليسير الأدب في الحجاز ضعيف في بعض نواحيه؛ وأكاد أقول في أهم نواحيه، الأدب في الحجاز، ولو أنه قد أخذ منذ الآن في أسباب النهوض؛ ولو أنه قد شرع في الظهور بما يليق به من مظهر ممتاز... إلاّ أنه ينقصه بعض الأسباب التي لا بد منها في نهوضه هذا، ولا مندوحة له عنها لتكون متممة لهذا النهوض.
الأدب في الحجاز لا يعتمد في نهوضه على ما يجب أن يعتمد عليه من أساس، فالأدب العربي القديم، لا أهمية له تقريباً في محيطنا الأدبي، والإقبال على هذا الأدب والعكوف على تذوقه ودراسته، من الأمور التي يحتاج من يبحث عن (مكانها) إلى مصباح ديوجنيس!! وأنا إذ أزعم ذلك فلا أزعم بالطبع أنه شامل للجميع من حضرات الأدباء، وإنما للأكثرين منهم، أجل هؤلاء (الأكثرون) لا يكادون يقرأون ذلك الأدب القديم الممتع، هؤلاء الأكثرون لا يكادون يعرفون الشيء المهم عن أولئك الأعلام الخالدين ممن يعتز بهم الأدب العربي، أولئك الفحول البارزين من كتّاب وشعراء ومفكرين، أمثال (الجاحظ) و (ابن المقفع) و (عبد الحميد)، و (المتنبي) و (المعري) و (أبي تمام) و (الغزالي) و (ابن رشد) و (ابن خلدون).
أما ناحية الثقافة العامة -وثقافة اللغات الأجنبية منها بوجه خاص- فهنا أستميح أصدقائي وغير أصدقائي من الأدباء عفواً إذا ما قلت لهم إن هذه الناحية تكاد تكون مفقودة بالكلية، وقد يكون العذر واضحاً وملموساً في هذا المجال، وقد تكون المسؤولية هنا لا على عاتق الأدب، ولا على عواتق الأدباء، وإنما هي واقعة على جهة أخرى ولا جدال، المسؤولية هنا واقعة على هذا التعليم الناقص المبتور، على هذا التعليم الذي لما ينهض بعد، على هذا التعليم الذي لم تساعد الظروف حتى الآن مع الأسف الشديد على أن يلقي دلوه في الدلاء، ويساهم في الأخذ في أسباب القوة والتطور والنضوج!
* * *
وبشيء آخر، نعم شيء آخر غير هذا الذي ذكرته آنفاً، شيء آخر يحتاج إليه الأدب في نهوضه العتيد، وهذا الشيء هو أن تسري فيه (وإن شئت تزداد سرياناً فيه) روح القوة لا روح الضعف؛ وروح الابتكار لا روح التقليد، وروح البساطة لا روح التكلف، وروح الحماسة لا روح الفتور، وروح الصدق والإخلاص والصراحة لا روح الكذب والتلون والرياء، وروح النقد النزيه لا روح النقد المتهوس الغاشم، وروح الأمل والرجاء لا روح اليأس والقنوط!
وأخيراً، وأريد أن أقول (أولاً وأخيراً): يحتاج الأدب في نهوضه هذا إلى أن يكون له طابعه الخاص، وتكون له شخصيته المتفردة المستقلة، المكونة من ذلك الثالوث المقدس، والمشتقة عناصره من تلك الأقاليم التي بالنسبة إلينا كل شيء... تلك الأقاليم التي لا غنى لنا عنها كلمة عربية مسلمة بأية حال من الأحوال، تلك الأقاليم التي لست في حاجة لأن أقول إنها (ديننا الإسلامي الخالد) و (قوميتنا العربية الكبرى) و (تاريخنا الذهبي) الحافلة صفحاته البيضاء، بكل ما يغذي في نفسية المسلم العربي عزته القعساء، وطموحه إلى العلياء.
والآن وأنا أشعر باسترسال القلم في الكتابة، والآن وأنا أرى أني قد تجاوزت ما هو مخصص لمقالي من مكان في هذا العدد الخاص، فليكن هذا ختام الموضوع، ومعذرة في هذا التجاوز الذي لم يكن عنه محيص إلى صوت الحجاز الغراء.
وشكراً أيضاً، ودعوات حارة مخلصة لها في استمرار تقدمها، وإطراد نجاحها.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :440  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 68 من 72
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعيد عبد الله حارب

الذي رفد المكتبة العربية بستة عشر مؤلفاً في الفكر، والثقافة، والتربية، قادماً خصيصاً للاثنينية من دولة الإمارات العربية المتحدة.