كان كأبيه وجده الحسن من أنجاب العلماء وكانت له شهرة واسعة في تشجيع العلم وتأييد العدل وكان يقظاً لأمور المسلمين معروفاً بالشفقة والرأفة والعدل ولذلك طالت مدة حكمه نحواً من ثلاث وأربعين سنة(1).
وفي عهده انتقل الملك في مصر إلى الأشرف قايتباي وقد أصدر مرسوماً بإلغاء المكوس في مكة وسجل ذلك في أسطوانة بباب السلام ثم ما لبث أن جاء مكة حاجاً ووزع على فقرائها من الخيرات ما شملهم(2).
وقد أشرك محمد ابنه بركاتاً الثاني في الحكم ابتداء من عام 877 وظلا معاً يديران دفته في هدوء لا تعكره الثورات ولا المظالم حتى توفي محمد في الحادي عشر من شهر محرم عام 913 بوادي الأبيار(3) وحمل إلى مكة فطيف به حول الكعبة سبعاً على عادة أسلافه(4).
وفي بلوغ القرى(5) أن الحزن شمل مكة على أثر وفاته وأن الأهالي ظلوا يجتمعون لقراءة الربعات جماعات كبيرة نحو ستة أيام. وجز بعض النساء شعورهن حزناً عليه وعمّ الحداد في البلاد عدة أيام وتعطلت أعمال البيع والشراء في الأسواق.
ومن أعماله أنه بنى رباطاً للفقراء في مكة وسبيلاً للماء في النوارية(6) ومثله في طريق جدة ووقف على ذلك أوقافاً عديدة(7).
وخلف محمد بن بركات ستة عشر ذكراً غير الإناث وكان أشهرهم بركات وأحمد وجازان وهزاعاً وقايتباي وعلياً وراجحاً وقد أتخذ الثلاثة الأولون من أمارة مكة مسرحاً لمنازعاتهم واختلافاتهم وقاست البلاد من جراء ذلك أهوالاً عظيمة كما سيأتي.
هو وادي البيضاء يمر جنوب مكة على (51) كيلاً، وهو المرحلة الأولى على طريق اليمن القديم، وقد جنب الطريق بعد تعبيده سنة 1397هـ إلى الساحل والبيضاء بئر المحطة هناك، وبأسفل الوادي بئار عديدة نسب إليها، وسكانه الأشراف الحمودية من الأشراف العبادلة (ع).