شارع عبد المقصود خوجة
جدة - الروضة

00966-12-6982222 - تحويلة 250
00966-12-6984444 - فاكس
                  البحث   

مكتبة الاثنينية

 
حسن بن عجلان
ولا أستبعد أن يكون الحكم في مكة قد شعر بالفراغ الذي كان يملؤه الشريف حسن وأن الشراكسة شعروا به كذلك لأننا لا نلبث أن نرى الشراكسة يعودون إلى تأييد الشريف حسن من جديد في توليته على مكة ولم ينقض على ذلك بضعة أشهر فقد عاد إليها في رمضان سنة 819 بقوة سلاحه وتأييد الشراكسة وقد تعهد بدفع ثلاثين ألف مثقال لخزانة الشراكسة مقابل تأييده (1) .
عاد الحسن إلى مكة بنفس الروح القوية التي كان يعمل بها فأبى ابن أخيه رميثة أن يسلم له زمام الحكم وتحصّن بداخل البلدة وأغلق أسوارها فشرع عسكر الشريف حسن يهاجمون السور جهة المعلاة وقد فتحوا فيه ثغرة دخل بعضهم منها وعمد البعض الآخر إلى باب السور فدهنوه وأوقدوا فيه النار حتى سقط محروقاً على الأرض وقصد جماعة إلى طرف السور مما يلي جبل الشامي جهة المقبرة وهو يحاذي حارة السليمانية اليوم (2) فاقتحموه على أصحابه واشتد التراشق بالنبال بين الفريقين واستعملت الحجارة كراً وفراً.
وكان عسكر حسن نحو 300 فارس وأكثر من ألف راجل بينما كان عسكر رميثة لا يتجاوز الثلث.
ورأى جماعة من أعيان البلاد وعلمائها أن يسعوا لإخماد الفتنة فتوجهوا إلى الشريف حسن في عسكره يحملون ربعات من المصحف الشريف (3) وأخذوا يسألونه الكف عن القتال فأجابهم إلى ذلك على أن يغادر مكة رميثة وأتباعه، وعلى هذا جرى الصلح وأجلي رميثة عن مكة فدخلها الشريف حسن في 26 شوال سنة 819 وخيّم بعسكره حول بركتي المعلاة (4) ولما حج مضى إلى المسجد لابساً خلعته فاستقبله علماء المسجد الحرام وخدمه على أبوابه ولما قصد إلى الطواف كان أصحاب المباخر التي تعبق فيها روائح العود يمشون بين يديه وصعد صاحب قبة زمزم إلى أعلاها يدعو له أثناء طوافه بالتوفيق والتأييد وقرئ مرسوم الملك بتأييده فوق المنبر بعد فراغه من الطواف.
ثم مضى في موكبه يطوف شوارع البلدة وأمر مناديه أن ينادي بالأمان وأن يؤجل المناوئون خمسة أيام يغادرون في أثنائها مكة.. وقد توجه أكثرهم إلى اليمن يتقدمهم أميرهم رميثة (5) إلاّ أن رميثة ما لبث أن عاد إلى مكة بعد أن أعلن توبته وخضوعه لعمه فأكرم وفادته.
وعرف حسن ببعض السيئات إلى جانب حميد صفاته فقد ذكر أنه كان يحتكر بعض الأرزاق لنفسه ثم يبيعها على التجار وقد عاتبه صاحب مصر في ذلك فأجابه: إني لم أحتكرها وإنما كنت اشتريتها لبيتي وعسكري فلما رأيت اضطرار الناس إليها بعتها إليهم (6) .
وعصى بعض أشراف مكة في عام 820 علي حسن وأعلنوا ولاية بعض بني عمه فكاد أن ينجح أمرهم في جدة ولكن حسناً عاجلهم وقضى على آمالهم (7) .
وفي هذه الأثناء قدم ابنه بركات من مصر فاشترك مع أبيه في إدارة الحكم (8) .
ولما امتنع بعض الأهالي بالقيم (9) ووج والعقيق وليه وجبل السكارى في ضواحي الطائف من دفع بعض الضرائب التي أضافها حسن إلى ما يجبى منهم في عام 821 سار إليهم في مقاتلته فخرَّب بعض أملاكهم وحصونهم ومرّ في عودته بطريق نخلة اليمانية والزيمة فسولة فخيف بني عمير (10) ثم إلى وادي مر فصالحه فيها عموم القبائل المترددة على دفع الجباية.
وبلغ الشراكسة في مصر قسوته على معارضيه فاستاءوا منه ثم عادوا إلى الرضا، ويذكر ابن الفهد أن المؤيد صاحب مصر كتب إلى الناصر صاحب اليمن يذكر استياءه من الشريف حسن وما أعقبه من رضا وفيه يطلب إلى الناصر أن يشمله بنفس الرضا. ومن أطرف ما جاء في الخطاب: ((علمت أهل مكة بإنكارنا لأعمال حسن فأنكرت مشاركته في البيت، وأخرجته من الحرم وأغلقت الأبواب وقالت هيت، ولم تتعرف به عرفات لما طرد منكراً على وجل، ولا أمكنه أن يقول بعدها سآوي إلى جبل، ونزل بعد ذلك على الطور فقال له لسان الحال، والبحر المسجور أن عذاب ربك لواقع، إلى أن يقول: ثم التزم بالتوصّل إلى رضاء الخواطر الكريمة ليفوز بالتفات العواطف ((الناصرية)) إليه، وقد أجاب الناصر صاحب اليمن فكان مما قال: إنه ((حسن)) غزل الصداقة بعد القوة، فحل عرى الرفس عروة بعد عروة فأحدث على الجار كل عام حادثة، وكلما تضجروا من واحدة اتبعها ثانية وثالثة إلى أن يقول: وقد أرسل ولده وشرط على نفسه هذه الشروط الصادرة، وقد تحاملنا له على التجار ليطيب خاطره، وأردنا أن يكون تمام ما بدا به المقام الشريف على يديه ويعرف ما شرط على نفسه لينفذه ويقضي به عليه، إلى آخر ما جاء فيه من غريب التنميق (11) .
ويبدو أن الشريف حسن سئم البقاء في الإمارة على أثر هذه الحوادث فاعتزم التنازل عنها لولديه بركات وإبراهيم وكتب إلى مصر يطلب تأييدهما ليتفرغ للعبادة فوفاه المرسوم سنة 824 بتأييد بركات في شركته دون إبراهيم فظل الخطيب يدعو له ولولده بركات فاستاء إبراهيم وهجم في مقاتلة له على مكة حتى قبلا أن يدعوا له معهما ثم عاد أبوه فعزله.
وفي هذا العام رتب الملك المظفر في مصر ألف أحمر سنوياً تحمل إلى الشريف حسن مقابل تنازله عن المكوس الخاصة بالخضار وقد سجل هذا في أسطوانة بالمسجد الحرام (12) .
وفي هذا العهد أهدى السلطان محمد الأول (13) هدايا نفيسة لصاحب مكة ووقف باسم فقراء الحرمين أوقافاً وجعل يرسل غلتها سنوياً إلى فقراء الحرمين.
 
طباعة

تعليق

 القراءات :347  التعليقات :0
 

الصفحة الأولى الصفحة السابقة
صفحة 108 من 258
الصفحة التالية الصفحة الأخيرة

من اصدارات الاثنينية

الاستبيان


هل تؤيد إضافة التسجيلات الصوتية والمرئية إلى الموقع

 
تسجيلات كاملة
مقتطفات لتسجيلات مختارة
لا أؤيد
 
النتائج