شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
((الحوار مع المحتفى بها))
الأستاذة نازك الإمام: والآن سنبدأ في طرح الأسئلة، وكما ذكرنا سيتاح سؤال لكل سائل، أو لكل سائلة، ونبدأ من هنا من قسم الرجال.
سؤال من الأستاذ خالد المحاميد، محرر صحفي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أميمة الخميس أهلاً بك في جدة، جدة التي دائماً تشتاق إلى جميع المبدعين العرب، والسعوديين على وجه الخصوص الذين يقيمون في مدن الوطن وأطرافه. في مثل هذه الأمسيات نحرم كثيراً من طرح أكثر من سؤال، وضيفة كبيرة مثل أميمة الخميس لا يمكن اختصار الحوار معها في سؤال واحد، عندي ثلاثة أسئلة، لكنني مضطر أن أختار سؤالاً في السرديات، وسؤالاً في الاجتماعيات، ولدي سؤال حول جمالية النص السردي عموماً، ولكنني سأميل إلى سؤال أدبي: حين نشرت الصحف منذ فترة قريبة خبر ذلك الرجل الذي اكتشف أن زوجته أخفت عليه جنسيتها، تذكرت إحدى شخصيات روايتك "البحريات"، أمل التي كانت تخبئ الصليب بين نهديها، وكانت متزوجة من مسلم. سؤالي: إلى أي حد يمكنك كروائية أن تستندي إلى أحداث واقعية في المجتمع؟ شكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً للأستاذ خالد. طبعاً إن المجتمع هو مادتنا الخام، وهو الينبوع الأول الذي نستقي منه، فيكون بين يدي الكاتب كالصلصال البدائي، فهنا يدخل دور الصنعة على مستوى صياغة الشخصيات، على مستوى الحبكة، وعلى مستوى الأحداث، ونحاول أن نرقى بها جميعها من مستوى اليوم المعتاد إلى المستوى الفني والأدبي، وطبعاً يظل المجتمع هو المنبع والمصب الذي يمنح العمل الأدبي مصداقيته وزخمه.
سؤال من الدكتورة منيرة العكاس: المساعدة للشؤون التعليمية بمنطقة مكة المكرمة، والمشرفة العامة لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني:
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة والتسليم. شكراً للابن البار لهذا الوطن، سعادة المثقف النبيل الشيخ عبد المقصود خوجه، ما أجمل ليالي الاثنينية، وما أروع ليلتك يا أميمة. السؤال: ما هي أهم محطة أثرت في حياتك وفي مسيرتك الثقافية؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: كم أسعدني سماع صوتك يا منيرة. ليس هناك محطة محددة أثرت وانعكست على مسيرتي الأدبية، لعلها محطات متتالية، ونعرف أن العملية الأدبية تحدث بصورة تراكمية وعبر الوقت إلى أن تتبلور بصيغة وشكل نهائيين.
سؤال من الدكتور إيهاب السليماني، مستشار قانوني، وعضو منظمة العفو الدولية، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان:
السلام عليكم، الأستاذة أميمة باللهجة الحجازية، نورت جدة. سؤالي هو: أدب الطفل من أصعب أنواع الكتابة ولكنك سيدتي شمرت عن ساعديك، ودخلت هذا المعترك، ما هو السبب لدخولك هذا المعترك؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: لعل السبب الأول هو علاقتي مع أطفالي، هم الذين كانوا يملون علي، لكنهم الآن أصبحوا كباراً، هم عموماً الذين كانوا يملون علي القصص، أنا فقط أدوّن، لكن في حقول مخيلتهم الشاسعة المبدعة، وجدت منجماً، وعروق ذهب، وجدت أنها لا بد أن تدون، بالإضافة إلى أن هناك شحاً كبيراً في الأدب الموجَّه للطفل، ليس شحاً فقط، بل أيضاً غياباً للمهنية الحقيقية التي تتعامل مع أدب الطفل، وعندما نقارن ما ينتج لأدب الطفل في العالم العربي، بما ينتج في العالم المتقدم الذي يرى في أدب الطفل أهمية كبيرة، نجد أن هناك ضموراً كبيراً في الأدب الموجه للطفل، وهذا بالفعل نوع من التخلف الحضاري، لأن أدب الطفل يشكل جزءاً وفترة مهمة من حياته، ليس فقط ما يتعلق منه بالأدب السردي أو الخيالي، ولكن أيضاً كل ما يتعلق بالعلم، والكتب المشوقة والمدهشة للطفل، لذلك نجد عزوفاً من الطفل العربي عن القراءة، وفي إحصائية أخيرة توجع القلب وجدت أن الطفل العربي لا يقرأ إلا بمعدل ست دقائق في العام، وهذا يشير إلى حالة طارئة، حالة أن الأمة في خطر في ما يتعلق بالقراءة.
سؤال من الأستاذة ربا عبد العال، جريدة المدينة المنورة:
السلام عليكم.. بعيداً عن الأدب أحب أن أسألك أستاذة، بصفتك تربوية في المقام الأول، ومديرة إدارة الإعلام بوزارة التربية والتعليم، وما زال هناك أمل بأن تدرج وزارة التربية والتعليم مزاولة النشاطات الرياضية في المناهج المدرسية؟ أحب أن أعرف رأيك في هذا الموضوع؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: أنا في الحقيقة لم أعد من إحدى منسوبات إدارة التربية والتعليم، لقد غادرت إدارة التربية والتعليم منذ الصيف الماضي، لكني سأتكلم هنا بشكل مستقل على أن الرياضة شيء مهم وحيوي، ولا بد أن تدرج في مناهج النشاط اللاصفي، لكنني لا أتحدث باسم وزارة التربية والتعليم.
سؤال من الأستاذ يحيى الطاهر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الكتابة تمثل -الأستاذة أميمة- حنيناً لا معقولاً إلى الطلاقة والانعتاق من قبضة اليومي، وهي بهذه الرؤية تشكل محاولة لإنتاج نص موازٍ لنص الواقع اليومي، فما هي مغامراتك في الكتابة، وما هو النص الموازي الذي تنوين الكتابة لأجله؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: أشرت هنا إلى أن الأدب والفنون دائماً هي تخصب الأرض، وتنهض في وجه كل متوحش وبدائي بداخل الإنسان. الكتابة، أو الفعل الفني عموماً، هي توق أدبي لفعل الجمال، وتوق نحو القيم الإنسانية الكبرى، ومن خلال هذا الفعل الفني، فإن الفعل الجمالي هو دائماً القالب الذي نمرر منه المقولة السردية.
سؤال من الأستاذة سهام القحطاني، كاتبة وناقدة:
مساء الخير للجميع، نورت الأستاذة أميمة جدة. في ظل الانتخابات الثقافية للأندية الأدبية، في رأيك كيف تستطيع المثقفة في ضوء هذه التجربة أن تحقق لها وجوداً ثقافياً رسمياً لضمان مقعد، أو على الأقل فضاء للبرنامج الثقافي الذي سوف تطرحه؟ وهل المطالبة بالكوتا من قبل المثقفة، ضمان أمان كفترة أولية لهذه التجربة؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً لك يا سهام الجميلة والمتألقة دائماً. بالنسبة لوجود المرأة في الأندية الأدبية، طبعاً وجودها في السابق كان لنا عليه بعض الملاحظات وعلامات الاستفهام، لكونها غيبت عن مجلس الإدارة، وكانت مجرد لجنة فرعية، ليست من ضمن مجلس الإدارة. الآن لا بد أن تحدد ضمن الانتخابات في اعتقادي مقاعد معينة للنساء بنظام الكوتا في مجالس الإدارة، لأنني لا أثق في الخيارات الثقافية تجاه مشاركة المرأة في الفضاء الثقافي.
سؤال من المستشار القانوني مصطفى صبري:
أنت أديبة ابنة أديب، فهل لديك سبب أو تحليل لعدم انتشار المؤلفات السعودية، وعدم شهرة المؤلف السعودي على النطاق العربي على أقل تقدير، رغم وسائل الإعلام الحديثة، بينما نجد المؤلفين في دول أخرى -ومصر على سبيل المثال، وفي زمن لم يكن بهذا الزخم- معروفين ومشهورين حتى وقتنا الحاضر، رغم مرور عقود على وفاة أكثرهم إن لم يكن كلهم، إضافة إلى شهرة من ظهروا في مصر بإبداعاتهم في السنوات الأخيرة؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: لا نستطيع أن ننكر أننا في العالم العربي، كانت لدينا مركزية ثقافية، كانت هناك مراكز ثقافية، كانت هناك القاهرة، وكان هناك لبنان يطبع، وكان العراق يقرأ، وتجربتنا نحن في الخليج تعتبر نوعا ما -ليس على المستوى ليس النوعي، بل على مستوى الانتشار- متأخرة قليلاً عن التجربة المصرية. إن المركزية في العواصم الثقافية حجبت الضوء نوعاً ما عن التجربة المحلية. لدينا في الوقت الحاضر شركات إعلامية كبيرة، لكنني لا أعتقد أنها خدمت الفن والأدب السعوديين ونشرتهما وعممتهما على نطاق واسع بحيث تعكس عمق وجودة النشاط الثقافي والفكري، وفي السعودية بالتحديد، وقد ظلت هناك مقاومة شديدة من العواصم الثقافية بحيث إنها تحاول أن تزحزح الضوء عن التجارب في البلدان العربية الأخرى.
سؤال من الدكتورة لمياء باعشن:
أهلاً بك أميمة، نورت جدة، ونورت قلوب أهل جدة، تستحقين والله هذا التكريم، نحن نفتخر بك ككاتبة وروائية وناشطة ثقافية. أنا لن أتحدث عن الأدب، إنتاجك موجود في كل مكان، والناس يتعرفون إليه، ولكن لفت انتباهي كونك عضواً في جمعية الزهايمر، هل هناك إمكانية لإلقاء بعض الضوء على نشاطك في الجمعية؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: دائماً متألقة الدكتورة لمياء، ودائماً خارج السرب تغردين. في الحقيقة هو جزء من النشاط الاجتماعي، فأنا أحرص على أن يكون لدي ما يسمى بزكاة الجسد، فمشاركتي في هذه الجمعية جزء ولو بسيط لأصحاب حاجة معينة ساقتهم الظروف إلى هذا المرض الذي مع الأسف ينظر إليه في المجتمع نظرة دونية، أنه "كبر بالعمر" أو "أصبح مخرفاً"، على الرغم من أنه مرض له خصائص، وأصحابه يعانون، ويتطلب مرافقتهم، ووعياً معيناً، هذا هو سبب انضمامي إلى هذه الجمعية.
سؤال من الإعلامي وائل سعود:
السلام عليكم. أولاً أحيي شجاعتك الأدبية الإبداعية في كتاباتك. لديك مقال ذكرت فيه رأيك حول قضية ما، بأنها أصبحت حساسة وفوق خارطة مساحات الهيمنة والنفوذ. هل تملكين في كتاباتك الإبداعية تلك الأداة أو البوصلة للضوء الأخضر، وهو قيادة المرأة للسيارات؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: الجواب سيكون في شقين: بالنسبة للشق الأول، وهو ما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة، أجد أن هذه قضية خدمية وعامية وبسيطة، لكنها مع الأسف أصبحت قضية تجاذبات بين التيارات في المجتمع، وكبرت وضخمت بلا داعٍ، الشق الآخر من السؤال عما إذا كنت أحاول أن أضمن الأدب بعض رؤيا الفكرة، أحاول ولكني أحرص على أن لا تكون فجة ولا تكون مبتذلة، لأن الحمولة الإيديولوجية بالنص السردي تثقله وتحوله إلى خطاب إنشائي، وتغيّب الفعل الفني والجمالي فيه، فأحاول أن تأتي المقولة بسلاسة وبجمل متباعدة، وومضات دون أن تكون شعارية ومنبرية.
سؤال من الدكتورة ابتسام البقمي، قاصة ومؤلفة:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، أشكر سعادة الأستاذ الفاضل عبد المقصود خوجه على دعوته لي لهذه الاثنينية، لقد تضمنت مجموعتي القصصية قصة بعنوان "أديب"، شكوت فيها من عدم تكريم الأدباء، إلا أنني أعلن اليوم أمامكم، أنني أسحب هذه القصة إلى غير رجعة، أسحبها من مجموعة التراب في الطبعة الثالثة إن شاء الله. الأستاذة أميمة، سعدت كثيراً عندما علمت أنك ضيفة هذه الاثنينية، والضيفة تستحق فعلاً أن نحتفي بها.. أحبك أميمة في الله، من قبل أن أراكِ، وأحب والدك الشيخ الفاضل عبد الله الخميس، شفاه الله وعافاه، فقد كان يبهرني، ويعجبني وأنا طفلة، طفلة تستمع إلى عبد الله الخميس عبر المذياع، في برنامجه الشهير "من القائل؟"، وكانت تلك الطفلة لا تجرؤ أن تقترب من المذياع، وتستمع بحرية، لأنها ترى أن ما يقوله عبد الله الخميس شيء فوق حدود طاقتها العقلية، لذلك كنت أتنصت عليه من بعيد، وأحاول أن أقتنص بعض مقولاته، أو أتأثر بالشعر الذي يجيب عليه.. كان يدهشني ويعجبني ويبهرني، كيف وأنّى له ذلك؟ الذاكرة الواسعة والحفظ الكبير، ما شاء الله تبارك الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.. أميمة الخميس أحبك في الله، لأنك من الأديبات السعوديات المحترمات جداً، رغم أنني لم أقرأ لك كثيراً، لكن آلمني ما كتب عن الأديبات السعوديات من بعض النقاد العرب. لن أطيل عليكم، ولكن اسمحوا لي أن ألقي سؤالي: هل دفعت أميمة الخميس ثمن الأدب؟ وهل دفعت ضريبة للأدب؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً على الباقة البنفسجية التي تركتها على شرفتي، وعلى شرفة الوالد، وما ذكرته عنه هو جزء من كيان عظيم شامخ، وما أنا بنت من خلاله إلا كما يقول الأصمعي: "بقل في أصول نخل طوال"، وتاريخ وماضٍ ومنجز حضاري كبير، شفاه الله وعافاه بالنسبة لإشارتك، هل دفعت أثماناً؟ أنا لا أعتبرها أثماناً، لكن هو اقتراف القول، من خلال الخدر، شق حجب الخدر، واقتراف القول سواء بالسرد أو بالبوح أو بالرصد، وهذا لا يكون سهلاً في مجتمع يميل إلى المحافظة، يميل إلى الواجهات الوقورة، يميل إلى السمة، لكن عندما نحاول أن نفتح الأبواب الداخلية لا بد أن يحصل نوع من الاستفزاز، لكن إذا كان يوازيه طرح فني وجمالي مسؤول وهادف، فأعتقد أن هذا سيوازن المسألة.
سؤال من الدكتور يوسف العارف، عضو نادي جدة الأدبي الثقافي:
السلام عليكم ورحمة الله، في مقولة الأستاذة أميمة: "وقد أعجز الارتجال فحول الرجال"، الليلة اسمحي لي أن أقول: ما أسهل الارتجال على قليل من بنات الرجال، وأنت أولهن، عندما تحدثت حقيقة، فإن أسلوبك ولغتك ومنبريتك الخطابية تجعلني أقول هذا الكلام، فعلاً أنت متحدثة وتستحقين، وأعتقد أن السبب الأول بعد الله سبحانه وتعالى هو مكتبة والدك، ووجودك في بيت الوالد شفاه الله وعافاه. سؤالي عن الرواية عندك يا أميمة: هل الرواية منجز تغييري مستقبلي في نظرك، أم هي رصد للواقع؟ أنا لا أظن أنها كذلك، بل هي منجز تغييري في نظري، فما هي في رأي أميمة الخميس؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً لك الدكتور يوسف. الرواية كما قلت، لا نستطيع أن نقول إنها منجز تغييري بفحواها الفكري أو الفلسفي أو الثقافي، بل هي منجز تغييري من خلال الفعل الجمالي المستشرف للمستقبل، يرفض التقليدي والعادي، ويبدع بطرق جديدة ومختلفة، وبالتالي يطرق من هنا بوابة المستقبل. إذا ما أردت أن أكتب لقضية، أو أناقش قضية فكرية ما، فإن لديها مكاناً آخر هو الزاوية، أو تحقيق صحفي معين، لكن على مستوى الرواية، الرواية متطلباتها كثيرة؛ متطلباتها على مستوى العمق الفلسفي، على مستوى نمو الشخصيات، على مستوى الحبكة، هناك متطلبات كبيرة للرواية، وجودتها وتماسكها وتكاملها الأدبي والفني هو وحده الطريق الذي يأخذها إلى المستقبل، وبالتالي تصبح فعلاً تنويرياً.
سؤال من الدكتورة عائشة نتو، من خارج المملكة، تطرحه عبر الهاتف الجوال:
أولاً شكراً للشيخ عبد المقصود خوجه، جعل لنا عاماً لتكريم السيدات، وتكريمه للسيدة أميمة هو تكريم لنا كلنا. ثانياً أنا كنت أتمنى أن أحضر، وأقول لك يا أميمة أنني أحبك، وأحب حروفك، وأنني فخورة بك.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: ما هذه النفحة الجميلة الباردة التي أثلجت قلبنا يا دكتورة عائشة، نحن الذين نفخر بك في كل محفل، امرأة وواجهة حضارية مضيئة.. شكراً لك، وشكراً لهذا الصوت الذي رطب أفئدتنا في هذه الليلة.
سؤال من الأستاذ سامي صالح مسؤول تحرير مجلة "جدة": السلام عليكم، أسعد الله أوقات الحاضرين والحاضرات، سؤالي الأستاذة أميمة:
لماذا احتل الجنس الصالون الرئيسي في قسم الرواية العربية، وهل صحيح أن السيرة الذاتية هي عود الثقاب في نجاح العمل الروائي؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: لا أعتقد الأستاذ سامي أن هناك إحصائية أكيدة مؤكدة تقول إن الجنس قد احتل معظم الرواية العربية، فإن كانت هناك روايات خادشة للذوق العام أو كان البوح يظهر فيها بصورة مبتذلة وغير فنية، فلا يعني هذا أنها النمط الطاغي على الروايات، كما لا أعتقد أن هناك إحصائية أكيدة تذكر أن الجنس طاغٍ في الفعل السردي الروائي.
سؤال من الأستاذة فاطمة سيديا، صحيفة عرب نيوز:
السلام عليكم، إلى ماذا تعزين غياب الرواية السعودية -النسائية منها- عن أرفف المكتبات المنزلية؟ هل عجزت الروائية السعودية عن إبهار القارئ العربي والمحلي بدلاً من التسويق الذاتي لرواياتها، وبدلاً من لوم العواصم الثقافية عن إبعاد الضوء عن الروايات الخليجية كما ذكرت قبل قليل؟ شكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: الجواب عن هذا السؤال عموماً له عدة فروع. أولاً فيما يتعلق بعمر الرواية السعودية، وعدد الكاتبات الروائيات، فما بدأت الرواية إلا بأسماء محدودة تقريباً، فما ظهرت الطفرة الروائية الخيرة في عام 2006، وكونت بالتالي أرضية واضحة من الجماهير التي تنتظر هذا العمل وتتقبله. الأمر الآخر أنه رافق هذه الرواية نوع من الأعمال الهشة الفضائحية، فبالتالي لم تكن كل أسرة تحرص على اقتناء هذا النوع من الروايات. كذلك هناك شيء لا بد من الإشارة إليه، أن الكتاب السعودي يعاني في الحقيقة من أزمة توزيع ومن أزمة طباعة ومن أزمة نشر، وفي ظل غياب هيئة عامة للكتاب السعودي، سيظل هذا الكتاب أسيراً لمافيا نشر عربية في ما يتعلق بالطباعة والنشر والتوزيع، لذا أرجو من وزارة الثقافة أن تلتفت وبصورة جدية إلى هذه الناحية، لأن صناعة الكتاب أصبحت صناعة مثل صناعة السيارات وصناعة السينما، تحتاج إلى دعاية وتحتاج إلى إعلام، وإلى خدمة تخدم الكتاب في منافذ التوزيع، إلاّ أن جميع هذه الأمور ظلت غائبة عن الكتاب السعودي، وبالتالي أصبح هناك حاجز بينه وبين متلقيه، النافذة الوحيدة التي يستطيع الكتاب السعودي أن يأخذ من خلالها مساحته هي معارض الكتاب، أو السفر إلى الخارج، إضافة إلى بعض النسخ البسيطة التي تكون في المكتبات المحلية. يعني ما برح الكتاب السعودي يعاني من بعض العثرات ونرجو الجهات المسؤولة أن تلتف إليه وبجدية.
سؤال من الطالب الصحفي في الشرق الأوسط، نادر عبد الرحمن السقاف:
السلام عليكم، أشكر عراب الاثنينية والأستاذة أميمة على هذا اللقاء الماتع. أنا عندي تساؤل: ذكرت طبعاً عدة أسباب لعدم انتشار الرواية السعودية، أنا أعتقد -ولا أدري إن كنت تتفقين معي في هذه النقطة أم لا- أن كثيراً من الروايات السعودية، ظلت منغلقة على ذاتها وعلى المجتمع السعودي، وأغلب الطاغي منها منغلق على البيت السعودي، يقتصر على داخل الأسرة وداخل العائلة. أنا تساؤلي أن كثيراً جداً من الروايات العربية قد لقي قبولاً كبيراً بسبب مزجه بين الشرق والغرب، وأكبر مثال على هذه الروايات رواية "موسم الهجرة إلى الشمال"، التي تحدثت عن المشكلة الأزلية في صراع الحضارة التي تقع في العالم بين الشمال والجنوب.. مثلاً رواية "شقة الحرية" من أشهر الروايات العربية للراحل الدكتور غازي القصيبي، كانت تتكلم عن مشكلة التيارات الفكرية الكثيرة التي طرأت على العالم العربي في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وشكراً جزيلاً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً الأستاذ نادر. أنا قد لا أتفق معك في ما أشرت إليه حول محلية الرواية السعودية؛ فنجيب محفوظ من خلال ليس الرواية المصرية، بل الحارة المصرية، وصل إلى جائزة نوبل العالمية، واستطاع أن يصور العالم كله وفلسفة الكون. إن الكاتب كلما أسرف في المحلية، وعبّر عن التجربة الوجودية الحقيقية لشعبه وقومه، بجمالياتها، بخلفياتها الثقافية، بفلكلورها، بالصراع بين الخير والشر، بين التيارات، كلما استطاع أن يلامس المشترك البشري والإنساني بين شعوب الأرض، فمن خلال المحلية فقط يستطيع أن يصل إلى العالمية.
سؤال من الأستاذة عطية ناشد: معلمة، سعادة الكاتبة أميمة:
بارك الله فيك وفي كتاباتك وأسلوبك الرائع، بما أنك كاتبة مبدعة، برأيك ما هو السبب في بُعد الجيل الصاعد من الطلاب والطالبات عن القراءة، وخصوصاً الروايات أو المقالات أو القصص القصيرة؟ وكيف نستطيع نحن المعلمات ترغيب الطالبات بالقراءة أو الاطلاع، ألأننا نعاني من ضعف في مادة التعبير؟ ولك جزيل الشكر والتقدير.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: لعلّي أشرت إلى جانب من هذا السؤال الأستاذة عطية. إن مسألة العزوف عن القراءة لا تتعلق بالعالم العربي فحسب، بل تتجاوزه حتى إلى العالم، لأن ثقافة الصورة استطاعت حسبما أعتقد أن تخلب لب الناشئة، وتخطفهم من الكتاب.. استطاعت أن تجعل بينهم وبين الكتاب حاجزاً، فنحن والجيل الذي كان يجد عالمه وكونه ومتعته وجميع آفاقه داخل هذه الأسطر توارى، وحل الآن بدلاً منه جيل ثقافة الصورة، ثقافة الكمبيوتر، ثقافة الآي باد، والغادجيت وكل الأدوات التي تبعده وتحجبه عن الكتاب، وهي قضية هامة كما أعتقد لأن انعكاساتها خطيرة، وأكثر ما نخشاه، أن يكون عندنا جيل لديه محدودية في الخيال، لديه قصور في اللغة العربية، لأنكم تعرفون أن في أدوات الاتصال الحديثة لا يستعملون اللغة العربية الفصحى، بل لديهم لغتهم الخاصة. كذلك في ما يتعلق بالفصاحة اللغوية، لأن الطفل الذي يظل ثلاث أو أربع ساعات أمام الحاسب الآلي لا يستعمل قدراته اللغوية ولا يطورها، وبالتالي فلهذا انعكاساته الخطيرة على المستقبل، ولا بد أن تتضافر عدة جهود من مؤسسات ثقافية، ومؤسسات حكومية لردم هذه الهوة، حتى إنهم في فرنسا مثلاً بدأوا يخصصون يوماً معيناً للقراءة، تخرج فيه كل المدرّسات إلى الحدائق وإلى المنتزهات، ويقرأن فيها للأطفال، كما أن لديهم في فرنسا برامج معينة للترويج للقراءة، وشعارات معينة يرفعونها في المترو، وفي الحدائق. إن العزوف عن القراءة قضية أو مأزق عالمي في ظل هيمنة ثقافة الصورة.
سؤال من عماد الشافعي، فيزيائي وكاتب للأطفال:
السلام عليكم. أنا أولاً أشكر صاحب الاثنينية، وأشكر الأستاذة أميمة، وأشكركم لإتاحة الفرصة لي للسؤال. تحديداً وباعتباري زميلاً لكتاب الأطفال، أتساءل لماذا حتى الآن لم يحظَ كاتب عربي للأطفال بجائزة أندرسون -أي جائزة نوبل العالمية للأطفال- والتي تمنح كل سنتين، هل يعود ذلك برأي حضرتك لضعف مستوى العربي؟ أو أنه لم يصل بعد إلى مرتبة العالمية؟
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً الأستاذ عماد. كما أشرت سابقاً لدينا قصور كبير في ما يتعلق بالكتابة للأطفال. عندما نطّلع على نماذج من الكتب العالمية التي تصنع للطفل نحس بالضمور، وإذا ما قارنّا مقدار المهنية، على مستوى الأفراد، على مستوى الفكرة، على مستوى نوعية الطباعة المذهلة المقدمة للطفل، بما لدينا للطفل، سنشعر بالبؤس. لست أنكر هنا أن لدينا أقلاماً رائعة تكتب للطفل، وعلى رأس هذه الأقلام عبد التواب يوسف من مصر، وهناك كثير من الأقلام المتميزة، لكن كما قلت إن الكتاب صناعة، ولا بد أن يصاحبه دعم على عدة مستويات لتفادي القصور، لا سيما في عملية الترجمة التي تأخذ الكتاب المحلي إلى المستوى العالمي.
سؤال من الأستاذة سامية إسماعيل منّاع، عضو الهيئة العالمية للمسلمات الجدد:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الأستاذة أميمة.... مرحباً بك في جدة الحجازية، المدينة الحبيبة العروسة الحالمة، فهي جدائل موصولة بين مدننا الحبيبة، فما نحن إلا حبات لؤلؤ في عقد متكامل، تمنيت رؤيتك وجهاً لوجه لكنني رأيتك عبر الشاشة الفضية، فما رأيك في انقسام النساء إلى شقين في طرفين متباعدين، جزاك الله خيراً، وجزى الله الشيخ عبد المقصود خوجه خيراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: كنت أود أن تشاركينا الجلسة يا عزيزتي.
سؤال من المدرس وليد محجوب:
السلام عليكم. أولاً الشكر بامتداد المسافة من النيل إلى عروس البحر الأحمر لصاحب الاثنينية، ولصاحبة القلم الجميل على هذه الوضاءة، وهذا الإشراق. الأستاذة أميمة، كثيراً ما يتهم الروائي بالاختباء خلف شخوص جامحة أو خارجة عن سياق المألوف في المجتمع، في روايته، ككتاب لسلوك أو معتقد معين، كما اتهم الروائي الراحل الطيب صالح بأنه هو مصطفى سعيد في "موسم الهجرة إلى الشمال"، إلى أي مدى في رأيك يشكل مثل هذا الاتهام عائقاً أمام البوح الأدبي عند النساء تحديداً؟ شكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: أعتقد أن هذا يشكل عائقاً بشكل أو بآخر بدليل أنه نادراً أن تكتب المرأة الرواية بصيغة الأنا، دائماً تختبئ وراء الشخصيات حتى لا تبدو ولا تظهر. أما حول قضية أن الروائي يظهر في رواياته، نجد أن الروائي الفرنسي فلوبير عندما سئل: من هي مدام بوفاري؟ قال أنا مدام بوفاري: فالروائي لا بد أن يظهر من خلال رواياته، لكنه لا يظهر ككل، بل يظهر كرؤية، كبعض من كل، فتصبح القضية بالنسبة للمرأة قضية مركبة، لأن القارئ من خلال نهمه وفضوله لأحداث وشخصيات الرواية، ونهمه وفضوله لما ستقوله المرأة التي ظلت صامتة عبر التاريخ ولم تتكلم ولم تنشر إلا حديثاً -يُدخل كاتبة الرواية في مأزق مركب حيث تحاول دوماً أن تختبئ خلف الشخصيات.
سؤال من الأستاذة حياة شهاب، محاضرة في جامعة أم القرى:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. بداية أشكر الشيخ عبد المقصود خوجه على اثنينيته المباركة لأنه جمع بيني وبين صديقة طفولتي التي كنت أبحث عنها منذ أربعين عاماً، إلى أن وجدتها في هذه الأمسية المباركة، وهي سعادة الدكتورة فاطمة إلياس، ثم أتساءل سعادة الأستاذة الفاضلة أميمة، هل بالإمكان تحويل هذه الروايات الرائعة إلى مسلسلات تلفزيونية؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: إن تحويل العمل الروائي إلى عمل درامي -برأيي الخاص- يبخسه حقه، لأن هذا فن، له أدواته، وله شروطه، وله ظروفه، وله لغته الخاصة به، والرواية كذلك فن مستقل. في روايتي "البحريات" تلقيت عرضاً لتحويلها إلى مسلسل درامي، وما برح هذا العرض ضمن الأخذ والجذب، لأنني أود عملاً جاداً، وليس عملاً تجارياً.
سؤال من الأستاذة حياة أحمد، الصحفية من مجلة رؤى:
بسم الله الرحمن الرحيم، نرى في الروايات السعودية -وليس في أغلبها طبعاً- الاهتمام بمناقشة القضايا الحساسة في المجتمع، ونرى دوماً نهاية النص، وحالته التي تفتقد إلى حلول. سؤالي متى ستصل الرواية السعودية إلى مرحلة وضع الحلول الموضوعية والواقعية لمشاكل المجتمع، وكذلك المساهمة في تثقيفه، بدلاً من تعنيفه خصوصاً في قضايا المرأة؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: أعتقد الأستاذة حياة أن ليس من مهمة الرواية التعليم، وليست مهمتها تعديل السلوك في المجتمع.. هدف الرواية الأول بعدها الجمالي، والجمال في حد ذاته قيمة تسمو وتشف كما قلت للابتعاد عن كل ما هو متوحش وبدائي في المجتمع. عندما قلت إنها تكثر فيها القضايا الحساسة، لا أدري ما هي القضايا الحساسة؟ قائمة القضايا الحساسة عندنا في المجتمع طويلة، وكبيرة، لا أعلم ماذا تقصدين بالقضايا الحساسة؛ مأزق المرأة والعمل قضية حساسة؟! هناك التيارات الفكرية المتعصبة بحد ذاتها قضية حساسة. علاقة المرأة بالرجل هي في حد ذاتها قضية حساسة. قائمة طويلة من القضايا الحساسة.. فعندما تسلط الرواية عليها الضوء، فإن المجتمع الذي تعود على أسقف معينة من البوح، لا بد من أن يصدمه هذا النوع من الطرح، لكنه مع الوقت لا بد أن يتجاوزها.
سؤال من الأستاذ محمد السليماني، معلم:
السلام عليكم، سؤالي: أين أميمة الخميس -بصفتها عضواً في مجلس الشورى- من حقوق المرأة السياسية؟ وما رأيها في دخول المرأة السعودية إلى ركن الفتوى كعضو في هيئة كبار العلماء؟ شكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: سبق أن طالبت بهذا في زاويتي يا أستاذي. أنا أتكلم هنا عن مطالبة شخصية، ولا أستغل هذا المنبر للمطالبة به، لكني أشرت إلى أنه لا بد من أن يكون للمرأة مقعد مشارك، وليس في لجنة استشارية في مجلس الشورى.. لا بد أن يكون لها حيز، سواء عبر الكوتا، أو مشاركة رسمية، أو بانتخابات، لا بد أن يكون لها حضور. أيضاً على مستوى البعد الديني، لا بد من أن يكون لدينا العديد من خريجات كلية الشريعة، ممن نفخر بهن وبعلمهن، وممن وصلن وأخذن الدكتوراه في العلوم الدينية، وتبحرن في العلوم كفقيهات. فلمَ لا يكون لهن حيز على مستوى الفتوى، على مستوى القراءة، على مستوى المشاركة؟
سؤال من الأستاذة زهرة محمد خميس، باحثة في علوم الفلك:
السلام عليكم. يسيء الكثيرون الأدب مع الله، عندما يقولون جهلاً إن الإسلام أعطى المرأة حقوقاً لم تنلها في الشرائع السابقة ولا الوضعية، والحقيقة أن الله منح المرأة مكانة سامقة منذ أن خلقها وكفلها آدم، ولم يخلقها لمتعة آدم، كما يقول الجهلاء، بل وتوعد آدم إذ قال: ٱسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ ٱلْجَنَّةَ (الأعراف: 19) فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (طه: 117) ولم يقل فتشقيا. لقد جاء الإسلام لينفض الغبار المتراكم أو الطين اليابس عن الأنثى، وللأسف لم يزل هذا الطين بل ازداد يبساً بسبب جهل من تحدث عن المرأة لأنه تناولها من الظاهر فقط. من هي المرأة في مخيلة أميمة الخميس؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: في البداية رائعة مداخلتك يا زهرة، بها فكر طازج متحرر من كل المسلمات السابقة، ويأتي بالمرأة بصورتها البكر أمنا حواء، فكما قلت إن المرأة هي قيمة أنثوية، نحن مع الأسف نحيّد في مجتمعاتنا القيم الأنثوية، قيم الأمومة، قيم الخصب، قيم العطاء، وعندما تفخر إحدانا تقول: أنا بنت رجال، أو أنا أخت رجال، ولا تقول أنا اخترت فضيلتي الشخصية لأنني أنا ولست ابنة فلان أو أخت فلان. عندما يكون هناك في المجتمع كلام وثرثرة، يقولون ثرثرة نساء، وعندما يكون الكلام الموزون المتكأ عليه يقولون كلام رجال؛ فالقيم الأنثوية محيّدة مع الأسف في المجتمع ومستبدلة بقيم ذكورية.
سؤال من الأستاذ حمَّاد السالمي، رئيس النادي الأدبي بالطائف:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مساكم الله بالخير جميعاً. حقيقة لقد افتقدنا لقاء ورؤية شيخنا وأستاذنا عبد الله الخميس، أشعر هذا المساء أننا أمام شخصية الشيخ عبد الله الخميس حفظه الله في ابنته الكاتبة والروائية المشهورة. لقد جرى حديث كثير فيما يتعلق بالرواية السعودية ومساهمة الضيفة الكريمة في الرواية السعودية والأدب السعودي، وفي الحقيقة أود أن أشكر سعادة الشيخ عبد المقصود خوجه إذ أتاح لنا هذه الفرصة للقاء أختنا وزميلتنا الأستاذة أميمة، وأيضاً لهذا الحوار الماتع مع الجميع في هذه الاثنينية الجميلة. أود أن أنتقل بالحديث إلى المقالة الصحفية، وأنت أحد الأقلام الشهيرة في الصحافة السعودية فيما يتعلق بالمقالة.. أود أن أعرف رأيك في مدى قدرة المقالة السعودية على التغيير نحو الأفضل، خصوصاً وقد أصبحت ملتقى حوارياً يومياً لكافة الشرائح السعودية في المجتمع؟ شكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: شكراً لأستاذنا الجسور المناضل حماد السالمي، الذي لا يأخذه في الحق لومة لائم، وشكراً على كلماتك الوفية النبيلة في الوالد لطالما سألت عنه وتقصيت أخباره. بالنسبة للمقالة، لا نستطيع أن نقول بأنها تغير بصورة مباشرة، لأن المقالة تصنع توجهاً أو تياراً عاماً، والتيار العام لا يحصل بين يوم وليلة، لأنك عندما تغير المفاهيم، تحتاج إلى أجيال طويلة لكي تستطيع أن تغير هذه المفاهيم، فتعمل عليها بالنفس الطويل، لأنك إذا استعملت الطريقة الهجومية والصاعقة، والصادمة لمفاهيم المجتمع، فإن المجتمع سيرفضك ويضعك في إطار أحمر، وسيظل يحاكمك من خلال هذا الإطار. نحن أحوج ما نحتاج في المرحلة هذه إلى الصوت الهادئ، الصوت المقنع، الصوت الذي لا يتمترس خلف الجماعة أو خلف أيديولوجيا، بقدر ما يهمه الشأن العام والقضايا العامة، وشكراً مرة أخرى أستاذي.
الأستاذة منيرة العكاس: أميمة لم تتحدثي، كنت تعزفين، أنت عازفة بارعة على أوتار قلوبنا، فأهلاً وسهلاً بك في أي مكان.. أنت نوارة، وشكراً للشيخ الجليل عبد المقصود خوجه.
سؤال من الأستاذ فايز عبد الكريم الوريكات، أستاذ اللغة العربية:
بسم الله الرحمن الرحيم. كم أثلج صدري عندما علمت بنبأ الاثنينية، فأنا حديث عهد بجدة، وكم أثلج صدري أيضاً عندما بدأ التكريم، فهو تكريم للأدب الغض الأصيل، وبتُّ مطمئناً على الأدب نوعاً ما. السؤال الأخت الفاضلة: ما هي الصورة الوردية التي ترسمها الأديبة أميمة للرواية السعودية التي تطمح في أن تكون، والتي لم تجدها في الرواية السعودية حتى الآن؟ وشكراً.
الأستاذة أميمة عبد الله الخميس: الرواية السعودية في الوقت الحاضر، أعتقد أنها لم تعد في حاجة إلى ضوء أخضر من أحد. الرواية السعودية فازت في العام الماضي بجائزة البوكر عبر المبدع عبده خال، وترشح عدد من الروايات السعودية، أيضاً هذا العام رُشحت روايتان من الأدب السعودي.. نحن تجاوزنا المرحلة التي نحاول فيها أن نصل من المصداقية إلى الرواية، والرواية السعودية منطلقة إلى الأمام بهمة عالية وبمواهب وقدرات رائعة.
مداخلة الأستاذ حميد رضا: سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى منظمة المؤتمر الإسلامي:
بسم الله الرحمن الرحيم، أنا كنت متردداً أن أطرح السؤال أم لا، لأنني لا أستطيع أن أتكلم باللغة العربية، لذا أعتذر إذا ما وجد في كلامي أخطاء. أشكر الأستاذ الكبير عبد المقصود خوجه، أشكر أميمة الخميس، أريد أن أعرب عن دهشتي وإعجابي بدور المرأة في الأدب العربي في المملكة العربية السعودية. إن الله بدأ آياته بـ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (العلق: 1)، ففي كتابه يقول الله تبارك وتعالى عندما ينقل قصة أم مريم، عندما تعتذر من الله تبارك وتعالى من الحلم الذي كانت تحلم، وتقول: إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى (آل عمران: 36) والله تبارك وتعالى يقول: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى (آل عمران: 36)، فالمفسرون بينوا أنهم كانوا يقولون ألف لام هنا، للجنس، بمعنى أن الله تبارك وتعالى، يقول لها: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى، وهم قالوا لأنهم كانوا يخافون أن يقولوا جنس الأنثى حسب ما يقول الله تبارك وتعالى، هو أفضل من جنس الذكر، قالوا ألف لام للعهد، ومعناه البنت التي أعطيناك، أفضل من الابن الذي كنت تتوقعين، ألف لام للعهد. يقول الله تبارك وتعالى، في كتابه في بدايات الآيات عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (العلق: 5)، وعندما يقول للملائكة إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً (البقرة: 30)، كانت الملائكة يقولون ويعترضون بأن البشر سوف يسفك الدماء، ويفسد في الأرض، وهو يقول إني أعلم ما لا تعلمون، وعلم آدم الأسماء كلها، فمعيار خليفة الله، وأنا في هذا الكتاب، آسف أن أقول نحن المسلمين يحرق كتابنا في الولايات المتحدة على يد القس جونس، وهو يقول هؤلاء يجب أن يحرق كتابهم لأنهم لا يعطون النساء حقهم، ويضرب مثلاً أن المرأة في السعودية لا تستطيع أن تسوق سيارة، لذا يجب أن نحرق القرآن، ففي كتابه يقول الله تبارك وتعالى: يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُواْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ (الحجرات: 13)، وأساس هذا الخلق بالذكر والأنثى، وشعوب وقبائل، نحن لا نتعرف على بعضنا البعض، مع الأسف الشديد، نحن جيرانكم في إيران ما كنا نعرف دور المرأة في الأدب العربي، ودور المرأة في المجتمع السعودي، مع الأسف وأنتم أيضاً لا تعرفون دور المرأة في إيران، ونحن هناك مقصرون، وأنتم هنا مقصرون، لأنكم لم تعرّفوا بأنفسكم، ونحن لم نعرّف بأنفسنا، ولكن الآخرين يتهموننا بـ "حقوق المرأة" مع أننا أيضاً مقصرون في هذا الأمر، والأستاذة أميمة الخميس، وأميمة الفرق بين (أميمة) و (أميّة) بحرف الميم، وهذا الميم ميم المعرفة، بالمعرفة أصبح التمييز بين المرأة التي نستطيع القول، وآخذ مثالاً من أحد كبار العلماء لدينا المرحوم علي شريعتي، عندما يريد أن يعرّف فاطمة بنت محمد رسول الله، كان يقول: كنت أريد أن أقول فاطمة بنت محمد، ورأيت أنها ليست هي، فأردت أن أعرف فاطمة على أنها زوجة علي ورأيت أنها ليست هي، وكنت أريد أن أعرف فاطمة بأنها أم الحسن والحسين، ورأيت أنها ليست هي، الفاطمة ليست هي، والفاطمة هي فاطمة، يجب أن نعرف الفاطمة، والمرأة المسلمة، لا بالزوج، ولا بالأولاد، يجب أن نقول الأستاذة الأميمة هي الأميمة. وختاما أنقل شعراً فارسياً من ملانا جلال الدين البلخي الرومي، الذي هو يبدأ كما أن الله تبارك وتعالى بدأ بـ "إقرأ"، فهو يبدأ بـ "اسمع"، فيقول: اسمع من الناي كيف يشتكي، هذا الناي يشتكي، من الفراق الفراق بيننا وبينكم وأكثر من هذا الفراق من الجنة، الفراق الحقيقي بين البشر والله سبحانه وتعالى، هذه ليست هواء من الناي بل هذه نار والذي ليس بيده هذه النار يجب أن لا يكون، وهو بالفعل ليس موجوداً، إذا ليس هذا النار موجوداً، فكيف ملأ العالم بالسكان، فإذاً موجود هذا الناي عند البشر. وأقول لكم إن كلامها، وكتبها، وقصصها، ليست إلا ناراً بل نوراً، والذي ليس لديه هذا النور ليس موجوداً شكراً كثيراً.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :716  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 37 من 209
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

سعادة الأستاذة صفية بن زقر

رائدة الفن التشكيلي في المملكة، أول من أسست داراُ للرسم والثقافة والتراث في جدة، شاركت في العديد من المعارض المحلية والإقليمية والدولية .