وقد كان الحجاج أغلب ما يفدون في هذا العهد من طريق مصر يصلون إليها من الأندلس والمغرب وأفريقيا براً وبحراً كما يصلون إلى الشام من بلاد الترك والقوقاز وبخارى والقرم وشمال روسيا وسيبريا وجزائر البحر الأبيض ثم يسافرون إلى مصر ليجتمعوا مع من اجتمع فيها من غيرهم بالقاهرة ومن ثم يصل بعضهم بعد شهر رمضان إلى السويس حيث تنقلهم المراكب الشراعية إلى جدة ويمضي الكثيرون مصعدين في الصعيد إلى قوص براً أو من طريق النيل ويستغرق ذلك نحو عشرين يوماً ثم يتجهون إلى عيذاب(1) أو القصير(2) في أعلى الصعيد على شاطئ البحر الأحمر حيث ينتظرون المراكب التي تقلهم إلى جدة وقد يستغرق انتظارهم في الميناء نحو شهر كما يستغرقهم السفر منها إلى جدة عشرة أيام.
وكانوا يستقلون مراكب غير محكمة وأشرعتها من حصير وأصحابها يتعسفون بالحجاج ويشحنون فيها أكثر من حمولتها ولذلك كانوا يتعرضون لأخطار البحر، كما أن بعض المراكب كانت تغرق بالفعل.
وكان يحكم عيذاب والقصير بدوي من عرب البجاه ومندوب يمثل حكومة مصر وكان الحاكمان يتوليان استيفاء رسوم الحجاج في عيذاب نيابة عن صاحب مكة ويقتسمان معه الواردات.
وكان عرب البجاه يتولون كذلك نقل الحجاج في صحراء الصعيد فوق جمالهم في البحر إلى جدة في مراكبهم الشراعية وكانوا يرهقون الحجاج باستغلالهم وربما عرضوهم للطريق المعطش ليموتوا فيستولوا على متاعهم.
عيذاب: ميناء على ساحل البحر الأحمر الغربي في مصر، كان على طريق القوافل من قوص -بصعيد مصر- وكان الحجاج يفضلونه لمواجهته لجدة، وبعد استعادة ميناء الطور لمجدها القديم اضمحلت أهمية عيذاب في أواخر القرن الرابع عشر الميلادي (القرن التاسع الهجري) الملاحة وعلوم البحار سند العرب ص81.