قَلبي يحدِّثُني، ويا لِمرارةِ الذِّكرى، بأنَّكِ لن تَعودِي |
فأُحسُّ بالأحلامِ والأطيَافِ تَهجُرني، وَيتبَعُها وُجودي |
وأرى الحياة -بغيرِ أن ألقاكِ -دونَ سِواكِ -ضيِّقَةَ الحدودِ |
والعيشَ قبلَ هواكِ سِجناً لم يُخلِّصني، سِوَى عينَيكِ فيهِ من قُيودي |
* * * |
أطلقتِ في ليلي الضِّياءَ بوجهِكِ الضَّاحي الفَريدِ |
وأرحتِ من دَربي الظَّلامَ بِصَوتِكِ الحُلْوِ الوَئيدِ |
نَثَرَتْ خُطاكِ عليهِ، ما شاءَتْ رُؤايَ، مِن الوُرودِ |
فتنفَّسَتْ فيهِ الحياةُ، طليقةً، بعدَ الرُّكودِ |
وتَدَفَّقَ الإلهامُ من عينيكِ، يا سَمراءُ، سِحْراً في نَشيدي |
وجَرَتْ بهِ نَسَماتُ صَوتِكِ ألفَ لونٍ في قصيدي |
أشعَلْتِ نارَ الحبِّ، يا سمراءُ، ناراً في وَريدي |
وبعَثْتِ في قلبي الحنانَ، فهَبَّ من تحتِ الجليدِ |
قد كُنتِ سَمراءُ، في عيني.. سَنَى فجرٍ جديدِ |
لا تَذهبي، وترفَّقِي -وسَلِمْتِ- بالأمل الوَليدِ |
أَعْطَيْتِني ما لستُ أطمعُ فيهِ، بَعْدُ، إلى مَزيدِ |
أَعْطَيْتِني ثِقتي بِنُبلِكِ بينَ وعدِكِ.. والوَعيدِ |
لن تقتليني.. بعدَ أن أحيَيتِ آمالِي -فدَيتُكِ- بالصُّدودِ |
سأعيشُ بعدَكِ، في ظلالِ الصَّمتِ، أرسُفُ كالشَّريدِ |
وأظلُّ أضرِبُ في فَراغِ اللَّيلِ.. كالحَيِّ الطَّريدِ |
* * * |
واللَّيلُ، يا سَمراءُ، بَعدَك، فُوْهَةُ البُركانِ، تَقذِفُ باللَّهيبِ |
والصَّمتُ، يا سَمراءُ، بعدَكِ قِمَّةُ المأساةِ في قلبي الكئيب |
* * * |
المَقعَدُ الخالي يُسائِلني.. وأسألُه: متى يأتي حَبيبي؟ |
وكتابُكِ المُلقَى يَفيضُ أساهُ بالمَلَلِ الرَّتيبِ |
كم نامَ بين يَديكِ مَخموراً على الحُلُمِ الطَّروبِ |
تَسْرِي بهِ نَغَماتُ صوتِكِ في ذُرى أفُقٍ رَحيبِ |
ويَهيمُ في نَغَمات ثَغرِكِ... بين طِلىً وَطِيبِ |
سأعيشُ، بَين كتابِكِ المُلقَى، حزيناً كالغَريبِ |
وأرى سعادةَ قلبِيَ المحرومِ.. تُمعِنُ في الهُروبِ |
* * * |
اللَّيلُ، يا سَمراءُ، بعدَكِ، مَأزِقُ الضَّنْكِ الرَّهيبِ |
والجُرحُ بعدَكِ، لن يَنامَ بمأتَمِ القلبِ الحَريبِ |
فَارعَيْ كتابك، واقرَأي هولَ النهايةِ في شُحوبي
(1)
|
ما كنتُ أحسَبُ شمسَ آمالي ستَجْنَحُ للمغيبِ |
لكنَّهُ قدَرُ العقولِ، تَعثَّرت، بينَ الدُّروبِ |
ما كنتُ غيرَ فراشَةٍ، رَعْنَاءَ، تَسقُطُ في اللَّهيبِ |
وكذاك تَحترقُ القلوبُ على لَظى الأملِ الكذوبِ |
إنِّي، لأسألُ خائفاً مترقّباً، ألاّ تُجِيبي |
هل كان يومُ.. عرفتُ فيكِ هَوايَ ذَنْباً من ذُنوبي؟ |
يا لَلْقريبِ من البعيدِ ولِلْبعيدِ منَ القريب! |