كانت تسكن في إحدى الأجمات أثوار ثلاثة: أسود وأحمر وأبيض، فنزل بهم أسد وسكن معهم، ثم أراد أن يفترسهم، لكنه تأكّد أنه لا يقدر على ثلاثتهم، وأنه لا بد من التفرقة بينهم إذا أراد ذلك.
فعمد إلى الأسود والأحمر وقال لهما: أرى أننا مظلومون بعيشتنا مع هذا الأبيض، وإني لا آمن أن لونه يفضحنا ويدل علينا، فلو تأذنان لي بأكله لاستطعنا أن نعيش بعده في سلام، فاقتنعا بذلك وأذنا له بأكله فأكله، وبعد أيام عمد إلى الأسود وقال له: إن لوني من لونك وإن هذا الأحمر ما دام بيننا فإننا لا نطمع في أمان، ولو أكلته لظن كل من يمر بنا بعده أنك أسد مثلي، فلا يتعرض لنا، فاقتنع بذلك، وتركه يأكله.
وفي اليوم الثاني التفت إلى الثور الباقي بعين فيها الغدر، فقال الثور ما بالك؟ ونحن أخوة كما قلت، فقال نعم، ولكني عزمت على أكلك، فقال إذن أعطني فرصة لأغنّي، فقال: غنِّ فصاح: (إني أكلت يوم أكل الثور الأبيض).