شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
في عهد الشراكسة
وظل الأمر على ذلك حتى تقلص عهد المماليك الأتراك وورث حكمهم في مصر مماليكهم من الشراكسة، شعر شريف مكة أحمد بن عجلان بضرورة تأييد علاقته بالحكم الجديد فأرسل وفوده بالتهنئة والهدايا وعرض استئناف العلاقات بشكل لا سابق له في عهد المماليك الأتراك فأرسلت إليه الموافقة ومرسوم التأييد تصحبهما الجرايات والمخصصات.
واستمرت علاقة الشراكسة بمكة على هذا النحو سنوات طويلة ثم اتسع نفوذهم وأصبحوا يهيمنون على مقدرات الإمارة ويباشرون عزل الأشراف وتوليتهم إلاّ أن الأشراف فيها كانوا لا يتقيدون كثيراً بمراسيم التأييد، فكان بعضهم يطرد الأمير المؤيد بقوة السلاح ويتولى مكانه فلا يلبث أن ينسى الشراكسة تأييدهم السابق ويكتبوا إلى خصمه الظافر تأييداً جديداً وقد سجنوا مرة الشريف بركات في مصر ليأمنوا شره على أخيه حميضة، فلما فرّ بركات من سجنه واستطاع أن يدخل مكة عنوة بعد أن يطرد أخاه منها لم يبخل الشراكسة بتأييده ونسوا أمر عطيفة.
وقد يعمد الشراكسة إلى عزل بعض الأمراء فيرفض الأمراء ذلك منهم، وقد شهدنا حسن بن عجلان يرفض عزله ويقابل أمير الحج المصري باستعداد المحارب حتى إذا تأكد عدولهم عن عزله يأبى دخول الجيش الشركسي مكة إلاّ بعد أن يجرد من السلاح ويمتثل الشراكسة لذلك.
إلاّ أن علاقة الشراكسة بمكة ما لبثت أن تطورت لأن بعض الأشراف كانوا يستعينون بهم على البعض الآخر فاستطاعوا أن يمكنوا لأنفسهم مركزاً ممتازاً ويلزموا صاحب مكة مقداراً من الخراج يدفعه سنوياً كما استطاعوا أن يستولوا على رسوم البضائع كاملة وأن ينتدبوا في عهد بركات بن محمد حامية مكونة من خمسين فارساً تقيم في مكة تحت إمارة رجل من الشراكسة اسمه ((سودون)) ثم ما لبثوا أن أضافوا إلى أمير الحامية نظارة المسجد وأدخلوا في صلاحياته شؤون العناية بمرافق الحجاج وإقامة المنشآت الخاصة براحتهم وتعمير ما يلزم للمسجد، وقد أورد القطبي في كتابه الأعلام أن ناظر الحرم في عهده حوالي 854 كان بيرم خوجه، ثم يقول: وقد عزل بالأمير برديك عام 854، ويذكر في موضع آخر ما نصه ((أن أمير الترك بمكة الأمير جاني (1) سافر في عام 856 وولّي عوضه ناظر الحرم التاجي كما ولي منصب الجيش)) وقد جاء في مرسومه أنه ولى نظارة الحرم والربط والأوقاف والصدقات وأن يكون محتسباً لمكة.
وبذلك أصبحت مكة في حكم التابع للشراكسة وأصبح يدير شؤون البلاد ومرافق البلاد الهامة أمير منتدب منهم كما أصبح الأمراء من الأشراف يتلقون أوامر تعيينهم من ملك الشراكسة وإذا تغلب بعضهم بقوة سيفه واستطاع طرد الشريف المغصوب فإنه لا يلبث أن يطلب تأييده من الشراكسة الذين لا يبخلون بتأييد المتغلب كما أسلفنا.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :380  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 125 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من ألبوم الصور

من أمسيات هذا الموسم

الدكتور سعد عبد العزيز مصلوح

أحد علماء الأسلوب الإحصائي اللغوي ، وأحد أعلام الدراسات اللسانية، وأحد أعمدة الترجمة في المنطقة العربية، وأحد الأكاديميين، الذين زاوجوا بين الشعر، والبحث، واللغة، له أكثر من 30 مؤلفا في اللسانيات والترجمة، والنقد الأدبي، واللغة، قادم خصيصا من الكويت الشقيق.